عربي21:
2025-01-28@02:37:12 GMT

السنوار يجدد مخيال العالم

تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT

المراثي التي كتبت في أبي إبراهيم بعد استشهاده والمديح الذي كتب فيه يوم تولى القيادة فاقت كل قدرتنا على التلخيص، وقد اطلعنا على كثيرها في كل موقع مناصر، بل حتى المذمة التي كتبت فيه في صفحات معادية لم يفتنا منها الكثير فتمتعنا بما يأكل صدور كاتبيها من ألم. ولا نظن أننا سنزيد في ذلك فصلا نوعيا، لكننا سنحاول تأمل ما بعد الشهادة في عالم بلا قيم عظيمة.



ماكينة رأس المال قتلت الرمزية

ليست هذه فكرتنا، فتاريخ الفن المعاصر الذي يموله رأس المال قتل نموذج البطل وجعل حياة الناس أقرب إلى عمل الآلات السليمة التي تنتج أفضل المنتجات المادية دون تلمّس جمالها، بل توظفها لمزيد من الإنتاج المادي الخالي من كل رمزية تربوية.

نفس الماكينة وقد استولت على السينما والفرجة خاصة بآلتها الهوليودية الجبارة؛ صنعت لنا بطلا واحدا يقدم قيمة واحدة تخدم هدفا واحدا، وهي صورة مبنية ولا أساس لها في الواقع، صورة العضلات القاسية التي تقتل بلا رحمة ولا تسأل ضحيتها قبل القتل ماذا يريد كطلب أخير؛ كانت حتى آلات الإعدام في زمن المقاصل تسأله إكراما للحظة الأخيرة للضحية.

هذا البطل العضلي القاسي كان يغري الأطفال في أول غرامهم بقوة الجسد، فإذا تجاوزوا مراهقتهم نسوه وتتبعوا سبل الحياة بلا بطولة مزيفة. لم يتحول رامبو إلى بطل كوني أبدا رغم ما دره من مال على صانعيه، لكنه كان آخر الأبطال المصنوعين. ولن نخوض أكثر من ذلك في تاريخ تصنيع البطل لأن المقاتل الغزاوي الحافي القدمين مسحه من ذاكرة العالم.

قبل حرب الطوفان كان الطفل الفلسطيني يصنع بطولاته برمي حجر صغير على دبابة، فيبني رمزية أخرى بلا عضلات مفتولة، كان صغير الحجم لكن مشيته للدبابة كانت عملاقة فيتذكره العالم الآن وقد كبر وصار يرمي نفس الدبابة بصاروخ صغير فيطيرها أشلاء وتتخذها أمه من بعده منشر غسيل. من هنا عادت صناعة الرموز بلا مؤثرات سينمائية، لم ير العالم رغم قوة السينما رجلا يسير إلى دبابة ويحشر في ظهرها قنبلة ويصور انفجارها، لقد جعل من غزة مصنع رموز بلا سينما.

إخراج جيفارا من مخيال جيلي

لا نستطيب أن ننسى جيفارا فقد تربينا على صورة النجمة الحمراء في قلنسوته البسيطة، كانت صورة نادرة حشرها اليسار العربي في مخيلاتنا بديلا لخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص، فلم نر بطلا غيره طيلة عقود الشباب. ونقول الآن لو كانت لنا وسائل التصوير في زمن جيفارا هل كنا نسلم له بالبطولة مبنية على صورة واحدة وكثير من القص الذي كتب بعده؟ فقد قرأنا سيرته ولم نجد حروبا كثيرة. وقد قلل الانتصار الذي مكنه من وزارة من صورة البطل الذي صار وزيرا، لكننا في حاجتنا إلى بطل عصري وضعناه دوما ضد رامبو القاهر فكدنا به صانع رامبو أكثر مما سلمنا له بالبطولة.

نحن الآن أمام بطل مختلف كتب قصة شهادته من سجنه قبل أن يعيشها كأنه خطط شهادته بنفسه، وقد سجل بصوته شهادته فترك دليلا على أنه لم يصطنع أمام كاميرا ولم يضف مؤثرات بصرية، بل خرج على عدوه بما في يديه فأثخن فيه ولم يهرب من المعركة ويبحث عن سبل نجاة ليعيش مجد ما بعد النصر وقد كان متاحا.

ولقد اضطر قاتله إلى تصويره مغبرا بتراب معركته، بل لم يجد كارهوه ما يقللون منه به فالتجأوا إلى الدعاء عليه كالولايا المقهورات. لقد أفحم التاريخ وأفحم اللحظة، وأخرج جيفارا من مخيال الشباب العربي وفيه كثير تربي خارج حلقات اليسار فلم يعرف جيفارا.

الشال الفلسطيني البسيط لن يغادر أعناق جيل شهد شهادة السنوار، وفي مظاهرات العالم حل الشال محل القلنسوة وضاعت النجمة المضافة بالألوان لصورة التقطت بالأبيض والأسود.

تجديد مخيال العالم

كشفت حرب الطوفان حاجة ثقافية إلى الرمز والرمزية، حاجة أوسع من حاجة الشباب العربي المقهور من عدو غاشم ومن أنظمة متواطئة مع العدو تخدمه بدم شعوبها لتبقى في كراسيها بلا خجل. شباب العالم المغسول الدماغ بمؤثرات هوليود وجد بطله الجديد.

نحيف مثل سيف حاد، مثل سهم أشيب، قليل الزينة بوجه يمكن أن نراه في كل شارع من شوارع العمال في العالم، أقرب في صورته إلى عامل بسيط، نقيض الصناعة الهوليودية التي لم تعد تمر من أذهان الشباب. يقول كل شاب فقير في زواريب العالم هذا يشبهني أو إنه أنا في معركة ضد رأس المال الذي يحمي الكيان الذي قتله بقذيفة دبابة، لكنه لم يجد شجاعة مواجهته عيانا فتخفي وراء الآلة الصماء.

السنوار في غير البلاد العربية التي لا تزال تكافح من أجل استقلالها أعاد معركة الشباب مع رأس المال العالمي، قام الربط المنهجي الضروري بين من يمول الكيان ويسمح بالقتل وبين يديه أن يوقفه وبين القاتل الذي يتخفى وراء التقنية ولا يواجه. كثير مما نقرأ يكشف هذه الحقيقة القديمة المتجددة بحرب الطوفان والتي أخذت دفعة قوية بشهادة السنوار.

تفصيل أخير مهم نختم به صعود الشهيد إلى رمز كوني، سيتأخر العدو في تسليم جثة الشهيد إلى أهله لإكرامها بالدفن وسيفاوض بها ككل تاجر بلا أخلاق، لا يحترم الموت ولا يحترم الحياة. وسيكون ذلك سببا إضافيا لإعلائه إلى رمز في ذاكرة الكون لأجيال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة السنوار غزة المقاومة السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رأس المال

إقرأ أيضاً:

متى يجدد البنك شهادات الادخار بدون الرجوع للعميل؟

تصدر البنوك الحكومية والخاصة العديد من الأوعية الادخارية بهدف استقطاب أكبر عدد من المتعاملين لقاعدة عملائها، ومع ارتفاع الأموال المودعة لدى البنوك ترتفع قدرة البنوك على توظيفها وضخها في قنوات استثمارية متنوعة، وتعد شهادات الادخار أبرز هذه الأدوات.

شراء شهادات الادخار وتجديدها

ووفقا للقوانين المنظمة لعمل البنوك فى مصر، فإن الاكتتاب فى شهادات الادخار يخضع بالأساس للشروط والأحكام التي يوقعها العميل عند شراء الشهادة والتي تكون موضحة بشكل كامل لضمان عدم حدوث أي التباس لديه ولضمان حقه في استرداد الأموال المودعة بنهاية مدة الشهادة، فيما قد لا يلم العميل بأحقية البنك في تجديد الشهادة ببعض الحالات والتي يوضحها التقرير.

الاقتراض بضمان شهادة الادخار

قال الخبير المصرفى، ماجد فهمي، إنَّ شهادات الادخار التي يقوم العميل بشرائها ما هى إلا وديعة بنكية محددة بمدة وسعر عائد ودورية لصرف العائد، فيما يخول البنك للعميل الأحقية فى الاقتراض بضمان الشهادة حتى قيمة معينة تتراوح بين 90 و95% من قيمة الشهادة وتختلف من بنك لآخر.

حالات يجدد البنك فيها شهادة الادخار تلقائيا

وأضاف «فهمي»، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن البنك يوضح للعميل عند اقتراضه بضمان الشهادة أنه إذا كان أجل القرض أطول من مدة الشهادة أو لم يسدد العميل قيمة القرض كاملة بعد، يحق للبنك تجديد شهادة الادخار في هذه الحالة كضمان لحقه لحين انتهائه من السداد.

كما أوضح أنه طالما تم تحديد الشهادة بأجل معين عند الاكتتاب، أي شراء الشهادة فيشترط البنك على العميل عدم كسرها، أي استرداد كامل قيمتها، إلا بعد مرور 6 أشهر على الأقل من تاريخ الشراء وإلا سيخسر جزءا من قيمتها، وفي حالة كسر الشهادة قبل انتهاء مدتها يخسر العميل العائد بالكامل أو جزءا منه حسب شروط البنك التي وقع عليها العميل عند شرائها.

وأكد أنه فى كل الحالات يعود البنك للعميل عند إجراء أي تعديلات، أي يخطره بها، مثل تجديد الشهادة التي تم الاقتراض بضمانها ولكن إذا لم يسدد العميل القرض وتم تجديدها فى هذه الحالة وكانت مدتها 3 سنوات على سبيل المثال، التجديد سيكون بكامل مدة الشهادة وليس لحين انتهاء سداد القرض.

وتابع: «هناك حالات أخرى أو شروط يجب أن يعي العميل بها قبل شراء شهادة ادخار، أن الشهادات أغلبها يجدد تلقائيا ما لم يخطر العميل البنك بخلاف ذلك كتابةً، والإخطار يكون قبل تاريخ الاستحقاق أي قبل انتهاء مدة الشهادة، ويطلب العميل عدم التجديد ليتم إلغاؤها بنهاية المدة وتضاف قيمتها بالكامل ومعها الفوائد على الحساب الجارى للعميل لدى البنك.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الإسباني يجدد عقد مدرب المنتخب الأول دي لا فوينتي
  • متى يجدد البنك شهادات الادخار بدون الرجوع للعميل؟
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)
  • اليوم التالي في غزة بين نرجسية الاحتلال وداعميه وقوة الأمر الواقع الذي فرضته المقاومة!
  • الملك محمد السادس يجدد التزامه بتعزيز العلاقات المغربية-الهندية
  • السودانى يجدد دعوة العراق إلى إنشاء صندوق لإعمار غزة ولبنان
  • الاسيرة أربيل يهود التي تلح اسرائيل الافراج عنها قبل الموعد .. صورة
  • بالصورة.. شاهد الإرهاب الحقيقي الذي ينهش العالم
  • نقطة جذب سياحي..الفلسطينيون يتدفقون على أنقاض المنزل الذي قتل فيه السنوار
  • ماسك وترامب… الصدام الذي لا يمكن تجنبه!