قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن الفيضانات المفاجئة التي اجتاحت جنوبي وشرقي إسبانيا هذا الأسبوع إنما تكشف عن مخاطر تغير المناخ في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ونقلت الصحيفة، في سياق تقرير كتبه مراسلوها في مدريد عن خبراء طقس قولهم، إن "هذه الفيضانات أكدت التهديد المميت الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة التي حولت البحر الأبيض المتوسط ​​إلى ما أشبه بـ "علبة بنزين".

وأسفرت الأمطار الغزيرة التي تركزت في منطقة فالنسيا عن مقتل 205 أشخاص، على الأقل، هذا الأسبوع في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ إسبانيا الحديث، مما ترك عمال الإنقاذ يبحثون عن المفقودين في البلدات المنكوبة والتي ظلت مغطاة بالطين السميك ومبعثرة بالأنقاض والسيارات المقلوبة.

وقالت سلطات الطوارئ الإسبانية إنه تم انتشال 202 جثة في منطقة فالنسيا وحدها، مع وجود جثتين في منطقة /كاستيا لا منتشا/ وجثة أخرى في الأندلس، حسبما ذكرت وكالات الأنباء اليوم، مع توقعات باستمرار ارتفاع عدد القتلى ووجود عشرات المفقودين.. كما حذر مسئولون من هطول المزيد من الأمطار في الأيام المقبلة.

وأشارت "فاينانشيال تايمز"، في تقريرها، إلى أن الأمطار الغزيرة غير العادية كانت مدفوعة جزئيًا بارتفاع درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط، وهو بحر مغلق، إلى حد كبير، حيث تعد السخونة فيه بمثابة مخزن للطاقة لا يمكن إطلاقها إلا عن طريق التبخر، مما يهيئ الظروف للعواصف الشديدة.

وتعليقًا على ذلك، قال فرانسيسكو مارتين ليون، عالم الأرصاد الجوية في شبكة الطقس العالمية، في تصريح للصحيفة،: "إن البحر الأبيض المتوسط ​​أصبح بمثابة "علبة بنزين" من خلال تغذية بخار الماء وهو الوقود لهطول الأمطار من الغلاف الجوي"، مشيرًا إلى أن هذه العملية تفاقمت بسبب تغير المناخ.

وأضاف:" ثم إن النار التي تشتعل من جراء ذلك تأتي من جبهة باردة أو منطقة ذات ضغط منخفض تصطدم بتلك الرطوبة، كما حدث هذا الأسبوع في إسبانيا، وهي ظاهرة تُعرف باسم /دانا/، وهي ظاهرة جوية تحدث عندما تنفصل كتلة من الهواء البارد في المستويات العليا للغلاف الجوي عن التيار الرئيسي، مما يؤدي إلى اضطراب شديد نتيجة تفاعلها مع هواء دافئ ورطب في المستويات السفلية.. وهذا الاضطراب يُسبب أمطارًا غزيرة وعواصف رعدية قوية، وأحيانًا سيولًا وأعاصير".

وارتفعت درجات حرارة سطح البحر عالميًا إلى 20.83 درجة مئوية في شهر سبتمبر الماضي، وهو رقم قياسي تقريبًا لهذا الشهر، ولكن الزيادة في البحر الأبيض المتوسط ​​كانت واضحة بشكل خاص، حيث وصلت درجات الحرارة إلى بعض أعلى الأرقام اليومية المسجلة خلال الصيف وبلغت ذروتها عند 28.45 درجة مئوية في 13 أغسطس.

ونظرًا لأن البحر الأبيض المتوسط ​​أصغر بكثير وأكثر انغلاقًا من المحيط، مع المخرج الوحيد إلى المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق الضيق، فإن الأمر بات أشبه "مثل تسخين كوب من الشاي مقابل حوض الاستحمام"، كما قال مايكل بيرن، عالم المناخ في جامعة سانت أندروز، والذي تابع القول للصحيفة:" إنه مخزن فعال للحرارة لدرجة أن درجات الحرارة تنخفض ببطء فقط في الخريف".

وقال ألفارو رودريجيز، منسق مشروع الواقع المناخي في إسبانيا الذي أسسه نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور:"إن هذا البحر الساخن المليء بالطاقة يشبه شاحن تسلا الفائق.. إنه يرسل بخار الماء بكامل طاقته".. وأشار إلى أن البحر الأبيض المتوسط ​​يتصرف بشكل متزايد مثل بحر الكاريبي الأكثر دفئًا حيث من المعروف أن الكتلة المائية الأكثر دفئًا تساعد في تكوين الأعاصير التي يمكن أن تدمر سواحل الولايات المتحدة وأمريكا الوسطى والجنوبية، وكذلك جزر المنطقة".

وأضاف رودريجيز:"إن البحرين لهما نفس الخصائص، وقد بدأنا نرى ظواهر متشابهة للغاية تحدث في كليهما لسبب بسيط واحد"، مع الإشارة إلى أن أوروبا هي أسرع قارة في العالم من حيث ارتفاع درجة الحرارة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قربها من القطب الشمالي، حيث يفسح الجليد والثلج الذائب الذي يعكس أشعة الشمس المجال للأرض الداكنة التي تمتص الحرارة.

وقالت مارلينا أولتمانز، وهي عالمة في المركز الوطني لعلوم المحيطات في المملكة المتحدة: "إن البحر الأبيض المتوسط ​​ارتفع بمقدار الضعف عن المتوسط ​​العالمي للمحيطات في السنوات الثلاثين الماضية، استنادًا إلى بيانات من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة".

ويحتفظ الهواء بنسبة 7% من بخار الماء لكل درجة ترتفع فيها حرارته، وفقًا لقوانين الديناميكا الحرارية.. وقال مايكل بيرن في هذا الشأن إن هذا "يؤدي مباشرة إلى المزيد من الأمطار والفيضانات والمزيد من الدمار على غرار ما شهدناه في إسبانيا هذا الأسبوع".

ذكرت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية إن العاصفة التي ضربت منطقة فالنسيا كانت الأكثر شدة منذ ثمانينيات القرن العشرين.
وقال رئيس حكومة فالنسيا الإقليمية إنه طلب من القوات المسلحة المساعدة في عمليات الإنقاذ وتوزيع المساعدات، في حين قال عمدة مدينة /ألفافار/ في فالنسيا إن الافتقار إلى المساعدة يعني أن بعض السكان "يعيشون مع الجثث في منازلهم".. فيما بدأت إسبانيا الحداد لمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من أمس الخميس.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحر الأبیض المتوسط درجات الحرارة هذا الأسبوع فی إسبانیا فی منطقة إلى أن

إقرأ أيضاً:

2200 شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط

تجاوز عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم، أو فقدوا أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط في عام 2024، الـ 2200، وفقاً لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف".

وقالت ريجينا دي دومينيكس، مديرة المكتب الإقليمي لليونيسف لأوروبا وآسيا الوسطى والمنسقة الخاصة للاستجابة للاجئين والمهاجرين في أوروبا: "من بين هؤلاء الضحايا مئات الفتيات والفتيان والمراهقين. في الواقع، واحد من كل 5 من جميع المهاجرين عبر البحر المتوسط، ​​أقل من 18 عاماً".

Over 20 people, including women and children, are missing after a shipwreck near Lampedusa.

Governments must ensure safe migration pathways, strengthen search and rescue, and protect children throughout their journey.https://t.co/WgI91IKhis

— Regina De Dominicis (@R_DeDominicis) January 1, 2025

وذكرت دي دومينيكسن أن آخر حادث غرق معروف وقع قبالة السواحل الإيطالية بالقرب من جزيرة لامبيدوزا (جنوباً)، قبل نهاية العام بقليل، أسفر عن "اختفاء حوالي 20 شخصاً، بينهم نساء وأطفال".

وأوضحت مديرة مكتب اليونيسف الأوروبي، أن معظم الأطفال الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط ​​"يهربون من الصراعات العنيفة والفقر"، داعية "الحكومات إلى استخدام الاتفاق العالمي بشأن الهجرة، واللجوء لإعطاء الأولوية لحماية الفتيات والفتيان".

مقالات مشابهة

  • اليونيسف: 2200 غريق ومفقود بالبحر المتوسط خلال العام 2024
  • غرق 2200 مهاجر في البحر الأبيض خلال 2024.. وخمس ضحايا الهجرة غير الشرعية من الأطفال
  • بسبب تغير المناخ.. قناة بنما تواجه مشكلة كبيرة
  • أبو العينين يعزي السفير سيرجيو بيازي الأمين العام لبرلمان البحر الأبيض المتوسط في وفاة والده
  • بالأرقام.. الكشف عن عدد ضحايا الهجرة عام 2024
  • 2200 شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط
  • وزيرة البيئة تستقبل وزير الطيران لبحث التعاون المشترك في ملف تغير المناخ والسياحة البيئية
  • وزير الطيران يناقش مع نظيرته للبيئة مواجهة آثار تغير المناخ وملف الوقود المستدام
  • بحث التعاون بين البيئة والطيران المدني لمواجهة آثار تغير المناخ
  • الحرائق تهدد المدن والصحاري.. آثار تغير المناخ تجتاح الشرق الأوسط