الحرة:
2024-12-22@06:59:05 GMT

مليون نازح لبناني على الطريق. من يتحمّل المسؤولية؟

تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT

مليون نازح لبناني على الطريق. من يتحمّل المسؤولية؟

وسط الأزمات المتلاحقة، يروي أحمد، رجل مسنّ من جنوب لبنان، قصّته التي تجسّد معاناة مئات الآلاف من النازحين. 

أُجبر أحمد على مغادرة منزله للمرة الأولى في حياته، على الرغم من الحروب التي عاشها لبنان على مدى عقود، ليجد نفسه اليوم في بيروت، حيث لجأت أسرته إلى أحد النوادي الليليّة التي فتحت أبوابها للنازحين بعد اندلاع الحرب في سبتمبر الماضي.

 

يتحدّث أحمد، ووجهه يحمل تجاعيد الحزن والأسى، عن تفاصيل المعاناة اليوميّة، والحنين الدائم إلى منزله الذي تركه خلفه.

قصة أحمد ليست الوحيدة. فالطفلة زهراء، ابنة السبع سنوات، لم تأخذ معها من منزلها سوى دميتها حين غادرته في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد تدميره. تقول وهي تبكي لموقع "الحرة": "أريد العودة إلى منزلي، هذا حلم". تعكس دموع زهراء حال مئات الأطفال الذين يحلمون بالعودة إلى بيوتهم، وهم عالقون بين واقع النزوح والأمل بالعودة.

بحسب التقرير الـ 33 الصادر عن هيئة إدارة الكوارث المدعومة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، وصل عدد النازحين المسجّلين إلى 189,174 نازحًا يتوزّعون في مراكز الإيواء المعتمدة (43,766 عائلة)، مع تسجيل النسبة الأعلى للنازحين في جبل لبنان وبيروت. 

لكن الأعداد الفعلية يُرجّح أنها تتجاوز هذه الأرقام، إذ تظهر الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لاجئين يفترشون الطرقات على الكورنيش البحري، فيما يعاني آخرون من عدم القدرة على دفع أجور المنازل التي لجأوا إليها مع الأسعار الخياليّة وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

وبحسب الأعداد التي يذكرها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ولجنة الطوارئ الحكومية، فعدد النازحين من جميع المناطق اللبنانية يتخطّى المليون والمئتي ألف نازح، وقد يرتفع كما أفاد رئيس اللجنة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين. ومعظمهم وجد نفسه من دون مأوى منذ اندلاع الحرب، وبعضهم لجأ للدخول إلى أملاك خاصّة للاحتماء بها، كالمدارس والفنادق والمؤسسات، الأمر الذي أثار إشكالات عديدة بينهم وبين أصحابها. 

وقد أفاد ميقاتي بأنّ الدولة ستخلي الأماكن الخاصّة من النازحين في الأيام المقبلة بعد فتح مراكز إيواء جديدة منها مدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية في بيروت. 

مع الإشارة إلى أنّ أصواتًا عديدة ارتفعت لتأمين مراكز إيواء للنازحين، خصوصًا مع دخول لبنان في فصل الخريف، واقتراب فصل الشتاء والأمطار والعواصف، ما قد يسبّب كارثة في حق النازحين الذين يحتاجون إلى سقف يحتمون تحته. 

ومنذ اندلاع الحرب، تزايدت الأصوات المطالبة بتحديد المسؤولين عن تدهور أوضاع النازحين، ولا سيما بعد تصريح رئيس مركز الارتكاز الإعلامي، سالم زهران، في بداية السنة بأنّ مراكز الإيواء ستُفتح عند اندلاع أيّ حرب مع إسرائيل "بكبسة زر"، ولا أحد من النازحين سيحتاج إلى أحد في المناطق الآمنة لإيوائه، وهو ما لم يحدث. واليوم، يقف الجميع أمام سؤال مصيري: مَن المسؤول عن أوضاع النازحين المتدهورة؟

وفي حديث خاص لموقع "الحرّة"، ينفي النائب عن كتلة "التنمية والتحرير"، برئاسة حركة أمل، الدكتور قاسم هاشم، "مسؤولية حزب الله عن أزمة النازحين، مؤكّدًا أنّ القضيّة هي قضية "وطنية" تتجاوز أي حزب أو طائفة". 

وشدّد على أنّ "الدولة اللبنانيّة وضعت خططًا لإيواء النازحين وتمكّنت بالفعل من تأمين أماكن لمئات الآلاف منهم، على رغم قسوة الحرب وشدّة القصف في الجنوب والضاحية الجنوبيّة والبقاع". 

ويقول هاشم: "لبنان يعاني أزمات اقتصادية تعرقل جهود الحكومة، ولم نتوقّع هذا الكمّ الهائل من النزوح نتيجة العنف الشديد من إسرائيل".

في المقابل، يحمّل الصحفي طوني بولس، في حديث لموقع "الحرة"، الحكومة اللبنانية وحزب الله المسؤوليّة الكاملة عن معاناة النازحين، مشيرًا إلى أنّ الحزب "انفرد بقرار الحرب والسلم، ولم يكن مستعدًا لاستيعاب تداعيات هذا القرار". 

ويوضح بولس أنّ "الحزب وعد بيئته الحاضنة بتجهيز مراكز إيواء، إلا أنّ الواقع على الأرض يكشف عدم تحقيق ذلك، حيث ترك اللبنانيون يواجهون النزوح والتشرّد".

ومنذ عام 2019، تعصف بلبنان أزمات متتالية اقتصاديّة وسياسيّة وأمنيّة. ومع اندلاع الحرب الأخيرة، بات ملف النزوح يشكّل عبئًا إضافيًا على كاهل الحكومة، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على إدارة الأزمة. 

وفي هذا الصدد، ينفي النائب هاشم أن "تكون الحكومة قد فشلت في إدارة الملف"، قائلًا: "هذه حرب مدمّرة تقترب من حدّ الإبادة، وتتطلّب جهودًا إضافية رغم محدوديّة قدرات الدولة". 

على الجانب الآخر، يرى بولس أنّ "الحكومة اللبنانيّة فشلت في إدارة ملفّ النزوح، مثلما فشلت في ملفّات عديدة أخرى". 

ويضيف أنّ "الاعتماد على قدرات حزب الله كان وهمًا"، ويعتبر أن "الدولة لم تكن جاهزة لتنظيم خطّة واضحة للتعامل مع تداعيات النزوح، مشيرًا إلى ضعفها الكبير في الأساس".

ومع تصاعد الحرب، لجأ العديد من اللبنانيين إلى المناطق المسيحية وبعض القرى المعارضة لحزب الله، حيث فتح أهالي هذه المناطق منازلهم للنازحين، كالسيدة حنّة من قرية "دير الأحمر" في البقاع الشمالي، التي رفضت اعتبار القادمين إلى منزلها "نازحين"، وقالت لموقع "الحرة": "هم ضيوفنا، ولو حدث معنا الشيء نفسه، لكنا ضيوفهم". إلا أنّ هذا الترحيب لا يلغي المخاوف من تغييرات ديموغرافيّة قد تنجم عن عدم عودة النازحين إلى مناطقهم في المستقبل القريب، إذ يخشى البعض من اندلاع توتّرات أهليّة نتيجة لهذا الوضع. كما حصل في بيروت، وأن يشمل هذا الأمر جميع المناطق والبلدات في لبنان.

في هذا السياق، يرى الدكتور قاسم هاشم أنّ "تضامن اللبنانيين واستقبالهم لبعضهم البعض، حتى في المناطق ذات البيئة المعارضة لحزب الله، يعكس اللحمة الوطنيّة".

أما بولس، فيشير إلى أنّ المخاوف من تغيير ديموغرافي تبقى واقعية، موضحًا أنّ "تدمير مناطق واسعة في الجنوب يصعّب إعادة إعمارها قريبًا، مما قد يجعل عودة النازحين إلى منازلهم مستبعدة، وقد ينجم عن هذا الوضع صدامات مستقبلًا في ظلّ ضعف الدولة وعدم قدرتها على توفير حلول بديلة".

وبين المبادئ الإنسانيّة والصراع السياسي، يبقى النازح اللبناني الحلقة الأضعف، وهو يدفع ثمن قرارات سياسيّة وأزمات أمنيّة واقتصاديّة، ويبقى السؤال: هل سيجد النازحون طريقهم إلى بيوتهم قريباً، أم سيبقون أسرى أزمة بلا حلّ؟

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: اندلاع الحرب

إقرأ أيضاً:

التجدد للوطن: لبنان عاد الى وفائه للاصول التي حتمت انشاءه بمساعدة اصدقائه الدوليين والعرب

صدر عن الهيئة التنفيذية للتجدد للوطن البيان التالي:

عقدت الهيئة التنفيذية للتجدد للوطن إجتماعاً لها برئاسة شارل عربيد وحضور اعضائها ومجلس امنائها، وعلى اثر الاجتماع صدر البيان الآتي:
اللبنانيون يشعرون، ربما لاول مرة في تاريخهم الحديث، و منذ نشؤ لبنان الكبير عام ١٩٢٠ انهم يحضرون فصلا من تاريخهم، و هم على يقين تبعا لتوالي الاحداث في الداخل إثر اتفاق ٢٧ تشرين الثاني الماضي، بإشراف دولي، ثم  سقوط نظام الحكم السوري يوم ٨ كانون الاول الجاري، بأن هذه الاحداث سوف تؤدي بالنتيجة الى دعم الكيان ودعم الاسس التي قام عليها لبنان من جهة، واعادة الاعتبار الى الممارسة الدستورية السليمة وعمل المؤسسات، التي في طليعتها اعادة ارساء قواعد العدالة والمحاسبة.
ان هذه الاحداث المصيرية، في الوقت الذي كان فيه العديد من اللبنانيين يفقدون الثقة بمستقبل وطنهم، جاءت لتؤكد للمشككين ان الاسس التي قام عليها لبنان، منذ ما قبل الكيان الحديث هي ثابتة ولا تتغير، بالعيش الواحد في مختلف المناطق، بالاعتدال واحترام الاخر واحترام خصوصياته، و قبل كل شيء بالحرية التي نشأت مع لبنان منذ اجيال، فلبنان هو البلد الوحيد في منطقة الشرق الاوسط الذي لا يمكنه ان يتخلى عن النظام الحر الذي قاعدته الاولى هي حرية المعتقد وفق المادة التاسعة من الدستور: "حرية الاعتقاد مطلقة"
وجاءت هذه الاحداث ايضا لتؤكد ان لبنان ليس بلد الغلبة لاي من مكوناته، وليس بلد الاستقواء بالسلاح او بالخارج، بل ان الجميع منضوون تحت لواء الدولة ودستورها ومؤسساتها. فهي الوحيدة الضامنة والحامية لحقوق الجميع.
وفي هذا الوقت الذي تجري فيه التحولات الكبرى على صعيد منطقة الشرق الاوسط لا بد ان نؤكد:
1- ان لبنان عاد الى وفائه للاصول التي حتمت انشاءه بمساعدة اصدقائه الدوليين والعرب.
2- ان هذه الفرصة التاريخية الفريدة يجب ان نُحسن تلقفها وخاصة من قبل متولي السلطة.
3- في هذه الظروف التاريخية المصيرية، ان وجود رئيس الدولة هو ضمانة اساسية لحسن التعامل مع هذه التطورات. لذلك يجب احترام الموعد المحدد في التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة تعزز قواعد النظام البرلماني والوفاق الوطني بعيداً عن المحاصصة.
4- ان التطورات التي حصلت في سوريا وما حملت من تغيرات وتبدلات، نأمل ان تكون لمصلحة الشعب السوري ولمصلحة الجوار العربي. وفي اي حال من احوال سوريا، يتطلع اللبنانيون الى علاقات حسن الجوار بما يضمن مصلحة البلدين والشعبين.

مقالات مشابهة

  • اليمن..الصقيع يهدد حياة نصف مليون نازح
  • اللاجئون السوريون بين النزوح والعودة: لا قرار بحلّ الأزمة!
  • حجار جال في البقاع مطلعاً على مستجدات واقع النزوح السوري: نشجع العودة الطوعية
  • قائد الجيش: لبنان يحمي الطوائف وليست الطوائف هي التي تحميه
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • الخرطوم تبدأ إزالة مخلفات الحرب في بحري
  • السيسي: 4 ألاف شهيد و1.2 مليون نازح جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان
  • بوتين: لا نعرف ما الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في غزة
  • التجدد للوطن: لبنان عاد الى وفائه للاصول التي حتمت انشاءه بمساعدة اصدقائه الدوليين والعرب
  • امتحانات الشهادة السودانية.. الطريق إلى تقسيم السودان عبر “سلاح التعليم”