أمجد مصطفى يكتب: «العالم علمين» ميلاد جديد يطارد رائحة الموت وصمت القبور التى خلفتها الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
كنا نستقل «الباص» أتوبيس غرب الدلتا من القاهرة أو الإسكندرية متوجهين إلى مطروح وتحديدًا مدينة مرسى مطروح عاصمة محافظة مطروح، كنا عندما نتجاوز البوابة ٢١ طريق إسكندرية مطروح الصحراوى نشعر كأننا عزلنا عن العالم، حيث طريق صحراوى لا يوجد به «صريخ ابن يومين» كما يقول المثل، طريق موحش الصحراء من كل جانب.
لو سافرنا وقت النهار كنا نرى يسار الطريق صحراء ليس لها آخر ويمين الطريق البحر، وشواطئه نرى الأمواج من بعيد وكأنها فى الطريق الينا خاصة لو كنا فى الشتاء، حيث البحر غير مستقر وهائج بشكل مخيف.
ولو سافرنا ليلًا كانت العتمة تحيط بنا من كل جانب، تجعلك لا ترى يدك وعلاقتك بما لديك سواء أطعمة أو زجاجة مياه، تأتى عن طريق حاسة اللمس أو الشم.
وكل عدد من الكيلو مترات تقطع العتمة نور ضعيف يأتى من اتجاه الصحراء بما يعنى أن هناك منزلًا وسط الصحراء لأسرة بدوية، أو ضوء سيارة فى الاتجاه المقابل، الطريق كان فرديًا، أى حارة ذهابًا وأخرى عودة لا يفصلهما أى شىء، لذلك كان يطلق على السيارات البيجو النعش الطائر بسبب كثرة الحوادث الناتجة عن عدم ازدواج الطريق. ومن يريد أن يرى الوضع بالتفصيل عليه العودة لفيلم شاطئ الغرام لليلى مراد ومحسن سرحان ليرى مشاهد السفر على طريق مطروح.
كثيرون من أهل مصر لم يروا عتمة هذا الطريق والعواصف التى كانت تقتلع الأشجار والنخيل ولا حدة الشتاء وقسوته فى إقليم مطروح، الذى يبدأ من الحمام شرق مدينة مرسى مطروح عاصمة محافظة مطروح ويمتد حتى السلوم على حدود ليبيا، هذا كان حال طريق الساحل الشمالى حتى وقت قريب.
الآن هذا الطريق أصبح خمس حارات فى كل اتجاه كبارى تنقلك من جهة إلى الأخرى المقابلة، مع وجود عواكس ضوئية تحدد الطريق ليلا، بحيث لا تنزلق السيارة للصحراء.
الإعمار طال الطريق فى كل الاتجاهات، أصبح الساحل الشمالى خاصة منطقة العلمين تدب فيها الحياة ليل نهار وصيف شتاء، الآن وصلت إليه كل وسائل الأمان، مستشفيات، سيارات إسعاف. إلى جانب وسائل ترفيهية، حولت العتمة إلى أضواء، أصبحت هناك مسارح ومراكز للموسيقى والتراث وأماكن للتصوير وناطحات سحاب، أى أن تلك الصحراء الجرداء تحولت إلى مدن تضاهى أجمل مدن العالم، لم يعد الطريق مخيفًا، سكان الساحل الشمالى أنفسهم لا يعلمون شيئًا عن المنطقة التى يلجأون إليها فى الصيف هربًا من حر القاهرة وباقى المحافظات، هم الآن يرون الطريق به الخدمات على كل جانب، لم يجربوا تعطل السيارة البيجو أو الأوتوبيس بهم فى وسط الصحراء فى عز الشمس أو البرد فى وسط النهار أو منتصف الليل، ولأننى من أبناء محافظة مطروح عشت تلك المشاهد كما وصفتها عندما كنت طفلًا أسافر مع أهلى وعندما أصبحت طالبًا فى الجامعة كنت أسافر ما بين الإسكندرية والقاهرة ومطروح، وكنت أتابع وأرصد شكل الطريق وخطورته فى لك الوقت، لذلك عندما شاهدت مهرجان «العالم علمين» عدت بشريط الذكريات، وحدثت نفسى هل هذه العلمين التى لم نكن نرى فيها سوى بقايا الحرب العالمية الثانية، والتى لم يكن بها سوى مظهر حضارى واحد هو متحف العلمين الذى يضم مخلفات من الحرب، وكذلك مقابر جنود من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، الآن تحولت إلى مدينة النور، كأننا فى أى عاصمة أوروبية، صوت الموسيقى يصدح من كل مكان، المشروعات حولت صمت المقابر «ضحايا الحرب العالمية الثانية» إلى صوت البناء والاستثمار، لا يعى قيمة ما حدث إلا أبناء الصحراء الغربية، أبناء محافظة مطروح أو من قاموا بتلك المشروعات العملاقة.
الآن أصبح هناك «العالم علمين»، نسمع موسيقى عمر خيرت تبدل ليل الصحراء الصامت، المخيف، بليال موسيقية يستمتع بها سكان الساحل والمناطق المحيطة وتنقل عبر قنوات الشركة المتحدة، إلى العالم أجمع، ليعلم الجميع أن المناطق التى كانت بؤرة لمعارك جيوش العالم أصبحت مصدر بهجة ومتعة للعالم، ولم يعد السائح القادم من أوروبا يأتى لزيارة مقابر ضحايا الحرب فقط، بل جاء لكى يستمتع أيضاً بما تقدمة مصر.
مهرجان العالم علمين هو ليس مهرجانًا فنيًا فقط، بل هو مهرجان للترويج لهذه المنطقة التى لم تكن تعرف سوى رائحة الموت والحرب، «العالم علمين» هو استعراض للقوى الناعمة المصرية، التى بدأت مع شمس التاريخ، نحن الذين قدمنا أول أوركسترا فى التاريخ وأول جملة موسيقية فى التاريخ خرجت من عندنا، ومازلنا قادرين على صنع الفارق، حيث نقدم من خلال هذا المهرجان مجموعة من الحفلات التى تمتع وتشبع رغبات كل الأذواق، وكل الفئات العمرية.
هذا الفنان الكبير عمر خيرت يقدم موسيقاه التى تعكس قيمة وأهمية الفنان المصرى ورقيه واحترامه لمعنى كلمة فن، هو فنان من ريحة مصر، التى قدمت سلامة حجازى وعبده الحمولى وسيد درويش ومحمد القصبجى وعبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم إلخ من مبدعين، هذا عمر خيرت التى يقدم دائمًا موسيقى مصرية فى برواز وإطار يفهمه ويتذوقه كل سكان العالم، عمر خيرت الذى دائمًا ينتصر للفن الجاد فى حفلات التى تحمل دائمًا لافتة كامل العدد، سواء فى دار الاوبرا المصرية أو خارجها بما يعكس تعطش الناس للفنون الراقية،و جاء حفل مهرجان العالم علمين ليؤكد هذا الأمر،وجود عمر خيرت إضافة للمهرجان الذى يحتفل هذا العام بميلاده الأول.
تنوع الحفلات الخاصة بالمهرجان وعدم انحيازه لقالب بعينه أو فئة معينة من الفنانين هو سر النجاح، حيث شهد المهرجان تواجد اثنين من أهم الأصوات المصرية على الإطلاق، مدحت صالح الصوت الممتع وريهام عبدالحكيم الصوت الذى يمثل مستقبل وأمل الغناء المصرى لسنوات طويلة قادمة، حيث بدأ مدحت بأغنية خاصة وهى «برمى السلام على بلدنا» الذى عبر من خلالها عن سعادته البالغة بالغناء فى أرض مدينة العلمين.
كما شاركته فى فقرة خاصة الفنانة ريهام عبدالحكيم، حيث قدما معًا ديو خاصًا فقررا غناء أغنية حبيبى يا عاشق والتى تفاعل معها الجمهور بشكل كبير، وهو الديو الذى أعاد إلينا عصر الدويتوهات بين كبار الأصوات.
قدم مدحت صالح كثيرًا من أغانيه المعروفة التى يحبها الجمهور كان من بينها تتر مسلسل راجعين يا هوى وابن مصر والنور مكانه فى القلوب وغيرها من الأعمال.
ولأننا فى مهرجان التنوع، شاهدنا محمد منير صاحب المدرسة الغنائية الخاصة جدًا، هو يجمع دائمًا فى موسيقاه وكلمات أغانيه بين قضايا الإنسان وهمومه على مر السنين، أهمية محمد منير ليست فى أنه يقدم محتوى موسيقيًا غنائيًا مختلفًا فقط، لكن تأتى أيضاً من كونه يضع يده ويستخدم حنجرته فى طرح قضايا عالمية تهم المجتمع الدولى أجمع وليس المصرى فقط، لدرجة تشعرك أنك أمام سفير أممى أو دبلوماسى أو سياسى.
محمد منير استطاع خلال مشواره مع الغناء أن يكون المتحدث الرسمى باسم جموع الشعب فى الكثير من الهموم والقضايا التى طرحها من خلال أعماله. منير أو الملك كما يطلق عليه عشاق صوته سبق السياسيين والمهتمين بالشأن الدولى فى توقع العديد من القضايا التى لم يتحدث عنها إلا من خلال أعماله الغنائية. لو عدنا إلى أعماله سوف تجدها إما أنها أرخت لمرحلة من مراحل مر بها الوطن، أو أنه توقع من خلال الغناء أمرًا فحدث.
«منير» همه الأرض والوطن والإنسان تلك قضيته التى حارب من أجلها على المستوى الفنى هو فيلسوف هذا الزمن.
منير ابن أسوان دائمًا أعماله تعبر عن أهالينا فى بلادنا الطيبة أسوان ومطروح وسيناء. لذلك عندما يتواجد فى أى مكان فهو بالتأكيد يثرى المكان، ووجوده فى مهرجان العالم علمين كان له مردود طيب،ومؤثر لانه دائما يحمل معه خطاب ورسالة للحضور خاصة الشباب منهم. وهذه المرة اثنى على احتضان مصر للملايين من أبناء اللاجئين الذين اضطرته ظروف الحرب فى بلادهم إلى الحضور إلى مصر، وطالب الشعب كله بالحرص عليهم، منير قدم خلال حفله عددًا من الأغانى التى تعكس تاريخًا طويلًا من الغناء، ويعكس ثقافته، وبيئته التى خرج منها والتى تمثل أحد أقاليم مصر التى خرجت منها حضارة وادى النيل.
الفعاليات الفنية بدأت بحفل كامل العدد للنجم تامر حسنى، الذى قدم خلاله عددًا كبيرًا من أغانيه وسط هتافات الجمهور، فضلًا عن قيامه بالظهور أمام جمهور طائر فى الهواء تزامنًا مع عرض فيلمه الجديد «تاج».
ومن الوطن العربى وتحديدًا لبنان، جاءت نانسى عجرم وراغب علامة وإليسا وكارول سماحة.
حرص «علامة» على توجيه الشكر إلى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بعد نجاح حفله بالعلمين قائلًا: «بشكر الشركة المتحدة على مجهودهم فى المهرجان ويسعدنى أن أكون وسط جمهوري»، كما أشادت نانسى وإليسا بأجواء العلمين، والمدينة وشواطئها.
كما شاركت أيضاً أسماء مثل حميد الشاعرى وأحمد سعد وبهاء سلطان.
وتستعد أنغام للمشاركة فى حفل يقام مساء 18 أغسطس، بمصاحبة المايسترو هانى فرحات وفرقته الموسيقية.
وبالتأكيد حفل أنغام التى تعد مطربة مصر الأولى سوف تصاحبه ردود فعل إيجابية لكونها مطربة مصرية تنحاز منذ ظهورها للغناء الجاد، ودائمًا ما تكون حريصة على تقديم فن هادف يؤكد ثقافتها الغنائية كفنانة خرجت من عائلة فنية كبيرة، حيث والدها الموسيقار الكبير محمد على سليمان وعمها الراحل الكبير عماد عبدالحليم، وهى عائلة لها مدرسة غنائية خاصة بها. أنغام دائمًا كانت مصدر النغمة الصحيحة منذ ظهورها الأول وحتى الآن.
سياحة المهرجانات تعد وسيلة مضمونة للترويج لاى مشروع وبالتالى كان مهرجان العالم علمين بمثابة رسالة إلى العالم لكى يلتفت إلى هذه البقعة الموجودة على ساحل البحر المتوسط.
«العالم علمين» شهد أيضاً فعاليات رياضية وثقافية أخرى، هو كوكتيل من الفنون والأنشطة التى يتابعها الكثير منا، كما أنه نوه إلى أن الساحل الشمالى ليس مجرد سياحة شاطئية فقط، بل إنه مكان يستوعب أنشطة كثيرة، ومع مرور الوقت لن يكون الساحل ومنطقة العلمين تحديدًا منطقة صيفية فقط، لكنها ستكون مصدرًا للجذب طوال أيام السنة، خاصة فصل الشتاء الذى دائمًا ما كانت تبدو فيه هذه المنطقة شبه مهجورة، خاصة فى وجود المدينة التراثية التى تضم دار الأوبرا ومسرحًا رومانيًا والمتحف ومع باقى الخطط الموضوعة ستظل الأضواء تحيط العلمين طوال العام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العالم علمين الحرب العالمية الثانية مهرجان العالم علمین الساحل الشمالى محافظة مطروح عمر خیرت مهرجان ا من خلال التى لم دائم ا
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية للحكومات.. أفكار خلاقة وتجارب ملهمة
إن فلسفة التنمية والتطور في الإمارات تعبّر عن رؤية حضارية محفزة لاستنهاض الهمم للحاضر والمستقبل.
أصبح هذا البلد الآمن وسطًا في إقليم جغرافي مليء بالصراعات والأزمات
استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة القمة العالمية للحكومات، حيث تناقش جملة من القضايا التي تهم مستقبل دول العالم وحاضره، بمشاركة أكثر من 30 رئيـــس دولة ورئيس وزراء، وأكثر من 140 وفداً حكومياً وجميع المنظمات العالمـــية وقيادات عالمية ومنظمات دولية وروّاد الأعمال وصنّاع التغيير. وكلمة نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد تختصر كل العبارات الإيجابية والملهمة. وقال سموّه، في منشور عبر منصة «إكس»: «هدف دولة الإمارات من هذه القمة تقريب المسافات وبناء الجسور واستشراف المستقبل وتطوير عمل الحكومات وكل ذلك من أجل خير الشعوب وتقدم البشرية». لاسيما سمعة الإمارات في كل المنابر الدولية انعكست في مشاركة أكبر المؤسسات الاقتصادية والشراكات العلمية والبحثية.
قمة الحكومات 2025 تعكس التزاماً إماراتياً يدعم منظومة العمل الحكومي والتعاوني من أجل عالم أكثر استدامة، بغية تحقيق أهداف التنمية الشاملة من أجل مستقبل أفضل لمجتمعات العالم، تتلاقح فيها الأفكار الخلّاقة مع المشاريع والشراكات الاستراتيجية الملهمة والتجارب الرائدة عالمياً.
وبالفعل أثمرت الرؤية الحضارية للإمارات لتصبح سابقة عصرها، لإحداث فرق ملموس ونتائج واضحة ظهرت بجلاء حينما وظِّفت الإمكانيات والموارد لبناء القدرات الوطنية المؤهلة، وتطوير بيئة العمل الحكومي برؤية خلاقة ونظرة استشرافية للمستقبل.
وتندرج القمة في إطار سعي الإمارات الدائم لأن تكون المنصة العالمية لاستشراف مستقبل الحكومات، وتعتبر إسهاماً من قيادتها الرشيدة لتطلق طاقات الشعوب وترفع من مكانة الإنسان وإزالة المعوقات التي تعترض طريقه، بغية تأسيس نموذج للتعاون الدولي يهدف إلهام وتمكين الجيل القادم من الحكومات، واعزو كل هذا الانجاز والاستحقاقات التي نالتها الامارات الى قدرة التسامح الثقافي والديني والسياسي الذي قادنا إليها شيوخنا عبر مراحل التاريخ، تم تجسيدها الى برامج وخطط ومشروعات تتمحور كلها حول تهيئة البيئة اللازمة لتمكين الفرد المواطن من عناصر القوة اللازمة، فقد استوعبت قيادتنا الرشيدة العبرة مبكّرًا عندما أهّلت الكوادر الوطنية لتكون السعادة والإيجابية محور اهتمام كل أبناء المجتمع، وهي ليست استراتيجية حكومية فحسب، بل ثقافة ومسؤولية وطنية بحتة أيضًا.
لا شكّ بأنّ الإمارات تسعى لأن تكون "الحاضنة الأولى للطاقات البشرية الاستثنائية" المبدعة في القطاعات الحيوية كافة، لهذا فإنّ تفعيل استقطاب رواد الأعمال والمبتكرين والكفاءات التخصصية الاستثنائية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية والفكرية والثقافية، وتقديم تسهيلات جديدة للشركات متعددة الجنسيات لنقل مقراتها للدولة يؤكد المكانة البارزة والدور الفاعل للدولة في تعزيز التنمية المستدامة للشباب، وكونها مصدر إلهام ومحفّزًا لطرح أفكارهم وتصوراتهم الجريئة على مستوى العالم.
فهي استراتيجية وطنية فذّة للاستثمار في الكفاءات الإنسانية، واستغلال المخزون الفعلي للمستقبل في عقول البشر وثروته في أفكاره وإبداعاته، وأيضًا تعدّ فرصة سانحة في ظل أوضاع عربية بائسة وظروف أمنية متدهورة، ما شكّل كارثة إنسانية في هذا القرن، وهجرة عقول كبيرة إلى الخارج، واستقطاب الدول الأجنبية لهذه العقول، والتنقيب والبحث عن هذه الثروات سيضيف هذا العمل الحكومي لدولتنا ومنطقتنا إضافة نوعية، وسينتشل واقعنا من الخيبة والمآسي، ويحمي واقع المبدعين من اليأس والبأس.
لذلك كان لزامًا أن تضطلع دولة الإمارات العربية المتحدة بدورٍ قياديٍّ في هذا المضمار، لأنها أثبتت بأنّ مصدر تفوقها ونجاحها ليس بالعمران وبالبناء الشاهق فحسب، بل حينما أصبح هذا البلد الآمن وسطًا في إقليم جغرافي مليء بالصراعات والأزمات، وهناك مجموعة من العوامل الجاذبة لكي تتفجر الإمكانيات الحقيقية لهذه المواهب التي سيتم استدعاؤها والحفاظ على استمراريتها، ما جعل الإمارات سباقة ورائدة في استغلال النبوغ والتميز الانساني قبل أن تختطف هذه المواهب أو تنتزع من أحضان أمتها، ما جعل الإمارات بهذه المبادرات الخلاقة تتبوأ مقعدها الحضاري والتنويري بين الأمم .
فالمناخ العام والأجواء المنفتحة والتسامح ومدى تقدير التنوُّع والاختلاف بين البشر أصبحت قيمًا راسخة في شعب الإمارات، وأفسحت المجال لتكثيف الاتصال مع الآخرين بهدف إزالة الحواجز بين الشعوب وتحقيق عامل جذب لاستقطاب الكفاءات والمواهب لدعم ودفع عجلة للاقتصاد الوطني نحو الازدهار، فالاقتصاد المستقبلي قائم على العقول المبدعة ومدى إطلاق إمكانياتهم.
جزء مهمّ من المعادلة الصعبة والمنعطف التاريخي لشعب الإمارات حينما تم تحويل منظومة القيم الإيجابية الفاعلة والمتأصلة أداة للتنمية والاستدامة، فالبوصلة الأخلاقية هي التي أرشدت قيادتنا حكومة وشعبًا إلى الرأي الديني الأكثر رحمة واعتدالًا القائم على السماحة والاعتدال، وأهم ما في هذا المنجز هو تتويج شعب الإمارات بصفته أحد أسعد شعوب العالم، في فترة زمنية فارقة تجاوزت كلّ المؤشرات العالمية لكثير من الدول المتقدِّمة، ما يشعرنا بالانتصار والإنجاز، ويعزز دور التفوق التنافسي العالمي للدولة.