قبل أن يصبح البلاستيك تهديدا للتنوع البيولوجي والمحيطات والسلسلة الغذائية العالمية، كان له دور بارز في إنقاذ الأرواح، وذلك بفضل تطور سريع ارتبط بشكل وثيق ببروز المجتمع الاستهلاكي الشامل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ففي خمسينيات القرن الـ20 والعقدين اللذين تلياها، اكتسب البلاستيك سمعة إيجابية بفضل مقاومته، وخفة وزنه، وتكلفته الاقتصادية، حيث أصبح "جزءا من مختلف جوانب الحياة"، وفقا لما يذكره أطلس البلاستيك الصادر عن مؤسسة "هاينريش بول شتيفتنغ".

ومن الناحية الصحية، ساعدت القسطرة البلاستيكية، والأكياس، والحقن، وغيرها من الأدوات الطبية ذات الاستخدام الواحد، في تحسين مستوى النظافة والصحة العامة، مما ساهم في رفع متوسط العمر المتوقع.

ومن خلال استخدامه في الأغلفة، أسهم البلاستيك في حفظ المنتجات، وساعد في تقليل هدر الطعام، مما ساعد بدوره على مكافحة الجوع، حسب ما يشير مؤيدوه.

 اختراع مذهل ثم كارثي

قبل قرنين، كانت مواد خام طبيعية ومتجددة تدخل في تركيبة المواد البلاستيكية الأولى، مثل المطاط الذي ابتكره تشارلز غوديير. وفي عام 1862، تم تصنيع الباركسين من السليلوز النباتي.

وسنة 1869، تم اختراع السيليلويد في الولايات المتحدة، وكان للباركسين المسخن الممزوج بالكافور والكحول أولى تطبيقاته الصناعية. فقد حلّ محل العاج الذي كان يستخدم في كرات البلياردو والحراشف المُستخدمة في تصنيع فرشات الشعر، ودخل في تصنيع  أولى أشرطة الأفلام السينمائية.

وحصل الكيميائي الفرنسي إيلير دو شاردونيه عام 1884 على براءة اختراع للألياف الاصطناعية، وهو أول حرير صناعي، يُعرف باسم "حرير شاردونيه"، وبات لاحقا النايلون والترغل.

واخترع الكيميائي البلجيكي ليو بيكلاند عام 1907 في الولايات المتحدة أول بلاستيك اصطناعي بالكامل خال من أي جزيئات موجودة في الطبيعة هو الباكيليت الناتج عن تفاعل بين الفينول والفورمالدهيد. ويتم استخدامه لتصنيع صناديق الهواتف ومقابس الكهرباء ومنافض السجائر.

ارتفاع الكميات المنتجة 230 مرة

في عام 1912، سجل الكيميائي الألماني الرائد في مجال البوليمر فريز كلاته، براءة اختراع للكلوريد البولي فينيل، الذي شاع في خمسينيات القرن الفائت بعد التوصل إلى أن تصنيعه ممكن من خلال منتج ثانوي في الصناعة الكيميائية هو الكلور الرخيص جدا.

وشهد الإنتاج الصناعي تطورا كبيرا في خمسينيات القرن الماضي، مستفيدا من الجزيئات المكررة من النفط، وركز على 3 منتجات رئيسية: البولي أميد الذي أثبت فعاليته في المظلات الأميركية خلال إنزال نورماندي عام 1944، والتفلون الذي تم تطويره للاستخدامات العسكرية بفضل خصائصه المقاومة قبل اعتماده في تصنيع المقالي وأوعية الطبخ، والسيليكون.

وأصبح البلاستيك الآن جزءا من كل ما نستخدمه في حياتنا اليومية، حيث زاد الإنتاج العالمي منه 230 مرة منذ عام 1950 وحتى اليوم، في حين زاد عدد سكان العالم بمقدار 3 أضعاف ليصل إلى 8.2 مليارات نسمة، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أو إي سي دي" (OECD). ويستخدم حاليا 60% من البلاستيك المنتج في التغليف، والبناء، والنقل، و10% في المنسوجات، و4% في الإلكترونيات، و10% في المنتجات الاستهلاكية، و2% في الإطارات، و15% في منتجات أخرى. ومع ذلك، يتم إعادة تدوير 9% فقط من البلاستيك وفقًا لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما يُلقى 22 مليون طن منه سنويا في البيئة.

وتحذر منظمة الصحة العالمية منذ عام 2019 من ضرر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الناجمة عن تحلل النفايات البلاستيكية في البيئة، على صحة الإنسان (الجهاز المناعي، والجهاز التنفسي، واضطرابات الغدد الصماء، وانخفاض الخصوبة).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تحذير جديد: هل يتحول الأرز البني من غذاء صحي إلى سم قاتل؟

شمسان بوست / متابعات:

في مفاجأة تزلزل ثقتنا بالخيارات الغذائية الصحية، تكشف أبحاث جديدة عن وجود مخاطر في الأرز البني قد تشكل تهديدا خفيا لصحة الأطفال بشكل خاص.

ووجدت دراسة صادمة أجراها باحثون في جامعة ميشيغان أن الأرز البني يحتوي على نسبة أعلى بنسبة 15% من الزرنيخ السام مقارنة بنظيره الأبيض. وهذه النتيجة تضع المستهلكين أمام مفارقة غذائية محيرة: كيف يمكن لخيار يعتبره الجميع صحيا أن يحمل مثل هذه المخاطر؟.

لكن القصة لا تنتهي عند هذا الحد. فالمشكلة تكمن في التفاصيل الدقيقة لطبيعة الزرنيخ وطريقة امتصاص الأرز له. والزرنيخ الموجود في الأرز يأتي في شكلين:

– الزرنيخ العضوي (الأقل سمية، ويوجد بشكل طبيعي في بعض المأكولات البحرية، بما في ذلك الأسماك والمحار والأعشاب البحرية).

– الزرنيخ غير العضوي (النوع الخطير المرتبط بالسرطان ومشاكل النمو والتوحد وغيرها).


ويمثل الزرنيخ غير العضوي (ما يعني أن هذه المادة السامة اتحدت مع عناصر أخرى مثل الأكسجين والكلور والكبريت) نسبة 48% في الأرز البني مقابل 33% فقط في الأرز الأبيض. وهذه الفجوة الكبيرة في النسب تثير القلق الحقيقي.

وبحسب الدراسة، فإن الأطفال الصغار هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، حيث أن أدمغتهم التي ما تزال في طور النمو حساسة بشكل خاص لتأثيرات الزرنيخ.


ووجدت الدراسة أن الرضع والأطفال بين 6 أشهر وسنتين الذين يتناولون الأرز البني يتعرضون لضعف كمية الزرنيخ مقارنة بمن يستهلكون الأرز الأبيض. وهذا التعرض المبكر يرتبط بمشاكل عصبية خطيرة تتراوح بين صعوبات التعلم وانخفاض معدل الذكاء وصولا إلى اضطرابات أكثر تعقيدا مثل التوحد وفرط الحركة.

يكمن الخطر في التركيزات العالية من الزرنيخ التي يحتوي عليها الأرز البني، والتي تعود إلى طبيعة زراعته الفريدة. إذ تُغمر حقول الأرز بالماء، مما يخلق بيئة مثالية لامتصاص الزرنيخ من التربة. والمدهش أن الأرز قادر على امتصاص كميات من الزرنيخ تزيد بعشرة أضعاف عما تمتصه المحاصيل الزراعية الأخرى. وتتركز هذه المادة السامة تحديداً في النخالة – الطبقة الخارجية الغنية بالعناصر الغذائية والتي تعطي الأرز البني قيمته الغذائية ولونه المميز.


وبحسب الخبراء، فإن التعرض المزمن للزرنيخ غير العضوي – حتى بكميات ضئيلة – يفتح الباب أمام سلسلة من المشكلات الصحية التي تبدأ باضطرابات جلدية وتصل إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطانات الجلد والمثانة والرئة. الأكثر إثارة للقلق هو تلك الصلة الوثيقة بين التعرض للزرنيخ وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على الوظائف الإدراكية الذي يظهر في صورة صعوبات تعلم واضحة وانخفاض ملحوظ في معدلات الذكاء، خاصة عند التعرض في مراحل النمو المبكرة.

رغم هذه النتائج، يطمئن الخبراء بأن الخطر الفعلي لا يظهر إلا مع الاستهلاك المفرط والمستمر على المدى الطويل. وتوضح البروفيسورة فيليشيا وو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إلى أن “مستويات الزرنيخ في الأرز البني لا ينبغي أن تسبب مشاكل صحية طويلة الأمد إلا إذا تناول الشخص كميات هائلة يوميا على مدار سنوات”.


وبالنظر إلى نتائج الدراسة الجديدة تبرز الحاجة إلى استراتيجيات عملية للحد من التعرض للزرنيخ. وينصح الخبراء، للأطفال تحديدا، بالتقليل من استهلاك الأرز البني والاتجاه نحو بدائل غذائية أكثر أمانا مثل الكينوا والشوفان التي توفر قيمة غذائية مماثلة مع تجنب مخاطر التسمم بالزرنيخ. أما بالنسبة لعامة المستهلكين، فتوصي الدراسات بضرورة غسل الأرز جيدا قبل الطهي، مع استخدام كميات وفيرة من الماء أثناء الطبخ، وهي خطوات بسيطة لكنها فعالة في تقليل محتوى الزرنيخ بشكل ملحوظ.

المصدر: ديلي ميل

مقالات مشابهة

  • جامعة الملك عبدالعزيز تحصد 31 جائزة بمعرض جنيف للاختراعات
  • الوزير: ضرورة ضخ استثمارات جديدة لاستغلال الباجاس في تصنيع الورق والأخشاب
  • إنجاز جديد.. "ولادة الدمام" يحصل على براءة اختراع في معرض جنيف
  • قصة شاب يعفو عن قاتل والده بعد 18 عامًا من الانتظار في السجن.. فيديو
  • البلاستيك النانوي الخطر الخفي على التربة والبيئة
  • المعهد العالي للصناعات البلاستيكية يُعلن عن بدء القبول للفصل التدريبي الأول
  • معهد الصناعات البلاستيكية يُعلن عن بدء القبول للفصل التدريبي الأول
  • تحذير جديد: هل يتحول الأرز البني من غذاء صحي إلى سم قاتل؟
  • ليفربول يلامس لقب البريميرليج بفوز قاتل على وست هام
  • جامعة طيبة تحصد الميدالية الفضية في معرض جنيف للاختراعات