مؤتمر تقدم بلندن وعشوائيات الآخرين
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
حديث للكافة.
اود القول ان بعض الاصدقاء والصديقات سألوني.. لماذا اقوم بعمل تغطية صحفية لمؤتمر تقدم بلندن .. هل انت عضو معهم؟
بالرغم من ان العديد من الناشطين وغير الناشطين يعرفون تكويني السياسي العريق ومعتقدي الطائفي الذي لن احيد عنه.. فهذه حريتي الشخصية والتي بالطبع لا تمس حريات الآخرين ومعتقداتهم..
ويكون ردي للعديدين منهم وبصيغة وااااحدة تتلخص في التالي:
نحن كصحافة يجب علينا ان نعكس انشطة كل التيارات في الساحة السياسية بمافي ذلك انشطة جماعة الحركة الاسلامية او الحركات المسلحة.
لكننا ندين التصرفات الهوجاء مثل التي اقتحمت مؤتمر تتسيقية تقدم في لندن مثلما نشرناه من اخبار تصلنا من مصادرنا بلندن وهي عديدة.
ذلك التصرف وبكافة المقاييس وفي بلاد تحترم الحريات كبريطانيا يعتبر تصرفا همجيا لا يحترم القانون والحريات كما قلنا .
ويكون من الأجمل والافضل ان يعمل دعاة استمرار الحرب لقاء او مؤتمرا لجماعتهم وبتصديق رسمي من السلطات المختصة بلندن لنقد سياسات جماعة تقدم وتوضيح وجهة نظرهم عبر الميديا والاعلام المفتوح.
اما محاولة التشويش علي مؤتمر تقدم المصرح به رسميا من السلطات هناك فهو تصرف صبياني متخلف مثلما يحدث دائما في الصراع السياسي بالسودان.
لسه بدري علينا.
لذلك يظل الدعم السريع متمددا اكثر بسبب أخطاء قيادة الحكم السابقة للثورة التي انشاتهم . وايضا اخطاء القيادة القابضة حاليا التي رعتهم ومكنتهم ووضعتهم فوق رقاب الشعب.
و بسبب ركوب راس القيادة الحالية ورفضها منذ الشهر الأول للحرب لوساطة منبر جدة التي كانت ستوقف إطلاق النار قبل ان تتهدم البلاد ويتشرد الشعب من العاصمة والجزيرة ودارفور وتنهب البيوت وتزهق الارواح وتتدمر البنيات التحتية للبلاد .
وقد وجد الدعم الفرصة متاحة ليفعل مافعل في شعبنا في العديد من الولايات بتلك الوحشية المعروفة حاليا للكافة.
كما ظلت كل وسايط الميديا الخاصة بقيادة الحكم ينحصر جهدها المتواصل في متابعة انشطة قوي الثورة وتكثيف الإساءة لها دون توقف . بل ظل البعض ينادي بقطع رؤوسهم وكأنهم يرغبون في عودة زمان الحجاج بن يوسف بالسودان.( فتأمل).
حيث لم تتحق العودة الكاملة لاركان حكم الانقاذ بعد. فهم الذين تنتظرهم ساحات المحاكم لقضايا لن تسقط بالتقادم مثلما تقول القاعدة القانونية المعروفة. فالملف العدلي لايزال مفتوحا ولم يغلق بعد ولن يغلق.
فهل من المعقول ان تغيب هذه الحقيقة عن تفكير جماهير الشعب السوداني؟؟؟
وسوف تتواصل جهودنا في التغطية الصحفية بكل استقلالية ووطنية.. وسيظل جهدنا الاعلامي متواصلا للحفاظ علي كينونة قواتنا المسلحة التي لابد من ان تحمي البلاد من اي مخاطر خارجية.
وفي ذات الوقت يظل نقدنا بانيا لكل مانراه منافيا للحريات المشروعة لان هذا السودان يعتبر ملكا لكل الشعب السوداني سواء لجماعة الحكم الانقلاب الحالي او للمعارضة المدنية التي تعمل علي عودة الحكم المدني كاملا سواء كانت تنسيقية تقدم او اي كيانات سياسية اخري تعمل خارج مظلة تقدم. او حتي الواقفين علي الرصيف. فالوطن للجميع.
هذا للعلم وشكرا.
abulbasha009@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الفقر ليس تهمة .. القيادة بالخبرة والمعرفة والذكاء.
بقلم : ضياء ابو معارج الدراجي ..
في أروقة مؤسسات الدولة، حيث الحواسيب المتهالكة تصارع لتبقى على قيد التشغيل، وحيث لا دعم لوجستي يُذكر سوى أوراق موقعة وأختام خاوية، هناك وُلدت تجربتي التي لا تُشبه غيرها لا في الشكل ولا في المضمون، فمن داخل مكتب رئيس الوزراء عام ٢٠٠٧، حيث تُصنع القرارات وتُنسج السياسات، بدأت رحلتي مع البيانات، لكن ليس كأي مبرمج يُمسك بلوحة مفاتيح وينتظر نتائج محفوظة في كُتبٍ أجنبية، بل كنت أُصارع القيود، الحرفية منها والإدارية، وأُقاتل بفكرة ضد حائطٍ من الجهل والإهمال.
كانت التحديات كبيرة جدًا امنية ومادية وسياسية واخلاقية، كيف لا وأنا أُطالب ببناء منظومات تتعامل مع أكثر من ثلاثين مليون قيد، باستخدام حواسيب لا تقوى على تشغيل حتى متصفح الإنترنت بشكل سلس؟ لم تكن هناك خوادم متطورة، ولا بيئة تدعم قواعد البيانات الضخمة مثل Oracle أو SQL Server أو DB2، هذه البرامج التي تحتاج إلى مراكز بيانات وسعة تخزين وسرعات اتصال لم نكن نحلم بها، ناهيك عن إدارتها، ولم تكن حتى تُطرح على طاولة النقاش، لذلك الواقع فرض علينا مايكروسوفت أكسس، هذا البرنامج البسيط الذي بالكاد يُحتمل عشرة آلاف قيد قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
لكنني لم أستسلم، ولم أكن يومًا ممن ينتظرون “موافقات” كي يُنتجوا، بل حفرت في قلب هذه البيئة المحدودة نظامًا جبّارًا، مزجت فيه بين البرمجة الكيانية بلغة Visual Basic وجُمل SQL، واستحدثت أسلوبًا خاصًا في معالجة البيانات، لا يعتمد على استدعاء كل ما في القاعدة، بل على تنبؤ ما يجب أن يُستدعى وفق منطق التحليل الخوارزمي المسبق. أفرغت الذاكرة من الزوائد، وأخفيت الأكواد خلف أوامر ذكية، وصغّرت الأحجام عبر ضغط منطقي وفلترة فكرية وليس رقمية فقط.
فصنعت بيئة يُمكنها استدعاء الأسماء والنتائج والبيانات خلال جزء من الثانية، بعد أن كانت تستغرق أكثر من خمس دقائق الى ربع ساعة في سابق عهدها، بل وذهبتُ لأبعد من ذلك، حين أدخلت نمطًا بسيطًا من الذكاء الاصطناعي قادر على التعرّف على الأسماء المكتوبة خطأً، لا بالاعتماد على التصحيح الإملائي التقليدي، بل بتحليل الحروف وتوقّع البنية الصحيحة، وهذا كله في Access، وعلى جهاز من نوع Pentium 4، وذاكرة RAM لا تتجاوز 2 GB، وفي بيئة تخلو من الدعم، وتخنق كل مبادرة.
ظلّت هذه الانظمة الالكترونية تعمل لسنوات، واعتمدت عليها فرق التحقيق والتدقيق والمراجعة، وكان يشهد لي كل من تعامل معها أنها تسبق زمنها، بل ويدتغني الدولة عن استيراد أنظمة بمئات آلاف الدولارات، دون أن يُعرف أن من بناها كان واحدًا من موظفي الدولة المتواضعين الذين لم يسعَ لمنصب، ولا حملَ واسطة، ولا نطقَ بحزبية.
حتى جاء عام 2015، وحينها لم أُحاسب لأنني أخطأت، بل عُوقبت لأني أبدعت، وأُبعدت عن مهامي بأمر من رئيس الوزراء آنذاك الدكتور حيدر العبادي، ضمن حملة لم تُفرّق بين من يُنتج ومن يُعرقل، وخرجتُ دون أن يُسأل عني أحد، لكن الانظمة الالكترونية التي صنعتها بقت، لأنها ببساطة، لا أحد استطاع أن يفهمها أو يطوّرها، فبقت تعمل عندهم وكأن يدي لا تزال تحركها.
اليوم، أكتب هذه القصة ليس من باب التفاخر، فالكفاءة لا تحتاج إلى ضجيج، بل لأنني سمعت حديثًا للأخ هادي جلو مرعي، يتكلم فيه عن “خبل المناصب” حين تولاها الفقراء، ويقترح إعطاءها للتجار بدلًا منهم، كأن الدولة تُدار بثمن لا بفكر، وكأن الخلل في الفقر لا في الجهل.
وهنا أقول، ليس الفقر من خرّب الدولة، بل الجهل والتسلق، والإبعاد المتعمّد للكفاءات، الكفاءات التي تستطيع أن تُحوّل أدوات بسيطة إلى أنظمة سيادية، وتوفّر على الدولة ملايين الدولارات بخوارزميات وطنية. إن العشرات، بل الآلاف، من هذه الكفاءات تم تهميشها لصالح حملة شهادات مدفوعة الثمن لا يعرفون كيف تكتب جملة SQL واحدة، لكنهم وصلوا، لأنهم يعرفون كيف يُجيدون مسح الأكتاف.
إن إصلاح الدولة لا يكون بتبديل فقير بتاجر، ولا باستيراد مسؤول من السوق، بل بإعادة الاعتبار للعقل، وتقدير المُنتج الوطني، والبحث عن العقول التي أثبتت نفسها في أصعب الظروف، وكرّست قدراتها لخدمة بلدها لا حساباتها. هؤلاء هم من يبنون الدول، لا من يُبدّدون ميزانياتها في ورش عملٍ لا تُنتج سوى المزيد من الخطط العقيمة.
سيبقى الإبداع متّهمًا ما دام الجهل هو الحاكم، وستظل الكفاءة في قفص الاتهام ما لم نُعد الاعتبار للعلم والاختصاص والخبرة، لا للاسم والحزب والعشيرة والكتلة.