خطيب المسجد الحرام: ليس من العقل أن تهدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد؛ إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الحياة الأسرية من أوثق العلاقات الإنسانية، وأرفعها شأناً، ولها في الدين مقامٌ كريم، وهي في شرع الله ميثاقٌ غليظ.
أوثق العلاقات الإنسانيةواستشهد “ بن حميد ” خلال خطبة الجمعة الأخيرة من ربيع الآخر من المسجد الحرام بمكة المكرمة، بما قال الله تعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾، منوهًا بأن العلاقات الإنسانية والعلاقات الأسرية لا تُقاس بمواقف اللحظات العابرة.
وتابع: ولا بالأحوال الطارئة، ولكنها تُقاس بالتراكمات المتتابعة، والأحداث المتوالية؛ كونها علاقات ممتدة، لا ينسيها حادثٌ عابر، ولا ينسفها موقفٌ طارئ، فيما أن الحياة بتقلباتها، وأحوالها تحتاج إلى أن يسودَ فيها روح الفضل، وتُذكر فيها جوانب الخير والمعروف.
وأوضح أنه ليس من العقل ولا من الحكمة، ولا من المروءة أن تُهدَم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة، فيقول الله -عزّ وجلّ- في محكم تنزيله: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾، وهذا توجيهٌ كريمٌ، وقاعدة عظيمة.
حكمة سامقة باسقةوأضاف: وحكمة سامقة باسقة، تجري في مواطنَ أشمل وأعمَّ من السياق الذي نزلت فيه، وهو معالجة الحالات بعد الطلاق، كما أنه توجيهٌ لمَن جمعتهم هذا العلاقةُ العظيمة، وهذا الميثاقُ الغليظ.
ونبه إلى أن هذا تذكيرٌ لهم بألا ينسوا مع مرور الزمن، وتقدُّم العمر، وكثرة العيال، وتعاظم المسؤوليات، ولا ينسوا الفضل الذي بناه حسنُ العشرة، وجميلُ المودة، ورداءُ الرحمة، ولطيفُ المعاملة منذ الأيام الأولى.
وبين أن نسيان الفضل يعني التفكّك، والتجافي، والشقاق، والتباعد عن الأخلاق الكريمة، والشيم النبيلة، وحفظُ الفضل هو الذي يحافظ على تماسك الأسرة، ويحفظها -بإذن الله- من المواقف الطارئة، واللحظات العصبية.
وأشار إلى أن في ثورة الغضب يختلطُ الحابل بالنابل، والحقُّ بالباطل، وكأن الزوجيْن ما عاشا سنوات من المودة، وحُسن العشرة، وكأنهما لا يجمعهما بيتٌ واحدٌ، وكل هذا يُصبح بين عشية وضحاها سراباً هباءً، فلا الزوج يذكر الحسنات، ولا الزوجة تذكر المعروف.
سلوكٌ شائنوأكد على أنه لذلك نسيان الفضل سلوكٌ شائن؛ إن انتشر في المجتمع أفسده، وإن فشا في الناس فرقهم، ونسيان الفضل من ضعف الإيمان، مُحذراً الأزواج والزوجات على الصعيد ذاته من الدعوات المُغرضة التي تحرّض الزوجيْن على التمرُّد والتنمُّر.
واستطرد: والتي تنفخ في النقائص والسلبيات التي هي من طبع البشر، والتي لا يسلم منها أحدٌ؛ كائناً مَن كان، كما أن العلاقة الزوجية لا تُبنى على المشاحنة والمشاحة، والصِّدامِ والخصام، ورفعِ الصوت والتشكي، والتلاوم، لكنها تُبنى على مكارم الأخلاق والتغافل، والصبر والتحمل، والتدقيق في تفاصيل الحياة الأسرية ينغص الحياة، ويكدر العشرة، ويجعل المجالس مُرَّة، والمعيشةَ نكدة.
ونصح، قائلاً: الزموا حفظ كرامة البيوت، وصون العلاقة الزوجية، والتلطف والتماس أسباب الرضا، واحذروا التجسس والتحسس، وتتبع الأخطاء وتلمس المعايب، واعلموا أن الاعتراف بالفضل يجمع القلوب، والفجور في الخصومة يمزق العلاقات.
الزواج رابطةوواصل: وإذا بدرت بوادر الخلاف فتذكروا المحاسن، وتغافلوا عن النقائص، ولا تنسوا الفضل بينكم، وأقرب الزوجيْن للتقوى، هو الذي يعفو ويسامح، ولا ينسى الفضل، ولا ينسى مودة أهله، وحُسن عشرتهم، والتغافل يُطفئ الشرور.
وأفاد بأن الزواج رابطة، وعقد، ومودة، ورحمة، وليس انفلاتاً وضياعاً، وحرية زائفة، وبناء العلاقة الزوجية على الفضل والإحسان، وليس على المحاسبة، والمشاحة والتقصّي والاستقصاء.
وأكمل: بل اجعلوا للفضل موضعاً، ويسّروا ولا تعسروا، تسامحوا ولا تدقّقوا، والتغافل لا يُحسنه إلا الراغبون في السعادة، وكثرة العتاب تفرّق الأصحاب؛ فالعشرة بالمعروف هي النظرُ إلى المحاسن والاحتفاءُ بها، والتغاضي عن المساوئ وسترُها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام
إقرأ أيضاً:
أمير المدينة المنورة يرأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة
رأس صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج والزيارة بالمنطقة، اجتماع اللجنة، وذلك بحضور الأعضاء من الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وفي مستهل الاجتماع، هنأ سمو الأمير سلمان بن سلطان، الجهاتِ المعنية على النجاح الذي تحقق في أعمال موسم رمضان الماضي، نظير الجهود المبذولة التي كان لها بالغ الأثر في نجاح الخطط التشغيلية خلال موسم العمرة، وأسهمت في تمكين الزوار من أداء عباداتهم وزياراتهم بكل يسر وطمأنينة، مشيدًا بروح التعاون والانسجام التي ظهرت في أداء الجهات المختلفة لأدوارها بفعالية واقتدار.
وأكد سموه أن ما تحقق من نجاحات يُجسد حجم العناية والدعم المتواصل الذي تقدمه القيادة الرشيدة -أيدها الله- وبمتابعة سمو وزير الداخلية، في تسخير الإمكانات كافة لخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير أرقى مستويات الخدمة لضمان أداء عباداتهم وزياراتهم في أجواء يسودها الأمن والسكينة.
اقرأ أيضاًالمجتمع“هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز”: منع الرعي دون ترخيص رسمي
وأشار سمو الأمير سلمان بن سلطان إلى أهمية التحقق من الجاهزية التامة خلال موسم الحج المقبل -بمشيئة الله- والعمل على تفعيل الخطط الاستباقية، ورفع كفاءة المرافق الخدمية، بما يُبرز مستوى العناية والرعاية التي توليها الدولة لضيوف الرحمن، ويجسّد الجهود المتكاملة لكافة الجهات المشاركة في منظومة الحج، بما يواكب تطلعات القيادة الرشيدة -أيدها الله- نحو تقديم أفضل الخدمات وتحقيق أعلى معايير الجودة والتميّز في خدمة الحجاج والزوار.
واستعرض الاجتماع نتائج أعمال الجهات خلال موسم شهر رمضان الماضي، الذي شهد أعدادًا تجاوزت 30 مليون مصلٍ في المسجد النبوي الشريف، وأسهمت عمليات نقل المصلين من خلال النقل الترددي ضمن منظومة حافلات المدينة في انسيابية الحركة المرورية، ونقل أكثر من 1.7 مليون مستفيد من المسجد النبوي وإليه تردديًا عبر أكثر من 70 ألف رحلة.
وناقش الاجتماع عددًا من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، واتخذت اللجنة حيالها التوصيات اللازمة التي من شأنها دعم جهود الجهات ذات العلاقة لضمان تقديم أفضل الخدمات لزوار المسجد النبوي الشريف خلال موسم الحج المُقبل.