روسيا وأمريكا ولعبة النفوذ في السودان في ظل الصراع المسلح!
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
تحوّل السودان إلى ساحة للصراع بين القوى الدولية، روسيا تدعم مرة قوات الدعم السريع ثم تزود الجيش بسلاح يرجح ربما كفته في الصراع. فيما تنتقد واشنطن تزويد أي جهة داخل السودان بسلاح قد يطيل من أمد الحرب الأهلية.
التغيير: وكالات
تلعب روسيا دورًا متزايدًا في السودان لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر وتوسيع حضورها الإفريقي.
لكن رغم كل الجهود الدولية يشهد السودان صراعا على السلطة بين قوات الدعم السريع والجيش منذ 15 أبريل 2023، وتحول البلد الأفريقي الكبير نتيجة ذلك إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية، إما بسبب أطماع في ثرواته أو وضع قدم في هذا البلد الأفريقي المهم أو لتصفية حسابات.
مصالح روسيا في السوداننقلت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، عن ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة السعودية، قوله إن “روسيا طلبت إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة، وإن اتفاقيات بهذا الصدد سيتم توقيعها قريباً”. بشأن ذلك يقول لؤي عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع “قلب إفريقيا” الإخباري السوداني، لـ DW إن روسيا تسعى لتعزيز وجودها السياسي في القارة الإفريقية، “السودان، بفضل موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية الغنية، بما في ذلك المعادن والزراعة، يمثل فرصة استثمارية واقتصادية مهمة لروسيا”. ويضيف لؤي ” أن السودان قد يصبح نقطة انطلاق لتعزيز النفوذ الروسي في وسط وجنوب وغرب إفريقيا، مما يشكل تحديًا لتواجد القوى الغربية، وخصوصًا فرنسا”. يشار إلى أن الجانب الروسي لم يعلن رسميا عن تزويده الجيش السوداني بالسلاح.
من جانبه يرى مكي المغربي، مستشار في الملف الأمريكي والافريقي بنيويورك، أن”مصالح روسيا في السودان تتمثل في الحاجة إلى موطئ قدم عسكري على البحر الأحمر، وهو ما عبَّرت عنه روسيا من خلال الاتفاقية الخاصة بالقاعدة اللوجستية”. وأكد مكي أن “السودان يحتاج إلى التعاون العسكري والسياسي في المحافل الدولية، فضلاً عن الحاجة المتزايدة في مجالات الزراعة والتعدين. على الرغم من خروج السودان من العقوبات الأمريكية، لا تزال هناك عقوبات تؤثر عليه وعلى منظومة الصناعات الدفاعية”.
وفي هذا الإطار يضيف لؤي عبد الرحمن قائلا: “إن الحكومة السودانية لجأت إلى روسيا في ظل ضعف الدعم الغربي، حيث لم تتخذ الدول الغربية موقفًا واضحًا أو قويًا ضد مليشيا الدعم السريع” على أمل أن تتلقى الدعم العسكري والسياسي في المحافل الدولية في ظل الضغوط الميدانية”.
لكنه عبد الرحمن يرى “أن الانحياز الروسي للحكومة السودانية ليس كاملاً”. وأشار إلى أن روسيا لم تكن شريكًا أساسيًا للحكومة في الأصل، بل كانت تربطها علاقات وطيدة مع قوات الدعم السريع. “وقدمت روسيا مستشارين لهذه الميليشيا وأقامت علاقات استثمارية قوية معها، خاصة في قطاع الذهب”.
يشار إلى أن قوات الدعم السريع تمتلك أسلحة روسية حصلت عليها سابقًا، فضلاً عن وجود حلفاء لهذه الميليشيا من الدول المجاورة، مما قد يعني تلقي الدعم الروسي بشكل غير مباشر. وفي هذا السياق يقول لؤي: “إن الحكومة السودانية تدرك أن الميل الروسي نحوها ليس كاملاً، وأن روسيا قد تستخدم هذا التوجه كورقة ضغط لتحقيق مصالحها الخاصة.”
ونشر مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، وهو شبكة عالمية من الصحفيين الاستقصائيين، تقريراً في نوفمبر 2022 يوضح بالتفصيل تدخل مجموعة فاغنر في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان.
الموقف الأمريكي من الأزمة السودانيةأبدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قلقها إزاء تقارير تفيد بوصول شحنات أسلحة من إيران إلى الجيش السوداني، الذي يخوض صراعاً عنيفاً مع “قوات الدعم السريع” المتهمة بتلقي دعم من روسيا وجهات أخرى. ويأتي هذا الموقف في إطار جهود أمريكية لاحتواء التدخلات الخارجية المتزايدة في السودان التي تهدد استقرار المنطقة.
وخلال محادثات أجرتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي فيي، على هامش القمة الأفريقية في أديس أبابا، أكدت الولايات المتحدة التزامها بأولوية استعادة الحكم المدني في السودان. وتسعى واشنطن عبر ما أطلقت عليه “خطة اليوم التالي” إلى إنهاء النزاع وضمان استقرار المنطقة، في ظل تزايد التنافس الدولي على النفوذ في السودان والقرن الأفريقي.
ويرى مراقبون إن تزايد النفوذ الروسي في السودان سيدفع الولايات المتحدة للتحرك أكثر وسد الطريق أمام النفوذ الروسي المتزايد. ويقول مكي المغربي إن “التعاون الروسي والتقارب السوداني الإيراني له تأثير إيجابي لأنه يعكس انفتاح السودان على منافسيه أمريكا في المنطقة”. ويؤكد بالقول: “طلبنا التعاون مع أمريكا فلم تهتم بنا ولكن عندما نتوجه نحو روسيا تهتم، ليس لتطوير العلاقة معها بل لمنع السودان من العلاقة مع روسيا ثم تتنصل هي عن وعودها”.
عقوبات واشنطن على السودانوفي خطوة تهدف إلى تقييد الموارد العسكرية للقوات المسلحة السودانية فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ميرغني إدريس سليمان، المدير العام للصناعات الدفاعية وأحد القادة البارزين في الجيش السوداني. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، يتهم إدريس بقيادة جهود مكثفة لتوسيع القدرات العسكرية للجيش، بما في ذلك شراء الطائرات المسيرة من إيران وروسيا، وتبادل الأسلحة مع موسكو مقابل تسهيلات لوجستية.
ويرى مراقبون أن هذه العقوبات تأتي في وقت يشتد فيه الضغط الدولي لإنهاء النزاع في السودان، حيث يعاني أكثر من 21 مليون سوداني من نقص حاد في الغذاء، بينما تشرد 11 مليوناً بفعل النزاع. وتشير هذه الخطوة إلى استراتيجية من واشنطن تهدف إلى توسيع نطاق الضغط على النظام السوداني، حيث يمكن أن تشمل العقوبات قادة عسكريين آخرين ومسؤولين حكوميين متورطين في انتهاكات حقوق الإنسان أو تعزيز النزاع. ويهدف هذا إلى إرسال رسالة قوية مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي محاولة لزيادة التسليح، مُشيرةً إلى ضرورة المساءلة في ظل الظروف الإنسانية الحرجة.
الذهب والسلاح والنفوذ في السودانيُعتبر السودان من أبرز منتجي الذهب في إفريقيا، حيث يحتل المرتبة الثالثة عشرة عالميًا، إذ تبلغ احتياطيات من الذهب حوالي 1550 طنًا. ومع ذلك، كشفت تقارير حديثة، بما في ذلك تقرير شبكة “سي أن أن” الأمريكية، عن قضية خطيرة تتعلق بنهب الذهب السوداني من قِبَل روسيا، التي تستخدمه لتمويل حربها في أوكرانيا.
وبحسب مراقبين، فإن تقدّيم روسيا دعمًا سياسيًا وعسكريًا قويًا لمجلس السيادة السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان سيزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد. ومن خلال هذه العلاقة، تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، مع الاستفادة من الموارد الطبيعية الغنية للسودان، مثل الذهب.
وفي نفس السياق يقول لؤي: “إن الحكومة السودانية تستغل الدعم الروسي كأداة ضغط ضد الغرب، بهدف إجبار مليشيا الدعم السريع على التفاوض وفق أجندة الجيش السوداني. في حين يُعتبر هذا التوجه تكتيكيًا من جانب السودان، فإن روسيا ترى في هذا التواجد فرصة استراتيجية لتوسيع نفوذها في المنطقة”.
ومن الواضح أن”التدخل الروسي لا يمثل عائقًا كبيرًا أمام عملية السلام في السودان، إذ أن علاقات روسيا في الأصل لم تقتصر على الحكومة السودانية، بل امتدت إلى “مليشيا الدعم السريع” التي تجمعها بروسيا مصالح اقتصادية، وخاصة في قطاع الذهب”، بحسب مكي المغربي. ويشرح مكي بالقول إن “السودان كان يرغب في علاقات أقوى مع أمريكا أكثر من روسيا، ولكن انزلقت أمريكا في أجندة الرباعية وهي (أمريكا، بريطانيا، السعودية، الامارات)” .
وليس سرا أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا والصين تبحث عن مصالحها في القارة الأفريقية التي تعاني من ويلات الحروب والصراعات، بل أن القارة أصبحت ساحة للصراع على المستوى الاقتصادي. وطالما انتقد ناشطون مدنيون سودانيون الموقف الامريكي تجاه الأزمة في البلاد، وطالبوا واشنطن بعدم الأكتفاء بفرض عقوبات على قوات الدعم السريع وقيادتها أو على قيادات عسكرية في الجيش، بل بدخول قوات أممية تفصل بين القوات المتحاربة وتحمي المدنيين .
نقلاً عنDWعربية
الوسومأمريكا الذهب السوداني حرب الجيش والدعم السريع روسياالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا الذهب السوداني حرب الجيش والدعم السريع روسيا الحکومة السودانیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة الجیش السودانی البحر الأحمر فی السودان فی المنطقة السودان من روسیا فی من خلال فی هذا
إقرأ أيضاً:
بـ «مسيرة» .. الدعم السريع يستهدف محطة كهرباء جديدة بشمال السودان
استهدفت قوات الدعم السريع فجر اليوم الأحد محطة كهرباء بربر التحويلية بولاية نهر النيل شمالي السودان بطائرات مسيرات، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن المدينة.
الخرطوم ــ التغيير
وقبل فترة قليلة استهدافت قوات الدعم السريع محطة عطبرة التحويلية المغذية لولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، ما أدى لخروج الولايتي عن الخدمة.
و أكد شهود عيان أن طائرات قصفت في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد محطة كهرباء بربر التحويلية ما أدى إلى اشتعال النيران في المحطة التي تغذي محلية بربر ومصنع أسمنت عطبرة.
وخلال الفترة الماضية كثفت الدعم السريع من هجماتها بالطيران المسير على مدن عطبرة والدامر وبربر حيث تعاملت مضادات الطيران التابعة للجيش مع المسيرات المهاجمة، قبل أن تنجح احداها في تدمير المحول الرئيسي في محطة كهرباء بربر.
وأمس شنت قوات الدعم السريع هجمات بالطائرات المسيرة على عدة مواقع عسكرية في مدينة أم درمان، حيث استهدفت بشكل خاص قاعدة وادي سيدنا العسكرية وجبل سركاب والكلية الحربية، وذلك في وقت مبكر من صباح الجمعة، وقد شهد سكان أم درمان تصاعد ألسنة اللهب في عدة مناطق بالمدينة، مصحوبة بأصوات المدافع المضادة للطائرات، مما زاد من حدة التوتر في الأجواء.
وفقاً لما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتفعت أعمدة النار والدخان من قاعدة وادي سيدنا نتيجة للهجمات التي شنتها مسيرات بعيدة المدى تابعة لقوات الدعم السريع. وقد سمع دوي انفجارات قوية، مما يدل على شدة الصراع القائم بين الأطراف المتنازعة.
تداول النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع توثق لحظات الانفجارات والأعمال القتالية، مما يعكس مستوى التوتر والاضطراب في المنطقة.
وشنت المسيرات الاستراتيجية والانتحارية للدعم السريع هجمات خلال الأشهر الأخيرة استهدفت محطات الكهرباء في ولايات الشمالية ونهر النيل والقضارف مما تسبب في قطوعات للتيار شمل أم درمان التي تضم حاليا مقار حكومة ولاية الخرطوم.
كما هاجمت المسيرات محطة كهرباء سد مروي الرئيسية في الولاية الشمالية، التي تعاني من انقطاع الكهرباء منذ نحو شهرين.