تناول مقال تحليلي لصحيفة يني شفق التركية المنافسة المحتدمة بين كامالا هاريس أم دونالد ترامب، للفوز بكرسي الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وسيقرر الأمريكيون يوم الثلاثاء المقبل، من سيكون رئيس الولايات المتحدة. وتشير استطلاعات الرأي إلى تقارب شديد بين المرشحين الديمقراطية كامالا هاريس، والجمهوري دونالد ترامب، وفقا لمقال يني شفق الذي أعده الكاتب والإعلامي التركي عبدالله مراد أوغلو.

ويرى مراد أوغلو أن ترشح هاريس للرئاسة كان قد أثار تفاؤلًا كبيرًا وحماسة في صفوف المعسكر الديمقراطي، لكن يبدو أن هذا التفاؤل قد تحول الآن إلى حالة من القلق والترقب. في المقابل، يزداد نشاط وحماسة أنصار ترامب، مما يعكس تصاعد الترقب داخل معسكره بشكل ملحوظ.

أما الخبراء الاستراتيجيون في الحملات الانتخابية الأمريكية، فلا يستطيعون الجزم بمن سيحسم السباق، حيث يبدو أن القرار سيكون بيد "المترددين". ويلعب هؤلاء الناخبون المترددون دورًا حاسمًا في سبع ولايات متأرجحة، هي بنسلفانيا، وكارولاينا الشمالية، وجورجيا، وميشيغان، وأريزونا، وويسكونسن، ونيفادا. ويزداد احتمال فوز المرشح الذي يتصدر في هذه الولايات الحاسمة ليصبح رئيس الولايات المتحدة. وفقا للكاتب التركي.

وتابع المقال:

في النظام الانتخابي الأمريكي، لا يُنتخب الرئيس بناءً على حصوله على أكبر عدد من الأصوات على المستوى الوطني. فعندما يصوت الناخبون في الولايات الخمسين، فإنهم يختارون مندوبي "المجمع الانتخابي" الذي يتحدد عدد أعضائه حسب عدد سكان كل ولاية. لدى كل حزب قائمته الخاصة من المندوبين، ويذهب جميع مندوبي الولاية للمرشح الذي يحصل على الأغلبية فيها.

ويصبح المرشح رئيسًا إذا حصل على ما لا يقل عن "270 صوتًا" من أصل 538 صوتًا في المجمع الانتخابي. في انتخابات عام 2016، فاز ترامب بالرئاسة بعد حصوله على 301 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي، رغم تفوق هيلاري كلينتون عليه بأكثر من 3 ملايين صوت على مستوى البلاد.

ستكون المنافسة الحاسمة بين ترامب وهاريس في سبع ولايات تمثل 93 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي. ورغم أن هذه الولايات تقدم نسبة صغيرة من الأصوات الوطنية، إلا أن أصواتها لها وزن وتأثير حاسم أكثر من غيرها. أما في 43 ولاية تمثل نحو 80% من السكان، فإن نتيجة التصويت فيها لن يكون لها تأثير كبير على تحديد الفائز بالرئاسة.

 

الديمقراطيون والجمهوريون منقسمون تقريبًا إلى نصفين متساويين، ولا يُتوقع أن يغير معظم الناخبين تفضيلاتهم، باستثناء "المترددين" و"المستائين". لذا، تتركز المعركة الانتخابية بأكملها على جذب أصوات هؤلاء الناخبين المترددين.

 

يسعى كل من ترامب وهاريس لكسب تأييد الفئات ذات التوجهات الوسطية في الحزب المنافس، مما دفع كلًّا منهما لاتهام الآخر بالتطرف. أدى ذلك إلى أن يحاول ترامب استقطاب الطبقة العاملة من السود الذين يصوتون عادة للديمقراطيين، بينما تتجه هاريس نحو كسب تأييد اليمين المعتدل. حتى أنها بدأت في التقرب من "المحافظين الجدد الجمهوريين" المناهضين لترامب.

يواجه الديمقراطيون تحديًا إضافيًا في الولايات الحاسمة من جانب المرشحين "المستقلين" ومرشحي "الأحزاب الثالثة". ومن بين هؤلاء برزت جيل شتاين، مرشحة "حزب الخضر"، والبروفيسور كورنيل ويست، المرشح المستقل من ذوي البشرة السوداء، وكلاهما يستهدف فئات تميل تقليديًا إلى الديمقراطيين. يمثل هؤلاء المرشحون بديلًا لبعض الديمقراطيين الذين ينزعجون من دعم إدارة بايدن غير المشروط لإسرائيل ومن تقارب هاريس مع اليمين المعتدل والمحافظين الجدد.

كما أن انسحاب روبرت كينيدي جونيور، المرشح المستقل للرئاسة وذو الخلفية الديمقراطية، ودعمه العلني لترامب، يمثل تحديًا آخر لهاريس؛ إذ يستقطب كينيدي شريحة من الناخبين الذين يميلون للديمقراطيين لكنهم أقرب في توجهاتهم إلى اليمين.

يشهد دعم ترامب تزايدًا بين الشباب السود والناخبين من أصول لاتينية، الذين يميلون تقليديًا إلى التصويت للديمقراطيين، بينما تحظى هاريس بدعم غالبية النساء من هاتين الفئتين. هذا التحول يشكل مصدر قلق للديمقراطيين، خاصة وأنهم فقدوا سابقًا دعم الطبقة العاملة البيضاء لصالح الجمهوريين بعد شعورهم بالتجاهل.

 

أما "الأمريكيون العرب"، فقد بدأوا بالابتعاد عن كامالا هاريس بسبب سياسات إدارة بايدن-هاريس تجاه إسرائيل. ويتمتع الناخبون العرب في ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا بتأثير انتخابي ملحوظ. في انتخابات 2020، ساهم هؤلاء الناخبون بشكل كبير في فوز بايدن بفارق ضئيل في ميشيغان، إلا أن الكثير منهم الآن يميلون لدعم جيل شتاين، التي تتلقى أيضًا دعمًا من مجموعة مسلمة أمريكية تُدعى "تخلوا عن هاريس".

 

ويعيق النظام الانتخابي الأمريكي فرص مرشحي "الأحزاب الثالثة" أو المستقلين في الفوز بالرئاسة، ورغم أن التصويت لهؤلاء يُعد تعبيرًا عن احتجاج، إلا أن تأثيره سيضر بهاريس أكثر من غيرها. ففي عام 2020، تفوق جو بايدن على ترامب بأكثر من 7 ملايين صوت على المستوى الوطني، لكنه فاز بالرئاسة بفارق ضئيل بلغ حوالي 187 ألف صوت في ولايات ويسكونسن وميشيغان وجورجيا. أما في عام 2016، فقد خسرت هيلاري كلينتون الرئاسة بفارق 80 ألف صوت فقط عن ترامب في هذه الولايات الثلاث، مما ضمن له الفوز بالرئاسة.

في هذا السباق الشرس، يتواجه دونالد ترامب وكامالا هاريس. من سيتمكن من حسم المعركة

 

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

في ظلّ ما يجري في أمريكا: العالم إلى أين؟

أهي النهاية؟ سؤال يدوّي في أدمغة قاطِنِي المعمورة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، فبمجرد أن انخرط "ترامب" في إصدار قراراته المستفزّة؛ انهمك كلّ من يسكنون الليل والنهار في حسابات معقدة مشحونة بالكآبة والتشاؤم، فهل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؛ تحتمها وتفرضها على الناس تدافعات اقتصادية كبرى، فرضتها وستفرضها قرارات ترامبية متشنجة؟ أم إنّها نهاية العالم التي بشّرت بها الأصولية الأمريكية من قبْلُ على يد جيمي سواغرت وجيري فلوليل وهول لندسي، وإن فارقت في أسلوبها التراجيديا الأصولية إلى تراجيديا اقتصادية أبطالها هم خريجو المدرسة اليمينية من أمثال "الرئيس!" ونائبه ووزير خارجيته ورئيس أركانه، وصُنَّاعها رأسماليون عنصريون من أمثال أيلون ماسك؟

نظرية التخريب المتعمد وشواهدها

لا أظنّها مجرد انعكاس لنظرية المؤامرة، ولا أحسبها إلا دراسة استشرافية اعتمدت الأحداث الجارية في أرض الواقع شاهدا أكيدا، وما فيها من غرابة وجنون ليس مصدره استنتاج غريب مجنون، وإنّما مصدره ما تتسم به الأحداث ذاتُها من شطط؛ مَن كان يتصور أنّ عدة أسابيع فقط كانت كافية في تقويض هرمٍ ضخم لَطَالَما تفاخرت به الإمبراطورية الأمريكية، وهو ما يسمى في عالم الحكم والسياسة بسيادة القانون؟! وفي سلب روح المؤسسة من جسد دولة عمّرت قرنا ونصف قائمة على المؤسسات؟ وفي إفراغ أجهزة الدولة الأمريكية من الكفاءات واستبدالها بموالين للحاكم؟

هل يريد الرأسماليون الكبار تفكيك النظام الدوليّ وإنهاء دور أمريكا؛ ليحلّ محلّه نظام جديد يكونون فيه أكثر تسلطا على رقاب العباد وجيوبهم؟ ومَنْ يا ترى وراء هذه الألعاب المنغمسة في الفساد؟ من الذي وراء القرارات التي تخفض اليوم ما رفعته بالأمس وتلوِّح برموز غامضة؛ ليقع صغار المستثمرين في شِباك يخرجون منها وقد انحدرت أموالهم من جيوبهم إلى خزائن إيلون ماسك وأضرابه؟!
لقد صار السؤال اليوم -في ظلّ اللايقين السياسيّ- هل سيكون في أمريكا بعد اليوم تداول للسلطة أو انتخابات يراقب العالم الحرّ نتائجها؟ فهل وقع ذلك كلّه فجأة؟ ثم من هذا الذي يظهر في الخلفيّة وكأنّه يلقن ترامب ما يقوله ويملي عليه ما يفعله؟ أليس هذا الزئبقيّ اللزج هو إيلون ماسك الذي يمتلك مئات المليارات ويتطلّع للمزيد؟ أليس هو ذلك العنصريّ الصهيونيّ المتآمر؟ وأخيرا، لماذا هذه الثورة العفوية على سيارات "تسلا"؟

لا بدّ أنّ الشارع الأمريكيّ الثائر (الذي سيظلُّ يثور إلى أن تُسْلِمه ثورته إلى استعادة سنة الآباء المؤسسين أو تردّه الترامبية إلى حرب أهلية تأتي على الإمبراطورية بالخراب واليباب) قد وعى -وللشارع وعي عفوي تلقائي يسبق وعي البُلَغاء- أنّها مؤامرة كبيرة وخطيرة، مؤامرة جماعات الضغط المنتفعة التي لَطالما حذّر منها كبار المفكرين طوال التاريخ الأمريكيّ، فهل يريد الرأسماليون الكبار تفكيك النظام الدوليّ وإنهاء دور أمريكا؛ ليحلّ محلّه نظام جديد يكونون فيه أكثر تسلطا على رقاب العباد وجيوبهم؟ ومَنْ يا ترى وراء هذه الألعاب المنغمسة في الفساد؟ من الذي وراء القرارات التي تخفض اليوم ما رفعته بالأمس وتلوِّح برموز غامضة؛ ليقع صغار المستثمرين في شِباك يخرجون منها وقد انحدرت أموالهم من جيوبهم إلى خزائن إيلون ماسك وأضرابه؟!

اللايقين الاقتصادي وآثاره المدمرة

على الرغم من تعليق ترامب إجراءات زيادة التعريفة الجمركية لثلاثة أشهر -بعد أن كان قد فاقمها بشكل مزعج- فإنّ تراجعه هذا لا يعطي الطمأنينة التي لا بدّ للاقتصاد الدولي أن يتزود بها لينطلق من جديد؛ وذلك لافتقاد اليقين بسبب التأرجح المزاجي للكينونة الترامبيّة.

يقول دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي: "يظهر أننا اخترنا الاستراتيجية الصحيحة: التركيز على المفاوضات، مع ممارسة الضغط للوصول إلى هذه النقطة"، وقال إن التحدي المستمر ينبني على التنبؤ بالتحركات التالية لرئيس لا يمكن التنبؤ بردة فعله، وأضاف: "نحن نوازن باستمرار بين الحزم وبين ترك مساحة لتسلق ترامب". ويقول "كارستن بريسكي"، الموظف المالي السابق في الاتحاد الأوروبي: "إن الخطر هو أن الأيام التسعين القادمة ستتميز بعدم اليقين، وعدم اليقين يعيق الاستثمارات والاستهلاك".

هل لنا نحن العرب والمسلمين مخرج مما هو آت؟ وحتى نجيب على السؤال إجابة صادقة وموضوعية لا بد من النظر إلى الروافع من جهة والمحاذير من جهة أخرى، فأمّا ما تتمتع به أمتنا العربية والإسلامية من الفرص والروافع فكثير وفير، فنحن أمّة -لو شاءت- لاكتفت ذاتيّا من الناحية الاقتصادية؛ فجميع المقومات مبثوثة في أنحائها، ولا يعوزها إلا اتخاذ القرار بالتكامل الاقتصاديّ
يحْدُث هذا كلُّه وسط أجواء ملبدة بالغيوم والشكوك الكبيرة بين الولايات المتحدة وبين الدول الأخرى بما في ذلك حلفاؤها؛ بسبب تحول ترامب ضد أوكرانيا في حربها مع روسيا، وبسبب تشكيكه في المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو المتعلقة بالدفاع المشترك، مما يضخم المخاوف من عدم استعداد الولايات المتحدة للوفاء بوعودها.

مستقبل الهيمنة الدولارية

من المؤكد أنّ استمرار الهيمنة الدولارية بات أمرا لا مسوغ له في حلق الزمن القادم، صحيح أنّ الدولار لا يزال يتمتع بالمقومات التي تؤهله لأن يكون العملة الاحتياطية الأولى في العالم، وصحيح كذلك أنّ البدائل الأخرى كالذهب والعملات الرقمية ومقترح مجموعة بريكس والمقترح الصيني لا تزال ضعيفة وغير قادرة على أن تحلّ بديلا عن الدولار؛ لأسباب كثيرة يتعلق أغلبها بظروف أصحاب المقترح وتضارب مصالحهم، وإذا كنت منطقة اليورو على تضامنها وتضامّها لم تنجح إلا قليلا في زحزحة الدولار عن عرشه؛ فكيف بمناطق ومكونات أضعف نفوذا وأقلّ تماسكا؟! لكن في ظلّ الإجراءات العاصفة التي تفاجئ العالم ولا يسلم منها عدو ولا صديق يتحتم البحث عن عملة احتياطية أخرى تواجه التحديات التي يخلقها باستمرار تقلب المزاج الترامبيّ، ومن هنا نرى أنّ المخاطر تحفّ بالدولار.

هل للمسلمين والعرب مخرج؟

هذا هو السؤال الأهم والأجدى: هل لنا نحن العرب والمسلمين مخرج مما هو آت؟ وحتى نجيب على السؤال إجابة صادقة وموضوعية لا بد من النظر إلى الروافع من جهة والمحاذير من جهة أخرى، فأمّا ما تتمتع به أمتنا العربية والإسلامية من الفرص والروافع فكثير وفير، فنحن أمّة -لو شاءت- لاكتفت ذاتيّا من الناحية الاقتصادية؛ فجميع المقومات مبثوثة في أنحائها، ولا يعوزها إلا اتخاذ القرار بالتكامل الاقتصاديّ، ونحن أمّة -لو شاءت- لتحصنت دفاعيّا؛ فجند الله الصادقون منتشرون في ربوعها، ولا ينقصها سوى الجرأة على إحداث تحالف عسكريٍّ حقيقيٍّ، وإذا حلمنا بسوق عربية مشتركة وحلف سُنّيٍّ مشترك فلن نحتاج لتحقيق ذلك إلا أن نشاء، فهل تفعلها الأنظمة في بلادنا؟ وإذا لم تفعلْها فهل تظنّ أنّ عروشها بمنأى عن الخطر؟ وإذن فستدرك أنّها لم تقرأ المشهد بشكل صحيح، وأمّا المحاذير فلا أراها خافية على أحد، وحسب كلّ باحث عن الحقيقة أن يعلم أنّ محور الصراع سيكون ممتدا في المساحة التي يقطنها خيار الأمة وسوادها الأعظم، هذا هو البلاء المنهمر؛ فهل من مدّكر؟!

مقالات مشابهة

  • قيود جديدة تنتظر الصحفيين الأمريكيين في مؤتمرات ترامب
  • ترامب وقّع 185 قرارًا تنفيذيًا منذ توليه الرئاسة.. ما الذي شملته؟
  • في أول تصريح علني منذ مغادرته الرئاسة.. بايدن: سياسة ترامب ستدمر أمريكا
  • ترامب: انخفاض معدل التضخم في الولايات المتحدة
  • بايدن ينتقد سياسات ترامب وإيلون ماسك دون أن يذكرهما في أول تصريحات علنية منذ ترك الرئاسة
  • في ظلّ ما يجري في أمريكا: العالم إلى أين؟
  • الهند تسعى إلى تحرير التجارة مع الولايات المتحدة
  • تفاصيل المعركة بين هارفارد وترامب
  • الإكوادور.. «نوبوا» يفوز بالرئاسة ومنافسته غونزاليس ترفض النتيجة
  • تراجع حاد في السياحة الكندية إلى الولايات المتحدة بسبب تصعيد ترامب