جدل في ليبيا بسبب كتاب الكنوز الأثرية في مناهج التعليم.. اختراق استخباراتي
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
تعيش الساحة الدينية والعلمية في ليبيا هذه الأيام على وقع نقاش فكري وديني سببه قرار من حكومة الشرق في ليبيا باعتماد كتاب "الكنوز الأثرية"، وهو عبارة عن دروس ميسرة في فهم العقيدة الإسلامية للأطفال.
فقد اعتبر مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني، أن كتاب "الكنوز الأكثرية" هو عبارة نسخة طبق الأصل من مقررات وزارة الاتعليم السعودية التي تقرر المذهب الحنبلي واختيارات الشيخ بن باز وغيره، فيما يتعلق ببيان الواجبات والسنن بأهم ما يتعلق بالإيمان.
وقال: "يترتب عن فرض منهج المذهب السعودي في الكتاتيب الليبية أن الأطفال سينشأون على مذهب يخالف مذاهب آبائهم وأجدادهم، وعندما يتشبعون بهذا الفكر سيتمردون على آبائهم.. وسينشر هذا الكتاب تحت مذكرة توافق وزارتي الأوقاف والتعليم تحت مظلة محاربة الغش وغيرها، وهذا غير صحيح".
ونبه الغرياني وزير التعليم ورئيس الحكومة، عما قال إنه مسعى لاستيراد منهج من الخارج أرسلته جهات استخباراتية لإثارة الفتنة بين الليبيين، ويدخلون في عقول الصغار أشياء مناقضة لما هو عند آبائهم وأجدادهم، وفق تعبيره.
كتاب (الكنوز الأثرية) الصادر عن الأوقاف اختراق جديد للمدارس التعليمية من الفكر المدخلي
الشيخ #الصادق_الغرياني pic.twitter.com/LTsLLxTH5A
كما انتقد أمين عام مساعد في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ونيس المبروك، قرار الحكومة المكلفة من مجلس النواب تدريس كتاب "الكنوز الأثرية"، محذرا من تسبب هذا الأمر في "فوضى دينية وفتنة في كل بيت".
وقال المبروك في مداخلة مع برنامج "وسط الخبر"، المذاع على قناة "الوسط" أمس الخميس ردا على وجود مخاوف من تغلغل مدخلي سلفي في ليبيا: "لا يمكن تمرير مصطلحات من دون تمييزها، أنا لا أرى هؤلاء سلفيون، من الممكن أن قول عنهم مداخلة، وهم يغضبون من هذا الإسم، وأنا أتعجب من غضبهم، نحن نقول إننا مالكية ننتمي إلى الإمام مالك، السافعية ينتمون إلى الإمام الشافعي، أنتم في الحقيقة مقلدون لرجل اسمه ربيع المدخلي عالم، فلماذا تتضايقون؟".
وأضاف: "الحقيقة أن هذا ليس مذهب السلف، حاشى للسلف أن يكونوا معولا لشق صفوف المسلمين الذين ينتهجون مذهبا هو من أرقى المذاهب الإسلامية قاطبة... أنا أخاف دوما من اللعب بالمصطلحات لأن تزييف الوعي أول ما يتم يتم بالمصطلحات كلنا سلفيون".
وأشار المبروك إلى وجود محاولة لتغيير الهوية الدينية في ليبيا التي تشكلت عبر قرون، وقال: "الإتيان بجزء من مذهب المملكة العربية السعودية وتريد أن تفرضه عبر وزارة الأوقاف في الغرب والشرق، وهذا يعني أن ليبيا مخترقة، والعتب في ذلك على رئيس الوزراء في كل من غرب ليبيا وشرقها، صحيح أنهم غير متخصصين، لكن ألا ينتبهوا؟".
وأضاف: "الكنوز الأثرية فيه شيء جميل لجهة التبويب والتلخيص والتلوين، وأنا ليست لي مشكلة مع المضامين لأن مذهب الإمام أحمد هو مذهب معتمد، لكن لماذا تأخذوا نفس التبويب وتضعوا المذهب المالكي؟",
وحذر المبروك من أن "الخشية أن يأتي الأمر على العقيدة، لأن المداخلة يعتقدون أن المذهب السائد في ليبيا هو مذهب المعطلة ، أي فاسدين في العقيدة لأن العقيدة الأشعرية عند السادة المداخلة هي عقيدة باطلة ضالة مضلة".
وأضاف: "هل تظنوا أن المقصد ديني؟ المقصد سياسي وليس دينيا على الإطلاق وهو يأخذ عباءة الدين.. هناك اختراق سياسي لأنك تستطيع أن تتحكم في شباب ليبيا من مرجعيات هناك في نجد، لا يأخذ الليبيون بعد عشر سنوات من علمائهم.. اليوم حتى في خطبة الجمعة من لم يتكلم باللهجة السعودية فهو ليس بشيخ دين.. بعد عشر سنوات ستجدون أن المرجعيات الدينية في ليبيا يتم التحكم فيها عبر أجهزة التحكم من بعيد".
وتابع: "لهذا الأمر في منتهى الخطورة فضلا عن شق الصفوف، فهل ينقص ليبيا هذا؟ ليبيا كنوزها وثرواتها وسيادتها ضائعة ومجتمعها ممزق".
وطالب المبروك رئيس الحكومة المعينة من طرف البرلمان بتوسيع المشورة والتأني في مثل هذه القضايا وفهمها قبل الإقدام عليها.
وقال: "للأسف الشديد اذهب إلى السعودية فلن تجد للمدخلي أي وجود، فبعد حرب العراق لم يعد له أي وجود، وكتبه لا تنشر، بينما يتم الترويج له عندنا.. وهذا ما كان له أن يتم إلا في غياب وحدة الليبيين وغياب أهل العلم ينشأ مثل هكذا فوضى"، وفق تعبيره.
من جانبه وصف مدير عام مركز المناهج التعليمية في ليبيا سيف النصر عبدالسلام، قرار إضافة كتاب "الكنوز الأثرية" كمادة دراسية إلزامية ضمن مقررات المنهج الدراسي، بالقرار الأحادي، مشيرا إلى أن إضافة أو إلغاء أي مادة دراسية هو من اختصاصات مركز المناهج قانونا.
وأوضح عبد السلام في تصريحات نقلها تلفزيون "ليبيا الأحرار"، أن إضافة كتاب "الكنوز الأثرية"، ضمن المنهج الدارسي لا يجوز قانونا، كون الكتاب على المذهب الحنبلي وليبيا مذهبها مالكي، ما سيسبب تشتتا للطلاب، وفق قوله.
ولفت عبدالسلام إلى أنه لايوجد وعاء زمني لتدريس هذا المنهج، وأن كل ما يتضمنه هذا الكتاب موجود في مقرر التربية الإسلامية على منهج البلاد المالكي، حسب قوله.
وأضاف عبدالسلام أنهم قدموا مذكرة ضد القرار إلى كل الجهات المختصة بما فيها مجلس النواب، وهناك محاولات لإيقافه بشتى الطرق.
وأوضح عبد السلام أنهم تواصلوا مع الجهات في شرق البلاد، وبدورها أكدت تشكيل لجنة لدراسة المادة وستقدم تقريرها خلال أسبوع حول مدى صلاحية المنهج.
يشار إلى أن رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد أصدر قرارا بإضافة مادة دراسية إلزامية ضمن مقررات المنهج الدراسي بمراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي تحت مسمى (كتاب الكنوز الأثرية) بدايةً من العام الدراسي الحالي وبواقع حصة واحدة أسبوعياً تدرس من قبل معلمي مادة التربية الإسلامية.
كما أصدر حماد قرارا تابعا بشأن تشكيل لجنة فنية من وزارتي التربية والتعليم، والأوقاف والشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية مختصة بتنفيذ القرار لاعتماد الخطة الدراسية الخاصة بمنهج مادة الكنوز الأثرية، والتباحث حول المسائل الفنية المتعلقة بهذا المنهج، وتحديد الوعاء الزمني لتدريسها.
ويتحدث منتدو اعتماد كتاب الكنوز الأثرية على أنه محاولة من تيار المداخلة في ليبيا وهي تيار سلفي يتبع منهج الشيخ ربيع المدخلي، وهو شيخ سلفي سعودي عُرف بأفكاره الداعية إلى طاعة ولي الأمر بشكل مطلق ورفض الخروج عليه، وكذلك نقد التيارات الإسلامية الأخرى.
بدأت هذه الحركة السلفية بالتأثير على الساحة الليبية بعد ثورة 2011 وسقوط نظام معمر القذافي، حيث أصبحت هناك فراغات في السلطة وحالة من الانقسام السياسي والأمني. انتشر تأثير المداخلة في بعض المناطق في ليبيا من خلال دعم بعض الشخصيات والميليشيات التي تتبنى أفكارهم. وقد حظيت الحركة بدعم أطراف محلية ودولية، وأصبحت مؤثرة في الصراعات السياسية والعسكرية، خاصة في مناطق مثل بنغازي وطرابلس.
ويعتمد تيار المداخلة في ليبيا على عدة مبادئ أساسية، منها:
الطاعة المطلقة لولي الأمر: يدعون إلى طاعة الحكومات ورفض الخروج أو الاحتجاج ضدها، حتى لو كانت غير عادلة، انطلاقًا من مبدأ "درء الفتنة".
النقد الشديد للتيارات الإسلامية الأخرى: خصوصًا الإخوان المسلمين والجماعات التي يرون أنها تميل إلى الفكر السياسي أو الدعوي، حيث يصفونها بأنها "مبتدعة" أو "خوارج".
العمل المسلح لدعم جهات معينة: انخرط أتباع هذا التيار في الصراع الليبي عن طريق الانضمام إلى قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، حيث يرون فيه ولي أمر يجب طاعته ودعمه ضد خصومه.
التأثير على الأوساط الاجتماعية: عبر المساجد والمدارس التي يسيطرون عليها، حيث يقومون بنشر أفكارهم بين الشباب والمجتمع المحلي.
أثار وجود المداخلة في ليبيا جدلاً كبيرًا، إذ يرى بعض الليبيين أنهم يشكلون عائقًا أمام تحقيق الاستقرار، بينما يرى آخرون أنهم يسهمون في إعادة الانضباط في ظل حالة الفوضى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير ليبيا منهج التعليم ليبيا تعليم جدل منهج تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکنوز الأثریة المداخلة فی فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
«التعليم» تنظم ورشة عمل لتطوير مناهج التربية الفكرية بمشاركة يونيسيف
أطلقت وزارة التربية والتعليم والتعليم، بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، الورشة الأولى لتطوير مناهج التربية الفكرية، برعاية محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.
ويشارك في هذه الورشة عددا من أساتذة وخبراء التربية الخاصة في مصر، من جامعات «الزقازيق، والإسكندرية، وبورسعيد، وبنها، والقاهرة»، وذلك بالتعاون بين الإدارة المركزية للتعليم العام والإدارة العامة للتربية الخاصة، والإدارة المركزية للمناهج.
محاور منهج التربية الفكريةوتشمل محاور مناهج التربية الفكرية الجديد الذي يتم العمل علي بنائه موضوعات حول (من أكون، والتواصل مع العالم من حولي، وكيف يعمل العالم)، إذ من المتوقع الانتهاء من هذه المناهج بنهاية شهر مارس 2025.