لبنانيون يحاولون البقاء في قراهم تحت قصف إسرائيلي مدمّر ودام
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
بيروت "أ.ف.ب": رفض راعي الماشية خيرالله يعقوب مغادرة جنوب لبنان بعد مرور أكثر من سنة على بدء تبادل القصف عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل، لكن مع تحوّل التصعيد الى حرب مفتوحة الشهر الماضي، اضطر للمغادرة بعدما علق مع أربعة أشخاص آخرين في قريته الحدودية التي استحالت خرابا.
كان يعقوب بين مجموعة صغيرة من سكان القرى في جنوب لبنان الذين سعوا للبقاء في منازلهم رغم القصف الإسرائيلي والدمار الكبير.
في 19 أكتوبر، تمكّن جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) من إنقاذ ثلاثة من آخر خمسة أشخاص كانوا لا يزالون في حولا، بمن فيهم يعقوب، في ظل قصف مستمر وطرق تضيق بالركام.
وتعذّر الوصول إلى الشخصين الآخرين، إذ إنّهما لا يملكان هاتفا محمولا لمعرفة مكانهما. ويقول يعقوب البالغ 55 عاما لوكالة فرانس برس "كنت أريد أن أبقى مع الأبقار، مصدر رزقي، لكن في النهاية غادرت وتركتها، لأنني أصبت".
مع تعذّر وصوله إلى مستشفى، اضطُرّ إلى إزالة الشظية بنفسه باستخدام سكّين، كما عالج جرحه مستخدما الأعشاب والزيت والملح، ويتابع "كان من الصعب الخروج من البيت لأنّ الطيران يحلّق بشكل دائم في الأجواء".
يمضي يعقوب أيامه حاليا وهو يحلم بالعودة إلى قريته، بعدما نزح إلى منطقة شمال بيروت في أعقاب يومين أمضاهما في العاصمة.
ويقول "عندما وصلت إلى بيروت قلت: ليتني متّ في حولا ولم آت"، متابعا "إذا أعلنوا وقفا لإطلاق النار، سأعود إلى حولا في الليلة نفسها. ترعرعت وكبرت في حولا... أنا متعلّق جدا بها".
"أجلس في مكاني"
في 23 سبتمبر، بدأت إسرائيل حملة جوية في لبنان تستهدف خصوصا معاقل حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها، بعد حوالى عام على بدء تبادلها القصف عبر الحدود مع حزب الله عقب اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وقتل مذاك 1829 شخصا على الأقل، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس بناء على بيانات وزارة الصحة. كذلك، نزح 1,3 مليون شخص من منازلهم، أكثر من 800 ألف منهم داخل لبنان، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
مع ذلك، رفض بعض القرويين الذين عاشوا في الماضي في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي (1982-2000)، مغادرة منازلهم وتمسّكوا بالبقاء في قراهم خشية ألا يروها مجددا.
وفي 22 أكتوبر، قامت قوة اليونيفيل بإجلاء شقيقتين مسنتين، هما من آخر سكان قرية القوزح التي تشهد معارك عنيفة، إلى بلدة رميش المسيحية المجاورة.
فقد بقيت المناطق ذات الغالبية المسيحية والدرزية القريبة من الحدود آمنة نسبيا، في وقت تستهدف إسرائيل غالبا المناطق ذات الغالبية الشيعية المحسوبة على حزب الله.
وتواصلت وكالة فرانس برس مع نحو ستة رؤساء بلديات في قرى تقع بين بلدتي الناقورة الساحلية بالقرب من الحدود وقانا التي تبعد عنها حوالى عشرين كيلومترا. وقال هؤلاء إنّ القرى والبلدات باتت خالية تماما.
لكن على بعد كيلومترات قليلة شمال قانا، رفض أبو فادي (80 عاما) مغادرة بلدة طير دبّا التي قصفتها إسرائيل مرارا.
ويقول الشرطي المتقاعد الذي عمل في إحدى بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت، وبات لديه كشك لبيع القهوة في ظل شجرة زيتون "منذ العام 1978، وفي كلّ غزو أعود إلى القرية... أحضّر النرجيلة وأجلس في مكاني غير خائف".
"لا تعذيب"
ويضيف أنّ نحو خمسة آلاف شخص كانوا يعيشون في القرية الواقعة شرق مدينة صور، ولكن "الآن، لم يبقَ منهم سوى عشرات".
ويتابع "ليس هناك شارع في القرية لم يشهد خرابا... هناك حوالى عشرة منازل في حيّنا تضرّرت وباتت غالبيتها على الأرض".
ويصرّ أبو فادي على أنّه لن يغادر ويقول "منذ زمن، أنا متعلّق بالبيت والأرض. أنا إنسان وطني".
لكنه يؤكد أنّه "شعر بالارتياح"، لأنّ أبناءه التسعة وأحفاده الستين ليسوا في القرية، علما أنّهم يحاولون إقناعه بالمغادرة.
غير أنّ القنابل لا تشكّل الخطر الوحيد على سكان الجنوب. في الأسابيع الأخيرة، اعتقل الجيش الإسرائيلي رجلا وراهبة في قريتين حدوديتين ثمّ أطلق سراحهما، وفق ما أفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس.
أحدهما هو إيهاب سرحان وهو في الستينات. كان يعيش مع قطته وكلابه في كفركلا، إلى أنّ دخلت القوات الإسرائيلية القرية واعتقلته.
ويقول سرحان "كان الأمر مخيفا لكنني لم أتعرّض للتعذيب". وأُطلق سراحه بعد حوالى عشرة أيام، ثم استجوبه الجيش اللبناني مجددا.
وأدى القصف إلى تدمير سيارته ما جعله عالقا بدون كهرباء أو مياه أو اتصالات أو إنترنت، بينما تحوّلت قريته ساحة معركة. ويضيف "كنت عنيدا، لم أرد أن أترك بيتي".
ويشير إلى أنّ والده الراحل كان يحلم دائما بأن يمضي شيخوخته في القرية، لكنه توفي قبل نهاية الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان العام 2000، ولم يتمكّن من العودة إلى كفركلا. ودُمّر بيت العائلة في الحرب الحالية. ويقول سرحان "لا أدري ماذا حصل لحيواناتي... لم يبقَ أي بيت قائما في كفركلا".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی القریة فرانس برس حزب الله
إقرأ أيضاً:
من أصل لبناني.. ترامب يُعين مايكل عيسى سفيرا أميركيا جديدا في بيروت
اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم السبت، مايكل عيسى ليكون سفيرا للولايات المتحدة لدى لبنان.
وقال ترامب على موقع "تروث سوشيال": "مايكل رجل أعمال بارز وخبير مالي وزعيم يتمتع بمسيرة مهنية رائعة في مجال الخدمات المصرفية وريادة الأعمال والتجارة الدولية".
ومايكل عيسى من أصول لبنانية، وهو رجل أعمال وخبير مالي، ولم يسبق له أن عمل بالسياسة أو عين سفيرا.
يُذكر أن صهر ترامب زوج ابنته الثانية تيفاني، هو اللبناني مايكل بولس، ووالده الدكتور مسعد بولس الذي اختاره ترامب مستشارا للشؤون العربية والشرق الأوسطية. وبرز مسعد بولس، خلال حملة ترامب الانتخابية بدوره في حشد أصوات الناخبين المسلمين والعرب الأمريكيين، الذين أعرب كثير منهم عن استيائهم من سياسات الإدارة السابقة تجاه غزة.
السفير الأمريكي لدى لبنان الجديد ميشال عيسى، يأتي خلفا للسفيرة ليزا أ. جونسون، وهي عضو رفيع في السلك الدبلوماسي الأمريكي برتبة وزير مستشار، وافق الكونغرس على تعيينها كسفيرة لدى الجمهورية اللبنانية في كانون الأول 2023. (روسيا اليوم)