ألقى الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "العلم وبناء الإنسان".

قال الغفير إن قضية العلم هي الأخطر من نوعها في الإسلام، كما أنها الأعلى شأناً وأن العلم أول ما أُمرت به هذه الأمة من قبل الله عزّ وجلَّ فُهُوَ أَعَزُّ مَطْلُوبٍ وَأَشْرَفُ مَرْغُوب، تَسَابَقَ الْفُضَلاءُ لِطَلَبِهِ، وَتَنَافَسَ الأذْكِياءُ لِتَحْصِيلِهِ، مَنِ اتَّصَفَ بِهِ فَاق غَيرَهُ، وَمَنْ اتَّسَمَ بِهِ بَانَ نُبْلُهُ، رَفَعَ اللهُ أَهْلَهُ دَرَجَات، وَنَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ كَرَّاتٍ وَمَرَّات، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).

وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن القيادة الرشيدة نادت بضرورة بناء الإنسان قبل بناء المكان، فالبناء الحقيقي يبدأ بالعلم. فهو فريضة شرعية، وضرورة وطنية، وفطرة إنسانية. ميزة كرم الله بها الإنسان وفضله على سائر من خلق.

وأضاف أن فضل العلم في الإسلام عظيم، حيث إِنَّ الْعِلْمَ مُورِثٌ لِلْخَشْيَةِ، مُثْمِرٌ لِلْعَمَلِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، فَمَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَف. كما اسْتَشْهَدَ اللهُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَلَى أَشْرَفِ مَشْهُودٍ بِهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتَهِ وَبِشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلائِكَتِهِ الْمُسَبِّحَةِ بِقُدْسِهِ، وَثَلَّثَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَفَاهُمْ ذَلِكَ شَرَفًا وَفْضَلًا وَجَلالَةً وَنُبْلاً.

وتابع الغفير بقوله: إن مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْعِلِمِ فَقَدْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا، وَمَنْ تَرَكَ الْعِلْمَ فَقَدْ اشْتَرَى خُسْرًا. وأنه يجب علينا أن نستثمر أوقاتنا في تحصيل العلوم النافعة، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بالاستزادة من العلم، قال تعالي: (وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا). 

وقد حثَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمتَه على طلب العلم، وبيَّنَ فضلَه وأهميتَه، فقال صلى الله عليه وسلم: « من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له مَن في السماواتِ ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ».

وبيّن خطيب الجامع الأزهر أن الله سبحانه وتعالى فرَّق بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فقال في كتابه العزيز: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ). فيجب علينا أن نحرص على العلم ومجالسة العلماء، والنهل مما فتح الله عليهم من الخير والبركة والعلم

وشدد على أولياء الأمور أن يتقوا الله تعالى في أولادهم، وأن يحرصوا على متابعتِهم في دروسهم وحثِّهم على الجدِّ والاجتهادِ، والسؤالِ عن مستوياتهم وسُلوكهم في المدرسة، وأنْ يقوموا بتربيتِهم على الخير والصلاح، وإبعادِهم عن جلساءِ السوء، فالكل راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته.

وأوصى أستاذ اللغويات طلاب العلم بضرورة طلب العلم والجد فى تحصيله فى شتي العلوم المختلفة وليس العلوم الدينية فقط، وأن يتسموا بالصبر فى طلب العلم وطاعة المعلم حتى نصل إلى حضارة حقيقية، وبناء شامخ، ونهضة شاملة بها يعلو شأن الأمة وتحقق الريادة والمجد، وتفسد مخططات الأعداء المسمومة لهدم الأمة وتفريقها والنيل منها ومن مقدراتها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة اليوم الجامع الازهر الدكتور ربيع الغفير العلم ال ع ل م الله ع

إقرأ أيضاً:

الجامع الأزهر في 2024.. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت

واصل الجامع الأزهر الشريف في عام 2024 دوره كمركز للإشعاع التوعوي والفكري والتنويري، فكان وبحق، بمثابة القلب النابض لها، الذي يزود رواده من من جميع دول العالم، بمئات المحاضرات والملتقيات الفكرية والتوعوية والدينية، وكان بمثابة الملاذ الآمن لمحبي علوم الشريعة واللغة وعلوم القرآن من منبعها الأصيل، بجانب تعريف عشرات الآلاف على علوم التجويد والقراءات وفنون الخط العربي والزخرفة وغيرها من العلوم العربية والإسلامية الأصيلة.

أروقة الجامع الأزهر تحتضن 150 ألف دارس في 2024

شهد رواق القرآن الكريم والتجويد والقراءات بالجامع الأزهر، وفروعه بجميع المحافظات في العام 2024 نشاطا كبيرا، حيث بلغ إجمالي عدد الدارسين فيه 10 آلاف دارس، مع استكمال برامج التعليم عن بعد، حيث بلغ عدد حلقات التحفيظ مباشر وعن بعد 11 آلاف 823 حلقة أسبوعيا، إضافة إلى إطلاق اختبارات الدفعة الرابعة لمركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بإجمالي 1139 معلما، وبلغ عدد الدارسين برواق الطفل لحفظ القرآن الكريم بالجامع الأزهر وجميع المحافظات 53 ألف دارس، مع استكمال ومتابعة برنامج التعليم عن بعد المخصص لهم، ليصل مجموع الحلقات بنظام التحفيظ المباشر وعن بعد للأطفال 25 ألف حلقة اسبوعيا.

وشهد رواق العلوم الشرعية والعربية، إقبالا كبيرا بالجامع الأزهر والفروع الخارجية، حيث بلغ عدد المتقدمين نحو 30 ألف دارس، كما واصل رواق الخط العربي حضوره المميز، حيث وصل عدد المحاضرين فيه 19 محاضرا، يقدمون 240 محاضرة أسبوعيا لـ1200 من الدارسين والمحبين للخط العربية وفنونه، بواقع 57 ألف دارس سنويا، ونظرا للإقبال الكبير شهد الرواق افتتاح 6 مقرات جديدة لرواق الخط العربي والزخرفة الإسلامية، بمحافظات «أسوان، والأقصر، وقنا، وأسيوط، والغربية، والإسكندرية».

ملتقيات الأزهر في 2024.. توعية وتنوير وتفنيد للشبهات

واصل الجامع الأزهر في العام 2024 تقديم وجبة متكاملة من القضايا المعاصرة والفقهية الطبية وعلوم السيرة النبوية والقرآن الكريم، وقد تمثلت أبرز تلك الملتقيات فيما يلي:

ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة والذي يُعقد يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ويستضيف كبار علماء الأزهر الشريف، وأساتذة جامعة الأزهر لمناقشة أهم القضايا المطروحة على الساحة، في مواكبة للواقع المعاصر، ومجابهة الشبهات التي تتردد حول الدين الإسلامي الحنيف، وقد عقد الجامع الأزهر 42 ملتقى، كما بلغ إجمالي عدد الحضور 600 أسبوعيا، في حين يُعقد الملتقى الفقهي الطبي رؤية معاصرة يوم الاثنين من كل أسبوع، ويُعدّ منصة مهمة لتعميق التعاون بين الفقهاء والأطباء لتقديم حلول متكاملة تتماشى مع الدين الإسلامي وتحديات العصر، وقد عقد الجامع الأزهر في خلال هذا العام 10 ملتقيات.

ويُعقد ملتقى السيرة النبوية الأربعاء من كل أسبوع؛ بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، حيث عقد هذا العام 10 ملتقيات، وأما ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني فيُعقد يوم الأحد من كل أسبوع، بهدف إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.

وعقد الجامع الأزهر خلال هذا العام 8 ملتقيات، كما تم عقد ملتقى الطفل الخلوق النظيف الفصيح، إيمانا من الجامع الأزهر بدوره الرائد في تربية النشء، على أسس سليمة تتبع المنهج الأزهري المعتدل الذي يمثل صحيح الإسلام، وقد عقد الجامع الأزهر في هذا الصدد 42 ملتقى.

الجامع الأزهر في شهر رمضان

عقد الجامع الأزهر في شهر رمضان 206 مقرأة برواية حفص عن عاصم وبالقراءات بالحضور المباشر وعن بُعد، إضافة إلى 24 مقرأة خاصة للوافدات بالقراءات ودروس التجويد، 25 درسا بعد الظهر رجال – رياض الصائمين، و25 درسا بعد الظهر نساء – رمضانيات نسائية، و25 درسا الثانية عصرًا باب الريان، وبجانب ذلك، نظم الجامع الأزهر 30 خاطرة إيمانية خلال صلاة التراويح، وعقد 28 ملتقى فقهيًا بعد صلاة التراويح، حاضر فيها كوكبة من أعضاء هيئة كبار العلماء والسادة أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إلى جانب تقديم 160 ألف وجبة إفطار للطلاب الوافدين والمصريين، و41 ألف وجبة سحور لرواد الجامع عقب صلاة التهجد، فضلا عن عقد 4 دروس فقهية بلغة الإشارة لمتحدي الإعاقة من الصم والبكم، و7 احتفالات، أبرزها الاحتفال السنوي بمرور 1084 عاما على تأسيس الجامع الأزهر.

بحضور الآلاف.. 4 مجالس حديثية في 2024

تواصلت في العام 2024 سلسلة المجالس الحديثية بالجامع الأزهر، والتي تم نقلها عبر البث المباشر على صفحة فيس بوك الخاصة بالجامع الأزهر، إضافة إلى الحضور المباشر للآلاف من دارسي ومحبي علوم الحديث، وشملت سلسلة هذا العام المجالس الحديثية لقراءة سنن أبي داود، والمجالس الحديثية لقراءة كتاب «الأدب المفرد»، إضافة إلى المجلس الختامي لقراءة كتاب «سنن أبي داود» بجانب انعقاد المجلس الحديثي الأول لقراءة كتاب «سنن الإمام الترمذي».

وحدة الشعائر الدينية بالجامع الأزهر الشريف تعقد 1700 مقرأة

واصلت وحدة الشعائر الدينية بالجامع الأزهر في العام 2024 نشاطها المميز، حيث عمل معلمي القرآن بالجامع بجانب إمامة الصلاة على حلقات تحفيظ القرآن الكريم عن بعد عبر برنامج Microsoft Teams، إضافة إلى إدارة المقارئ اليومية برواية حفص صباحا، والقراءات العشر مساءً، وبلغ عدد المقارئ 36 مقرأة أسبوعيًا، وواصلت إدارة الشؤون الدينية فعالياتها المكثفة عبر تفعيل برنامج كتب التراث، ونقلها عبر المنصات الاجتماعية للجامع الأزهر، وعدد الأساتذة والعلماء وصل إلى 33 أستاذًا بإجمالي عدد محاضرات 33 محاضرة في الأسبوع، والمستهدف أن تصل محاضرات كتب التراث إلى أكثر من 60 محاضرة أسبوعيًا.

4 بروتوكولات تعاون لنشر العلم الوسطي النافع في ربوع الوطن

عمل الجامع الأزهر في العام 2024 على تنفيذ عدد من بروتوكولات التعاون مع عدد من المؤسسات الوطنية، بهدف تحقيق رسالة الأزهر بنشر العلم الوسطي النافع في ربوع الوطن، وهي:

أولا: التعاون بين الأزهر ووزارة الشباب والرياضة، حيث استضافت وزارة الشباب والرياضة، عبر مراكز الشباب لديها، في العام 2024 أنشطة الرواق الأزهري التثقيفية والتوعوية التي تستهدف النشء في المقام الأول.

ثانيا: تنفيذ بروتوكول التعاون بين الجامع الأزهر الشريف ونادي قضاة مصر، لإنشاء أروقة لتحفيظ القرآن بفروع النادي على مستوى الجمهورية.

ثالثا: تنفيذ بروتوكول التعاون بين الجامع الأزهر الشريف ومحافظة الوادي الجديد.

رابعا: تنفيذ بروتوكول التعاون بين الجامع الأزهر الشريف ومحافظة شمال سيناء.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • الأزهر يُحذر: ادعاء معرفة الغيب والتنجيم خرافات محرّمة تضلل المجتمع
  • الجامع الأزهر في عام 2024.. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • الجامع الأزهر في 2024.. مصدر إشعاع توعوي وفكري وثقافي لا يخفت
  • في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام
  • بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح فضل العلم
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • الجامع الأزهر يناقش دور ذوي الهمم في المجتمع خلال الملتقى الأسبوعي