إن التخاذل العربي اليوم دليل واضح على ترك راية الجهاد، والمسؤولية الجهادية في سبيل الله، ضد المشروع الاستعماري لدول قوى الاستكبار العالمي، وما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم بحق الإنسانية، واستهداف للأطفال والنساء.
لماذا هذا التخاذل؟ والعرب أكثر استهدافًا من غيرهم من قبل هذا العدو، وله تأثير سلبي في تخاذل كثير من البلدان الإسلامية غير العربية، حيث يُعتبر هذا التخاذل من الركائز الأساسية التي استند إليها العدو الإسرائيلي في استهداف القادة المجاهدين -رضوان الله عليهم، في فصائل المقاومة في دول المحور، بهدف كسر الروح المعنوية للمجاهدين وحاضنتهم الشعبية.
لكن رحمة الله واسعة، ومن نعم الله ورحمته على الأمة أنه بعث فيهم علم هدى إلهياً تجسدت فيه مؤهلات القيادة الربانية، ومنهجية الشهداء الربانيين من القادة المجاهدين، حاملًا المسؤولية الجهادية في سبيل الله، رافعًا راية الجهاد، ليكمل ويواصل ويحقق أهداف المسيرة الجهادية لهؤلاء القادة الذين بذلوا دماءهم الطاهرة والزكية في نصرة القضية وتحرير القدس، مجسدين طرق أنبياء الله العظماء صلوات الله عليهم، في جهاد الكفار والمنافقين ونصرة المستضعفين، ومناهضة الاستكبار العالمي، وعاهدهم في السير على دربهم وحمل رايتهم وقضيتهم وتحقيق أهدافهم في إفشال مشروع ومخططات العدو وأهدافه، قائلاً: “سيفاجأون في البر كما فوجئوا في البحر”، مؤكدًا الوعد الإلهي بالنصر لقوله تعالى: “كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ” (المجادلة: 21).
كما بين تضحية الشهداء القادة -رضوان الله عليهم-، حيث تمثل تضحية الشهداء القادة قربانًا إلى الله سبحانه وتعالى، وهو جل شأنه من ينتصر لهم، ويشدد على أهمية مجاهدين فصائل المقاومة في دول المحور، حيث قال: “الله سبحانه وتعالى يرعى الأمة المجاهدة، حتى لو قدمت من عظمائها وقادتها وأخيارها الشهداء، لتواصل مشوارها برعايته العظيمة، العائق الأكبر أمام المشروع الصهيوني هو الإسلام بنقائه وحقيقته ومبادئه الصحيحة، لذا هم يحاولون أن يبعدوا الأمة عنه لتحقيق أهدافهم، وأن المشروع الصهيوني في نهاية المطاف هو مشروع فاشل، لأنه عدواني إجرامي، ويشكل خطرًا على البشرية”.
ويعيهم بأهمية المسيرة الإيمانية الجهادية، حيث للتضحية آثارها ونتائجها لتحقيق نفس الأهداف المقدسة، مما يجعل بنيان الأمة المجاهدة متماسكًا، بنيانًا مرصوصًا لا ينهدم مهما كانت الصعوبات والتحديات والأحداث، ويشيد بثباتهم، حيث أن الوعي والإيمان هما اللذان أثمرا الصمود والتماسك في مسيرة الإيمان والجهاد في فلسطين ولبنان، وهما اللذان أذهلا الأعداء وخيّبا آمالهم وأغاظا عملاءهم.
ويعزز الموقف في أدائهم، حيث أن العملية الجهادية النوعية لحزب الله باختراق مسيَّرة منظومات دفاعات العدو، ووصولها إلى غرفة نوم المجرم نتنياهو، أثارت الرعب في قلوب كل قادة الإجرام الصهاينة، ويؤكد على موقفهم في مواجهة العدو الإسرائيلي قائلاً: “مهما كانت مكائد الأعداء، فلن نتخلى أبداً عن نصرة فلسطين ولبنان، وجبهتنا في يمن الإيمان والحكمة مستمرة بكل صمود وثبات في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، وعمليات البحار وقصف العدو الصهيوني بالصواريخ والمسيَّرات إلى فلسطين المحتلة، والأنشطة الشعبية المكثفة التي لا مثيل لها في كل العالم، ونحن في مسار عملي نستعد فيه لأي مستوى من التصعيد يلجأ إليه الأمريكي والصهيوني، وراية الجهاد في سبيل الله التي حملها شعبنا اليمني ورفعها بإيمان وثبات ووفاء وصدق وشجاعة هي عالية وراسخة، وفي ذروة المعركة، ومع ما نشاهده من الإجرام الصهيوني الرهيب، فجبهتنا مستمرة وفاعلة، لا وهن ولا ملل ولا انكسار، بل ثبات وصمود، عبَّر عنه الشعب اليمني وعبَّرت عنه مواقفه وجهاده،
وفي خروجه المليوني الأسبوعي”.
مؤكدًا على فشل العدو الإسرائيلي عسكريًا، حيث أنه على مستوى الإنجاز العسكري، فإن العدو الإسرائيلي فاشل، وفشله واضح في غزة وفي جبهة شمال فلسطين في مواجهة لبنان، وفاشل في كل الجبهات، وأن الأمريكي شريكٌ مع الإسرائيلي في الإجرام وشريك معه أيضًا في الفشل.
سنملأ الساحات، لن نترك الرايات مع غزة ولبنان حتى النصر، لستم وحدكم، فوضناك يا قائدنا، فوضناك.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ليت بعض القادة والساسة.. ينتبهون لما يقولون
بسم الله الرحمن الرحيم
══════❁✿❁═════
ليت بعض القادة والساسة
ينتبهون لما يقولون
══════❁✿❁═════
الحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وآله وصحبه، وبعد:
✍️ فقد سبق أن كتبت مقالة بعنوان: “تصريحات بعض الساسة وضبط الخطاب”، وذكرت بأن الذين ينادون بضبط الخطاب الدعوي وينسون الخطاب السياسي وغيره من أنواع الخطاب دعوتهم قاصرة بل متهمة، والحقيقة أن الجميع مُطالَب بضبط خطابه، ولا زال بعض القادة والساسةص يتمادون في الخطاب غير المنضبط؛ الأمر الذي قد يعيق سير المعركة، ويؤثر على استمرار التوافق والوحدة القائمة، وقد وقفت على بعض المخاطبات، ولي في ذلك بعض الملاحظات أسوقها نموذجًا، وقصدي النصح والتحذير، والمعالجة والاستدراك، فأقول وبالله التوفيق:
▫️أولًا: من المنح التي حوتها المحنة التي حلت ببلادنا في طياتها توحد عامة أهل السودان في محاربة العدو والدفاع عن السودان، وهذا أمر محمود، وددنا أن يتخذه أهل السودان منطلقًا لوحدة تامة، وأن ينبذوا العنصريات والقبليات والجهويات، وأن يحافظوا على وحدة بلادهم ويسعوا لإزالة الحواجز التي وضعها الأعداء بينهم؛ ليعيشوا في بلد واحد، يسوده العدل والقانون، يقوم كل بواجبه، وينال حقوقه دون تمييز.
⚠️ ومن الواضح أن المشوار لا زال طويلًا، والمؤامرة كبيرة، والموقف في غاية الحساسية، والمرحلة حرجة، وهي بحاجة إلى قادة يتميزون بالحكمة، والعقل، والنزاهة، والكفاءة، لنحافظ على هذا الاصطفاف التاريخي لمصلحة البلاد بأسرها، لا لتحقيق مصالح شخصية أو جهوية أو قبلية، ولنجعل من هذه الوحدة القائمة وحدة حقيقية دائمة، ولنحذر من أن نكون كالذين قال الله سبحانه فيهم: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: ١٤].
▫️ثانيًا: تعدد المخاطبات من أكثر من شخصية في قيادة الدولة أمر يعد ظاهرة غريبة غير معهودة في الأعراف السياسية؛ لأنها تشير إلى نوع خلل، وعدم توافق، وتعدد مصادر القرار، وقد عهدنا هذه الظاهرة في بلادنا لأول مرة بعد بروز (محمد حمدان دقلو) في قيادة الدولة، فكان لا يكتفي بمخاطبات رئيس مجلس السيادة حتى يوازيه بمخاطبة مماثلة، مما يُشعِر الناس أنهم في ظل دولتين متوازيتين، وللأسف يمارس هذا السلوك بعض القادة الآن، مع أنه ليس هناك داع عقلًا، ولا يقتضي ذلك نظام أن يقدم رئيس مجلس السيادة خطابًا للشعب السوداني، ثم تتلوه مخاطبات أخرى من قادة آخرين يرأسهم رئيس مجلس السيادة سياسيًا وعسكريًا.
⛔ وقد يتحجج بعضهم أنه ثمت مناسبة لتكرار الخطاب من قيادات أخرى!
???? أقول: قد يتطلب الأمر شيئًا من ذلك لكن بشرطين:
???? الأول: ألا يكون ذلك عادة راتبة، ونظامًا متبعًا، وإنما يكون أحيانا عندما يوجد المقتضي.
???? والثاني: ألا يناقض خطابه خطاب رئيس مجلس السيادة، وإلا لكنا أمامج حكومة فيها شركاء متشاكسون، ولا يمكن لحكم أن يستقيم على هذا النحو، بل الواقع أن بعض التصريحات تتضمن نقدًا واضحًا لرئيس مجلس السيادة أمام الإعلام وعلى الهواء، وبعبارات فيها نوع تطاول وتوجيه، وهذا أمر في غاية الخطورة، ويعيد إلى الذاكرة ما كان يصدر من أبناء (دقلو -حميدتي وعبد الرحيم-) قبل الحرب، والله المستعان.
▫️ثالثًا: واضح أن عددًا من الخطابات في هذه الأيام غير منضبطة، وتحوي في طياتها رسائل توحي بإشكالات وتعقيدات، بل لا تخلو من إثارة، وإشارات بعضها عنصري، وبعضها فوقي، وقد تتضمن نوعًا من التهديد والتحدي، ومثل هذه الخطابات يعجب المرء من صدورها من شركاء الحكم، وهي خطابات بالغة الضرر، ومن شأنها أن تثير شكوكًا وظنونًا وعدم ارتياح في أوساط عامة الشعب غير الأتباع، وردود أفعال قد لا تنضبط أيضًا.
⛔ وبعض تلك الكلمات تشعر بأن المتكلم يمتلك الشرعية والأحقية أكثر من غيره، ولا أدري من أين جاء هذا الإحساس الغريب؟
▫️رابعًا: من تلك التصريحات الغريبة المريبة قول بعضهم: “نحن موجودون منذ سبع وعشرين ألف سنة وموجودون في التوراة والإنجيل والقرآن”:
???? وبغض النظر عن صحة ادعاء هذا العدد؛ إذ المشهور أن عمر الحياة البشرية على كوكب الأرض ما بين ستة إلى عشرة آلاف، وكذلك بصرف النظر عن ادعاء الوجود في الكتب السماوية، لكن الذي يهمنا هنا: ما مقصود المتكلم بقوله: (نحن)؟ هذا الضمير عائد إلى من؟ وما المغزى والمقصود من ذكر هذا التاريخ المجهول الذي لا يقوم على أساس؟ فهل يعني بقوله (نحن) السودانيين؟ وهل هناك قومية أو شعوبية اسمها (السودانيون)؟ وإن كان هذا قصده فمن هم السودانيون؟ هل هم قبيلة وعرق، أم شعب تجمعه حدود سياسية؟ ثم لماذا يتجاهل حقيقتين لا مراء فيهما:
???? الأولى: غالب السودانيين (مسلمون)، إذ تفوق نسبتهم (٩٨%) من السكان، فهم أغلبية، وتاريخ الإسلام معلوم محدد بأرقام قطعية منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم نحو (1414م) عاماً بالميلادي، وبالتقويم الهجري نحو (١٤٥٨) عامًا قمريًا.
هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يحاول طمسها بمجرد ترهات؛ فهو كالذي يريد حجب الشمس بيده.
???? الحقيقة الثانية: أن جميع الأرض التي تسمى السودان وفق الحدود السياسية الحديثة، يطلق على سكانها اليوم لفظ (السودانيين)، وهذه الرقعة الجغرافية بدأت تتشكل منذ الممالك النوبية الثلاثة: (نوباتيا)، و(المقرة) و(علوة) وهي ممالك نصرانية، والمتحدث ليس نوبيًا ولا نصرانيًا، والقبائل النوبية تمثل نسبة كبيرة من سكان السودان الحديث، ولما جاء الإسلام دخلوا فيه وصاروا مسلمين، وامتزجوا مع الإثنيات العربية، وغيرها من القوميات التي جمعها الإسلام والبلد، ونشأت الممالك الإسلامية: (سلطنة سنار) و(سلطنة دارفور)، وغيرها من المالك، ثم جاءت المهدية، وأعقبها الاحتلال البريطاني والذي انتهى بالاستقلال عام (1956م)، وتعاقبت على السودان السياسي الحديث حكومات محلية إلى هذه الساعة، وهذا تاريخ معلوم لا داعي إلى التشويش والتدليس لأغراض خفية.
▫️خامسًا: ومن تلك التصريحات قول بعضهم: “إنه لولا فصيله العسكري لما تحررت مدني ولا الخرطوم ولا سنجة ولا الناس وصلت الأبيض، وأنهم لا يقاتلون من أجل الجلابة بل من أجل بلدهم وأطفالهم ونسائهم… إلخ”.
???? هذا خطاب غير منضبط، وغير واقعي، بل إن الواقع أنه لولا لطف الله أولًا، ثم ثبات أبطال القوات المسلحة، ومن بعدها هبة أبطال هذا الشعب من معاشيين، ومتقاعدين، ومستنفرين، وكتائب لما تحررت المناطق المذكورة، بل لما ظلت الفاشر ثابتة حتى الآن، بدليل أن قوات المتكلم ظلت محايدةً متفرجةً طيلة تسعة أشهر لم تشارك بشيء البتة في معركة الكرامة، فكيف ينسب إليها كل هذا الفضل؟
هذا قول مجاف للعدل والحقيقة.
نعم القوات المعنية لها دور مشكور وجهد واضح بعد أن انحازت للقوات المسلحة، أما أن تُجعَل صاحبة الفضل دون غيرها فهذا قول مجاف للحقيقة ولا داعي لذكره أصلًا.
أما كونهم يحمون بلادهم إلخ، ولا يحمون الجلابة، فتلك جملة وإن قصد بها الرد على المليشيا، إلا أنه لم يوفق في ذكرها لما تعطيه من إحساس بالمفاصلة والمباينة، وكأن (الجلابة) ليس من ضمن أهل هذه البلاد التي يدافع عنها.
والأمثلة في هذا كثيرة والمقصود التنبيه، والتذكير، وضرورة التعقل وتوخي الحكمة، وتجاوز الحزبيات الضيقة، والانضباط في التصريحات والكلمات، واحترام هذا الشعب المكلوم، والعمل على تحقيق وحدة أساسية، وترك العنصرية لجهة أو قبيلة، بل شعب واحد وجيش واحد، يجمعهم الدين الجامع والبلد الواسع، وبالله التوفيق.
___
نشر بتاريخ: ١٠ شوال ١٤٤٦هـ، الموافق 2025/34/8م
════════❁══════
فضيلة الشيخ الدكتور: حسن أحمد الهواري حفظه الله