لهذه الأسباب إسرائيل في طريقها الآن إلى الهاوية
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
قامت إسرائيل المحتلّة، وتمدّدت في طغيانها، بعد أن تمكّنت من هزيمة أربع دول عربية كبيرة مدعومة من أربع دول عربية أخرى في مواجهة حاسمة، أدّت إلى احتلال إسرائيل الناشئة الوليدة كامل فلسطين، وسيناء المصرية، والجولان السوري خلال 6 أيام، أو 6 ساعات في العام 1967.
السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (معركة طوفان الأقصى)، كان صادمًا للوعي الساكن والمستسلم لقوة إسرائيل وردعها المخيف، الذي بُني على دماء الفلسطينيين واللبنانيين والشعوب العربية خلال 75 سنة.
عملت إسرائيل المحتلة بكل قوّتها الطاغية المدعومة من واشنطن والمنظومة الغربية، للانتقام من الفلسطينيين، واسترداد ردعها المهدور، طوال عام مضى، إلا أنها فشلت فشلًا ذريعًا في هزيمة الشعب الفلسطيني، وحركة حماس، والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الذي تحوّل إلى نزيف حاد في الوعي والردع الإسرائيلي.
هذا الواقع المر دفع إسرائيل للذهاب إلى لبنان؛ بحثًا عن نصر متخيّل، فخطّطت لإيقاع الهزيمة بحزب الله بالضربة القاضية عبر عمليات أمنية معقّدة؛ للتخلص من قيادة الحزب العسكرية والسياسية، لإحداث انهيار مباشر في جسمه، يُفضي إلى حسم المعركة عسكريًا مع الحزب ونزع سلاحه، ومن ثم التأثير على المعادلة السياسية الداخلية للبنان، وإعادة هندسة الشرق الأوسط لاحقًا، كما أعلن وتمنّى بنيامين نتنياهو عقب اغتيال الأمين العام السيد حسن نصر الله في بيروت.
لكن إسرائيل سرعان ما فقدت نشوتها، بعد قيام إيران بضربتها الصاروخية المؤلمة لها في الأوّل من أكتوبر/تشرين الأول، ردًا على اغتيالها كلًا من إسماعيل هنية، وحسن نصر الله. فعادت إسرائيل إلى واقعها المعقّد، بعد أن ذهبت سكرة النصر المتوهّم ضد حزب الله، الذي سرعان ما استعاد زمام السيطرة والمبادرة وبدأ يهاجم إسرائيل بقوّة صاروخية بعمق 40 كيلومترًا شمال فلسطين، ويوقع خسائر فادحة في جنود الاحتلال وضباطه في جنوب لبنان الذي تحوّل إلى وحلٍ لجيش الاحتلال، الذي لم يتمكن إلى اللحظة من احتلال أي منطقة أو قرية وما زال يقاتل على الحافة الأمامية من الحدود اللبنانية الفلسطينية.
لعبة توازن الردعقامت إسرائيل في 26 أكتوبر/تشرين الأول، بتوجيه ضربة باهتة إلى إيران، مقارنة بما هدّدت به، لا سيّما على لسان وزير حربها يوآف غالانت الذي توعّد إيران بضربة مفاجئة قاتلة غير متوقّعة.
في النهاية، وبعد تحضيرات قاربت الشهر، خضعت تل أبيب للسقف الأميركي الداعي لعدم استهداف البرنامج النووي لإيران ومنشآتها النفطية والاقتصادية، واقتصر ردّها على أهداف عسكرية؛ لتجنب استفزاز إيران واحتمال الدخول في حرب إقليمية أو حلقة من الردود المتبادلة، حتى لا يتأثر مسار الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، وتجد واشنطن نفسها غارقة في الشرق الأوسط بعيدًا عن مواجهة روسيا والصين الصاعدة عالميًا بقوّة.
استجابة إسرائيل للإرادة الأميركية جاءت لعدة أسباب إضافية أخرى، أهمها:
أولًا: جدّية إيران في الرد على أية ضربة قوية قد تستهدف برنامجها النووي أو منشآتها الاقتصادية والنفطية والبنى التحتية. هذه الجدية بُنيت على قوّة الضربة الأخيرة التي قامت بها إيران ضد أهداف حسّاسة في إسرائيل، ومنها المطارات العسكرية. ثانيًا: تعافي حزب الله من موجة الاغتيالات التي طالت قادته السياسيين والعسكريين، وامتلاكه زمام المبادرة، وتصديه للاجتياح البري الإسرائيلي بنجاح، وتكبيده جيش الاحتلال خسائر فادحة في العدد والعتاد، هذا بالإضافة إلى قيام الحزب بضرب عمق الكيان بموجات صاروخية طالت مواقع عسكرية حتى جنوب حيفا بعمق 40 كيلومترًا بشكل يومي، مع استهداف محيط مدينة تل أبيب بين الفينة والأخرى، ما شكّل تهديدًا رادعًا لإسرائيل في حال أقدمت على ضربة كبيرة لإيران. خاصّة أن التقديرات تشي بأن الحزب ما زال يملك أوراق قوّة على مستوى الإمكانات الصاروخية، والقدرات القتالية غير المستخدمة بعد.هذا يفسّر دوافع لجوء إسرائيل لضربة محدودة على إيران، ودون المستوى المرتقب، في محاولة منها لترميم الردع دون الحرب الإقليمية، في وقت خسر فيه نتنياهو فرصةَ ضرب البرنامج النووي الإيراني الذي طمح إليه بشراكة أميركية.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن إيران تقدّمت بالنقاط على إسرائيل في معادلة الردع حتى اللحظة.
قراءة واستخلاصاتعلى وقع ما جرى، يمكن استخلاص ما يلي:
أولًا: إغلاق باب الحرب أو التصعيد مع إيران، ولو مؤقتًا، سيدفع نتنياهو واليمين المتطرف إلى تركيز العمليات العسكرية ضد حزب الله في لبنان، وحركة حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، في محاولة لإنجاز ما يمكن إنجازه قبل وأثناء وبعد الانتخابات الأميركية، وفرضه على الرئيس الأميركي القادم إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، كسياسة أمر واقع. ولذلك، فمن المرجّح أن تشهد الأشهر الثلاثة القادمة تصعيدًا عسكريًا ضد حزب الله وحركة حماس وعموم المقاومة في المنطقة، لا سيّما إذا كان الفائز في الانتخابات الأميركية دونالد ترامب. ثانيًا: أكّدت الإدارة الأميركية مجدّدًا أنها شريك متورّط في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفي مجازر الاحتلال في لبنان أيضًا. فكل المبررات التي ساقتها واشنطن حول استقلال القرار الإسرائيلي واهية، ومجرد محاولة لعزل نفسها عن الجريمة. فالإدارة الأميركية إن أرادت ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل تستطيع، والاحتلال سيستجيب؛ فواشنطن هي أنبوب الأكسجين الذي يتنفس منه الاحتلال؛ مالًا وسلاحًا وحماية سياسية. ومنع أميركا نتنياهو وإسرائيل من استهداف المنشآت الاقتصادية والنفطية والبرنامج النووي الإيراني دليل على ذلك؛ فنتنياهو كان وما زال يعتبر البرنامج النووي هدفًا له، وهو المحرّض الأكبر على انسحاب الرئيس دونالد ترامب من اتفاق (1+5) 2015 الخاص بالاتفاق النووي الإيراني، ورفع العقوبات عن إيران. ثالثًا: نجحت إيران في اللعب في الزوايا الضيّقة وعلى حافة الهاوية، حيث امتلكت الجرأة على مهاجمة إسرائيل في اللحظة الحاسمة عبر ضربتها الصاروخية الأخيرة على إسرائيل (الوعد الصادق 2) في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، علاوة على مساعدتها حزب الله على التعافي من ضربة اغتيال القادة، وعودته إلى ميدان المعركة قويًا من جديد أمام إسرائيل. رابعًا: إسرائيل أضعف من أن تقاتل على عدة جبهات حيوية، رغم الدعم الأميركي المفتوح، وكل عنترياتها الإعلامية مجرد حرب نفسية ضد خصومها، واستعراض أمام بعض الأنظمة العربية الصديقة لها، في محاولة منها لتبقى نَمِرًا مهابًا في عيون الآخرين.واقع الحال يشير إلى أن إسرائيل لم تتعافَ من ضربة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى) وتبعاتها على الجبهات المتعدّدة، وما زالت تعاني من تآكل الردع أمام الشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته بقيادة كتائب القسام، وأمام حزب الله اللبناني، والمقاومة في اليمن والعراق، ناهيك عن إيران. وهذا الانكسار في الردع مرشّح للازدياد والتعمّق، كلما طال أمد المعركة، وفشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها أمام محور المقاومة.
استمرار الفشل، سيُنزل إسرائيل عن سُلّم ردعها الذهبي الأسطوري، وسيحطّ من قيمتها ومقامها في عيون أصدقائها، كما سيعظّم الخلافات بين اليمين الصهيوني اللاهوتي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، والمعارضة الليبرالية التي تخشى أن تتحوّل إسرائيل إلى دولة ثيوقراطية دكتاتورية بفعل الحرب المفتوحة.
هذا سيكون مقدمة لأن تصبح إسرائيل طاردة لأبنائها إذا فقدت الأمن والردع، لا سيّما الليبراليين الأغنياء والمبدعين منهم، الذين لن يروق لهم العيش في بيئة مضطربة أمنيًا وغير مستقرة اقتصاديًا بفعل هرطقات اليمين الصهيوني المتطرف؛ فالردع هو القلعة الحامية لإسرائيل في البداية والنهاية، وانهياره يعني انكشاف إسرائيل في المنطقة المحتقنة منها وعليها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من أکتوبر تشرین الأول إسرائیل فی ة إسرائیل حزب الله
إقرأ أيضاً:
عاجل. الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة وحزب الله يستهدف تل أبيب بصواريخ
تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لليوم الـ415، حيث أسفر القصف الجوي عن مقتل وإصابة العشرات. وفقًا للمصادر الطبية، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 44,176، بينما بلغ عدد الجرحى 104,473 إصابة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023.
اعلانفي الوقت نفسه، تستمر إسرائيل في استهداف المنشآت الصحية، حيث أصيب مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور كمال أبو صفية، إثر قصف استهدف شمال القطاع. وتواجه غزة أزمة صحية خطيرة بسبب تدمير البنية التحتية ونقص الوقود.
في لبنان، قصفت الطائرات الإسرائيلية عدة بلدات جنوبي لبنان منها شقرا وبرعشيت، ما أدى إلى تدمير عدد من المباني السكنية. في المقابل، رد حزب الله بإطلاق صواريخ على منطقة تل أبيب، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتراض خمسة منها بواسطة الدفاعات الجوية، بينما سقط الصاروخ السادس في منطقة مفتوحة. كما شمل الرد إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على مناطق الجليلين الغربي والأعلى.
آخر مستجدات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان:Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة قتلوا بسبب نقص الرعاية الصحية.. مرض غامض ومرعب يصيب "أبو صابر" في غزة نزيف متواصل في غزة ولبنان وأبو عبيدة يعلن مقتل رهينة بشمال القطاع ومعارك طاحنة ببلدة الخيام الجنوبية قطاع غزةضحاياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني جنوب لبناناعتداء إسرائيلحزب اللهاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next رومانيا تبدأ التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وسط منافسة بين 13 مرشحاً يعرض الآن Next مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائيلية بعمان يعرض الآن Next كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلحة كورية شمالية رغم العقوبات يعرض الآن Next نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل للخطر يعرض الآن Next أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة قتلوا اعلانالاكثر قراءة 2,700 يورو لكل شخص.. إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على السكان اختفاء إسرائيلي من "حاباد" في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه نحو إيران جرائم حرب وإبادة: قادة صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية.. تعرف عليهم؟ تحذير أوروبي شديد اللهجة لأوربان: دعوة نتنياهو انتهاك للالتزامات الدولية حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29إسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضحاياتدمرقطاع غزةدونالد ترامبأزمة المناخاعتداء إسرائيلعاصفةحركة حماسفلاديمير بوتينالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024