جدد رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، لمفتي البلاد شوقي علام، لمدة عام جديد في منصبه، وذلك للمرة الثالثة على التوالي، على الرغم من بلوغه سن التقاعد في آب/ أغسطس 2021، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول أسباب إبقاء السيسي على الرجل، والأدوار التي يلعبها لصالح رأس السلطة. 

علام، المفتي الـ19 في تاريخ دار الإفتاء المصرية والتي أنشئت عام 1895، أصدر السيسي، الأحد، بحقه القرار رقم (337 لسنة 2023)، بمد خدمته لمدة عام اعتبارا من 12 أب/ أغسطس 2021.

 

قرار جمهوري بالتجديد لمفتي الجمهورية شوقي علام لمدة عام ليبقى على رأس #دار_الإفتاء التي تولى رئاستها منذ فبراير 2013 pic.twitter.com/gLVYcKYpyD — الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) August 13, 2023

وتولى مهام منصبه 4 آذار/ مارس 2013، خلال عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، بعد اقتراع سري لأعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر في 11 شباط/ فبراير 2013، ليصبح أول مفتن منتخب، وفقا لتعديل جرى بقانون الأزهر. 

"سلسلة تمديد" 

ولم يشهد عهد السيسي، مفتيا غير علام، حيث بقي مدة 4 أعوام حتى شباط/ فبراير 2017، ليقرر السيسي منحه 4 سنوات ثانية تنتهي وتنهي عمله بدار الإفتاء في شباط/ فبراير 2021، إلا أن السيسي مد له 6 أشهر أخرى تنتهي ببلوغه السن القانونية في أب/ أغسطس 2021. 

وهو القرار الذي تبعه قرار آخر من السيسي، في أب/ أغسطس 2021، استثنى فيه دار الإفتاء من أحكام المادتين "17 و 20" بقانون الخدمة المدنية اللتين تحددان سن تقاعد كبار المسؤولين وآلية اختيارهم، وهو ما منح السيسي حق المد لعلام، في منصبه بعد بلوغه سن المعاش. 

وعلى إثر التعديل، قرر السيسي، في أب/ أغسطس 2021، مد خدمة علام لمدة عام تنتهي في أب/ أغسطس 2022، وهو القرار الذي تم تجديده لعام ثان حتى الشهر الجاري، ثم لعام جديد بقرار جديد حتى العام المقبل، ليكون مجموع سنوات المد له نحو 3 أعوام ونصف، ما يقارب مدة الولاية الرسمية وهي 4 سنوات. 

قرارات السيسي بالتمديد للمفتي تؤكد وفق مراقبين أهمية علام، في نظامه، وحجم الأدوار التي قام ويقوم بها، خاصة وأنه ضرب عرض الحائط برغبة الأزهر الشريف وترشيحاته للمنصب. 

وكان الأزهر ممثلا في هيئة كبار العلماء، ومع نهاية ولاية علام الثانية في شباط/ فبراير 2021، قد رشح 3 من علمائه لتولي المنصب، وهم الأستاذ بكلية أصول الدين طه حبيشي، ووكيل الأزهر حاليا محمد الضويني، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة فتحي عثمان. 

وفي أول تعليق له، قال علام، بتصريح صحفي، إن قرار التجديد شهادة ووساما ودافعا قويا لبذل مزيد الجهود لضبط بوصلة الإفتاء، مؤكدا أن القرار يعكس اهتمام الرئيس السيسي بالمؤسسة الدينية، ودعم جهودها بتجديد الخطاب الديني. 

لكن، تجديد السيسي لعلام في منصبه، إلى جانب إبقائه على وزير الأوقاف مختار جمعة بمنصبيهما منذ العام 2013، أيضا، رغم تخلصه من أغلب شركائه العسكريين والسياسيين بانقلاب 2013، يثير الجدل حول أسباب إبقاء السيسي على جناحي دعمه الديني، والتساؤلات حول ما يقومان به من أدوار لصالح رأس السلطة. 

"لا خطر منهما" 

الباحث المصري أحمد مولانا، في إجابته على تساؤلات "عربي21"، المطروحة، يرى أن إبقاء السيسي على شوقي علام ومختار جمعة مقابل تخلصه من شركائه السابقين عسكريين وسياسيين لكونهما لا يمثلان أي خطر عليه ولا على نظامه. 

وقال مولانا، إن "منصب المفتي ووزير الأوقاف مناصب دينية مجردة من أدوات القوة الخشنة، لذا لا يُخشى من أن يتحول شاغلها لمركز قوة يتمتع بخصوصية"، موضحا أنه "لذلك لا يلجأ السيسي، إلى تغيير شاغلي هذين المنصبين". 

وأضاف: "كذلك فإن علام، وجمعة يمارسان درجة غير مسبوقة من الشرعنة الدينية لسياسات النظام والتماهي معها، وبالتالي لا يوجد ما يستدعي تغييرهما". 

"خادم مطيع" 

وطالما أعلن علام، دعمه بشكل علني ومباشر للسيسي، وقدم متطوعا نقدا لاذعا لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس الراحل محمد مرسي، الذي عزله السيسي في انقلاب عسكري، ما اعتبره مراقبون أمرا يخرج المفتي عن وقار المنصب ومكانته الدينية واستقلال فتواه. 

وفي تموز/ يوليو 2020، وفي الذكرى السابعة لانقلاب السيسي، قال علام، للتلفزيون المصري إن التاريخ سيذكر الرئيس المصري وعمله الصالح لصالح البلاد بإخلاص شديد. 
 
ودأب الإعلام المصري على استضافة علام، في ذكرى أحداث 30 حزيران/ يونيو، وفي آخر لقاءاته أطلق عشرات التصريحات المؤيدة للسيسي والجيش، والمشيدة بشجاعتهما في 30 حزيران/ يونيو 2013، رغم أنها الأحداث التي تبعها مقتل وسجن آلاف المصريين العزل. 

"حملة المباخر"

من جانبه قال الكاتب والباحث المصري محمد فخري، إن "قرار السيسي بالتجديد لمفتي الجمهورية شوقي علام لمدة عام في منصبه للمرة الثالثة على التوالي، يعكس مدى استجابة الأخير ورضوخه سياسيا على حساب منصبه الديني المفترض فيه الاستقلال التام". 

فخري، في حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن "ما يحدث لعلام، الذي تولى منصبه منذ أكثر من 10 سنوات يحدث لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، المستقر في منصبه منذ ذلك التاريخ أيضا، وذلك على خلاف ما حدث مع معظم الشركاء السياسيين والعسكريين في انقلاب 2013". 

ويرى أن "تفسير الأمر يسيء للمؤسسات الدينية"، مؤكدا أنه "لا غرابة، فقد حملت المؤسستان دار الإفتاء والأوقاف المباخر للنظام وقراراته وسياساته على حساب الدين وعلى حساب الرسالة والدور والهيبة دون خجل". 

ولفت إلى أنه "انتشرت عبر المواقع والصحف المحلية الفتاوى السياسية لدار الإفتاء، لتساند بغباء القرارات السياسية والإدارية كبيرها وصغيرها، وهو ما أثار السخرية والاستنكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأدى إلى فقد المصداقية والهيبة لتلك المؤسسات في نفوس وعلى ألسنة المواطنين". 

ويعتقد فخري، أنه "ربما ما يدعو رأس النظام إلى الإبقاء على علام وجمعة ليس فقط ما يقومان به من أدوار لصالح رأس السلطة، ولكن لأن نقيض الرجلين وهو شيخ  الأزهر أحمد الطيب، والذي يقود الجناح الثالث والأهم للمؤسسات الدينية قد أتعب السيسي، ولم يستجب له على طول الخط كما قال الأخير بنفسه". 

وأشار إلى أن ذلك "تمثل في أزمة الطلاق الشفهي، وأزمة تجديد الخطاب الديني، وغير ذلك مما لم يُعلن عنه". 

وختم بالقول: "لذلك أبقى السيسي، على الكادر التابع الذي يؤدي الغرض دون أي مغامرة قد تفتح جبهة جديدة في تلك المؤسسات المهمة". 

"نكاية في الطيب" 

ومنذ دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني، في كانون الثاني/ يناير 2015، وحتى طلبه في ذات الشهر من عام 2017، بإصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي، وظهور اعتراض شيخ الأزهر أحمد الطيب على بعض توجهات السيسي، بدا لافتا دور المفتي علام ووزير الأوقاف مختار جمعة. 

وفي المقابل وفي إطار توجهات السيسي للسيطرة على أركان الدولة المصرية والتي بدت في التعديلات الدستورية المثيرة للجدل والتي منحت السيسي سلطات واسعة في نيسان/ أبريل 2019، حاول رأس النظام إبعاد دار الأوقاف عن الأزهر ، ومنح المفتى أدوارا وصلاحيات بمقابل شيخ الأزهر. 

وبالفعل وفي تموز/ يوليو 2020، أعدت اللجنة الدينية بمجلس النواب مشروع قانون "تنظيم دار الإفتاء"، بغرض إعادة هيكلة دار الإفتاء ونقل تبعيتها إلى الحكومة بدلا من الأزهر، وإطلاق يد رئيس الجمهورية لتعيين المفتي من بين 3 ترشحهم هيئة كبار العلماء. 



ومع فشل البرلمان في تمرير القانون لاعتراض مجلس الدولة عليه لمخالفته الصريحة للدستور المصري، أصدر السيسي، 11 أب/ أغسطس 2021،  القرار رقم (338)، الذي يمنحه صلاحية اختيار المفتي منفردا، حيث جعل من دار الإفتاء جهة ذات طبيعة خاصة لا تسري على الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية فيها أحكام المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية. 

"مفتي الإعدامات" 

ولعلام، أدوار مثيرة للجدل حول ما أطلقه من فتاوى اعتبرها مراقبون، "مسيسة" وتخدم توجهات النظام وتخضع لتوجيهاته، وذلك إلى جانب أدواره في التصديق على مئات أحكام الإعدام الصادرة بحق معتقلي جماعة الإخوان المسلمين بمحاكمات وصفها حقوقيون بـ"المسيسة" والمفتقدة لقواعد العدالة. 




ومنذ انقلاب السيسي على الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف العام 2013، أصدر القضاء المصري بحسب "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" 1565 حكما بالإعدام في قضايا سياسية من 2013 وحتى 2021، جرى تنفيذ 97 منها بعد تصديق شوقي علام. 

وفي إحصاء لوكالة رويترز للأنباء في 31 تموز/ يوليو 2019، فقد جرى إعدام نحو 179 شخصا من 2014 حتى أيار/ مايو 2019، وهي الأحكام التي لم يتم تنفيذها دون توقيع المفتي علام. 

وتؤكد الوكالة أن تنفيذ كل هذه الإعدام، جاء وسط تشكيك دائم في صحة الأحكام واعتبار جهات حقوقية محلية ودولية بأنها "مسيسة". 

وفي رصد لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن مفتي مصر في عهد السيسي، صدق على إعدام أكثر من 1000 معتقل مصري. 

"الفتاوى السياسية" 

وبحسب موقع "مصراوي"، المحلي، فلقد أصدرت دار الإفتاء في عهد شوقي علام ما يقارب 10 ملايين فتوى، إلا أن بعض ما أطلقه علام شخصيا من فتاوى ظلت مثار جدل بين المصريين. 

ومنذ البداية أفتى علام، مؤيدا تظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 ضد الرئيس مرسي، لكنه وفي المقابل أفتى عام 2019، بحرمة التظاهر ضد السيسي. 

وفي أيلول/ سبتمبر 2022، ولدعم الحكومة في أزمتها المالية أفتى بأن إيداع الأموال في البنوك وأخذ فوائد منها جائز شرعا ولا إثم فيه، وليس من الربا في شيء. 

وفي تموز/ يوليو 2022،  أفتت دار الإفتاء بجواز زيارة الأضرحة والتبرك بمقامات الأولياء والصالحين، فيما اعتبره البعض دعما منها للتوجه الصوفي بعهد السيسي. 

وفي آذار/ مارس 2021، أفتى علام بأن "الضرائب التي يدفعها المواطنون هي تعبد لله، لأنها من طاعة ولي الأمر، والقانون الذي وضعه"، ما رأي فيه البعض دعما لموازنة الدولة التي تمثل الضرائب 71 بالمئة منها. 

وفي أيلول/ سبتمبر 2020، اعترف علام، بأنه من أفتى للسيسي، بجواز هدم 30 مسجدا بنيت على شاطئ ترعة المحمودية -أحد الترع النيلية شمال غرب مصر- بحجة أنها أرض مغتصبة. 

بل ذهب للقول في فتوى ثانية، أن مقاومة الأهالي للجهات المعنية بتنفيذ الأحكام الصادرة بحق الأبنية المخالفة فيه إرجاف واعتداء وتفويت للمصلحة العامة. 

وفي أيار/ مايو 2020، أفتت دار الإفتاء بوجوب "إعطاء أموال الزكاة لصندوق تحيا مصر"، السيادي التابع لتصرف السيسي، وتثار حوله شبهات عدم الشفافية. 

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أفتى علام بأن الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين حرام شرعا، في فتوى كررها عام 2019 و2021. 

وفي شباط/ فبراير 2018، وقبل شهر من انتخاب السيسي لولاية ثانية، أفتت دار الإفتاء بتحريم عدم المشاركة بالانتخابات، ووصفت الممتنع بأن آثم شرعا. 




وفي أب/ أغسطس 2017، أجاز علام، إخراج أموال الزكاة للإنفاق على قوات الجيش والشرطة بدعوى أنها تقوم بكفاح أمني وتحارب الإرهاب. 

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2015، أفتى علام، بعدم جواز إطلاق لقب شهيد على شهداء ثورة يناير 2011، في موقف يتوافق مع موقف السيسي من الثورة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك. 

وفي حزيران/ يونيو 2014، أيد علام، منع وزارة الداخلية انتشار ملصقات هل صليت على النبي اليوم؟، وتوقيف من ينشرها قائلا إنها "ضرورة". 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المصري شوقي علام مفتي مصر مصر شوقي علام مفتي مصر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دار الإفتاء السیسی على شوقی علام لمدة عام فی منصبه

إقرأ أيضاً:

تفاصيل تحضيرات العدالة والتنمية المغربي لعقد مؤتمره التاسع

الرباط- تجري الاستعدادات الأخيرة بمركب مولاي رشيد بمدينة بوزنيقة بضواحي الرباط لاحتضان فعاليات المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية المغربي، يومي السبت والأحد 26 و27 أبريل/نيسان الجاري، في مرحلة حاسمة يسعى خلالها الحزب إلى ترميم صفوفه الداخلية واستعادة موقعه في المشهد السياسي بعد التراجع الكبير الذي شهده في انتخابات 2021.

فبعد أن قاد الحكومة لولايتين متتاليتين في 2011 و2016، لم يحصل في سباق 2021  على غير 13 مقعدا برلمانيا، ما حرمه من تشكيل فريق برلماني، ودفعه لعقد مؤتمر استثنائي أفرز عودة عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق لقيادته.

وبين مؤشرات التعافي الداخلي وواقع العلاقة المتذبذبة مع بعض قياداته التاريخية، تبدو طريق الحزب نحو انتخابات 2026 مشروطة بقدرته على تجديد نفسه من الداخل والخارج.

الفرق التقنية تعمل على تركيب أجهزة الصوت والإضاءة في قاعة الجلسة الافتتاحية (الجزيرة) استعدادات

عاينت الجزيرة نت أمس الخميس الاستعدادات الميدانية داخل مركب مولاي رشيد، حيث يشتغل العشرات على وضع اللمسات الأخيرة لتجهيز الفضاءات المختلفة التي ستحتضن فعاليات المؤتمر.

في الساحة الخارجية، يعمل بعض العمال على تثبيت اللافتات التي تحمل شعار الحزب والمؤتمر التي توزعت بين التأكيد على الخيار الديمقراطي ومغربية الصحراء ورفض التطبيع، بينما توزعت فرق تقنية أخرى على القاعة الكبرى لتركيب أنظمة الإضاءة والصوت، وهي القاعة التي يتوقع أن تستوعب حوالي 1700 مؤتمر ومئات الأعضاء والمتعاطفين والضيوف.

كما تم تجهيز قاعة استقبال خاصة بالضيوف وأخرى لفرز الأصوات، وقاعة للصحافة مزودة بالإنترنت، إضافة إلى مطعم وفضاءات للخدمات اللوجستية والإدارية لضمان انسيابية التنظيم.

الأزمي: المؤتمر سينتخب قيادة جديدة للحزب تقوده 4 سنوات قادمة (الجزيرة)

ويعقد الحزب مؤتمره في ظل تحديات متعددة أهمها انسحاب عدد من قياداته التاريخية من الحياة الحزبية والسياسية، وفقدانه كتلة مهمة من المنخرطين بلغت حوالي 20 ألف منخرط من بين 40 ألفا، وفق تصريحات الأمين العام، إلى جانب أزمة مالية حادة دفعته إلى إطلاق حملة تبرعات داخلية لتمويل المؤتمر.

إعلان

في حديث مع الجزيرة نت، أوضح رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر إدريس الأزمي الإدريسي أن المؤتمر هو استحقاق داخلي وتنظيمي سيتم خلاله مناقشة الورقة المذهبية للحزب وأطروحته السياسية، وانتخاب قيادة جديدة ستقوده 4 سنوات.

وقال الأزمي إن نسبة المؤتمرين الذين أكدوا مشاركتهم تفوق 90%، كما أكد عدد من الضيوف الأجانب مشاركتهم من بينهم ممثلو أحزاب إسلامية من موريتانيا وتونس وتركيا، إلى جانب شخصيات وطنية من مجالات السياسة والثقافة والفن.

نقاش داخلي

وتصاعدت وتيرة النقاش السياسي الداخلي مع اقتراب المؤتمر، إذ خرج عدد من قيادات الحزب في حوارات صحفية أو تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعرِضون فيها تشخيصهم لنكسة الحزب في انتخابات 2021 ورؤيتهم لمستقبله وشروط استعادة عافيته.

يرى المحلل السياسي عبد الرحيم العلام أن حزب العدالة والتنمية يواجه جملة من التحديات في مقدمتها تحقيق الانسجام الداخلي الذي يعتبره أساس قوته. وأوضح للجزيرة نت أن تراجع هذا التماسك بعد انسحاب عدد من القيادات المؤسسة والوازنة أثر بشكل واضح على أدائه السياسي والتنظيمي، وأن استمرار هذا الوضع دون معالجة سيضعف الحزب.

ومن التحديات الأخرى، وفقا له، علاقة الحزب بذراعيه الدعوية والنقابية، حيث عرفت العلاقة مع حركة التوحيد والإصلاح فتورا ملحوظا خاصة بعد "قرارات حكومية مثيرة للجدل مثل التطبيع مع إسرائيل"، وتقنين القنب الهندي، واعتماد اللغة الفرنسية في التعليم، وهو ما دفع شريحة من أعضاء الحركة إلى عدم التصويت لصالحه وعدم المساهمة في حملاته الانتخابية.

أما النقابة المقربة منه، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فقد أبدت بدورها انتقادات لعدد من القرارات الحكومية التي اعتبرتها تنازلا عن حقوق العمال. وأشار العلام إلى أن علاقة الحزب بالسلطة تمثل أيضا تحديا خاصا، معتبرا أن "قبول السلطة بالحزب ليس شرطا ضروريا، لكن مع ذلك له تأثير".

ويؤكد أن علاقة الحزب بالمواطنين هي النقطة الفاصلة، إذ تضررت صورته خلال سنوات قيادته للحكومة بفعل قرارات غير شعبية، كإصلاح نظام التقاعد وصندوق المقاصة، وتبنيه لخيارات نيوليبرالية وصراعات داخلية ظهرت إلى العلن.

ويستدرك أن الرأي العام في السياسة غير ثابت، و"ما نراه من مقارنة متزايدة بين الحكومة الحالية وحكومات العدالة والتنمية، خاصة على مستوى القدرة الشرائية والتواصل، قد يصب لصالح الحزب إذا استمرت هذه المفاضلة".

إعلان تفاؤل بالمستقبل

من جانبه، ينظر الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران بتفاؤل إلى مستقبله، إذ رأى في فيديو نشره على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء الماضي، أن الحزب استعاد جزءا من عافيته مستدلا بفوزه بمقعدين في الانتخابات الجماعية الجزئية الأخيرة أمام مرشحين من حزب رئيس الحكومة الحالي.

وأكد الأزمي أن الحزب يعقد مؤتمره الحالي في سياق مختلف كليا إثر ما أسماه "النكسة الانتخابية"، وأنه أعاد ترتيب أولوياته وفي مقدمتها تأطير المواطنين والدفاع عن قضايا الوطن والأمة.

ووفقا له، وجد الحزب نفسه، وهو في المعارضة، بمواجهة حكومة مطبوعة بما أسماه "الفضائح وتضارب المصالح"، وغير قادرة على تقديم حلول ناجعة لإشكاليات في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم وموجة غلاء الأسعار.

وتحدث عن تحسن كبير في الثقة بين الحزب وقواعده تجلى في الاستجابة الواسعة لدعوات التبرع إثر قرار عدم صرف الدعم المالي للحزب من وزارة الداخلية، وفي الحضور المكثف للمؤتمرين.

الحزب ينظم مؤتمره بتبرعات قواعده إثر قرار عدم صرف الدعم المالي من وزارة الداخلية (الجزيرة)

وحسب الأزمي، فإن "خيبة أمل المواطنين من حكومة رفعت شعارات كبيرة دون أن تترجمها إلى إنجازات في الواقع" ساهمت في تقوية العلاقة بين الحزب وعموم المواطنين، مؤكدا أنه رغم تراجعه العددي في البرلمان، لم يتراجع عن التزامه بقضايا المجتمع، وفي مقدمتها مراجعة مدونة الأسرة وملفات العيش اليومي والفساد وغيرها.

وبشأن القيادات التي غادرت الحزب، شدد على أنه لم يتخذ أي قرار في حق أي منها، "من استقال فعل ذلك بمحض إرادته، ومن تراجع كذلك"، مؤكدا أن عددهم يبقى محدودا وأن الحزب ظل مفتوحا أمام الجميع على أساس الاقتناع ببرنامجه السياسي.

وأكد الأزمي أن التدبير الصعب لمرحلة إعفاء بنكيران من ترؤس الحكومة الثانية عام 2016 ونتائج انتخابات 2021 أثرا على عموم المناضلين، غير أنه يرى أن العمل الذي قام به الحزب بعد 2021 عزز وحدة ودينامية الجماعية.

إعلان

وبينما يرى قياديون في الحزب أن نتائج التصويت في المؤتمر هي التي ستكشف عن هوية الأمين العام الجديد، يتوقع المحلل السياسي العلام أن تُعاد الثقة إلى بنكيران نظرا لغياب بديل جاهز حاليا، ولما يحظى به من دعم داخل الحزب ومن تعاطف لدى شريحة من المواطنين.

مقالات مشابهة

  • أرخص سيارة موديل 2021 في مصر .. سوق المستعمل
  • تفاصيل تحضيرات العدالة والتنمية المغربي لعقد مؤتمره التاسع
  • محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد .. معتقل منذ 7 أشهر… بعد عرضه الدفاع عن قيادات سياسية
  • مليشيا الحوثي تستهدف سيارة إسعاف وتواصل القصف على مناطق سكنية وعسكرية في شبوة
  • حكم فرقعة الأصابع أثناء الصلاة.. الأزهر يجيب
  • حكم فرقعة الأصابع أثناء الصلاة.. الأزهر يوضح الرأي الشرعي
  • شيخ الأزهر يُهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء
  • شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء
  • هل يجوز توزيع تركة الرجل الحي على أولاده قبل موته؟.. الأزهر يجيب
  • السيسي وجيله يرحبان بمبادرة افتتاح مركز الأزهر الشريف لتعليم اللغة العربية في جيبوتي