نتنياهو يعلن حربه المستمرة ضدّ كل المنطقة
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
ليس أفضل من الوضوح في الحرب. هذا ما يفعله بنيامين نتنياهو من دون مداورة. كل مسرحياته لا تحول دون أن يكون واضحاً عندما يتعلق الأمر بأصل مشروعه. وما يعلنه يمثّل، كما تقول الوقائع، مشروع الغالبية الساحقة من مستوطني الكيان، وهو مشروع يحظى بدعم حقيقي من العالم الذي يجد مصلحته في كل ما يقوم به هتلر العصر.
أمس، أوجز نتنياهو في خطبة قصيرة جوهر ما يعمل عليه منذ سنوات طويلة.
أول من أمس، عاد المهرج عاموس هوكشتين ليقدّم عرضاً جديداً. وللأمانة، فإن المشكلة ليست في الرجل الذي يقوم بما يجيده أو بما هو مطلوب منه، بل في من لا يزال يستمع إليه ويأخذ بما يقوله، وفي من يعتقد بأن الأمريكيين في موقع من يريد الضغط على إسرائيل لوقف الحرب على لبنان.
عملياً، نحن أمام حقيقة واحدة، وهي أن إسرائيل عدوّ يعمل بالعقل نفسه والروح نفسها والأدوات نفسها ضد غزة ولبنان، وهو باشر الأمر نفسه في سوريا، ويستعد للانتقال غلى العراق، ولاحقاً إلى اليمن، ولا يخفي نتنياهو مواصلة الاستعداد لضرب إيران.
حن أمام حقيقة واحدة، وهي أن إسرائيل عدوّ يعمل بالعقل نفسه والروح نفسها والأدوات نفسها ضد غزة ولبنان
أما من يطلب فصل الساحات بعضها عن بعض، فلا يريد أن يفهم حقيقة أن ما تقوم به إسرائيل، بتغطية واضحة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وبشراكة بعض الدول العربية، هو توحيد للساحات بقوة. ومن يطلب الفصل بين الجبهات، لا يعرف أن العدوّ بوجوده، وبما يقوم به، هو من يعزّز وحدة الجبهات ويرفع من مستوى التحدي لدى كل من يؤمن بأن إسرائيل شرّ لا بد من التخلص منه.
ولأن الأمر على هذا النحو، فإن مشروع المقاومة هو الخيار الوحيد، وبديله العيش أو الموت جوعاً وقهراً وذلّاً. وكلّ من يعطينا دروساً في السيادة والحرية والكرامة الوطنية، لكنه مستعدّ لإشعال البلاد من أجل حارس أحراج، عليه أن يفهم أن الدرس الأهم في هذه الحياة هو أن تقف في المكان الصحيح. وكل من يواصل اتهام المقاومة بالمسؤولية عمّا يجري، يجب أن يعرف أنه من الآن فصاعداً سيكون شريكاً في هذا العدوان، وعليه أن يعي أن موقفه من أصل العدوان الإسرائيلي هو الأساس، وأن يدرك أنه في حال قرّر الابتعاد عن واجبه – كما يدّعي في دفاعه عن السيادة – فليس له الحق في مساءلة الناس عن سبب قيامهم بواجبهم، وعن سبب بذلهم كل ما عندهم من أجل الدفاع عن وجودهم وعن حقهم في حياة حرة وعن سعيهم الى استقلال حقيقي.
أما من يكثر من الحديث عن الاستقلالية، بينما يقود مسيرة تريد أخذ البلاد نحو المغامرة الكبرى، فعليه أن يتنبّه إلى خطورة الموافقة والمشاركة في وضع مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية والمالية تحت وصاية المستعمر الأمريكي.
ومن الأمانة أن يقال لمن يعتقد أن الحرب القاسية القائمة اليوم، تتيح له أو تسمح للاحتلال الأمريكي بفرض وقائع على آليات العمل في الداخل اللبناني، أنه سيكون واهماً بأنّ أمراً كهذا سيمرّ من دون مقاومة. ومن لم يقرأ التاريخ جيداً من اللبنانيين والعرب والغربيين، وفي مقدّمهم الولايات المتحدة، ليس عليه سوى العودة الى زمن احتلت إسرائيل فيه بيروت، ونصّبت رئيساً للجمهورية، واستقدمت جيوشاً أطلسية لحماية مصالحها، لكن الأمر لم يستغرق سنوات قليلة قبل أن يتبدّد كل شيء. وقد حصل ذلك، لأن ما فُرض لم يكن حقيقياً ولا يمثّل طموحات أبناء هذا البلد.
أما من يرفع صوته اليوم مستعملاً العصا الإسرائيلية لتهديدنا، ويتصرّف بفوقية واستعلاء مع المقاومة وبيئتها، فليس عليه سوى سؤال نفسه: ما الذي يمنع هذا الجيش الوحش، بكل ما يملكه من قوة نارية وقدرات جوية غير مسبوقة، من احتلال قرية في جنوب لبنان. وعندما يحصل على الجواب السريع، عليه أن يفهم أن هذا الشعب لا يحتاج إلى أكثر من مسير حتى يمنع أيّ متطوع لخدمة الاحتلال من إثارة الفتنة داخلياً. كما لا تنقصه الشجاعة والقدرة على محاسبة شركاء العدوّ من الغربيين، وفي مقدّمهم الأمريكيون والبريطانيون والألمان.
ويبدو أن هؤلاء يخلطون الأمور عندما يديرون "أمورهم اللبنانية"، لذا لا بأس من مساعدتهم على فهم حقيقة أن «العقل البارد» الذي حكم جمهوراً كبيراً جداً ودعاه لأن يحفظ "صورة الدولة" لعقود خلت، فإن هذا الجمهور نفسه يمكنه استخدام "العقل البارد" نفسه للقيام بما يجب، دفاعاً عن الوجود المقدّس.
الخير في ما وقع، والجيد أن نتنياهو سهّل الأمر على الجميع بأن أعلن أن حربه مستمرة، وقال علناً إنه ينوي التوسع أكثر في حربه ضد لبنان، وفي المنطقة، وصولاً الى إيران.
وجيّد أنه خاطب الأمريكيين لكي يفهم من يراهن على تدخّلهم أن الحرب قائمة وطويلة... وعندها، لا صوت سيعلو فوق صوت الميدان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب نتنياهو لبنان الغربيين لبنان نتنياهو الغرب الحرب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة علیه أن
إقرأ أيضاً:
تصاعد الهجرة اليهودية للبرتغال هرباً من واقع الحرب المستمرة
تتواصل التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن هجرة متزايدة من دولة الاحتلال إلى العديد من دول العالم في ضوء تدهور الأوضاع الأمنية بسبب العدوان على قطاع غزة ولبنان، لكن الهجرة إلى البرتغال تكتسب زخما خاصا لدى الاسرائيليين لأبعاد تاريخية، خاصة وأنها تمثل بالنسبة لهم "حياة رغيدة" في بلد تكلفة المعيشة منخفضة، إلا الخطورة في تمثل بخسارة ديموغرافية واقتصادية لـ"إسرائيل".
وأكد الكاتب الاقتصادي في صحيفة "معاريف"، نير كيفنيس أنه "يحيا أسبوعه الثالث في البرتغال، وقد قادته الظروف العائلية من المدينة إلى الريف، على بعد ساعة وربع بالسيارة من لشبونة إلى المنطقة التي يقيم فيها، وهي بلدة إقليمية صغيرة نسبيًا عدد سكانها 55 ألفا، وحولها عدد غير قليل من التجمعات الزراعية، وهي أشبه بمنطقة سهل الحولة شمال فلسطين المحتلة، خاصة من حيث درجات الحرارة الباردة في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "تزايد موجات الهجرة اليهودية المتواصلة إلى البرتغال في السنوات الأخيرة، تعني أننا أمام الجيل المؤسس للمجتمع الإسرائيلي الذي وصلها قبل أربع سنوات أو أكثر، مع بدء وباء كورونا 2019، حين اهتز كل شيء، وبدأوا البحث عن الحياة في مكان أخضر ومنعزل، ولا يفرض الإغلاقات، خاصة وأن الأسعار فيها رخيصة، وتحضّرها المتسارع في الجيل الأخير، خلق فرصًا مجنونة، بالمعنى الحرفي للكلمة، خاصة في مجال العقارات، وشراء المزارع بعشرات آلاف اليوروهات فقط".
وكشف أن "الموجة الثانية من المهاجرين اليهود من إسرائيل إلى البرتغال هم من رأوا الانقلاب القانوني لحكومة اليمين 2023 كإشارة إنذار حمراء، خاصة من الشباب والليبراليين الذين مارسوا حقهم في الهجرة من الدولة، حتى جاءت الحرب على غزة، وتدخل شهرها الرابع عشر، لتؤكد لهم أنهم كانوا على حق، فقد هربوا من الدولة في الوقت المناسب، بل إن البعض يقارنه بجيل الأجداد الذين فرّوا من أوروبا".
وأشار أن "المهاجرين اليهود الجدد نسبيًا إلى البرتغال هم "لاجئو" الحرب الأخيرة، ومنهم من كان هنا قبلها، لكنه قرر البقاء بسبب الحرب، واستكشاف إمكانية الاستقرار في دولة الاحتلال، يقولون إن لديهم أصدقاء سيموتون من أجل اللحاق بهم، لأنهم يعلمون أنهم لن يتمكنوا من الحصول على سعر مناسب لمنازلهم في المستوطنات الشمالية في الوقت الحالي عقب انتهاء حرب لبنان".
وأكد "لسنا أمام هجرة الجائعين للخبز، بل هجرة من كانوا على المسار الصحيح في الحياة، من المدرسة الثانوية والجيش، الأكاديمية والمهنة، ثم حدث خطأ ما في الدولة تمثلت آثاره في الاقتصاد، وهم يعترفون اليوم بأن ما أذهلهم في البرتغال هو أسلوب الحياة المحلي السلمي الهادئ، الذي يعيش بشكل متواضع، ويعطي الأولوية للثقافة الأسرية والترفيهية على السعي وراء تحقيق مكاسب كبيرة من المال".
وأوضح أن "العديد من المهاجرين اليهود إلى البرتغال يتلقون رواتبهم بالشيكل (الدولار يساوي 3.70 شيكل)، سواء ما زالوا يعملون في مهن عن بعد، أو مستحقات التأمين، وعندما يحولونها إلى مصطلح تكلفة المعيشة في الريف البرتغالي، يتبقى لديهم فائض كبير، لأنه بالنسبة لعائلة من زوج وزوجة وطفلين يكفيهم ثلاثة آلاف يورو، مع افتراض أن المنزل مملوك لهم، وليس بالإيجار، وهو مبلغ يمكن العيش عليه تقريبًا بأي مكان في البرتغال غير لشبونة أو بورتو".
وختم بالقول "شعرت بحزن شديد وأنا أرى العديد من الإسرائيليين الناجحين المهاجرين للبرتغال، لأنني أود أن أراهم في إسرائيل، من العلمانيين والمتعلمين والليبراليين، لكن الدولة ظلت مع الأسف تستنزفهم للعديد من السنوات، وسوف تستنزف أكثر إذا استمرت هذه الحرب اللعينة الدائرة في غزة ولبنان، لأن النتيجة الفورية لها أن ينضم المزيد من الإسرائيليين لأولئك المقيمين في البرتغال، ويسارعوا للهجرة، خشية من استدعائهم للجولة الاحتياطية الرابعة منذ اندلاع الحرب، لأنه ليس لديهم خيار سوى الهروب بالفعل، وهذا هو ثمن الحرب".