حذّر الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله من خطوة الخطاب التحريضي الذي تروج له جهات سياسية عديدة خصوصاً بعد حادثة الكحالة، معتبراً أن هذا الأمر يدفع البلد نحو الإنفجار والحرب الأهلية.
وأشار نصرالله إلى أنّ المطلوب اليوم في هذه المرحلة هو التعقل والحكمة، وقال: "على العقلاء وبشكلٍ خاص في الشارع المسيحي لجم الأطراف التي تساهم في التحريض".

 
وخلال كلمةٍ له بذكرى "إنتصار تموز عام 2006"، اليوم الإثنين، تطرّق نصرالله إلى تفاصيل حادثة الكحالة التي حصلت قبل أيام، وقال: "الشاحنة في الكحالة انقلبت بسبب عُطل تقني، والأمر هذا عادي. إثر ذلك، بقيت الشاحنة لأكثر من 3 ساعات على الطريق، وخلال ذلك الوقت نقلت عناصر الحزب التي كانت موجودة خلف الشاحنة السائق إلى المستشفى قبل إستدعاء رافعة لنقلها". 
وأكد نصرالله أنه لا وجود لأي مشكلة بين "حزب الله" وأهالي بلدة الكحالة وعائلاتها، مشيراً إلى أنّ "الحزب ذهب باتجاه إستيعاب الوضع وعدم التصعيد"، وقال: "التحقيق سيظهر من اعتدى على من في الكحالة وكل شيء كان هادئاً قبل قيام قناة تلفزيونية خبيثة بالتحريض والتجييش. نقول للقضاء إن الذي يتحمّل بالدرجة الأولى ما حصل في الكحالة هي تلك المؤسسة الإعلامية الخبيثة". 
وفي سياق كلامهِ، توجّه نصرالله بـ"الشكر إلى موقف الرئيس السابق ميشال عون الداعي للتهدئة والحكمة إثر الحادثة التي حصلت"، كما ثمّن عظة المطران بولس عبد الساتر التي ساهمت في وأد الفتنة، وقال: "كذلك، نشكر كل القوى السياسية التي عملت على تهدئة الأوضاع عقب حادثة الكحالة فيما هناك جهات أخرى عملت على التحريض". 
وشدّد نصرالله على وجوب إلتزام الهدوء على مختلف المستويات والأصعدة، لافتاً إلى أنّ حادثة الكحالة أكّدت أن الجيش هو المؤسسة الضامنة للأمن والإستقرار في البلد، وقال: "حادثة الكحالة اليوم في عهدة القضاء وكلّ الأشخاص الذين تواجدوا في مكان الحادثة باتوا معروفين".
كذلك، أكد نصرالله الرفض القاطع لحدوث أيّ تقسيم في لبنان، معتبراً أنهُ لا مصلحة لأيّ طائفة بحدوث ذلك، وأردف: "المرحلة الحالية تحتاجُ إلى الحكمة وليس إلى السّير مع الغرائز".
وعن الحوار بين "حزب الله" و "التيار الوطني الحر"، قال نصرالله: "الحوار جدّي ويمكن أن يصل إلى نتيجة كما أنهُ يحتاجُ إلى بعض الوقت". 
على صعيد آخر، حذر نصرالله العدو الإسرائيلي من عواقب الإقدام على شنّ حرب ضدّ لبنان، وقال: "إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان فإنكم ستعودون إلى العصر الحجري". 
كذلك، رأى نصرالله أن "إنتصار تموز عام 2006 هو الذي ساهم في تحقيق إنجاز ترسيم البحري"، مؤكداً أن الضمانة الحقيقية للحفاظ على حقوق لبنان وثروته النفطية هو احتفاظ لبنان بكل عناصر القوة وفي مقدمها المقاومة، وقال: "نؤكد على أهمية الصندوق السياديّ ونأمل أن يقارب الأفرقاء موضوعه بوطنية بعيداً عن المزايدات".
وختم: "التهديدات الإسرائيلية لا تخيفنا ولبنان يتمتع بعناصر قوة أساسية قادرة على حمايته وردع العدو والمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة هي التي تحمي لبنان".



المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حادثة الکحالة

إقرأ أيضاً:

لبنان بين حرب حقيقية وأخرى نفسية


على وتيرة تصعيد الوضع المتبادَل والمتقابَل، قصفًا وقتلًا وتهديمًا وتهجيرًا، بين مقاتلي "حزب الله" المنتشرين على طول خطوط المواجهة مع الشمال الإسرائيلي من جهة وبين الجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، يعيش لبنان بين هبّة ساخنة تأتيه على شكل تهديدات يومية من تل أبيب، وبين موجة باردة تصل إليه من بعض العواصم الغربية، التي لا تزال تسعى لتجنيب بلاد الأرز حربًا لن يسلم منها لا بشر ولا حجر في كلا الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
وبين هذه الهبّة الساخنة المقلقة والموجة الباردة التي تثلج القلوب بعض الشيء في هذا الطقس الحار لا يمكن التنبؤ بدقة بحدوث تصعيد كبير أو تفاديه بالكامل في المستقبل القريب، إذ أن هناك عوامل عدة تدفع نحو احتمال التصعيد وصولًا إلى إعلان إسرائيل الحرب الشاملة على كل لبنان وليس على "حزب الله" فقط أو على مناطق بيئته في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية، وأخرى توحي بالتهدئة المشوبة بالحذر.
أما هي الدوافع التي تنذر بالتصعيد، فنكتفي بتحديد النقاط التالية:
أولًا: التوترات المتزايدة بين "حزب الله" وإسرائيل: فـ"الحزب" يقوم بعمليات شبه يومية على مواقع إسرائيلية متقدمة في منطقة الجليلين الأعلى والغربي، ردًّا على الاعتداءات الإسرائيلية، التي تستهدف مقاتلين لـ "المقاومة الإسلامية" يسقطون كل يوم، سواء في المواقع المتقدمة أو من خلال استهدافهم بالمسيرّات أو بقصف مدفعي وغارات جوية.
ثانيًا: التداعيات الإقليمية:  فالدعم الذي يقدمه "حزب الله" لحركة "حماس" في غزة من خلال فتح جبهة الجنوب يزيد من احتمال توسع نطاق الصراع ليشمل جبهات متعددة، مما يرفع من مستوى التوتر في المنطقة ويعطي إسرائيل أسبابًا إضافية لتبرير ما يمكن أن تقدم عليه، حتى ولو كانت لا تحتاج إلى مثل هكذا ذرائع لتقوم بما تهدف إليه.
ثالثًا: استمرار المواجهات اليومية:  فالتبادل اليومي لإطلاق النار بين الطرفين يزيد من احتمالية وقوع "أخطاء حسابية"، سواء بالنسبة إلى إسرائيل أو بالنسبة إلى "حزب الله". وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد أكبر .
ولكن ثمة مؤشرات كثيرة توحي بأن هناك أسبابًا كثيرة لتهدئة الوضع على الجبهتين الجنوبية والشمالية، ومن بين هذه الأسباب:
أولًا: الجهود الدولية والمحلية، إذ أن قوات "اليونيفيل" تعمل في شكل حثيث للحفاظ على الهدوء ومنع التصعيد، وذلك من خلال ما يُبذل من جهود وتنسيق مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية لتجنب أي تفاقم للوضع .
ثانيًا: الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان الذي يواجه أزمات اقتصادية وسياسية كبيرة غير مسبوقة يجعل اللبنانيين غير راغبين في دعم أي تصعيد قد يؤدي إلى حرب شاملة. وهذا ما يجعل "حزب الله" في موقف صعب للغاية، وذلك في ضوء تحميله مسؤولية التصعيد من دون أن يعني ذلك "تبييض" صفحة إسرائيل .
ثالثًا: التداعيات الإنسانية، إذ أن استمرار التصعيد أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين من جانبي الحدود الجنوبية والشمالية، مع تزايد الأضرار والخسائر التي تصيب البنية التحتية في كل من لبنان واسرائيل، مما يدفع الأطراف إلى التفكير مرتين قبل الانزلاق نحو حرب شاملة .
وعلى رغم هذا التعقيد وصعوبة الموقف فإن ثمة جهودًا كبيرة تُبذل لتفادي تصعيد أكبر، ولكن المخاطر لا تزال موجودة بسبب التوترات القائمة والمتأرجحة بين خيار توسع الحرب أو استمرار الوضع على ما هو عليه في اطار المعارك والمواجهات، بما يمكن تسمية ما يحصل جنوبًا بالمعارك البديلة عن الحرب الشاملة، في انتظار اكتمال حلقات التسوية الغزاوية، بموازاة الحديث عن سعي اميركي وفرنسي ناشط لمنع توسع الحرب على جبهة لبنان، والعمل لبلورة ما يوصف باطار حل سياسي للوضع على الحدود الجنوبية، مع تزايد منسوب الحديث عن مفاوضات من اجل وقف النار في غزة وتبادل الاسرى، مع استمرار الضغط الأميركي في هذا الاتجاه.
فما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في جولته الجنوبية من أن "التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الالسن هل هناك حرب؟ نعم نحن في حالة حرب وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين والعديد من القرى المدمّرة بسبب العدوان الإسرائيلي"، يختصر مشهدية السباق بين الذين يسعون إلى تجنيب لبنان ويلات الحرب وبين الذين يندفعون نحو إقحام جميع اللبنانيين في حرب لا يريدونها ولا يسعون إليها.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • دولة غير محترمة.. كيف ينظر الإسرائيليون لحكومتهم بعد الحرب على غزة؟
  • هل يمكن أن تؤدي المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب أهلية في لبنان؟.. تقرير يجيب
  • لا حرب على لبنان.. هذا ما اكده مصدر ديبلوماسي
  • مقدمات نشرات الاخبار المسائية
  • حزب الله يطلق صواريخ على شمال إسرائيل بعد مقتل لبناني بضربة إسرائيلية
  • لبنانيّون يجدون أنفسهم في رفح وأشخاص آخرون في بيروت بدلاً من قبرص.. كيف يحصل ذلك؟
  • مراسلتنا: مقتل لبناني بغارة إسرائيلية على بلدة الزلوطية جنوب لبنان
  • حزب طالباني:إتهام حزبنا بالوقوف وراء حرائق الإقليم من قبل حزب بارزاني بمثابة إعلان الحرب الأهلية
  • محللون عسكريون: إسرائيل باتت في خطر الغرق في حرب طويلة الأمد مع “حماس”
  • لبنان بين حرب حقيقية وأخرى نفسية