أطلقت إسرائيل منذ عام 2013 سلسلة من الهجمات الجوية على الأراضي السورية تحت شعار "استهداف الوجود الإيراني" الذي توسع بالفعل وأصبح علنيا، نتيجة ظروف المواجهة بين النظام السوري الذي استعان بدعم طهران، وفصائل المعارضة السورية التي تلقت دعما دوليا هي الأخرى.

ومن خلال متابعة الخط البياني للغارات الإسرائيلية على سوريا يظهر بوضوح أنها تشهد صعودا وهبوطا، ويختلف حجمها من عام لآخر تبعا للتطورات الميدانية، والظروف السياسية.

فقد بلغت هذه الغارات مستوى متدنيا في عام 2022 بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع مستوى التنسيق بين موسكو وتل أبيب بسبب الخلافات حول موقف الأخيرة من الحرب، في حين ازداد حجم الغارات منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعه من اندلاع الحرب في غزة، وتوسعها إلى لبنان، والتصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل الذي امتد إلى الأراضي السورية أيضا.

إسرائيل تبرر هجماتها بنشاط الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية (رويترز) النهج الإسرائيلي قبل 7 أكتوبر

تزعم إسرائيل أن هجماتها -قبل وبعد طوفان الأقصى- يأتي جراء نشاط الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية، وبما تقول إنها عمليات نقل للأسلحة من إيران إلى حزب الله اللبناني.

كما أشارت مصادر أمنية وإعلامية إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت في الغالب شحنات أسلحة وصلت إلى سوريا، أو مختبرات تعتقد إسرائيل أنه يتم استخدامها لتطوير صواريخ لصالح حزب الله، مثل مركزي البحوث العلمية في جمرايا بريف دمشق ومصياف في ريف حماة.

ومنذ عام 2013، ازدادت التحذيرات التي أطلقها خبراء أمنيون إسرائيليون، ومنهم اللواء المتقاعد يعكوف عميدرور مستشار الأمن القومي الأسبق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي شغل أيضا منصب رئيس مجلس الأمن القومي، إذ طالب تل أبيب بمنع وصول الأسلحة إلى حزب الله، ومنع إيران من تشكيل قاعدة لعملياتها على الأراضي السورية تتيح لها شن هجمات على إسرائيل.

وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سبتمبر/أيلول 2015 عن مخاوفه المتعلقة بسوريا صراحة، حيث أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين احتجاجه على استخدام إيران للأراضي السورية لتزويد حزب الله بأسلحة وعتاد متطور، بالإضافة إلى اعتراضه على الوجود العسكري الإيراني الكثيف في سوريا، محذرا من ارتفاع التصعيد على جبهة الجولان.

اصطلحت المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية على هجماتها في سوريا مصطلح "المعركة بين الحروب"، إذ بات هذا المصطلح يرمز إلى إستراتيجية عسكرية وأمنية وقائية إسرائيلية حيال النفوذ الإيراني.

وفسر معهد واشنطن للدراسات هذه الإستراتيجية بأنها عمليات دفاعية تهدف إلى إبطال التهديدات دون أن ترقى إلى مستوى الحرب، وتتضمن شن هجمات استباقية بموجب معلومات استخباراتية عالية الدقة، بهدف تأخير نشوب الحرب، وإضعاف قوة الخصوم لردعهم، بالإضافة إلى توفير ظروف مثالية لتفوق الجيش الإسرائيلي حال نشبت حرب حقيقية مع إيران.

في أبريل/نيسان 2022، صرح الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه 400 غارة جوية على سوريا منذ عام 2017 وحتى تاريخ صدور التصريح، في حين تشير التقديرات إلى أن معدل الغارات بين عامي 2013 و2017 يتراوح بين 5 إلى 10 غارات سنويا لا أكثر.

ويعكس ذلك ارتفاع الهجمات بالتوازي مع توسع انتشار النظام السوري والفصائل المدعومة إيرانيا على الجغرافية السورية بالتوازي مع تقلص سيطرة المعارضة التي أخذ انتشارها بالانحسار منذ نهاية عام 2016 عندما خسرت السيطرة على أحياء مدينة حلب الشرقية، ثم تبعها مغادرة مقاتليها لريف دمشق، ودخول قوات النظام السوري والفصائل العراقية وحزب الله إلى جنوب البلاد تحت غطاء روسي.

وتمثلت الأهداف المفضلة للهجمات الإسرائيلية بشحنات الصواريخ التي كانت تصل إلى سوريا عبر مطاري دمشق وحلب، اللذين خرجا مرارا عن الخدمة، بالإضافة إلى استهداف شاحنات محملة بالصواريخ بعد دخولها من شمال شرق سوريا عبر الحدود العراقية وتوجهها إلى ريف حمص أو ريف دمشق، إلى جانب مطار التيفور.

وبالإضافة إلى مراكز بحوث علمية متفرقة؛ أبرزها مركز البحوث العلمية في مصياف بريف حماة وسط سوريا، دخل الطريق الذي يربط بين سوريا ولبنان ضمن قائمة الأهداف الإسرائيلية، حيث نفذ الطيران هجمات عديدة على هذا الطريق في أكتوبر/تشرين الأول 2024 خاصة قرب نقطة المصنع ومنقطة جوسية.

واللافت أن الهجمات بقيت حتى أواخر عام 2023 لا تستهدف إيقاع خسائر بشرية إلا في حالات قليلة جدا عمدت إسرائيل من خلالها إلى تصفية شخصيات محددة، مثل عملية اغتيال الأسير المحرر من السجون الإسرائيلية سمير القنطار أواخر عام 2015، بدعوى تعاونه مع حزب الله جنوب سوريا.

متغيرات بعد طوفان الأقصى

اتسع التصعيد في المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى، ووصل إلى مستوى الصدامات المباشرة بين إسرائيل وإيران، تارة داخل البلدين، وتارة في سوريا التي تنشط فيها طهران بشكل واضح، وبناء عليه اختلف حجم وطبيعة الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2024 كشف النظام السوري عن تنفيذ إسرائيل أكثر من 100 هجوم على الأراضي السورية خلال عام واحد، تحديدا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

المتغيرات التي طرأت على الغارات الإسرائيلية لم تقتصر على الكم، بل أصبحت نوعية أكثر، فوصلت إلى مناطق غير مسبوقة مثل المربع الأمني في العاصمة دمشق، بعد أن كانت تستهدف ضواحي العاصمة سابقا حيث توجد مستودعات أسلحة فقط، كما أن الهجمات الإسرائيلية باتت تتعمد بشكل واضح تحقيق خسائر بشرية، خاصة في صفوف الخبراء العسكريين الإيرانيين التابعين للحرس الثوري الإيراني.

أبرز هجوم إسرائيلي خلال العام الأخير تمثل بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، الذي أودى بحياة قيادات في الحرس الثوري الإيراني على رأسهم العميد محمد رضا زاهدي، إذ مثل هذا الهجوم نقطة تحول مهمة، تبعه بعدها موجة من الهجمات الصاروخية المضادة بين طهران وتل أبيب.

في سبتمبر/أيلول 2024 نفذت إسرائيل هجوما نوعيا آخر وغير مسبوق على الأراضي السورية، تمثل في استهداف مركز البحوث العلمية في مصياف بريف حماة، الذي تعتقد تل أبيب أنه منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني وتستخدم لتطوير صواريخ لحزب الله، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن أن الهجوم تضمن قيام قوة خاصة إسرائيلية بعملية إنزال جوي، حيث استولت على مواد من المنشأة المخصصة لصناعة الصواريخ، بالإضافة طبعا لقصف مركز البحوث الذي يتعرض بالأصل لهجمات متكررة.

ودمرت الغارات الإسرائيلية مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري مستودع أسلحة يتبع لحزب الله على بعد كيلومترات فقط من قاعدة حميميم الجوية الروسية بريف اللاذقية السورية، لتكون هي المرة الأولى التي يتم فيها قصف أهداف على مقربة من نقاط عسكرية روسية.

وتكررت عمليات الاغتيال الدقيقة التي نفذتها إسرائيل ضمن منطقة المزة داخل مدينة دمشق، واستهدفت في الغالب قيادات من حزب الله مقيمين في هذه المنطقة بعد أن أصبحت ضواحي العاصمة غير آمنة لإقامتهم، أبرزهم مسؤول التسليح، ومسؤول تحويل الأموال في الحزب، اللذين استهدفتهما غارة في 21 أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري.

التصعيد من طرف تل أبيب في سوريا ازداد بشكل واضح قبيل إطلاق حملتها العسكرية على جنوب لبنان، وبالتوازي مع الحملة أيضا، مما يشير إلى أنه مرتبط بالاعتبارات العسكرية والأمنية المتعلقة بالمواجهة التي امتدت إلى جنوب لبنان، خاصة أن الجيش الإسرائيلي نفذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2024 توغلا بريا محدودا في مناطق جنوب سوريا متاخمة لمنطقة البقاع اللبنانية.

يأتي ذلك في ظل تزايد التقارير عن استمرار وصول الأسلحة إلى حزب الله من سوريا عبر البقاع، والنتيجة الواضحة أن إسرائيل طورت هجماتها الجوية تبعا لحاجتها العسكرية، وانتقلت من عمليات ردع إلى هجمات أكثر تأثيرا خدمة لمسرح عملياتها جنوب لبنان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات على الأراضی السوریة أکتوبر تشرین الأول الثوری الإیرانی النظام السوری طوفان الأقصى بالإضافة إلى فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: الجيش السورى ومعضلة المقاتلين الأجانب.. لماذا قررت وزارة الدفاع السورية الاعتماد على مقاتلى الإيجور؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تشكل ظاهرة المقاتلين الأجانب فى سوريا معضلة تتعلق أولًا بشكل النظام السياسى الوليد، فضلًا عن شكل وزارة الدفاع المتوقع للجمهورية العربية السورية، خاصة بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة بالبلاد فى 8 ديسمبر عام 2024.

حيث لجأت الهيئة إلى إعطاء الجنسية لعدد من المقاتلين الأجانب، ليس هذا فحسب لكنها أعطتهم أيضًا رتبًا عسكرية، وهو ما أثار مخاوف الدول التى أتى منها هؤلاء المقاتلون، المحملون بأفكار أيديولوجية متطرفة، حيث بات هؤلاء مصدر تهديد للدولة التى سوف يُصبحون جزءًا من تشكيلاتها والدول التى أتوا منها بطبيعة الحال، ويًضاف لهذا وذاك صبغ الدولة بصورة ميليشياوية.

  القيادة السورية الحالية تعتبر بكين عدوًا وليس حليفًا المقاتلون يحملون رتبا عسكرية وصراعهم مبنى على أساس دينى ويعتبرون فكرة القتال خارج الحدود الصينية مسألة وقت

من أهم من تم دمجهم فى الجيش السورى ما يُسمى بمقاتلى الإيجور التابعين لحزب العمال التركستاني، وهؤلاء أتوا من تركستان الشرقية، إحدى مقاطعات الصين الشعبية، هؤلاء يدعون اضطهادًا فى بلدانهم، فبدأوا يبحثون عن حياة أخرى خارج بلدانهم، من خلال الالتحاق بصفوف القتال فى سوريا أو فى أفغانستان، أو أى بلد بها فوضى وحرب.

والأمر لم يقتصر على مقاتلى الإيجور ولكنه اتجه إلى الأزبك وبعض الشيشانيين ومقاتلين من مصر وجنسيات أخرى انضمت للقتال مع هيئة تحرير الشام، هؤلاء أخذوا وعودًا بالحصول على الجنسية السورية، وبعضهم أخذ رتبا عسكرية رفيعة فى وزارة الدفاع السورية، على خلفية خبرتهم فى القتال.

فضلًا على أنّ إدارة قيادة العمليات فى سوريا ترى أنّ هؤلاء المقاتلين متآلفون، وبالتالى لابد أنّ تُشكل منهم وزارة الدفاع، وهنا تبدو الخطورة ليس فى حصول هؤلاء على الجنسية السورية ولكن فى إعطائهم رتبا عسكرية، فهؤلاء لن يكونوا مجرد مقاتلين فى الجيش الوليد، ولكنهم سوف يكونون نواته الحقيقية.

المقاتلون الإيجور معضلة المقاتلين الأجانب

الحزب الإسلامى التركستاني، هو جماعة مقاتلة فى تركستان الشرقية، إحدى مقاطعات الصين الشعبية، بعض هؤلاء لديهم عقيدة قتالية، حيث يعتبرون أنفسهم أقلية دينية؛ يبلغ تعداد الشعب الإيجورى حوالى ٢٥ مليون نسمة، يعيشون على قرابة مليون وستمائة ألف كيلو متر.

لا يوجد إحصاء رسمى لأعداد مقاتلى الإيجور ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، ولكن هناك عدة أرقام لا يُوجد تأكيد عليها مثل أنهم قد يصل تعدادهم إلى ١٠ آلاف مقاتل، وأنّ خمسة آلاف منهم يستعدون للقتال فى أفغانستان أو الانتقال إليها، وهو ما قد يُهدد أمن الصين بصورة تبدو أكثر مباشرة.

التاريخ يؤكد أنّ عملية نزوح تمت من أفغانستان إلى سوريا بالنسبة لمقاتلى الإيجور فى العام ٢٠١٢ بعد تصاعد الأحداث فى سوريا، صحيح أنّ بعضهم يُريد العودة إلى أفغانستان بعد صعود هيئة تحرير الشام كما كانوا، ولكن المؤكد أنّ أفغانستان كانت بمثابة الجسر الذى انتقلوا من خلاله إلى سوريا.

باتوا فى وضع تأسيسي، رابطة أكثر قوة وتماسكًا فى العام ٢٠١٥، فهم العدد الأكبر بين فصائل المقاتلين الأجانب فى سوريا؛ وربما أعدادهم الكبيرة أعطت لهم ميزة، فضلًا على قوة البأس، فهم مقاتلون أشداء، يمتازون ببنية قوية، ولذلك يُعتمد عليهم بصورة كبيرة فى المعارك العسكرية.

هيئة تحرير الشام ترى فى هؤلاء المقاتلين أنهم مقاتلون مميزون لأسباب أخرى ترتبط بشعور هؤلاء المقاتلين بعقدة الاضطهاد، فهؤلاء فى بلدانهم يروجون لعقدة الاضطهاد، حيث يسعون للإنفصال، وتكوين دولة إسلامية بعيدًا عن الصين التى تمتلأ بالعرقيات والقوميات والأديان الأخرى.

خطورة مقاتلى الإيجور على الصين 

السؤال الذى يطرح نفسه، إلى أى مدى يُشكل المقاتلين الإيجور خطورة على البلد التى انحدروا منها وهى الصين؟ وهل هم يُمثلون جزءًا من الجهاد العالمى أم أنهم مجرد جماعة جهادية محليّة؟ 

فى الحقيقة مقاتلو الإيجور يمثلون خطورة على الصين، رغم أنهم انضموا لجماعة وصفت نفسها بأنها جماعة محليّة وهى هيئة تحرير الشام، صحيح كانت لها علاقة بجماعات راديكالية ذات بعد عالمى مثل قاعدة الجهاد وداعش، ولكن مجرد انتقال هؤلاء المقاتلين إلى فكرة القتال خارج حدود بلدانهم يُعطيهم هذا الوصف.

ونُدقق القول أكثر، أنهم باتوا بطبيعة نشأتهم وتكوينهم وممارسة القتال فى حدود دول أخرى مقاتلين ذوى خطورة شديدة، لأنهم أولا ينتقلون للقتال من دولة لأخرى حسب الحاجة، والتسمية الصحيحة لهم مرتزقة، يُقتال مقابل الارتزاق أو نشر الأفكار، كما أنهم يستعدون للعودة إلى دولهم التى انحدروا منها لمعاودة القتال مرة ثانية، وهنا تبدو الخطورة الحقيقية.

وهنا لابد أنّ نتذكر، أنهم ضم جزءً منهم إلى الجيش السوري، وأخذوا رتبًا عسكرية، مع الوقت سوف يُصبح هذا الجيش معاديا بحكم عقيدته للدول التى انحدر منها هؤلاء المقاتلين، وهنا أخذ الجيش صبغة عدائية بحكم أنهم باتوا جزءا منه.

هناك من يذهب إلى أنّ الأعداد الأقرب إلى الصحة تصل إلى خمسة آلاف مقاتل، وبالتالى يمكن أنّ يعودوا لبلدانهم مرة أخرى وبالتالى يُمارسون القتال باحترافية، وفق الأفكار التى آمنوا بها وتدربوا على حمل السلاح من أجلها، هؤلاء يتكاثرون بطبيعة الحال، أفكارهم تنتقل كالنّار فى الهشيم بين ساكنى تُركستان الشرقية أو بعض المسلمين الصينيين.

يتم تشكيل الجيش السورى من خلال بعض مقاتلى الإيجور، رغم أنّ الأمم المتحدة والصين وضعتهم على قوائم الإرهاب؛ وهنا يبدو شكل الجيش السورى وما سوف يكون عليه، ضمن تشكيلاته مجموعات وضعت على قوائم الإرهاب سواء من قبل دولهم أو من قبل المجتمع الدولى ممثلًا فى الأمم المتحدة.

إعطاء الجنسية للمقاتلين التابعين للحزب الإسلامى التركستانى نكاية فى الصين التى تعتبرها القيادة السورية الحالية عدوًا وليس حليفًا بسبب علاقتها بالنظام السابق، وهنا تبدو خطورة هؤلاء المقاتلين الذين تم تجنيسهم واعطائهم رتبًا عسكرية.

خرج أمير المقاتلين الإيجور فى تسجيل، موثق بالصوت والصورة، فى ديسمبر الماضي، بعد سقوط دمشق، حيث قال،: اليوم نساعد إخواننا فى بلاد الشام وغدًا سوف نحرر تشينج يانج، وهى منطقة تقع فى غرب الصين، تلك التى انحدر منها هؤلاء المقاتلون.

المقاتلون الإيجور عيونهم مسلطة بصورة كبيرة على الصين وتحرير الإقليم الذين يعيشون فيه، وقتالهم مبنى على أساس دينى فى الأساس، وهم يعتبرون فكرة القتال خارج الحدود الصينية مسألة وقت، وعليها سوف يعودون إلى تحرير بلدهم مرة ثانية.

تعامل الصين الأمثل مع حالة مقاتلى الإيجور

الصين أمام خيارات كثيرة ترتبط بضرورة التخلص من مقاتلى الإيجور، وبخاصة الذين نشطوا فى مناطق الصراع فى سوريا على سبيل المثال، لأنهم يتوعدون بتنفيذ عمليات مسلحة داخل الأراضى الصينية، فهم يعتبرون أنّ ذلك فرضًا يجب على كل المقاتلين الذين مارسوا القتال فى سوريا أنّ يعودوا لبدانهم.

هناك أزمة مع مقاتلى الإيجور، لكن الأزمة الأكبر تبقى مع القيادة التى جندت هؤلاء المقاتلين، وفى الدور الذى يمكن أنّ يلعبه هؤلاء المقاتلون بعد تجنيسهم وحصولهم على رتب عسكرية، وهذا ما يجب أنّ تنتبه إليه الحكومة فى الصين، ففكرة المواجهة لابد أنّ تكون موزعة بين مواجهة الصين وبين مواجهة المقاتلين الذين يمثلون خطورة عليها.

والصين أمام خيارات عشرة يمكن التعامل من خلالها مع هؤلاء المقاتلين منها:

-مواجهة هؤلاء المقاتلين سواء كانوا على أراضيها أو خارج أراضيها، هذا ما تقوم الصين به، فهو يُعتبر جزءا من محاولة القضاء على الظاهرة أو يُعتبر إحدى أولويات المواجهة، لابد أنّ تكون المواجهة شاملة للمقاتلين وفق قواعد القانون المعمول به ودون الإخلال بأى حقوق للمواطنين مهما كانت صغيرة. 

-مواجهة أى دولة تبدو حاضنة لهذه القوات أو داعمة لها مثل القيادة فى سوريا، وهنا لابد أنّ تكون المواجهة موزعة كما أشرنا للدول التى تحتضن هؤلاء المقاتلين، وألا تقتصر المواجهة للمقاتلين نفسهم، الذين تم وضعهم على قوائم الإرهاب.

-عقد اتفاقيات مع بعض الدول التى كانت تُوفر لهم حماية سابقة، إذا كان ذلك متاحًا، صحيح يتم استخدام مقاتلى الإيجور استخدام سياسى بهدف توجيه لكمات سياسية وإضعاف الصين، ومحاولة التأثير عليها باعتبارها نقطة ضعف، ولكن هذا لا يمنع من الاتفاق الدولى مع بعض الدول الحاضنة لهم من أجل المساعدة فى القضاء على الظاهرة.

-عمل مراجعات قانونية وفكرية خاصة بهؤلاء المقاتلين، بحيث تغلق الباب أمام انتشارهم وتكاثرهم، المراجعات القانونية والفكرية تقطع الطريق أمام مزيد من الانتشار لأفكار هؤلاء، المراجعة فكرة إنسانية لا تُعبر عن ضعف المراجع لنفسه ولا تُعبر عن ضعف الدولة التى تقبل مواطنيها الذين راجعوا أفكارهم، ولكن أثر ذلك وثمارة سوف تظهر على الظاهرة بعد وقت بسيط.

-عمل زيارات للباحثين والصحفيين والإعلاميين للمناطق التى يتواجد فيها المسلمون الإيجور فى الصين، بحيث يطلعون على الوضع هناك، وغلق الباب أمام حديثهم الدائم بالاضطهاد، خاصة أنّ كثيرا من العالم بات مضطرًا لتصديق رواية الإيجور، خاصة أنّ الصين تعتبر أنّ هذا شأن داخلى فمن هذا المنطلق ترفض الإجابة عن أى أسئلة تتعلق بالإيجور أو الاستجابة لمطلب الزيارات.

-عمل مدونة ترتبط بدراسة خطاب هؤلاء المقاتلين وبخاصة الجاذب لقطاع من المسلمين فى دول كثيرة، لابد أنّ يخضع هذا الخطاب إلى الدراسة والتحليل، لابد أنّ تكون القراءة معمقة وكفاية لفهم هؤلاء وما يرمون إليه، قراءة الخطاب ليس من الزاوية السياسية فقط ولكن من الزاوية الفكرية والدينية أيضًا.

-تفكيك الأفكار المؤسسة التى يعتمد عليها الحزب الإسلامى التركستانى فى نشر مظلومته التى يدعيها الاضطهاد، لابد من إعادة النظر سواء فى طبيعة ما يؤمن به مقاتلى الإيجور أو التحولات التى تؤثر فى خطابهم، مع دراسة بعض مطالبهم، دراسة تُفضى إلى قطع الطريق أمام تأثير هؤلاء مع باقى مسلمى تركستان الشرقية.

-قطع الطريق أمام المجتمع الدولى أو الولايات المتحدة الأمريكية فى استغلال قضيتهم سياسيًا ضد الصين.

-بحث بُعد تعدد القوميات فى الصين وعلاقة ذلك ما يُريد أنّ يكون عليه المسلمون الإيجور، وهنا نفصل القول فى أنّ الإيجور أعطى انطباعا لدى عدد كبير من المسلمين فى أنحاء العالم أنّ دولة الصين لديها مشكلة فى التعامل مع هؤلاء المسلمين، وأنّ اضطهادها يأتى من منطلق عبثى رافض لفكرة الدين، وهنا نجح الإيجور فى تحويل قضيتهم إلى اضطهاد قضية اضطهاد دينى وليس قضية انفصال.

مفهوم أنّ الصين بلد تحوى عرقيات ومذاهب وأديانا كثيرة، وهو ما يؤثر على استقرارها مستقبلًا، وهى تعتمد سياسة تمنع أى من مواطنيها أنّ يُعبر عن قوميته أو دينه، وتُعلى من فكرة الانتماء للوطن أولًا، وهو ما لا يتفهمه المسلمون أو يفسرونه بشكل خاطئ، وهى قضية تحتاج إلى نظر والاقتراب من المشكلة والتعامل معها، مع توضيح ما ينبغى أنّ يكون عليه الوضع.

-إعطاء الأولوية الأكثر لإعادة دمج المقاتلين الإيجور الذين لا يمانعون من العودة عن أفكارهم أو الإضرار بأمن بلدانهم، أفضل طريقة يتم التعامل بها مع قضية مقاتلى الإيجور، هو دمج من يُريد منهم العودة إلى الوطن، شرطة تخليها بصورة كاملة عن الأفكار التى تهدد أمن البلاد وتخليه عما كان يؤمن، بالطبع لا نقصد تخليه عن الدين، ولكن تخليه عن الأفكار المتطرفة.

 

مقالات مشابهة

  • ما هي الأسباب التي دفعت قسد والقيادة السورية لتوحيد الرؤى في إطار اتفاق تاريخي؟
  • لماذا اضطرت "قسد" لتوقيع اتفاقها التاريخي مع القيادة السورية الجديدة؟
  • لماذا تستميت إسرائيل للدفاع عن دروز سوريا؟!
  • انطلاق بطولة “طوفان الأقصى” الرمضانية لفئة الشباب في مديرية الوحدة
  • انطلاق بطولة “طوفان الأقصى” الرمضانية للشباب في مديرية الوحدة
  • الإطار التنسيقي يدين المجازر التي يتعرض لها المواطنون في سوريا
  • منير أديب يكتب: الجيش السورى ومعضلة المقاتلين الأجانب.. لماذا قررت وزارة الدفاع السورية الاعتماد على مقاتلى الإيجور؟
  • الدويش: لماذا لم تذكر المادة التي تثبت صحة مشاركة الرويلي
  • إسرائيل: الآلاف من نشطاء حماس والجهاد في سوريا يريدون إشعال جبهة جديدة ضدنا
  • لماذا صمدت “حماس”؟.. تحليل لفشل الإستراتيجية الإسرائيلية