جدران بلا أوتار، إعلان نيون يسقط على المارة شرزاً، موظف فى الشارع بيده مكنسة، أطفال تنسب للشوارع، مساجد تنتظر المصلين، المدينة امرأة تلد الأيتام، أم مزقت الرحم، وحبيبة فاقدة الذاكرة، أنين غزله الصخب، وحركة تذوب فى العجين، شجر يقتل جهاراً على الطريق، المدينة خليط من الزيت والحلبة، وجمع بين القاتل والمصلوب، وصبح ثمرته ليل، ودكان يترحم على صاحبه، مروحة سقف وثلاجة وبقايا طعام، ملابس معلقة وحريق بلا دخان، مطر وماسورة بلا لحام، باب مفتوح وشمس على هيئة مدام، وكاتب يبكى قلمه، وسخيف نعته كاتب.
المدينة، أفلام: «القاهرة 30، وسواق الأوتوبيس، والحريف، وطيور الظلام، المدينة، التانجو الأخير فى باريس، والبرتقالة الآلية، وأحلام كوروساوا، وBlow - up، جوكر «خواكين فينيكس»، المدينة فى شعر كفافيس، قلت سأذهب إلى بلاد أخرى، سأذهب إلى ضفة أخرى، سأجد مدينة أفضل من هذه المدينة، بينما كنت تبدد حياتك هنا.
فى هذا الركن الصغير، دمرت فى كل مكان آخر من العالم، المدينة فى عين بدر شاكر السياب: «أتعلمين أى حزن يبعث المطر، وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع، كالحب كالأطفال الموتى هو المطر، أبوقاسم الشابى يتحدث عن مدينته، وأنا الذى سكن المدينة مكرهاً، ومشى إلى الآتى بقلب دامٍ».
وقال الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى: «وكنا أنا والقاهرة الوجه والمرايا.. خلعنا أشباهنا.. ودخلنا الزمان نصبح فى عمرنا الجميل ونمسى.. وقالت الشاعرة العراقية نازك الملائكة.. صدى ضائع كسراب بعيد يجاذب روحى صباح مساء.. ويوتوبيا حلم فى دمى أموت وأحيا على ذكره».
وقال الشاعر فى المدينة المنورة: «جاءوا يصلون والأشواق تحملهم.. لكى يزوروا نبياً ضم جنباك.. إن المدينة اسم تعرفين به، يكفيك فخراً رسول الله سماك»، وقال الإخوان رحبانى عن مدينة القدس: «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلى.. لأجلك يا بهية المساكن.. يا زهرة المدائن.. يا قدس يا مدينة الصلاة أصلى».
لكل إنسان يعيش فى المدينة تصور خاص يختلف كالبصمة، من ولد فى المدينة غير الذى أتى إليها، من تغرب منها وحرم ليس كمن شبع منها وتدلل، المدينة امرأة تقص شعرها لتخفى عمرها، إن للمدن ألواناً خضراء أو حمراء أو صفراء، كذلك للمدن ملامح وأوجه، صبية أو عجوز أو خائنة أو ناقمة أو مستسلمة أو باكية أو ناعمة أو ساخرة أو مستبشرة، تشبه وتتماثل مع مزاج المرأة، ممكن أن تتحمل المدينة تغيرات، تمرض أو تصاب بألزهايمر، لكنها لا تمحى ستظل، ولو سطر فى ذاكرة التاريخ، أو فى حكاية شاعر أو روائى أو سينمائى، المدن كالنساء ليست متشابهات، لكنها بدون شك تصل إلى سن اليأس، أو تخلق من جديد بغرس جديد.
المدن أحلامها الشباب، صبغتها الفنان، فى صوت عبدالوهاب مدينة، وفى صوت فيروز مدينة، وفى صوت عبدالمطلب مدينة، وفى أوراق نجيب محفوظ مدينة، فى أوراق عبدالحكيم قاسم مدينة، أوراق الجبرتى مدينة، لكن ستظل المدينة المنورة راية المدن، مدينة رأت نور الرسول صلى الله عليه وسلم، مدينة تثمر سكينة وتمطر رحمة وتشرق حسناً، مدينة نور وحب ومدد، مدينة منبع الأدب والفضائل، مدينة الصحبة والأخوة والإيثار، مدينة الفتوحات والأسرار، مدينة بدأ طيبها، بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام».
إذا كنت من سكان مدينة من المدن، فاحرص على حبها وعلى أن تبدد خوفها، وشوش أذنيها بالطيب والسلام، واحضن ربوعها وتذكر أيامها واسكن قلبها، وغازل أنوارها، ولا تنس أن لكل مدينة مفتاحاً، وأن الحب مفتاح كل مدينة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ناصر عبدالرحمن
إقرأ أيضاً:
تكريم خمسون حافظاً وحافظة للقرآن الكريم في مدينة البيضاء
البيضاء/محمد المشخر
كرمت مدرسة الأنصار لتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية بمدينة البيضاء اليوم 50 حافظاً وحافظة للقرآن الكريم من خريجي الحلقات النموذجية للعام الدراسي الحالي 1446هجرية وذلك تحت شعار(“القران هو حياتي.وسر سعادتي).
وفي حفل التكريم الذي حضره رئيس الوحدة السياسية لانصار الله بمحافظة البيضاء مدير عام مديرية مدينة البيضاء الشيخ أحمد أبوبكر الرصاص.بارك محافظ البيضاء عبدالله علي إدريس،للطلاب والطالبات المتفوقين من الذين نهلوا من نهل القرآن وفيض العلم،و تفوقوا في مجال القرآن الكريم و توجوا العام الدراسي بهذا المستوى الكبير..منوهاً بأهمية هذه المدرسة التي تهتم بتعليم القرآن الكريم وإعداد مخرجات قرآنية متقنة لكتاب الله قادرة على مواجهة التحديات والنهوض بواقع الأمة.
وأكد المحافظ إدريس،أهمية التحاق المزيد من الطلاب والطالبات بمدرسة الانصار لتعليم القران الكريم واغتنام الشهر الفضيل في التحشيد للمدرسة في كافة أحياء ومناطق وشوارع وقرى وعزل مدينة البيضاء مركز عاصمة المحافظة والمناطق المجاورة لها تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي يولي الاهتمام الكبير بهذه المدارس.لافتا إلى الآمال المعلقة على طلاب وطالبات جيل القرآن كونهم النواة الأساسية في مجال القرآن الكريم والعلوم الشرعية..وحث،الطلاب والطالبات إلى مزيد من الابداع والتميز،والتوفيق لحفظ كتاب الله كاملاً ..
من جانبه،عبر الناشط الثقافي بالمحافظة حسام القطابري،عن سعادته للمشاركة في تكريم حفظة كتاب الله الكريم..داعيا إياهم إلى ضرورة جعل تعاليم القرآن سلوكا في حياتهم يقتدي به الآخرون.،
وأشار القطابري،الى أن الخريجين هم نموذج للشباب الواعي المتسلح بقيم التسامح والوسطية والعطاء والتنمية وبناء المجتمع،مشيدا بالجهود المبذولة من قبل مدرسة الأنصار لتعليم القرآن في خدمة كتاب الله والعمل على إعداد جيل يعي دوره تجاه دينه وأمته ووطنه.مؤكدأ بان الخريجين و المكرمين هم نموذج للشباب المؤمن الواعي المتسلح بقيم التسامح والحب والخير والعطاء والتنمية وبناء المجتمع..
من جانبه،أكد مدير مدرسة الأنصار لتعليم القران الكريم بمدينة البيضاء علي أحمد العبوس،أهمية حفظ وتلاوة القرآن الكريم والعمل به ودعم الجهود الهادفة لخدمة كتاب الله وتشجيع الشباب على الالتحاق بحلقات القرآن.،إضافة إلى مئات الخريجين الذين تخرجوا في الاعوام الماضية..داعيا حفاظ كتاب الله الى تطبيق القران سلوكا و اخلاقا في مجتمعهم..مؤكدا أن القرآن صمام أمان الأمة ونهضة المجتمع وتكريم حفاظ للقرآن الكريم وتعظيم لكتاب الله سبحانه وتعالى.
فيما قدم عدد من الخريجين نماذج لتلاوة القرآن الكريم وتم تكريم الخريجين بالشهادات التقديرية والمبالغ المالية والهدايا التذكارية.