موسكو– لم تمر مصادقة مجلس الدوما الروسي (البرلمان) على معاهدة التعاون الإستراتيجي الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية دون ردود فعل حادة من أوكرانيا ومن كوريا الجنوبية، وصلت إلى حد اتهام بيونغ يانغ بإرسال قوات عسكرية للمشاركة إلى جانب القوات الروسية في القتال ضد الجيش الأوكراني.

وفي محادثة هاتفية، انتقد الرئيسان الكوري الجنوبي، يون سوك يول، والأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، التعاون بين موسكو وبيونغ يانغ في المجال العسكري، و"أدانا بأشد العبارات التعاون العسكري غير الشرعي بين كوريا الشمالية وروسيا، بما في ذلك نقل الأسلحة ونشر القوات، واتفقا على مواصلة المشاورات الإستراتيجية من أجل رد مشترك"، حسب بيان مشترك صدر عنهما.

ووفقا لوكالة يونهاب، نقلا عن جهاز المخابرات الوطنية في كوريا الجنوبية، فإن 1500 من القوات الخاصة لكوريا الشمالية موجودة بالفعل في الشرق الأقصى الروسي، وقد تمركزت في وحدات عسكرية في فلاديفوستوك وأوسورييسك وخاباروفسك وبلاغوفيشتشينسك، وبحسب الوكالة نفسها، فإن بيونغ يانغ تخطط في المجمل لإرسال 12 ألف جندي من وحدات النخبة إلى منطقة العمليات العسكرية داخل أوكرانيا.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه لا يستطيع تأكيد المعلومات المتعلقة بوجود قوات كورية شمالية في أوكرانيا، وإن بلاده ستواصل دراسة هذه القضية، كما نفى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، وجود أدلة على أن هناك قوات كورية شمالية في أوكرانيا.

ونفت موسكو بشكل قاطع مشاركة الكوريين الشماليين في الحرب مع أوكرانيا، ووصف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، هذه المعلومات بأنها "كذبة إعلامية أخرى".

وتنص معاهدة التعاون الإستراتيجي بين روسيا وكوريا الشمالية على تقديم المساعدة العسكرية لبعضها البعض في حال "وجد أحد الأطراف نفسه في حالة حرب، بسبب هجوم مسلح من قبل دولة أو أكثر"، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن هذه الجزئية تعكس "موقفا دفاعيا حصرا".

الأمين العام للناتو مارك روته نفى وجود أدلة على أن هناك قوات كورية شمالية في أوكرانيا (الأناضول) مجازفة

وشكك محلل الشؤون العسكرية، فيكتور ليتوفكين، بما وصفها بالادعاءات الأوكرانية والكورية الجنوبية، وقال إن مثل هذا العدد الصغير نسبيا من المقاتلين الكوريين الشماليين قد يساعد الجيش الروسي، لكن العواقب الدولية بالنسبة لموسكو قد تكون سلبية للغاية.

ويوضح للجزيرة نت أن مشاركة وحدات نظامية من كوريا الشمالية قد تأخذ العملية العسكرية في أوكرانيا إلى مستوى مختلف تماما سيظهر مشاركة طرف ثالث في الصراع، وهذا يعطي الحرية لجميع المعارضين لروسيا في إرسال قواتهم إلى أوكرانيا لمساعدة قواتها.

ويعود ليتوفكين للتأكيد على أن هذه لا تعدو كونها شائعات، مضيفا أنه "من المثير للدهشة أنه من بين جميع أجهزة المخابرات في العالم، لم يرصد وجود قوات من كوريا الشمالية سوى الأوكرانيين".

ووفقا له، فإنه من المفيد بالنسبة للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تصعيد الموقف من خلال تصوير أن نصف العالم يقاتل ضده، لا سيما أنه أدرج إيران كذلك في قائمة المشاركين في الصراع مع بلاده.

ويتابع أن كييف تحاول الترويج لمزاعم إرسال قوات كورية شمالية إلى أوكرانيا، لأن ذلك يتوافق مع هدفها في "تدويل" الصراع مع روسيا، كما تنص على ذلك "خطة النصر" التي قدمها زيلينسكي في وقت سابق.

إجراءات مضادة

وسبقت كوريا الجنوبية أوكرانيا في الحديث عن إرسال قوات كورية شمالية لمساندة القوات الروسية، وذلك في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول على لسان وزير دفاعها كيم يونغ هيون.

وقال تقرير لموقع "نيوزبيم" الكوري الجنوبي -نقلا عن مسؤول استخباراتي- إن حكومة سول " تدرس خطة لإرسال أفراد، بينهم ضباط مخابرات وخبراء في تكتيكات العدو لمساعدة أوكرانيا في استجواب السجناء الكوريين الشماليين وتزويدها بمعلومات حول مبادئ عمل الوحدات الكورية الشمالية، وعلى معنويات الجنود وغيرها".

ووفقا للموقع ذاته، سيشارك المتخصصون من كوريا الجنوبية في العمل كذلك كمترجمين في حالة أسر جنود كوريين شماليين يشاركون في الحرب في أوكرانيا، لكنه أوضح أنه لم يتقرر بعد إذا ما كان سيتم الإعلان رسميا عن ذلك، وأن القرار يعتمد على موقف القيادة السياسية في أوكرانيا وكوريا الجنوبية.

وبرأي المحلل السياسي، سيرغي إيريستيان، فإن كييف وسول قد تلجآن إلى تأكيد ذلك بوسائل مختلفة، من ضمنها نشر مقاطع فيديو تصور مواطنين روس من الجمهوريات الشرقية على أنهم كوريون شماليون ويشاركون في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وبأعداد كبيرة.

ويقول، للجزيرة نت في معرض نفيه لصحة هذه الأخبار، إن تكيف الجيش الكوري الشمالي، الذي يتحدث لغة مختلفة ويعمل بطريقة مختلفة، سيستغرق قدرا هائلا من الوقت، وهو أمر غير منطقي في صراع عسكري.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد المتحدث أن روسيا، من خلال جذب مقاتلين أجانب، ستظهر أن الجيش ليس لديه عدد كافٍ من الأشخاص، وهذا غير صحيح، على عكس أوكرانيا التي تعاني من نقص في أعداد العسكريين، ومضيفا أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتبرير كييف لحلفائها الغربيين -الذين يغمرونها بالمال والأسلحة- أسباب الخسائر الفادحة لدى القوات الأوكرانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مارك روته قوات کوریة شمالیة کوریا الشمالیة کوریا الجنوبیة فی أوکرانیا من کوریا على أن

إقرأ أيضاً:

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك خلال محاكمته:اردت منع دكتاتورية تشريعية

سول"أ.ف.ب "أكد رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، المتهم بـ"التمرّد" لمحاولته فرض الأحكام العرفية في ديسمبر الماضي، أنّه أراد منع "ديكتاتورية تشريعية"، وذلك خلال أول جلسة استماع في محاكمته الجنائية اليوم الخميس.

وبدأت جلسة الاستماع في أول محاكمة جنائية لرئيس في السلطة في تاريخ كوريا الجنوبية، في الساعة العاشرة صباحا بتوقيت سول في قاعة محكمة مكتظة، قبل أن تنتهي بعد 90 دقيقة.

وهذه المحاكمة التي تحيط بها حراسة شديدة، منفصلة عن محاكمة أخرى لا تزال مستمرّة أمام المحكمة الدستورية التي من المنتظر أن تؤكد أو تلغي قرار عزل الذي أقرته الجمعية الوطنية في 14 ديسمبر.

ويواجه يون سوك يول البالغ 64 عاما تهما بـ"التمرّد"، وهي جريمة يُعاقب عليها بالإعدام أو السجن مدى الحياة، ولا تغطّيها حصانته الرئاسية.

وأُلقي القبض على يون في 15 يناير، بعدما تحصن لعدّة أسابيع في مقرّ إقامته في سول، ووُجّه إليه الاتهام في 26 يناير كما وُضع في الحبس الاحتياطي لمدّة ستة أشهر. وسيتعيّن إطلاق سراحه إذا لم تتم إدانته بحلول ذلك الوقت.

واليوم الخميس، طلبت النيابة العامة التي تتهم الرئيس بأنّه "قائد تمرّد" الاستمرار في احتجازه.

ولم يتحدث يون الذي حاضرا في الجلسة كثيرا. ولكنّ محاميه كيم هونغ إيل طلب من المحكمة إلغاء لائحة الاتهام التي قال إنّها جاءت نتيجة "تحقيق غير قانوني".

وأغرق الرئيس المحافظ كوريا الجنوبية في الفوضى السياسية في الثالث من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية وأرسل الجيش إلى البرلمان في محاولة لمنعه من الانعقاد. وبعد ست ساعات، اضطرّ إلى التراجع عندما تمكّن أعضاء البرلمان من عقد اجتماع عاجل والتصويت على اقتراح يطالب بالعودة إلى الحكم المدني.

وبرّر يون سوك يول قراره، بالقول إنّ البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة كان يمنع اعتماد الموازنة العامة للدولة. وفي خطاب تلفزيوني مفاجئ، قال إنّه يريد "حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكّلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية... والقضاء على العناصر المعادية للدولة".

وقال محاميه اليوم الخميس إنّ "إعلان الأحكام العرفية لم يكن الهدف منه شل الدولة، بل تنبيه الرأي العام إلى الأزمة الوطنية الناجمة عن الدكتاتورية التشريعية لحزب المعارضة المهيمن، والتي شلّت الإدارة".

وأضاف "رمزيا، ولتسليط الضوء على مشكلة الدكتاتورية البرلمانية، تمّ نشر قوة صغيرة من 280 جنديا فقط، للحفاظ على النظام، مع تعليمات واضحة بعدم تزويدهم الذخيرة الحية. وعلاوة على ذلك، لم يتم نشر القوات فعليا إلا بعد الإعلان (عن الأحكام العرفية)، ولم يصب أحد بأذى".

ولا يزال يون رسميا رئيسا لكوريا الجنوبية بانتظار صدور حكم المحكمة الدستورية.

الى ذلك، بدأت جلسة استماع منفصلة أمام المحكمة الدستورية اليوم عند الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت سول. وغادر يون قاعة المحكمة بعد خمس دقائق، حسبما علم الصحافيون.

واستُدعي رئيس الوزراء السابق هان دوك سو، الذي وُجّهت إليه اتهامات أيضا بصفته القائم بأعمال الرئيس، والمسؤول الاستخباري الكبير السابق هونغ جانغ وون، للإدلاء بشهادتهما في جلسة الاستماع.

كذلك، من المقرّر أن يُدلي رئيس الوكالة الوطنية للشرطة الكورية الجنوبية شو جي هو، بشهادته، بينما يحاكم أيضا بتهمة التمرّد.

وقال محاميه في هذه القضية يون كاب كون للصحافيين، إنّ الرئيس شعر أنّ من "غير المناسب" الظهور في قاعة المحكمة نفسها مع رئيس وزرائه السابق، أو مشاهدته وهو يدلي بشهادته.

وقال محامي يون "هذا ليس أمرا جيدا لهيبة الأمة".

وهذه الجلسة العاشرة في هذه القضية، ومن المرجّح أن تكون من الجلسات الأخيرة قبل أن ينسحب القضاة لإجراء مداولات. وأمامهم مهلة حتى العاشر من يونيو لإصدار حكمهم.

وإذا أيّدت المحكمة قرار العزل، يتعيّن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال 60 يوما. وفي حال لم تؤيّد القرار، سيعود يون إلى منصبه.

ودار الجزء الأكبر من محاكمة يون حول ما إذا كان قد انتهك الدستور بإعلان الأحكام العرفية.

ولا يزال يون سوك يول يحظى بدعم جزء من حزبه "قوة الشعب" ومن الجناح الأكثر تطرّفا في اليمين الكوري الجنوبي ومن رجال الدين الإنجيليين النافذين.

مقالات مشابهة

  • قاسم الحاتمي يدير قمة كوريا الجنوبية وأوزبكستان
  • كوريا الشمالية: الاستفزازات العسكرية الأميركية تزايدت منذ تولي ترامب الرئاسة
  • كوريا الشمالية تتهم أمريكا بتصعيد الاستفزازات العسكرية
  • كوريا الشمالية تندد بتزايد الاستفزازات العسكرية الأمريكية
  • كوريا الشمالية تندد بتزايد "الاستفزازات العسكرية" الأميركية
  • روسيا تحذر بريطانيا من إرسال قوات إلى أوكرانيا
  • رئيس كوريا الجنوبية يون سوك خلال محاكمته:اردت منع دكتاتورية تشريعية
  • كوريا الجنوبية تجدد دعمها للسلام والأمن والاستقرار في اليمن
  • روسيا تعلن استعادة 800 كيلومتر مربع من أوكرانيا وتقصفها بالمسيرات
  • مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية