المفتي قبلان في رسالة الجمعة: البلد يمر في محنة تاريخية والسلم الأهلي قدس أقداس
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، اليوم "رسالة الجمعة"، وقال: "لأن طبيعة الأرض مقرونة بالمحن الشديدة، ولأن الإنسان مستخلف على الطاعة والعدل والنزاهة والإستقامة الوجودية، ولأن دنيا الإنسان تعيش أخطر مخاضاتها بين التقى والطغيان، فقد لفت الله عبر أنبيائه إلى أن الإنسان مطالب باستحضار الله كقيمة فكرية وتشريعية وتحفيزية بسياق دور الإنسان الدنيوي الذي لا ينفصل أبدا عن إرادة السماء وواقع غايات الوجود، والله هنا يريد أن يقول للخليقة لا يمكن فصل عمل الإنسان عن التوكل على الله، ولا يمكن اعتماد سنن الأرض دون سنن السماء، ولا يمكن التعامل مع موازين الدنيا دون موازين الله تعالى، وهو ما لفت له بقول النبي موسى(ع) لقومه: (اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ، إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، وذلك لتأكيد قوة الله وإرادته بالدنيا، وليقول للخليقة أنّ النمرود قُتِل ببعوضة، وفرعون قُتِلَ بالماء، وكذا غيره من كبار طغاة هذا العالم، ومراد الله هنا يريد تأكيد الثقة بالله تعالى كمركز لقوة الإنسان خاصة زمن المحن الشديدة والواقع الأليم".
أضاف: "واليوم البلد يمر في محنة تاريخية وسط مشاريع دولية وإقليمية خطيرة جدا، والمطلوب من القوى السياسية تأكيد شراكة العائلة اللبنانية على الأرض بعيدا عن مشاريع اللعبة الدولية، ولا خوف من العائلات الروحية لأن خطابها وعقلها ومواثيقها ترتبط بالمحبة والرحمة والمودة والإنصهار الأخلاقي والوطني، والأهم على الإطلاق حماية المشروع الوطني وتلافي أي خطاب فتنوي وأي خطوات استفزازية، وتوازنات البلد لا تقبل المغامرة، والطبخات الدولية مسمومة ولبنان لا يمكن إلا أن يكون شراكة وطنية وروحية، واللعب لصالح أي قوة إقليمية أو دولية يضع البلد بقلب كارثة لا سابق لها، والإسرائيلي منذ الهجوم البري لم يستطع السيطرة على قرية حدودية واحدة بشكل كامل، والإسرائيلي محشور جدا، وواقع الجبهة قوي واستراتيجي، وقدرة المقاومة تصاعدية".
وتابع: "وتاريخ المقاومة الثابت يمر بحماية البلد والسلم الأهلي والشراكة الوطنية، ومواقف الأستاذ وليد جنبلاط الوطنية تحمي البلد وتزيد من الثقة الوطنية، والعون والتضامن الوطني أكبر حاجات لبنان، وما يجري على الجنوب والبقاع والضاحية جراء العدوان الإسرائيلي الواسع يفترض المزيد من الإحتضان الوطني، وشكرا للكنيسة والمسجد، شكرا للجبل الحاضن، شكرا للشمال وبيروت.
وختم المفتي قبلان رسالته: "وما تقوم به العائلة اللبنانية لحظة وطنية بغاية الأهمية والمطلوب من الحكومة احتضان مواطنيها سريعا، بخاصة أن المنظمات الدولية تتحكم بالمساعدات الإغاثية وتتعامل مع النازحين بخلفية سياسية بغيضة، وللتاريخ أقول:"السلم الأهلي قدس أقداس هذا البلد، والجيش اللبناني وكافة الأجهزة الأمنية مطالبة بحضور كبير وواسع لأن البلد يمر بواقع استثنائي وتاريخي، وعلى الحكومة استنفار كل إمكاناتها لحماية البلد وإنقاذ الواقع الداخلي من نتائج الحرب الإسرائيلية والندم لا ينفع، وواقع البلد معقد وأكبر من لعبة المشاريع، والمكونات الطائفية والسياسية التي تشكل لبنان كانت وستظل حجر الشراكة الوطنية".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لا یمکن
إقرأ أيضاً:
«زايد».. مواقف تاريخية للإنسانية والتسامح والعطاء حول العالم
إيهاب الرفاعي (العين)
سيظل تاريخ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ينبض بالكثير من المواقف الخالدة التي تعكس سمات شخصيته المتسامحة، التي تُعلي من شأن الإنسان، أياً كان لونه ودينه وثقافته، بجانب شخصية المؤسس الحكيمة، وقدرته على استشراف المستقبل، والقيادة البناءة، لتظل سيرته باقية رمزاً للحكمة والخير والعطاء على كل المستويات، ولا تزال مواقفه ومبادراته الملهمة، شاهدة على مكانته قائداً خالداً، يحظى بتقدير شعوب المنطقة ودول العالم.
وفي ليلة لاستذكار مآثر الشيخ زايد ومواقفه الخالدة التي ستظل باقية، تحكي تاريخ قائد عظيم أرسى دعائم الإنسانية والتسامح، قدم الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، محاضرة في مجلس محمد أحمد المحمود، بالتعاون مع مجالس أبوظبي بمكتب شؤون المواطنين والمجتمع، وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وبحضور جمع كبير من أهالي مدينة العين.
مواقف زايد
وأوضح الدكتور خليفة مبارك الظاهري أن مواقف الشيخ زايد ستظل باقية وخالدة، يتعلم منها الجميع أرقى معاني الإنسانية والحكمة والعطاء والتفاني في الإخلاص وحب الوطن والتفكير في أبناء شعبه، ليبني وطناً ويحقق نهضة شاملة، ظلّت وما زالت تعلو وترتقي بفضل خير خلف لخير سلف.
وتناول الظاهري العديد من المواقف التي سلّط الضوء فيها على الشيخ زايد وقيادته الحكيمة، واستشرافه المستقبل، وإنجازاته، ورؤاه الاستثنائية، وجهوده على الصعيد الإنساني، واهتمامه بالمجتمع، وتنمية الإنسان باعتباره اللبنة الأساسية لكل تطوّر وتقدم، وجهوده في مجال التعليم والرعاية الصحية والثقافة، التي تؤهل الإنسان ليكون قادراً على خدمة وطنه، كما أعطى للأسرة اهتماماً كبيراً باعتبارها نواة المجتمع، والمؤثر الأكبر في شخصية الإنسان وتكوينه.
وأشار الظاهري إلى بعض مواقف الشيخ زايد التي يتذكرها الكثير من حوله، عندما كان في إحدى رحلاته العلاجية خارج الدولة قبل شهر رمضان، وتم اتخاذ الترتيبات كافة التي من شأنها تسهيل إقامة الشيخ زايد والفريق المرافق له طوال شهر رمضان، حتى اكتمال علاجه قبل أن يفاجأ الجميع قبل يوم من بدء شهر رمضان بقرار الشيخ زايد العودة إلى أرض الوطن، وعندما أخبره المرافقون أن بقاءه أفضل له من ناحية العلاج، ردد مقولته الخالدة لن أسمح بأن يقضي هؤلاء المرافقون والمصاحبون لي شهر رمضان بعيداً عن أبنائهم وأهلهم، وأمر بأن يتم اتخاذ اللازم فوراً حتى يتمكن الجميع من الإفطار أول يوم رمضان مع أبنائهم، فقد كان، طيب الله ثراه، يفكر في كل من حوله، ولا يدخر وسعاً في إسعاد الجميع، وتلبية احتياجاتهم.
الحكمة والعطاء
واستكمل الظاهري حديثه عن الشيخ زايد بأنه كان تاريخاً لا ينضب من الحكمة والعطاء والإخلاص، لذا يجب على جميع أبناء الشعب أن يكونوا عند حُسن ظن قيادتهم، وأن ينهلوا من تاريخ الشيخ زايد الخالد والعظيم، الذي سيظل كتاباً مفتوحاً يحكي تاريخ قائد أرسى دعائم العدل والتسامح والرحمة والحب والعطاء، ليس في داخل الدولة فقط، بل في جميع بقاع العالم، لذا يجب على الجميع أن يكونوا عناصر فعالة وإيجابية في المجتمع، تسعى بكل جهدها، وتشارك في أن تظل راية الوطن عالية خفاقة في كل الميادين.
استشراف المستقبل
واستهل محمد أحمد المحمود حديثه عن الشيخ زايد في ذكرى يوم زايد للعمل الإنساني، بأن الشيخ زايد كان مدرسة في البذل والعطاء والعمل والإخلاص والإنسانية والحكمة، ومن لم يستفد وينهل من تلك المدرسة، فقد خسر الكثير والكثير
وقال المحمود «إنني أفتخر بكوني تربيت في مدرسة الشيخ زايد، وتعلمت منها الكثير، ولي معه ذكريات لا تنسى، خاصة أن الوالد كان أحد المرافقين للشيخ زايد، ونلت أنا أيضاً هذا الشرف، لذا فإن ذكريات الشيخ زايد ومواقفه الخالدة التي عشتها منذ صغري معه لا تُعد ولا تحصى، وجميعها تعطي صورة واحدة لقائد عظيم ذي حكمة ونظرة ثاقبة وقدرة على استشراف المستقبل، والعمل بكل تفانٍ وإخلاص ليسعد شعبه ويلبي احتياجاتهم».
وتذكر المحمود كيف كان زايد يعطي التعليمات لمرافقيه لبذل المزيد من العطاء والخير لكل محتاج سواء كان من داخل الدولة وخارجها، بصرف النظر عن دينه وثقافته وعرقه، بل كانت الإنسانية والتسامح هي الأساس في تعاملاته، موضحاً أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان نهراً متدفقاً، لا ينقطع عطاؤه، يمد يد العون وقت الصعاب لمن يحتاج إليها، سواء طلب أو لم يطلب، لم يتوانَ يوماً عن نجدة ملهوف، أو إغاثة ضعيف، أو مساعدة محتاج، ولم يرد سائلاً، ولم يغلق بابه يوماً في وجه طالب عون، على العكس كان، طيّب الله ثراه، مهتماً بالإنسان أينما كان وكيفما كان.
وأضاف المحمود أن مواقف الشيخ زايد الخالدة في جولاته الخارجية تعكس مدى الحب الذي يفيض في قلوب الآخرين، سواء من التقى به أو سمع عنه، مستذكراً أحد المواقف للشيخ زايد خلال إحدى رحلات القنص، عندما التقى أحد مرافقي الشيخ زايد ببعض الأشخاص في إحدى الدول العربية يسألونه من أي دولة، فردوا من الإمارات، ليفاجأ الجميع بهؤلاء الأشخاص يثنون على الشيخ زايد، فقالوا هل تعرفونه، فقال أهل هذه الدولة لم نلتقِ به ولكن كيف لا نعرفه وله الفضل في وصول المياه العذبة إلينا، وله الفضل في الكثير من الخدمات المقدمة إلينا، والتي سيظل يحصد ثمارها أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا.
تجربة استثنائية
يشير الدكتور محمد الخشت، أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إلى أن الشيخ زايد تجربة استثنائية غير مألوفة في تلك الفترة، ولن تتكرر في العصر الحديث، موضحاً أن تخصصه في دراسة كتب التاريخ السياسي تعكس الدور العظيم، والمجهود الكبير الذي قام به الشيخ زايد في بناء دولة على الحب والتلاحم بين القيادة والشعب، إنجازات متلاحقة رسمها الشيخ زايد بحكمة بالغة، وتفانى الشعب في إرضاء قائد عظيم حرص على إسعاد شعبه، وتقديم كل ما من شأنه الارتقاء بهذا الوطن.
التسامح
أجمع المشاركون في الجلسة على أن الإنسانية والتسامح كانت إحدى الركائز المحورية في فكر الشيخ زايد، رحمه الله، وفلسفته العامة في الحياة والحكم، واستندت رؤيته لهذه القيمة الإنسانية السامية وأهميتها إلى مجموعة من الأسس والأمور المهمَّة، أولها أن ترسيخ القيم الإنسانية السامية، وفي مقدمتها التسامح، في نفوس أفراد المجتمع، جزء أصيل من عملية بناء الإنسان الإماراتي، فالشيخ زايد، رحمه الله، كان يضع عملية بناء العنصر البشري وتنميته في قمة أولوياته، بصفته أداة تحقيق التنمية الشاملة وهدفها في الآن نفسه.