كشفت دار الإفتاء عدة تفاصيل مهمة حول أحكام النذر وما يترتب على الإنسان إذا عجز عن الوفاء بما نذر به لله.

 الشيخ أحمد ممدوح، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أشار في فتوى مسجلة له إلى أن النذر يبقى معلقًا في عنق صاحبه إلى أن يتمكن من الوفاء به، حيث أن النذر هو التزام قد نذر الإنسان أن يؤديه لله، وبالتالي عليه الوفاء به متى استطاع.

 

واستشهد الشيخ ممدوح بقول الله تعالى في كتابه الكريم: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"، مؤكدًا على أهمية الوفاء بالنذر عند القدرة. 

وفي نفس السياق، تحدثت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية، عن معنى النذر وشروطه، حيث قالت إن النذر هو التزام يقوم به الإنسان تجاه الله عند تحقيق منفعة معينة أو دفع ضرر، وهو ليس بواجب فرضه الله، بل عبادة إضافية يكلف الإنسان بها نفسه.

حكم ذهاب المرأة بمكياج كامل وملابس كاشفة لحضور زفاف.. أمين الفتوى يحذر الإفتاء: رسم الحناء على اليدين والقدمين جائز بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية

 وأشارت الدكتورة عمارة إلى أن الشريعة الإسلامية قد فتحت آفاق التيسير على الإنسان الذي يجد مشقة في الوفاء بنذره، بحيث يخفف عليه العبء إن لم يكن قادرًا على تحقيق ما ألزم به نفسه من طاعة معينة أو عبادة محددة.

وفي واقعة أخرى، أوضح الشيخ محمد وسام، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال بث مباشر عبر صفحة دار الإفتاء على فيسبوك، حكم من نذر ذبح ماعز لله لكنه اضطر لبيعها لاحتياجه المالي، مما ترتب عليه شعوره بأن أموره غير ميسرة منذ ذلك الوقت. 

اقرأ ايضا:  

مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الشتوي.. احرص عليها في وقتها

فأجابه الشيخ وسام بأن من نذر نذرًا لله عليه أن يسعى جاهدًا للوفاء به، مع التأكيد على أن الله يوسع على عباده عندما يتسعون للآخرين.

وبشأن وجوب تنفيذ النذر في وقته، أوضح الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن من نذر طاعة لله وجب عليه تنفيذها في الوقت الذي حدده بحسب نيته عند النذر.

 واستشهد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه". 

نذور يجب الوفاء بها 

وبيّن الشيخ شلبي أن نذور الطاعة، كالصيام أو الصدقة، يجب الوفاء بها، بينما لا يجوز الوفاء بالنذر إذا كان معصية، كأن ينذر شخص شرب الخمر أو قطع الأرحام، وفي هذه الحالة، يلزمه إخراج كفارة يمين.

أما إذا لم يتحقق النذر بعد إلزام الشخص لنفسه به، فقد أشار الشيخ محمد وسام إلى أنه يجب على المرء إخراج كفارة يمين إذا لم يستطع الوفاء بنذره، وهذه الكفارة تتمثل في إطعام عشرة مساكين، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فصيام ثلاثة أيام. 

وأكد أن النذر يبقى واجبًا طالما تحقق الشرط الذي علّق عليه النذر حتى وإن زالت الحاجة لاحقًا.

وفي ذات الشأن، أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في إجابته على سؤال مماثل، أنه يجب على الإنسان الوفاء بنذره إذا استطاع، وإذا لم يستطع لوجود عجز حقيقي فعليه أن يخرج كفارة يمين، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين".

 وأشار الشيخ عويضة إلى أن الله تعالى أثنى في كتابه على الذين يوفون بالنذر، مؤكداً على أهمية هذا الالتزام حيث قال: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"، ما يوضح أهمية الوفاء بالنذر طالما كان في مقدور المسلم القيام به.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: لجنة الفتوى دار الإفتاء الفتوى بدار الإفتاء کفارة یمین إلى أن من نذر

إقرأ أيضاً:

في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن قول الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]، وهذه الآية العظيمة تحمل معاني عميقة تدعونا للتدبر والتفكر في سيرة نبي الله يونس عليه السلام ودروسه المستفادة.

فهم معاني النص القرآني

وضح جمعة أن "نقدر" هنا لا تعني عدم القدرة، بل تعني التضييق. فقد ظن نبي الله يونس أن الله لن يضيّق عليه بعد أن ترك قومه مغاضبًا. وهذا الظن لم يكن شكًّا في قدرة الله، بل جاء نتيجة لطول ما اعتاد عليه من لطف الله وكرمه.

في هذا الموقف الحرج، عندما كان في بطن الحوت محاطًا بالظلمات من كل جانب، لم يفقد يونس عليه السلام الأمل. بل لجأ إلى ذكر الله بالدعاء الذي أصبح نموذجًا للمؤمنين: {لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.

تواضع الأنبياء

وتابع: نجد أن نبي الله يونس، رغم مكانته العظيمة كنبي من أنبياء الله، يعترف أمام ربه بالظلم. وهنا يدعونا الدكتور علي جمعة للتأمل: كيف يتكبر الإنسان على ربه، ويعتقد أنه لم يعص الله قط؟

قيمة الصبر والدعاء

وأضاف : الآية الكريمة تستكمل: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ}. هذا وعد إلهي، ليس فقط ليونس عليه السلام، بل لكل مؤمن يلجأ إلى الله بالدعاء والتوبة.

وأكد جمعة على أهمية الصبر، ليس فقط على البلاء، بل على الطاعات والعبادات والعمل. ويذكرنا بالحديث النبوي: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".

الصبر منهج حياة

يدعو الدكتور علي جمعة إلى التمسك بمنهج الصبر في كل نواحي الحياة:

الصبر على العمل: أدّ عملك بإتقان وإخلاص.

الصبر على الناس: لا تكن إمعة، بل تمسك بالقيم حتى لو خالفك الناس.

الصبر على الدعاء: استمر في دعائك ولا تستعجل الإجابة، فالله أعلم بالوقت المناسب للإجابة.

الصبر على البلاء: تذكر أن البلاء امتحان، وأن الجزاء عند الله عظيم للصابرين.

 

 

قصة نبي الله يونس درس في التواضع والصبر واللجوء إلى الله. وهي دعوة لنا جميعًا لمراجعة أنفسنا، والعودة إلى الله في كل حين. يقول الدكتور علي جمعة: "اصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وتمسك بمنهج الأنبياء، فإن الله ينجي المؤمنين كما أنجى نبيه يونس من الظلمات".

 

مقالات مشابهة

  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • هل بر الوالدين يكفر الذنوب؟.. الإفتاء تجيب
  • أفضل علاج شرعي للوسواس القهري ..دار الإفتاء تكشف عنه
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • ما حكم الانشغال بالتصوير أثناء أداء الحج والعمرة؟.. الإفتاء تجيب
  • ماحكم الوضوء من الترع على حالها؟.. الإفتاء تجيب
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • حكم خلع لباس الإحرام وتغييره.. دار الإفتاء تجيب
  • مشيرة خطاب: إيصال مفاهيم حقوق الإنسان بانضباط يتطلب الوفاء بالآدمية