ندوة علمية لـ”تريندز” تناقش آفاقاً جديدة للتعاون بين مراكز الفكر الصينية والعربية في العصر الحديث
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
أبوظبي – الوطن:
أكدت ندوة علمية بمركز تريندز للبحوث والاستشارات أهمية التعاون الفكري والثقافي بين الصين والدول العربية، في إطار تعزيز التفاهم المشترك وتحقيق التنمية، مؤكدةً أهمية التواصل الثقافي، وبناء منصات بحثية وتعاون مستدام يُمكّن من استشراف حلول مستقبلية لتحديات مشتركة بين الجانبين.
جاء ذلك في الندوة التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع معهد دراسات تاريخ ووثائق الحزب الشيوعي الصيني، ومجموعة بيت الحكمة للثقافة تحت عنوان “مستقبل التعاون بين مراكز الفكر الصينية والعربية في العصر الجديد”،وذلك بمقره في أبوظبي، بهدف تعزيز الشراكات البحثية وتطوير التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية.
حضر الندوة وفد صيني رفيع المستوى برئاسة معالي سون دونغ شنغ، نائب رئيس معهد تاريخ ووثائق الحزب الشيوعي الصيني، وسعادة السفير الصيني لدى دولة الإمارات تشانغ إي مينغ، إضافة إلى عدد من الباحثين والخبراء من الجانبين.
وفي كلمته الترحيبية، عبّر الدكتور محمد عبداللـه العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، عن اعتزاز المركز باستضافة هذه الفعالية التي تركز على تعزيز التعاون بين المؤسسات الفكرية والبحثية الصينية والعربية، وتبادل الأفكار بما يخدم التنمية المشتركة ويعزز استقرار المجتمعات.
وشدد الدكتور محمد العلي على أهمية التعاون بين مراكز الفكر، مشيراً إلى أن “تريندز” يسعى منذ انطلاقته إلى تعميق هذه الروابط، وقد نجح في إقامة شراكات بحثية واسعة النطاق تغطي مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الصين.
وأشار إلى نجاح مركز “تريندز” في تنظيم “قمة تريندز الأولى لمراكز الفكر في دول البريكس” في موسكو، والتي بحثت دور المؤسسات البحثية والإعلامية في تطوير السياسات وتعزيز القوة الناعمة لدول البريكس.
ولفت الدكتور محمد العلي إلى أن مركز تريندز يولي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون مع المراكز الصينية، حيث أقام أنشطة بحثية مشتركة مع السفارة الصينية لدى دولة الإمارات ومجموعة الصين للإعلام، وشارك في “معرض بكين الدولي للكتاب 2024″، وافتتح مكتباً افتراضياً في الصين لتعزيز التعاون البحثي والفكري بين الجانبين.
وأكد أن التعاون بين مراكز الفكر أصبح ضرورة ملحة في ظل التحديات العالمية المتزايدة ،حيث يمكن لهذه المراكز من خلال تبادل الأفكار والرؤى أن تسهم في صياغة استراتيجيات شاملة لمواجهة هذه التحديات.
نموذج عالمي
بدوره أكد معالي سون دونغ شنغ، نائب رئيس معهد تاريخ ووثائق الحزب التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، في كلمته بالندوة على أهمية تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية لتحقيق التحديث المشترك وبناء “مجتمع ذي مصير مشترك”. وأشار إلى المبادئ الخمسة للتحديث الصيني التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، ومنها أهمية القيادة الشاملة للحزب، والالتزام بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والتركيز على التنمية المرتكزة على الشعب.
وأبرز سون دونغ شنغ ضرورة تعميق الإصلاح والانفتاح، وتطوير “روح النضال”، حيث يشمل التحديث الصيني تحقيق الرخاء المشترك والتوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية. وأشاد بالدور الإيجابي لمبادرات الصين مثل “الحزام والطريق”، والتعاون في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، والطاقة، والتكنولوجيا، مما يُعزز التعاون مع الدول العربية. وأضاف أن التعاون الصيني العربي يشكل نموذجاً عالمياً للتنمية السلمية والتفاهم المتبادل، معبراً عن أمله في استمرار هذه الشراكة لخلق مستقبل أفضل للجميع.
تحديث متوازن
من جانبه أعرب سعادة السفير الصيني لدى دولة الإمارات تشانغ إي مينغعن سعادته بالحضور، مشيداً بالعلاقة العميقة بين الصين والإمارات، مؤكداً أن الصين تواصل جهودها نحو تحقيق “التحديث الصيني النمط”، الذي يسعى لتعزيز التوازن الدولي وإطلاق مكاسب تنموية جديدة تعود بالنفع على العالم بأسره. كما أشار السفير إلى أهمية التعاون الصيني العربي، لا سيما في ضوء توقيع الصين وثائق تعاون ضمن مبادرة “الحزام والطريق” مع 22 دولة عربية، ومشاريع البنية التحتية التي تعود بالفائدة على ما يقارب ملياري شخص.
البحث العلمي أداة قوية
وفي مداخلة لها أمام الندوة.. تطرقت الباحثة موزة المرزوقي، رئيسة قسم الدراسات الاقتصادية بمركز “تريندز”، إلى آفاق التعاون بين الصين والعالم العربي في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبيئة، مشيرة إلى أن التعاون البحثي والفكري بين الطرفين يشكل أداة قوية لدعم استراتيجيات التحديث والتنمية المستدامة. كما تحدثت عن دور مراكز الفكر في إقامة شراكات تهدف إلى استكشاف حلول للتحديات البيئية مثل التصحر وندرة المياه، وتطوير استراتيجيات لمدن مستدامة تتكامل فيها الطاقة المتجددة والمساحات الخضراء.
مرجع أساسي للتنمية
بدورها سلطت الأستاذة هوه نا، مديرة القسم العربي بإدارة البحوث السادسة بمعهد تاريخ ووثائق الحزب، الضوء على “أهمية التحديث الصيني النمط كمرجع أساسي للدول النامية”، مشيرة إلى إسهام الصين في تحقيق التنمية والسلام من خلال مبادراتها العالمية، ودعمها للدول العربية في رسم مسارات مستقلة للتنمية. وأكدت هوه نا على أن التحديث الصيني النمط هو مسار للتنمية السلمية، حيث يهدف إلى التشارك والنفع المتبادل، ويعزّز رؤية حضارية تقوم على المساواة والحوار.
توصيات الندوة
وفي ختام الندوة ألقى الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة، توصيات المجموعة، والتي تتلخص في ضرورة إصدار نشرات ودراسات دورية باللغتين العربية والصينية، تركز على موضوعات التحديث والعصرنة ومواجهة التحديات العالمية، مع التركيز على دور الصين في التنمية العالمية وازدهار المجتمعات، وتعزيز التأهيل اللغوي والبحثي، من خلال العمل على توفير برامج تأهيل لغوية متخصّصة تشمل دورات ميدانية لتطوير مهارات الباحثين العرب باللغة الصينية، وكذلك تعزيز تعليم اللغة العربية للباحثين الصينيين، وذلك بهدف سد الفجوة اللغوية وتمكين الباحثين من العمل والتواصل بشكلٍ مباشر وتبادل الأفكار بفعالية.
ومن التوصيات أيضاً تنظيم مؤتمر سنوي دوري لمراكز الفكر الصينية والعربية، يُقام بشكلٍ دوري في إحدى العواصم العربية وفي العاصمة الصينية بكين بالتناوب لمناقشة المستجدات والتطورات في مجالات التعاون، واستعراض أطر جديدة للشراكة المستدامة بين الجانبين، بما يسهم في بناء علاقات أعمق وأقوى. وتشجيع التعاون الأكاديمي المباشر بين الجامعات الصينية والعربية في الدراسات المشتركة حول الثقافة والدراسات الإقليمية الخاصة بالجانبين، دون الاعتماد على أطراف وسيطة، وإبراز عظمة العلاقات الصينية العربية من خلال إعداد دراسات وأبحاث مشتركة تُبرز عمق العلاقة التاريخية والثقافية بين الحضارتين الصينية والعربية، وإطلاق مبادرات للاستدامة والتنمية خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبيئة والابتكار الزراعي، حيث يمكن للصين أن تشارك خبراتها في الطاقة الشمسية والري المستدام، مما يسهم في معالجة تحديات التصحر ونقص المياه التي تواجه المنطقة العربية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
كنوز سوهاج.. أدلة علمية جديدة على تطور المقابر الملكية| ما القصة؟
تزخر مصر بحضارة عريقة تضرب جذورها فى عمق التاريخ وعليه فإن الاكتشافات الأثرية الجديدة ماهى إلا دليل على أصالة الحضارة المصرية، حيث شهدت محافظة سوهاج، جنوبي البلاد، اكتشافين أثريين هامين حيث عثرت البعثة الأثرية المصرية-الأمريكية من جامعة بنسلفانيا على مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني في جبانة جبل أنوبيس بأبيدوس.
مقبرة ملكية تم اكتشافها من عصر الانتقال الثاني بجبانة "جبل أنوبيس" بأبيدوس، كما عثرت البعثة الأثرية المصرية من المجلس الأعلى للآثار على ورشة كاملة من العصر الروماني لصناعة الفخار بقرية بناويط.
ومن المقرر أن الكشفين الجديدين بمحافظة سوهاج سيعملان على مساعدة الدارسين في أعمالهم البحثية وإبراز أحد أدوار المجلس الأعلى للآثار كمؤسسة علمية، وفق ما أكده شريف فتحي وزير السياحة والآثار.
أدلة علمية جديدة على تطور المقابر الملكيةو يعد كشف المقبرة الملكية بأبيدوس بمثابة أدلة علمية جديدة على تطور المقابر الملكية في جبانة "جبل أنوبيس"، والتي تعود إلى عصر "أسرة أبيدوس" التي تخص سلسلة من الملوك الذين حكموا في صعيد مصر بين 1700- 1600 ق.م.، كما أنه يضيف معلومات جديدة لملوك هذه الأسرة وفهم أعمق للتاريخ السياسي المعقد لعصر الانتقال الثاني في مصر.
أما كشف ورشة الفخار ببناويط، فيشير إلى أن هذه الورشة كانت واحدة من أكبر المصانع التي كانت تمد الإقليم التاسع بالفخار والزجاج، حيث يوجد بها مجموعة كبيرة من الأفران، والمخازن الواسعة لتخزين الأواني، ومجموعة من 32 اوستراكا بالخط الديموطيقي واللغة اليونانية توضح المعاملات التجارية في ذلك الوقت وطريقة دفع الضرائب.
وتشير الدراسات التي أجريت على المقبرة الملكية بأبيدوس إلى أنها تنتمي إلى أحد الملوك السابقين للملك سنب كاي الذي تم اكتشاف مقبرته في أبيدوس بواسطة البعثة عام 2014، وإنها أكبر بكثير من المقابر الأخرى المعروفة سابقا والمنسوبة إلى “أسرة أبيدوس”.
جبانة جبل أنوبيسمن جانبه قال جوزيف وجنر رئيس البعثة المصرية الأميركية العاملة بأبيدوس، أنه تم العثور على المقبرة الملكية على عمق يصل إلى حوالي 7 متر تحت سطح الأرض، وتتكون من غرفة للدفن من الحجر الجيري، مغطاة بأقبية من الطوب اللبن يصل ارتفاعها في الأصل إلى حوالي 5 متر، كما يوجد بها بقايا نقوش على جانبي المدخل المؤدي إلى غرفة الدفن للمعبودتين إيزيس ونفتيس، مع أشرطة كتابية صفراء كانت تحمل ذات يوم اسم الملك بالهيروغليفية، ويشبه أسلوب الزخارف والنصوص في طرازه تلك التي تم اكتشافها سابقا في مقبرة الملك "سنب كاي".
وتعتبر جبانة جبل أنوبيس أحد أهم الجبانات في منطقة أبيدوس، فهي جبانه ملكية، والجبل عندها يتخذ شكل الهرم، لذا اختارها الملك "سنوسرت الثالث" (1874- 1855 قبل الميلاد) لعمل مقبرته الضخمة أسفل تلك القمة الهرمية الطبيعية في سابقة هي الأولي من نوعها في الحضارة المصرية، كما اختارها عدد من ملوك الأسرة الثالثة عشر، ومن بعدهم ملوك “أسرة أبيدوس” اللذين شيدوا مقابرهم في باطن الصحراء قرب الجبل، ومن أشهرها مقبرة الملك “سنب كاي” والتي تعد أقدم مقبرة ملكية مزينة في مصر القديمة.