لم يحل ملف السياسة الخارجية مركز الصدارة في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، رغم أن نتائج الانتخابات السابقة (2020) كانت لها في كثير من الأحيان تأثيرات كبيرة على نهج واشنطن في التعامل مع العالم.

وبحسب تقرير موسّع لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن الأمر لن يكون مختلفا هذه المرة، إذ إن نتيجة انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري سوف تخلّف آثارا كبيرة على السياسة الخارجية الأميركية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ترامب: الطريقة الوحيدة لخسارتي هي الغشlist 2 of 2محللون: مفاوضات إنهاء الحرب عبثية ونتنياهو يراهن على عودة ترامبend of list

في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، أجرت كلية "ويليام آند ماري" للأبحاث العالمية، بدعم من مؤسسة كارنيغي في نيويورك، استطلاعا لآراء 705 من خبراء العلاقات الدولية في الكليات والجامعات الأميركية، حول انعكاسات نتائج الانتخابات الرئاسية على السياسة الخارجية الأميركية.

وبفارق كبير، يتوقع الخبراء وجود اختلافات صارخة بين السياسات التي ستتبعها نائبة الرئيس كامالا هاريس أو الرئيس السابق دونالد ترامب إذا تم انتخاب أحدهما رئيسا للولايات المتحدة، ويتوقع الباحثون أن تسفر هذه السياسات عن نتائج مختلفة.

فعلى سبيل المثال، يختلف المرشحان بشكل حاد بشأن أزمة المناخ، وعضوية الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتعامل مع ملف إيران النووي، والتجارة، والمساعدات الخارجية. لكن خبراء العلاقات الدولية يقولون إن نتائج الانتخابات سيكون لها تأثير أقل عندما يتعلق الأمر باستخدام الولايات المتحدة للقوة وتصعيد الصراع في الشرق الأوسط وأوكرانيا وتايوان.

وبغض النظر عن سياسات المرشحين، يرى الخبراء فجوة كبيرة بين هاريس وترامب في قدراتهما على إدارة السياسة الخارجية، وقيادة القوات الأميركية، وتنفيذ أجنداتهما على الساحة العالمية. بعبارة بسيطة، يقول الخبراء إن ترامب لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

كيف يختلف المرشحان؟

ويرى خبراء العلاقات الدولية تناقضات صارخة بين هاريس وترامب عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأميركية. وبأغلبية كبيرة، أفادوا بوجود اختلافات بينهما فيما يتعلق بمشاركة الولايات المتحدة في المؤسسات الدولية.

وعندما طُلب من خبراء العلاقات الدولية تقدير احتمال انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس في ظل إدارة ترامب أو هاريس، قالوا ​​إن احتمال انسحاب ترامب يبلغ 80%، ولكن احتمال انسحاب هاريس لا يتجاوز 4%.

وعلى نحو مماثل، يعطي الخبراء احتمال انسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي في ظل إدارة ترامب نسبة 38%، ولكن احتمال حدوث ذلك في ظل إدارة هاريس ضئيل للغاية بنسبة 1%.

وفيما يتصل بملف إيران النووي، يرى الخبراء أن هناك احتمالا بنسبة 35% بأن توقع الولايات المتحدة اتفاقا نوويا جديدا مع إيران إذا انتُخِبت هاريس، ولكن هذه الاحتمالات لا تتجاوز 7% إذا انتُخِب ترامب.

وتمتد الاختلافات المتوقعة بين المرشحين إلى التجارة، حيث إن ​​احتمالات بنسبة 80% بأن ترفع الولايات المتحدة التعريفات الجمركية في عهد ترامب، ولكن احتمالات ذلك لا تتجاوز 30% في عهد هاريس.

أما فيما يتعلق بالمساعدات الخارجية فيقدر الخبراء أن احتمالات زيادة المساعدات الخارجية في عهد هاريس تبلغ 56%، لكنها لن تزيد إلا 20% في عهد ترامب.

وليس مستغربا أن يرى الخبراء اختلافا كبيرا بين المرشحين بشأن زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل؛ إذ يعطون فرصة بنسبة 75% لزيادة ترامب للمساعدات العسكرية لإسرائيل إذا انتُخِب وفرصة بنسبة 54% لحدوث ذلك تحت قيادة هاريس.

ولكن هذا التوقع ينقلب بالنسبة لأوكرانيا، إذ يقول الخبراء إن هناك احتمالات بنسبة 63% بأن تزيد هاريس المساعدات العسكرية الأميركية لكييف في خضم حربها مع روسيا، مقارنة باحتمالات بنسبة 16% فقط مع ترامب.

استخدام القوة العسكرية

ويتوقع خبراء العلاقات الدولية اختلافات أصغر ولكنها جوهرية بين المرشحين الرئاسيين فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية، حيث يتوقعون أن يكون ترامب أكثر تحفظا من هاريس. وعندما سئلوا عن المرشح "الذي سيستخدم القوة العسكرية في الخارج بشكل أكثر تكرارا"، اختار 26% منهم هاريس، مقارنة بـ 14% لترامب.

ومع ذلك، قالت النسبة الكبرى من المشاركين (44%) إن نتيجة الانتخابات لن تؤثر على عدد المرات التي تنشر فيها الولايات المتحدة قواتها العسكرية في الخارج.

وعندما طُلب من الخبراء تقدير احتمال استخدام الصين للقوة ضد تايوان في ظل إدارة ترامب أو هاريس، قالوا إن هناك احتمالا بنسبة 32% في ظل إدارة ترامب و25% في ظل إدارة هاريس، كما يتوقعون أن الإنفاق الدفاعي سيزداد بغض النظر عمن سيفوز؛ نسبة الاحتمال 76% في إدارة ترامب الجديدة، مقارنة باحتمال بنسبة 67% في إدارة هاريس.

ونظرا لتوقعاتهم المتناقضة بشأن المساعدات العسكرية الأميركية في عهد ترامب مقابل هاريس، فربما يكون من المدهش أن يرى الخبراء اختلافا ضئيلا في احتمالات اتساع الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا استنادا إلى من سيفوز بالبيت الأبيض. ففي المتوسط، وضع الخبراء احتمالات استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا عند 13% في عهد هاريس و17% في عهد ترامب.

وعلى نحو مماثل، يتوقع الخبراء أن تبلغ فرص "انخراط المزيد من الدول في صراع عسكري مباشر في الشرق الأوسط" 41% في عهد هاريس و50% في عهد ترامب.

أيهما أكثر فعالية؟

وبغض النظر عن القضايا المحددة، تتفوق هاريس على ترامب عندما يتعلق الأمر بتوقعات الخبراء بشأن الفعالية والكفاءة في ساحة السياسة الخارجية. فعندما سئلوا "أي من المرشحين الرئاسيين التاليين تعتقد أنه سيتمكن من إدارة قضايا السياسة الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة اليوم على نحو أكثر فعالية؟"، اختار 92% من خبراء العلاقات الدولية هاريس، بينما اختار 8% فقط ترامب.

وتتوافق هذه النتائج مع نتائج عام 2020، عندما قال 95% من الخبراء الذين شملهم الاستطلاع إن بايدن سوف يدير السياسة الخارجية على نحو أكثر فعالية، في حين اعتقد 5% فقط أن ترامب سوف يفعل ذلك.

وبحسب فورين بوليسي، فإن نسبة من يصفون أنفسهم بالجمهوريين بين الخبراء المستطلعة آراؤهم هي 4% فقط، مقارنة بـ67% من الديمقراطيين و25%من المستقلين. ومع ذلك، أفاد ما يقرب من ثلث الخبراء (29%) الجمهوريين أنهم يعتقدون أن هاريس ستكون الأكثر فعالية في إدارة السياسة الخارجية، فيما يقول 1% فقط من الديمقراطيين  الشيء نفسه عن ترامب.

كما أعرب الخبراء بأغلبية ساحقة عن ثقتهم الكبيرة في هاريس كقائدة للجيش الأميركي. وعندما سئلوا عن مدى ثقتهم في قدرة كل مرشح على أن يكون قائدا عاما فعالا للجيش، كانت الفجوة بين المرشحين مذهلة، حيث قال 87% من الخبراء إنهم إما "واثقون جدا" أو "واثقون إلى حد ما" في قدرة هاريس، لكن 6% فقط قالوا الشيء نفسه عن ترامب.

توافق جمهوري ديمقراطي

ويلاحظ من النتائج أن أقلية كبيرة من الجمهوريين الذين حددوا أنفسهم ضمن عينة الدراسة يتشاركون مخاوف زملائهم الديمقراطيين بشأن قدرات ترامب كقائد أعلى، حيث يقول 42% من الجمهوريين إنهم "ليسوا واثقين للغاية" أو "ليسوا واثقين على الإطلاق" من قدرات ترامب على قيادة القوات الأميركية، مقارنة بنحو 4% فقط من الديمقراطيين الذين يقولون الشيء نفسه عن هاريس.

وعلى نحو مماثل، قال 29% من الخبراء الجمهوريين إنهم واثقون للغاية أو إلى حد ما من قدرات هاريس كقائدة عليا لكن 1% فقط من الخبراء الديمقراطيين أعربوا عن ثقتهم في ترامب.

وعلى النقيض من الخبراء، لا يرى الجمهور الأميركي أي اختلاف يذكر بين المرشحين في هذه المسألة. ففي استطلاع أجرته مجلة إيكونوميست ومؤسسة يوغوف في سبتمبر/أيلول الماضي، قال 45% من المشاركين إنهم واثقون للغاية أو إلى حد ما في قدرة ترامب على أن يكون قائدا عاما فعالا، وقال 43% الشيء نفسه عن هاريس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة بین المرشحین فی عهد ترامب أکثر فعالیة من الخبراء على نحو

إقرأ أيضاً:

ميديابارت: لماذا تريد السلفادور أن تصبح سجن الولايات المتحدة؟

قال موقع ميديابارت إن رئيس السلفادور ناييب بوكيلي عرض على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استقبال المجرمين المدانين في الولايات المتحدة في سجون بلاده، بعد فشل رهانه على العملات المشفرة، في محاولة للبحث عن نموذج اقتصادي جديد لبلاده.

ويسعى ناييب بوكيلي الذي اشتهر بتدميره قبضة العصابات وجعل السلفادور تحتل الصدارة عالميا في معدلات السجون، إلى استغلال سياساته القمعية -حسب الموقع- بجعلها خدمة اقتصادية تُقدّم للدول الأخرى، خاصة الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 26 أسئلة توضح ما قد يحدث إذا تجاهلت إدارة ترامب قرارات القضاءlist 2 of 2ماكرون عن ترامب: لا تهُن أمامه ولا تعطه دروساend of list

وقد قدم ناييب بوكيلي، الذي يحب أن يقدم نفسه باعتباره "الديكتاتور الأكثر برودة في التاريخ"، هذا العرض لوزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو الذي قبله ووعد بدراسته، رغم أن هذا النهج يحول البلاد إلى "سجن عملاق" بدلا من تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، حسب ميديابارت.

وذكر الموقع -في تقرير بقلم روماريك غودين- بأن اقتصاد السلفادور يعتمد اليوم إلى حد كبير على التحويلات المالية من المهاجرين الذين يعيش أغلبهم في الولايات المتحدة، وقد شكلت تحويلاتهم المالية حوالي 26% من الناتج المحلي الإجمالي السلفادوري عام 2021.

الانحناء للعاصفة

ولذلك بدا وصول الملياردير إلى البيت الأبيض محفوفا بالمخاطر بالنسبة لناييب بوكيلي، لأن سياسته في مجال الهجرة تنذر بتسفير السلفادوريين من الولايات المتحدة، وتهدد اقتصاد البلاد، الذي كان يمر بفترة اقتصادية صعبة، السلفادور نتيجة سياسات بوكيلي المرتبطة بالعملات الرقمية التي أدت إلى فقدانه ثقة الأسواق العالمية واضطرته للجوء إلى صندوق النقد الدولي مقابل تنازلات قاسية، من بينها إنهاء اعتماد البيتكوين كعملة قانونية.

إعلان

وعندما قرر بوكيلي العودة إلى السوق المالية في البلاد، كانت تكلفة السندات التي صدرت على مدى 6 سنوات باهظة، وفي النهاية اضطرها هذا الدين "السخيف" -على حد تعبير فايننشال تايمز- إلى إعلان الاستسلام لصندوق النقد الدولي.

وأعلن صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السلفادورية، وبالتالي يتعين على السلفادور أن تطبق سياسة تقشف صارمة لخفض العجز الأولي بنحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون 3 سنوات، مع التخلي عن مشاريع البتكوين، لتحصل على قرض بقيمة 1.4 مليار دولار يحميها مؤقتا من الإفلاس.

ولهذا وجدت حكومة السلفادور نفسها مضطرة لحماية العلاقة مع واشنطن، في انتظار أن تعمل على بناء نموذج اقتصادي جديد، ولتحقيق ذلك، يسعى بوكيلي، الذي تفاخر بأنه أنهى "العمل البيئي الأكثر طموحا وتأثيرا في تاريخ" البلاد، الآن إلى إعادة إطلاق النشاط لاستخراج الذهب.

لقد صنع بوكيلي اسمه من خلال ملاحقة العصابات باستخدام القوة. فمنذ عام 2021، تخضع البلاد لنظام استثنائي مستمر. واعتقل أكثر من 100 ألف شخص ولا يزالون محتجزين، وفي كثير من الأحيان دون محاكمة.

ولم يتم الإفراج إلا عن 8 آلاف منهم، وتمتلئ الصحافة الدولية بشهادات من عائلات لم تتلق أي أخبار عن أحبائها الذين اختفوا بعد الاعتقال.

التخصص في احتجاز المجرمين

وقد حققت هذه السياسة القمعية مكاسب سياسية واضحة بالنسبة إلى ناييب بوكيلي، وهو رئيس الدولة الأكثر شعبية في العالم في بلاده، بعد أن وجد السلفادوريون الذين عاشوا في رعب دائم من عنف العصابات، الهدوء في الشوارع وهم ممتنون لرئيسهم.

ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى الأبد -حسب الموقع- لأن احتجاز 1.7% من سكانها في ظروف قاسية أمر مكلف من حيث البنية التحتية والأفراد، كما أن السكان مع العودة إلى الهدوء، سوف يطالبون بالمزيد، وخاصة بالتقدم الاقتصادي، ولكن أيضا بالحق في القدرة على الطعن في بعض القرارات.

إعلان

ومن أجل توفير المال، قرر الرئيس تحويل سياسته القمعية إلى نشاط، وهو يقترح على ترامب الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذ جزء من سياسته الأمنية في الولايات المتحدة، مقابل رسوم، وبهذا يأخذ الاقتراح المقدم إلى ترامب بتحويل السجناء معناه الكامل.

وخلصت ميديابارت إلى أن رئيس السلفادور يريد أن تختص بلاده في تصدير خدمات الاحتجاز للمجرمين الخطرين، وهذا من شأنه أن يسمح له بمواصلة سياسته الأمنية لضمان سلطته في بلاده، وهو يأمل إذا أثبتت التجربة نجاحها، في أن دولا أخرى قريبة من اليمين المتطرف الدولي سوف تستخدم خدماته.

ويعتبر هذا الاقتراح وسيلة للحصول على استقبال إيجابي من ترامب، كي يتم تجنيب السلفادوريين في الولايات المتحدة الطرد، وحتى الآن يتمتع مواطنو بوكيلي "بوضع الحماية المؤقتة" حتى سبتمبر/أيلول 2026، مما يمنع عمليات الطرد بسبب الوضع الداخلي في بلدان المنشأ الذي يهدد دونالد ترامب بإزالته.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الروسية: زيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة فشل دبلوماسي وسياسي
  • روسيا تعين سفيرا جديدا لدى الولايات المتحدة الأميركية
  • الصين تتوعد بالرد على الرسوم الجمركية الأميركية
  • باكستان تعلن عودة مواطنين بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة
  • “جمعية الخبراء” تطلق مبادرة مجانية لتوفيق الأوضاع الضريبية لـ1000 شركة ناشئة
  • مفوضة السياسة الخارجية الأوروبية: قلقون من مساعي إدارة ترامب للابتعاد عن أوروبا
  • الرئيس الأوكراني يصل إلى الولايات المتحدة
  • ميديابارت: لماذا تريد السلفادور أن تصبح سجن الولايات المتحدة؟
  • بعد وصولها إلى واشنطن..روبيو يلغي اجتماعاً مع ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي
  • من معادن أوكرانيا إلى ريفييرا غزة.. لماذا تدور السياسة الخارجية لترامب حول المال؟