#بذرة على #الأسفلت
م. #أنس_معابرة
بعد مرور اكثر من عام على الحرب العالمية على القضية الفلسطينية ومحاولة تصفيتها، ومع كل ما مر خلال الفترة الماضية من أحداث، وتصاعد الأزمة على الجانب اللبناني، ما زال الاحتلال يحاول أن يفرض كلمته بقوة السلاح، ويحاول أن يضع قدماً ثابتة في المنطقة، بدعم من الحلفاء الأجانب والعرب.
وعلى الرغم من كل محاولات العدو في إقامة دولته على أرضنا في فلسطين وما حولها، وحلمه بالوصول إلى إقامة المملكة اليهودية على رفات أهلنا وشعبنا من العرب والمسلمين في المنطقة، إلا أنه ما زال عاجزاً عن نزع الاعتراف الشعبي بوجوده، تلك الشعوب التي ما زالت وستظل تعتبره كياناً محتلاً قاتلاً يجب مقاومته والوقوف في وجهه إلى حين زواله.
دولة الاحتلال المزعومة تشبه في حالها بذرة على الأسفلت، بذرة نجسة، ولكنها قوية ونشيطة بدعم من الطاغوت الأكبر العالمي؛ الولايات المتحدة الامريكية، والمتصهينون العرب والأجانب، الذي يحاولون أن يجعلوا من الأسفلت بيئة خصبة لكي تنمو تلك البذرة على أرضنا، ويقيم الاحتلال دولته على أنقاض تاريخنا العريق.
مقالات ذات صلةولجأ العدو وداعميه إلى قوة السلاح المفرطة، من اجل إيجاد ثغرة في الأسفلت الصلب لكي تبدأ البذرة في البحث عن جذور لها في المنطقة، قوة السلاح التي تشمل القصف بالصواريخ، والقنابل الأثقل في العالم، والمسيّرات التي تستهدف الشجر والحجر والبشر، في محاولة بائسة لإيجاد تلك البيئة التي يحلمون بها.
ولكن صمود أهلنا وشعبنا في غزة خصوصاً، وفلسطين عموماً، ومحور المقاومة الذي يمتد إلى كل نفس عربية إسلامية تعيش حول العالم، حال ذلك الصمود أمام تلك المحاولات، ولم تجد تلك البذرة النجسة ثغرة لجذورها في بيئتنا المتماسكة.
أتحدّث عن صمود رجل ستيني، خارت قواه بعد أن أسقط العشرات في مواجهات مباشرة، أصيب في جسده، ودمت يده، ولكنه ما زال يرفع العصا في وجه طائرة مسيّرة، تعبيراً عن التمسك بالمقاومة حتى الرمق الأخير.
أبو ابراهيم ليس حالة خاصة، بل هو مثال لكي مقاوم يرفض أن تأتي الغدرة من طرفه، ويرمي بالعصا في الرمق الأخير ليلتقطها من بعده رجل آخر يقوم بالمهمة على أكمل وجه.
ذلك الرجل الملثّم تحوّل إلى أيقونة، لا تختلف كثيراً عن أيقونة “أبو عبيدة”، أصبح مثالاً للكثير من المقاومين الصغار والكبار، وأصبح المنزل الذي استشهد فيه محل فخر لأصحابه، بأن نالوا هذا الشرف وسقط القائد شهيداً في بيتهم.
بل تحوّل ذلك الكرسي الذي كان يجلس عليه إلى واحدة من أيقونات المقاومة التي تمد الشعوب بالطاقة والعزيمة لمواجهة المحتل، ذلك الكرسي أفخم من كثير من العروش التي تحمل أصحابها، لماذا؟ لأنه هو من أعطى الهيبة للكرسي، وليس العكس.
نعم خسائرنا كبيرة، سقط الكثير من الشهداء في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، ولكن العدو يتألم أيضاً كما نتألم، وسقط منه القتلى والجرحى، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المحتلين الذي عادوا إلى بلدانهم الأصلية من غير رجعة، وحالة الهلع التي دبت في قلوبهم.
هذه رسالة واضحة إلى كل من يراهن على انهزام المقاومة، فنحن نقول له بكل وضوح أنت واهم، وستنتصر المقاومة ولو بعد حين، ولكن للنصر ثمن يجب دفعه.
وهذه رسالة أيضاً لكل عربي ومسلم، أنت جزء من المقاومة، وأنت قطعة من الأسفلت الذي يمنع بذرة الاحتلال من النمو، فاحذر أن تكون الحلقة الأضعف، وأن تتسرب جذور الاحتلال من قِبلك.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الأسفلت بذرة على
إقرأ أيضاً:
المقاومة تلعب بذكاء والعدو يكرس فشله أكثر.. الهُدنة إلى أين؟
يمانيون/ تقارير
في تطورٍ مفاجئ، أعادت المقاومةُ الفلسطينيةُ فرضَ نفسِها طرفاً فاعلاً في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، عبر طرح مبادرةٍ تُلقي بظلالها على حسابات الكيان الصهيوني، وتُعقِّد موقفه التفاوضي. جاءت هذه الخطوة بعد تصاعد الضغوط الدولية الفاشلة لإجبار حركة حماس على التنازل عن شرطها الأساسي بوقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة، فيما رأت أوساط في العدو الإسرائيلي أن الحركة الفلسطينية نجحت في الاستحواذ على زمام المبادرة عبر طرحها إطلاق سراح خمسة أسرى يحملون الجنسيتين “الإسرائيلية” والأمريكية، ما دفع الكرة إلى ملعب الصهاينة وأربك استراتيجيتها التفاوضية.
منذ اللحظة الأولى، حاول العدو الإسرائيلي تحميل الفلسطينيين وزر فشله العسكري والأخلاقي، فشنَّ حربًا استمرت عامًا وخمسة أشهر استشهد خلالها أكثر من 40 ألف فلسطيني، ثلثاهم أطفال ونساء، وفق تقارير أممية. لكن حماس، برغم الدمار، لم تنكسر، بل حوَّلت الملف الإنساني إلى سلاح تفاوضي. فبينما كان قادة الكيان يتباهون بـ”سحق الإرهاب”، يعترف المحللون والنخبة الصهاينة بشيء آخر مغاير من بينهم إيلان بيتون، القائد العسكري الصهيوني السابق، بالهزيمة والذي يقول في حديثه لإحدى القنوات العبرية:
“ارتكبنا خطأً قاتلًا عندما أوقفنا المرحلة الأولى من الاتفاق دون ضمانات. الآن، الأميركيون يتفاوضون مع حماس فوق رؤوسنا، وحكومتنا تتخبط كعجلة مكسورة!”
ويضيف: لم ندخل في المرحلة الثانية من موقع قوة، بل دخلنا في حالة من التأرجح. وعدم طرحنا لموقف خاص بنا أدخل الأميركيين إلى هذا الفراغ، وقد جاء مبعوث ترامب آدام بولر وطرح مواقفه واتصل بحماس، وقد ضرب بذلك قوة موقف ترامب إلى درجة اضطر ترامب للقول إننا لن نهجر أحدا من غزة!
لم تكن هذه الاعترافات صادرة عن ضميرٍ يقظ، بل عن إدراكٍ مرير بأن المبادرة الفلسطينية مزَّقت ورقة التوت عن عورة الكيان العسكري. فحتى الجنرالات الصهاينة بدأوا يتحدثون بلغة الهزيمة، مثلما سُرب عن قائد المنطقة الوسطى في جيش العدو الاسرائيلي قوله:
“غزة صارت مقبرة لشبابنا. كل بيت ندكّه يتحول إلى فخٍّ يفجر أبطالنا!”
أما على طاولة المفاوضات، فقد نجحت حماس في تحويل شروط واشنطن إلى سلاحٍ ضدها. فبعدما طالبت الإدارة الأمريكية بالإفراج عن أسرى يحملون جنسيتها، وافقت الحركة ببرودٍ على العرض، لكن بشمّاعة جديدة: الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين ووقف الحرب إلى الأبد. هنا اشتعلت الأزمة في “تل أبيب”، حيث صرخ اليئور ليفي، المحلل الصهيوني، منفعِلاً في مقابلته مع قناة عبرية:
“هذه مناورة ماكرة! حماس تُظهر مرونة وهمية لتوريطنا أمام حلفائنا. العالم كله يسأل: لماذا ترفض إسرائيل السلام إن كانت حماس موافقة؟!”
لكن الأسئلة الأكثر إحراجًا تأتي من الداخل الصهيوني نفسِه، حيث خرج أهالي الأسرى الصهاينة يهتفون في شوارع “تل أبيب” آخرها مساء السبت الاحد : “كل يوم تأخير هو جريمة، حكومة نتنياهو تقتل أبناءنا بأيديهم!”. هذه الضغوطات تأتي بعد 15 شهرًا من العدوان على غزة، لم يتحرر سوى عدد من الأسرى الصهاينة، بينما قُتل 43 آخرون بقصف جيش العدو نفسه على غزة، وفق اعترافات مخابرات العدو.
على الصعيد الدولي، ما زال “الضمير العالمي” يتغذى على شعاراتٍ جوفاء. ففي الوقت الذي تدين فيه الأمم المتحدة “الانتهاكات الإسرائيلية”، يمنع الفيتو الأمريكي أي قرارٍ بوقف إطلاق النار. حتى الاتهامات الجديدة بجرائم حرب ضد قادة العدو لم تتحول إلى خطوات عملية، ما دفع تاليا ساسون، المسؤولة الصهيونية السابقة، إلى السخرية:
“أمامكم خياران: إما أن تعترفوا أن “القوة” فشلت في غزة، أو تواصلوا الكذب على أنفسكم حتى تسقط الأرقام عليكم!”
تعم حالة الإحباط الأوساط الصهيونية بمن فيهم المسؤولون السابقون؛ أحدهم ايلان سيغف – مسؤول سابق في الشاباك الصهيوني يقول: “نحن نلعب بالكرة مع أنفسنا ونركض من جهة إلى جهة أخرى لنركل الكرة، ونحن يجب أن نفرض عقوبات على حماس، لكن بعد عودة المختطفين أعتقد أنه قد جاء الوقت بعد عام وخمسة أشهر لنقول الكل مقابل الكل بما في ذلك وقف إطلاق النار لعشر سنوات.”
في الوقت ذاته، تصاعدت احتجاجات المستوطنين داخل كيان العدو الإسرائيلي للمطالبة بإبرام الاتفاق بشكلٍ عاجل، وقد حذّر أهالي الأسرى من أن “استمرار المماطلة يُهدد حياة أبنائهم”، وفق تصريحاتٍ متلفزة. هذه الضغوط الداخلية، إلى جانب الانقسامات المهيأة للتفاقم داخل الائتلاف الحكومي، تُفاقم أزمة مجرم الحرب نتنياهو، الذي يوازن بين مطالب الأسرى ورفضه تقديم تنازلاتٍ خشية إضعاف صورته كـ”زعيم أمني” وهو الذي يقف اليوم في قفص الاتهام القضائي بتهمة الفساد والخيانة والفشل.
يبدو كيان العدو الإسرائيلي اليوم رهن عجزه عن كسر الحلقة المفرغة بين خيارين: قبول صفقةٍ تُوقف الحرب مع الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، أو الاستمرار في حربٍ استنزافية تهدد بانهياره داخليًّا وخارجيًّا. وفي الوقت الذي تُعيد فيه حماس ترتيب أوراقها بذكاء، يبدو أن الكرة اليوم في ملعب “تل أبيب”، لكن الساعة تدقُّ لصالح من يملك إرادة التضحية.
نقلا عن موقع أنصار الله