إسرائيل تهدّد إرث مدينتي صور وبعلبك التاريخي: استهداف للتراث الثقافي والحضاري
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
هكذا اعتدنا على آلة القتل الإسرائيلية.. مدمّرة، حارقة، لا تأبه لا لإنسان ولا لتاريخ أو حضارة.. ففي تطور خطير يهدد التاريخ الثقافي والتراث الحضاري للبنان، تتعرض مدينتا صور وبعلبك، وهما من أبرز المواقع الأثرية في الشرق الأوسط، لاعتداءات إسرائيلية متكررة. تستهدف هذه الهجمات المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، ما يهدد بطمس معالم أثرية وثقافية مهمة، تساهم في فهم حضارات الشرق الأدنى القديمة وتعتبر من أبرز الوجهات السياحية في لبنان والمنطقة.
مدينة صور: جوهرة الحضارات الفينيقية
تعد مدينة صور، الواقعة على الساحل الجنوبي للبنان، من أقدم وأهم المدن الفينيقية في المنطقة. أسسها الفينيقيون منذ 4000 سنة، وازدهرت كنقطة تجارية رئيسية بفضل مينائها الحيوي وموقعها الاستراتيجي.
تعتبر في الأساطير مسقط رأس أوروبا، التي أعطت قارة أوروبا اسمها، وكذلك ديدو، ملكة قرطاج، التي يقال إنها قدمت المساعدة لإيناس الطروادي ووقعت في حبه. يعود معنى اسم المدينة إلى "الصخرة"، وهي مكونة من جزأين: الأول مركز تجاري رئيسي على الجزيرة، والثاني مدينة صور القديمة.
تأسست المدينة القديمة المعروفة باسم "أوشو" نحو عام 2750 قبل الميلاد، وسرعان ما نشأ المركز التجاري على الجزيرة بعدها بوقت قصير. بمرور الزمن، أصبح الجزء الموجود على الجزيرة أكثر ازدهاراً وتعداداً للسكان من "أوشو"، وتم تحصينه بشكل كبير للحماية من الهجمات.
صور كانت شاهدة على تعاقب حضارات مختلفة، مثل الحضارة اليونانية والرومانية، حيث تضم المدينة آثاراً لمدرجات ومسارح وقصور تعود إلى تلك العصور.
ازدهار مدينة صور الفينيقية جعلها محط أنظار الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، الذي حاول السيطرة عليها في القرن السادس قبل الميلاد. حاصر نبوخذ نصر المدينة لمدة 13 عاماً، لكنه فشل في كسر دفاعاتها. وخلال هذا الحصار، لجأ سكان صور إلى الجزء الجزري من المدينة بحثاً عن الأمان، مما أدى إلى تحول مدينة أوشو الواقعة على البر الرئيسي إلى ضاحية تابعة لصور حتى وصول الإسكندر الأكبر.
كانت صور تشتهر بصناعة الصبغة الأرجوانية المستخرجة من أصداف محار الموركس، وهي صبغة نادرة ومرتبطة بالنبلاء والملوك في العالم القديم، وأعطت الفينيقيين لقبهم المعروف "الشعب الأرجواني" الذي أطلقه عليهم الإغريق. وباعتبارها أقوى المدن الفينيقية، تفوقت صور على شقيقتها صيدا وأصبحت مركزًا للتجارة والقوة.
وامتدادا لعراقتها وتاريخها الاستثنائي، ذُكرت صور في الكتاب المقدس ،حيث يعتقد أن يسوع والقديس بولس الرسول زاراها. ولا تزال المدينة معروفة تاريخياً بحصارها الشهير من قبل الإسكندر الأكبر، الذي أسس فيها جسرًا للوصول إلى جزيرة صور خلال حملته.
تم تصنيف صور كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1984، باعتبارها شاهداً حياً على إبداعات الشعوب القديمة، إلا أن الاعتداءات الإسرائيلية تهدد هذا التصنيف عبر استهداف المعالم الأثرية بشكل متكرر، ما يؤدي إلى تدمير أجزاء من المواقع التاريخية، وتآكل الهوية الثقافية للمدينة.
بعلبك: معبد الحضارة الرومانية في الشرق
في منطقة البقاع، تقع بعلبك التي تحتضن معابد رومانية تعد من أضخم وأفضل الآثار المحفوظة في العالم. هذه المدينة، التي كانت مركزاً دينياً كبيراً في عهد الإمبراطورية الرومانية، تحمل بداخلها معالم فريدة مثل معبد جوبيتر ومعبد باخوس، اللذين يتفردان بحجم أعمدتهما الضخمة ودقة التفاصيل المعمارية.
كما هو الحال في صور، فإن بعلبك أيضاً مدرجة على قائمة التراث العالمي، وهي رمز للتراث الروماني الضخم في الشرق، حيث يقام فيها مهرجان بعلبك الدولي سنوياً، مستقطباً فنانين عالميين وزواراً من مختلف أنحاء العالم. لكنّ هذه المواقع الأثرية الحيوية باتت تواجه تهديدات مباشرة نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة، ما يهدد باندثار معالمها وإغلاقها أمام السياح والزوار.
وحسب المواقع المتخصصة برصد الآثار، فإنّه لا يُعرف أي شيء عن بعلبك قبل الغزو اليوناني لسوريا (332 قبل الميلاد ). فبعد وفاة الإسكندر الأكبر (323)، سقطت المنطقة في أيدي سلالة البطالمة في مصر، والتي سميت المدينة تحت حكمها هليوبوليس. وفي عام 200 غزاها السلوقي أنطيوخس الثالث العظيم وظلت ملكًا سلوقيًا حتى سقوط تلك السلالة (64 قبل الميلاد)، وفي ذلك الوقت أصبحت تحت السيطرة الرومانية. وبعد عدة عقود أصبحت مستعمرة رومانية. انتقلت بعلبك إلى أيدي البيزنطيين ثم خضعت للسيطرة العربية (637 م ). ومنذ ذلك الحين وحتى القرن العشرين كانت تحت إدارة الحكام المختلفين في سوريا. بعد الحرب العالمية الأولى، ضمت السلطات الانتدابية الفرنسية بعلبك إلى لبنان.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: قبل المیلاد مدینة صور
إقرأ أيضاً:
ميليشيا كتائب حزب الله تؤكد استمرارها في استهداف إسرائيل
آخر تحديث: 20 نونبر 2024 - 4:03 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد زعيم ميليشيا كتائب حزب الله ، اليوم الأربعاء، أن الكتائب تشكك في المفاوضات التي تجري برعاية المبعوث الأمريكي آموس هوكستين لوقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني واسرائيل في لبنان، مشددًا على دعم وحدة الساحات وتلاحم قوى المقاومة.وأوضح أمين عام الكتائب أبو حسين الحميداوي خلال حوار أجراه مع الدائرة الإعلامية للحزب، اليوم،ان “الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة، لم تأتِ إلا بالخراب والغش والخداع”، مؤكداً أن القرار النهائي بشأن المفاوضات يعود للإخوة في حزب الله الذين يمتلكون القدرة على تحديد مصالحهم الآنية والمستقبلية.وفيما يتعلق بتأثير المفاوضات على وحدة الساحات بين قوى المقاومة، أشار الحميدواي إلى أن حزب الله لن يتجاهل قضايا الأمة العربية، خاصة قضية غزة، مضيفًا أن المقاومة اللبنانية لن تفرط في التزاماتها تجاه الشعوب المظلومة.وتعليقًا على المتغيرات المحتملة بعد المفاوضات، أكد الحميدواي أن الكتائب تجري مباحثات مستمرة داخليًا ومع تنسيقية المقاومة العراقية، بالإضافة إلى اتصالات مع حزب الله وأنصار الله وقادة المقاومة الفلسطينية، لتشكيل موقف موحد يتماشى مع التطورات المستقبلية.وأشار إلى أن الأولوية تتمثل في عدم ترك الشعب الفلسطيني وحده، والحفاظ على وحدة الساحات، التي وصفها بأنها “إحدى القواعد الأساسية التي أرساها الشهيد قاسم سليماني”. واختتم قائلاً: “سنظل أوفياء لتلك القيم، وسلام قولا من رب رحيم”.