فاينانشيال تايمز: الفيضانات القاتلة في إسبانيا تؤكد مخاطر تغير المناخ بمنطقة البحر المتوسط
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن الفيضانات المفاجئة التي اجتاحت جنوبي وشرقي إسبانيا هذا الأسبوع إنما تكشف عن مخاطر تغير المناخ في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
ونقلت الصحيفة، في سياق تقرير كتبه مراسلوها في مدريد عن خبراء طقس قولهم، إن "هذه الفيضانات أكدت التهديد المميت الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة التي حولت البحر الأبيض المتوسط إلى ما أشبه بـ "علبة بنزين".
وأسفرت الأمطار الغزيرة التي تركزت في منطقة فالنسيا عن مقتل 205 أشخاص، على الأقل، هذا الأسبوع في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ إسبانيا الحديث، مما ترك عمال الإنقاذ يبحثون عن المفقودين في البلدات المنكوبة والتي ظلت مغطاة بالطين السميك ومبعثرة بالأنقاض والسيارات المقلوبة.
وقالت سلطات الطوارئ الإسبانية إنه تم انتشال 202 جثة في منطقة فالنسيا وحدها، مع وجود جثتين في منطقة /كاستيا لا منتشا/ وجثة أخرى في الأندلس، حسبما ذكرت وكالات الأنباء اليوم، مع توقعات باستمرار ارتفاع عدد القتلى ووجود عشرات المفقودين.. كما حذر مسئولون من هطول المزيد من الأمطار في الأيام المقبلة.
وأشارت "فاينانشيال تايمز"، في تقريرها، إلى أن الأمطار الغزيرة غير العادية كانت مدفوعة جزئيًا بارتفاع درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط، وهو بحر مغلق، إلى حد كبير، حيث تعد السخونة فيه بمثابة مخزن للطاقة لا يمكن إطلاقها إلا عن طريق التبخر، مما يهيئ الظروف للعواصف الشديدة.
وتعليقًا على ذلك، قال فرانسيسكو مارتين ليون، عالم الأرصاد الجوية في شبكة الطقس العالمية، في تصريح للصحيفة،: "إن البحر الأبيض المتوسط أصبح بمثابة "علبة بنزين" من خلال تغذية بخار الماء وهو الوقود لهطول الأمطار من الغلاف الجوي"، مشيرًا إلى أن هذه العملية تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وأضاف:" ثم إن النار التي تشتعل من جراء ذلك تأتي من جبهة باردة أو منطقة ذات ضغط منخفض تصطدم بتلك الرطوبة، كما حدث هذا الأسبوع في إسبانيا، وهي ظاهرة تُعرف باسم /دانا/، وهي ظاهرة جوية تحدث عندما تنفصل كتلة من الهواء البارد في المستويات العليا للغلاف الجوي عن التيار الرئيسي، مما يؤدي إلى اضطراب شديد نتيجة تفاعلها مع هواء دافئ ورطب في المستويات السفلية.. وهذا الاضطراب يُسبب أمطارًا غزيرة وعواصف رعدية قوية، وأحيانًا سيولًا وأعاصير".
وارتفعت درجات حرارة سطح البحر عالميًا إلى 20.83 درجة مئوية في شهر سبتمبر الماضي، وهو رقم قياسي تقريبًا لهذا الشهر، ولكن الزيادة في البحر الأبيض المتوسط كانت واضحة بشكل خاص، حيث وصلت درجات الحرارة إلى بعض أعلى الأرقام اليومية المسجلة خلال الصيف وبلغت ذروتها عند 28.45 درجة مئوية في 13 أغسطس.
ونظرًا لأن البحر الأبيض المتوسط أصغر بكثير وأكثر انغلاقًا من المحيط، مع المخرج الوحيد إلى المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق الضيق، فإن الأمر بات أشبه "مثل تسخين كوب من الشاي مقابل حوض الاستحمام"، كما قال مايكل بيرن، عالم المناخ في جامعة سانت أندروز، والذي تابع القول للصحيفة:" إنه مخزن فعال للحرارة لدرجة أن درجات الحرارة تنخفض ببطء فقط في الخريف".
وقال ألفارو رودريجيز، منسق مشروع الواقع المناخي في إسبانيا الذي أسسه نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور:"إن هذا البحر الساخن المليء بالطاقة يشبه شاحن تسلا الفائق.. إنه يرسل بخار الماء بكامل طاقته".. وأشار إلى أن البحر الأبيض المتوسط يتصرف بشكل متزايد مثل بحر الكاريبي الأكثر دفئًا حيث من المعروف أن الكتلة المائية الأكثر دفئًا تساعد في تكوين الأعاصير التي يمكن أن تدمر سواحل الولايات المتحدة وأمريكا الوسطى والجنوبية، وكذلك جزر المنطقة".
وأضاف رودريجيز:"إن البحرين لهما نفس الخصائص، وقد بدأنا نرى ظواهر متشابهة للغاية تحدث في كليهما لسبب بسيط واحد"، مع الإشارة إلى أن أوروبا هي أسرع قارة في العالم من حيث ارتفاع درجة الحرارة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قربها من القطب الشمالي، حيث يفسح الجليد والثلج الذائب الذي يعكس أشعة الشمس المجال للأرض الداكنة التي تمتص الحرارة.
وقالت مارلينا أولتمانز، وهي عالمة في المركز الوطني لعلوم المحيطات في المملكة المتحدة: "إن البحر الأبيض المتوسط ارتفع بمقدار الضعف عن المتوسط العالمي للمحيطات في السنوات الثلاثين الماضية، استنادًا إلى بيانات من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة".
ويحتفظ الهواء بنسبة 7% من بخار الماء لكل درجة ترتفع فيها حرارته، وفقًا لقوانين الديناميكا الحرارية.. وقال مايكل بيرن في هذا الشأن إن هذا "يؤدي مباشرة إلى المزيد من الأمطار والفيضانات والمزيد من الدمار على غرار ما شهدناه في إسبانيا هذا الأسبوع".
ذكرت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية إن العاصفة التي ضربت منطقة فالنسيا كانت الأكثر شدة منذ ثمانينيات القرن العشرين.
وقال رئيس حكومة فالنسيا الإقليمية إنه طلب من القوات المسلحة المساعدة في عمليات الإنقاذ وتوزيع المساعدات، في حين قال عمدة مدينة /ألفافار/ في فالنسيا إن الافتقار إلى المساعدة يعني أن بعض السكان "يعيشون مع الجثث في منازلهم".. فيما بدأت إسبانيا الحداد لمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من أمس الخميس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البحر الأبیض المتوسط درجات الحرارة هذا الأسبوع فی إسبانیا فی منطقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عمدة سبتة يقول إن الشاحنات المغربية التي مرت بالجمارك التجارية تحمل أختاما "تشير إلى أن مدينته "جزء من إسبانيا"!
كثرت الأحاديث، وربما أكثر من اللازم، حول المخاطر المحتملة التي قد تواجهها سبتة ومليلية بسبب العلاقة بين المغرب والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. حتى أن بعض التقارير الصحفية الإسبانية تحدثت عن احتمال إعادة إحياء سيناريو « المسيرة الخضراء » بدعم أمريكي.
في هذا السياق، شدد عمدة مدينة سبتة خوان فيفاس، الاثنين، على أنه لا يشعر « بأي قلق من أن تتعرض سبتة لأي خطر بسبب مسيرة خضراء محتملة »، مضيفًا أن هذه الفرضية « مستبعدة تمامًا ».
وقال: « مجرد نشر هذه الرسائل غير المبررة يؤدي إلى عكس ما نريده، إذ يخلق حالة سلبية تؤثر على استقرار السكان في سبتة وتضر بثقتهم في المستقبل ».
وأضاف: « لا يوجد خطر من حدوث سيناريو كهذا، فسيادة سبتة مضمونة. سبتة جزء من إسبانيا بحكم القانون والتاريخ، والأهم من ذلك، بإرادة جميع سكانها ».
من جهة أخرى، أكد فيفاس على ضرورة وضع سياسة وطنية شاملة تتعلق بالحدود، والتجارة، والقاصرين غير المصحوبين بذويهم، مشيرًا إلى أن التعامل مع القضايا المرتبطة بالمغرب يجب أن يكون على مستوى الدولة وليس مجرد مسألة إقليمية.
وأضاف: « لطالما دافعنا عن ضرورة وجود سياسة وطنية في هذا المجال. افتتاح الجمارك التجارية يمثل إنجازًا تاريخيًا، ولكن لا يمكننا أن ننسى أن عام 2021 شهد لحظة فاصلة: فقد شهدنا دخول 12,000 شخص في غضون 48 ساعة، أي ما يعادل دخول 500,000 شخص إلى مدريد دفعة واحدة! » « لقد كانت لحظة توتر قصوى، كنا فيها على حافة الهاوية. »
وأشار فيفاس إلى أن العلاقة الجيدة مع المغرب ضرورية للتحكم في تدفقات الهجرة وضمان عمل الحدود بشكل جيد، لكنه شدد على أن « هذا لا يجب أن يكون الحل الوحيد »، مضيفًا أن الدفاع عن وحدة سبتة يعني الدفاع عن وحدة إسبانيا وأوروبا أيضًا.
سبتة إسبانية… والختم المغربي يؤكد ذلك!تحدث فيفاس عن النجاحات الأخيرة في مجال الاستيراد، خاصة بعد دخول شاحنات محملة بالأسماك الطازجة من المغرب، والتي حملت أختامًا تشير إلى أن « سبتة جزء من إسبانيا ».
وتساءل: « هل هذا كافٍ؟ بالطبع لا، لكنه مؤشر واضح على أن هناك تقدمًا يبعدنا عن السيناريوهات الكارثية. »
وأضاف: « هدفنا النهائي هو تحقيق جمارك تجارية دائمة، لكن يجب ألا نسمح للظروف الجيوسياسية بتشتيت انتباهنا. مستقبل سبتة يجب أن يكون مرتبطًا أكثر بإسبانيا وأوروبا، وليس مرهونًا فقط بالجمارك التجارية. »
من جانب آخر، أكد فيفاس على الحاجة الملحة لسياسة وطنية فيما يتعلق بالقاصرين غير المصحوبين بذويهم، مشيرًا إلى أن غياب اتفاق بشأن توزيع هؤلاء الأطفال بين الأقاليم الإسبانية أدى إلى وضع لا يمكن تحمله في سبتة.
وكشف أن الحكومة المحلية « فكرت جديًا في إعادة صلاحياتها إلى الدولة » بسبب التدفقات الكبيرة للقاصرين هذا الصيف وعدم وجود توافق بشأن توزيعهم بين الأقاليم.
كلمات دلالية إسبانيا المغرب حدود سبتة