كيف ستحدد الانتخابات الأمريكية مستقبل حروب إسرائيل؟
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
سرايا - توقعت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن لا يهدر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أي وقت في الاستفادة من نتيجة التصويت في الانتخابات الأمريكية المقبلة لتوجيه السياسة الإسرائيلية ولتأمين صفقة للرهائن وإنهاء الحرب في لبنان.
سيناريوهات نتانياهو
وقالت الصحيفة "إذا فاز دونالد ترامب، فسوف ينتهز نتانياهو الفرصة لإقناع شركاء ائتلافه اليميني وخاصة بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير بأن إنهاء الصراع أمر ضروري للحفاظ على الإدارة القادمة لتكون متوافقة مع المصالح الإسرائيلية.
وقد يلمح حتى إلى دعم ترامب لضم الضفة الغربية في المستقبل كاحتمال، مؤكداً أن إنهاء الحرب الآن يمكن أن يمهد الطريق لتحقيق حلم اليمين.
وعلى العكس من ذلك، إذا دخلت كامالا هاريس البيت الأبيض، فسوف يلعب نتانياهو ورقة مختلفة تماماً، ويرسم صورة أكثر قتامة لما يمكن أن تحققه الإدارة الديمقراطية، إذ سيصر على أن المخاطر قد تكون أعلى، وأن إنهاء الحرب قبل يناير (كانون الثاني)، سيكون ضرورياً لتجنب التدابير الأمريكية التي قد تذهب إلى حد تقويض قدرة الجيش الإسرائيلي على مواصلة الحروب التي يريد سموتريتش وبن غفير استمرارها.
ونتيجة لهذا فإن الموعد النهائي الأكثر إلحاحاً الآن ليس مصير الرهائن بل مصير أمريكا ومن سيكون الرئيس القادم.
كيفية التعامل مع هاريس
ورأت الصحيفة أن نتانياهو سيخبر حلفائه اليمينيين أن الفشل في إنهاء حرب غزة قبل تولي هاريس لمنصبها من شأنه أن يدعو إلى حملة أمريكية صارمة على المستوطنات في الضفة الغربية، وربما تكون أسوأ حتى من السياسات التي تبناها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
وقالت إن نتانياهو كان يذكرهم بتعليمات أوباما بعدم وضع حجر واحد خلال لقائهما الأول، وهو اللقاء الذي وصفه نتانياهو لاحقاً بأنه "كمين" والذي ضغط على إسرائيل لحملها على تجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر.
وأشارت إلى أن الحسابات المتغيرة مع لبنان ترتكز على عاملين رئيسيين.
أولاً، حقق الجيش الإسرائيلي هدفه الأساسي المتمثل في استعادة الأمن في الشمال من خلال تدمير البنية الأساسية لحزب الله على طول الحدود وحرمان المجموعة من القدرة على غزو إسرائيل بسهولة.
وقالت الصحيفة إن أي تحرك آخر داخل الأراضي اللبنانية من شأنه أن يخاطر بصراع مطول، وزيادة الخسائر البشرية، واستنزاف سريع للموارد.
وأدرك المخططون العسكريون الإسرائيليون منذ فترة طويلة أن لبنان يمثل تحدياً مختلفاً عن غزة ولم يقصدوا أبداً تفكيك حزب الله بالكامل.
وبدلاً من ذلك، كان الهدف دائماً دفع قوات حزب الله إلى الشمال من نهر الليطاني، بعيداً بما يكفي لتقليل التهديد الذي يشكله على شمال إسرائيل.
وإذا كان من الممكن تحقيق هذا الهدف الآن، فلن يكون هناك رغبة كبيرة في الضغط بشكل أعمق.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن حرب غزة، التي تتجه إلى شهرها الرابع عشر، قد وصلت أيضاً إلى نقطة تحول، حيث تدهورت القدرات العسكرية لحماس بشكل كبير، ومع مقتل يحيى السنوار، تعتقد إسرائيل أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
ومن المتوقع أن تعيد نتيجة الانتخابات الأمريكية تعريف خيارات الحرب الإسرائيلية. قد يكون نتانياهو ماهراً في التعامل مع مثل هذه التحديات الدبلوماسية، لكنه يعلم أن هذه الفترة تتطلب الحذر.
وختمت الصحيفة "في حين حققت إسرائيل مكاسب عسكرية استراتيجية في غزة ولبنان، مع وجود الكثير على المحك، فإنها بحاجة إلى التحرك بحذر لتجنب الوقوع في فخ نيران ساحة المعركة السياسية في أمريكا".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الأمريكية: تكتيكات متغيرة وأهداف ثابتة في الشرق الأوسط
يبدو واضحاً أن المهمة الأكثر إلحاحاً التي ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية، تكمن في كيفية رسم صورة جديدة لوجودها في منطقة الشرق الأوسط، أملا في الوصول إلى تغيير ملامحها التي باتت واضحة، نتيجة للمآسي المؤلمة التي سببتها الأزمة الإنسانية في غزة والجنوب اللبناني، والتي زادت من حدة حالة عدم الاستقرار، وضاعفت من احتمالات تسريع تفكيك خريطة الشرعية المرسومة دوليا، في معاهدات واتفاقيات تقاسم النفوذ منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لدول المنطقة.
وإن كانت عملية غزو العراق قد كشفت في النهاية حقيقة زيف الأهداف الأمريكية المعلنة، والمتمثلة في إرساء الديمقراطية والسلام في العراق، ومن ثم التأثير لاستمرار سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، أظهرت شعارات الدفاع عن الحريات المدنية والدينية وحقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي، على أنها لم تكن إلا مجرد وهم من أوهام اللعبة السياسة، التي تتقنها القوى الكبرى في علاقتها المرسومة الثابتة في الأجندات، ومعاهد الدراسات العالمية، إذا ما نظرنا بعين الاهتمام إلى غياب الموضوعية الأمريكية الواضح، في كيفية إدارتها للأزمة التي تمر بها بلداننا، وباختلاف الإدارات التي جاءت بها الانتخابات الأمريكية.
وعلى الرغم من الأهمية الإقليمية التي تحظى بها نتائج الانتخابات الأمريكية، في حالة عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وعلى العكس من ذلك، ما قد يجلبه فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط ، بيد ان فرص نجاح أحد هذين الاحتمالين قد لا يسمح في تغيير الأفق المتصل بالجغرافيا السياسية والدور المستقبلي للولايات المتحدة في الشؤون العالمية.
وقد تتساءل دول وحكومات العالم العربي والإسلامي، عما إذا كانت قضية العرب المشتركة في الدفاع عن فلسطين، من خلال حل الدولتين وإرساء السلام، ستحظى بالأفضلية من قبل الديمقراطيين، أم من قبل الجمهوريين، وهل أن الولايات المتحدة الأمريكية وبغض النظر عن طبيعة الإدارة المقبلة، جادة لوضعها في أولوية سياستها المقبلة، لإعادة حقوق الشعوب المشروعة وإرساء السلام الدائم في المنطقة؟
لا شك في أن السمة الواضحة التي تميز السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات الأخيرة، تتمثل في الحرص على تحجيم الدور المتزايد الذي تلعبه الصين في العالم، فعلى الرغم من الأهمية التي يتمتع بها الصراع المسلح بين روسيا وأوكرانيا، وتداعيات الحرب المدمرة الإسرائيلية على غزة ولبنان، إلا ان مقومات الخطر الاقتصادي والسياسي الصيني يبقى ضمن أولى الأولويات في استراتيجية واشنطن العالمية، إضافة للتحديات المستمرة التي تواجه الولايات المتحدة مع روسيا وعلاقة هذه الأخيرة مع الصين في الحرب في أوكرانيا وإيران، وهذا ما قد يزيد من الأهمية والأولوية للإدارات المقبلة في تعاملها مع هذا الدور المتزايد الذي تلعبه بكين.
من هنا، أصبح من الصعوبة إن لم يكن من المستحيل، أن نتجاهل قراءة واضحة للمستقبل، وفق معطيات المنطق والواقع، الذي فرضه تشابه السياسة الخارجية الأمريكية من موقفها من سياسة حليفتها إسرائيل، من دون الرجوع إلى الأسباب الحقيقة لهذا الانحياز الواضح، الذي يضمن ويؤمن مصالح الدولة العبرية.
فلا يمكن لناقد او متتبع في السياسة، أن يتجاهل حجم علاقة الغرب وأمريكا من خلال اعتبار الدفاع عن إسرائيل أحد أهم الأولويات والواجبات للسياسة الخارجية، وهذا ما يوضح حجم التباين في ميزان القوى، مقارنة بأولويات أمريكا مع أولويات الدول العربية، التي تعتبر القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القدرة السياسية والعسكرية التي تتمتع بها هذه القوى العظمى.
لقد كان لدعم إدارة بايدن لحرب إسرائيل في غزة ولبنان، الدليل والإشارة الواضحة لحجم التباين بين هذه الأولويات، وهذا ما ترجم أسباب استمرار تقويض مصداقية الولايات المتحدة في علاقاتها مع دول المنطقة، وصمتها على منطق العقاب الجماعي الخطير بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، أو عن طريق إذلال العراقيين والسماح بمسح تاريخهم وهويتهم، عن طريق فرض الصراع السني ـ الشيعي، وجعل منطقة الشرق الأوسط بؤرة لأشكال عدة من الفوضى وتصعيد الصراعات الإقليمية بين الاشقاء لتصب في النهاية لصالح إيران وأجندتها التوسعية.
يبقى السؤال عن احتمالات تغير الموقف الأمريكي واستراتيجيته في العراق، في حال فوز مرشح الرئاسة دونالد ترامب على الرغم من تشابه أهداف الإدارات الأمريكية وحرصها في الدفاع عن الأحادية الدولية في عالم أحادي القطب، على الرغم من اختلاف الأحزاب والرؤساء لكونهما وكما يراه ويلمسه الكثيرون، وجهين لعملة واحدة، لا تختلف مواقفهم إلا من خلال التباين في طرق تنفيذ الأهداف المركزية الثابتة، التي لا تتغير بتغير من سيمثل البيت الأبيض، إلا من خلال الخصوصيات والتباين في وجهات النظر.
ففي الوقت الذي اعتبر الرئيس الجمهوري السابق الحرب على العراق بمثابة الخطأ الكبير، حرصت إدارة بايدن الديمقراطية على استمرار علاقتها «العلنية ـ السرية« مع نظام ولاية الفقيه الإيراني، في طرق التعامل والتوافق في الملف النووي سعيا لإفشال الأهداف الروسية والصينية الهادفة إلى شل القدرة الأمريكية في تثبيت أهدافها في الشرق الأوسط.
ومع استمرار الحرب على غزة وجنوب لبنان، قد يكون من الأفضل للرئيس المنتخب الجديد، تبني دور أكثر عقلانية وأكثر جرأة، من خلال إعطاء الأولوية لإدارة الصراعات في الشرق الأوسط، اذ كان راغباً في إرساء السلام، وهذا ما يلزم الجهتين، معالجة هذه الإشكالية والتفرغ لإيجاد الحلول العادلة لقضية العرب المركزية، بدلاً من تجاهلها وإجبار نظام الولي الفقيه في الوقت نفسه على وقف التحدي للنظام الإقليمي العربي، حتى لا تتحول شعارات الانتخابات الأمريكية للشرق الأوسط، منبرا لتحقيق استراتيجية انتخابية في الولايات المتحدة، وساحة للألغام لدول المنطقة نفسها.
القدس العربي