الحرة:
2025-04-10@05:26:56 GMT

نفط العراق ... وقود التنين الصيني

تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT

نفط العراق ... وقود التنين الصيني

تمتلك كيانات صينية نسبة تتجاوز 46 في المئة في حقل الرميلة، أكبر الحقول العراقية إنتاجا للنفط في العراق، والثاني عالميا، كما تدير شركات صينية أخرى نحو 34 في المئة من احتياطيات العراق المؤكدة، إضافة لثلثي الإنتاج الحالي، وهي أرقام تشير إلى نفوذ صيني متنام على إنتاج النفط العراقي.

وتعد شركة CNPC أكبر مستثمر صيني في البلاد، بامتلاكها حصصا في حقول "الأحدب والحلفايا والرميلة وغرب القرنة، إضافة للاعبين صغار مثل "سينوك" و"يونيون" و"جينهوا" تشارك في إنتاج النفط العراقي.

في الوقت نفسه، انسحبت شركات نفطية كبرى من العراق مثل "إكسون موبيل" عام 2021 من أحد أكبر الحقول النفطية (غرب القرنة 1)، الذي يقدر احتياطه النفطي بأكثر من 20 مليار، لتستحوذ الصين على حصتها في بداية 2024، وتصبح "بترو تشاينا" المشغّل الرئيس له.

وانسحبت شركة "شيل" العالمية في فبراير 2024، من مشروع "نبراس" الذي كان سيصبح الأكبر لإنتاج البتروكيماويات في الشرق الأوسط، وهو قراراها الثالث بعد انسحابها في 2018 من حقلي "مجون" و"غرب القرنة" النفطيين.

ويرى خبراء ومسؤولون عراقيون، أن تزايد النفوذ الصيني على قطاع النفط في العراق يتجاوز مسألة البيع والشراء بين بغداد وبكين، خصوصاً أن العائدات النفطية تشكل 90 في المئة من الاقتصاد العراقي.

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

مساحات كبيرة وتهرّب ضريبي

ويقول الخبير في شؤون النفط بالعراق أحمد صدام، إن هناك 7 شركات صينية رئيسية فازت بعقود عمل داخل مناطق جغرافية كبيرة، مثل شركة "سينوك" التي استثمرت في مجال الاستكشاف النفطي على رقعة جغرافية تقدر مساحتها بحدود 6500 كيلو متر مربع، تضم 5 محافظات من الوسط والجنوب.

وتتوزع شركات أخرى مثل "جينهوا" و"أنتون" في محافظات مثل المثنى والناصرية، ومناطق جغرافية أخرى، كما يضيف صدام لقناة "الحرة" ضمن برنامج "الحرّة" تتحرى.

النائب كاظم الشمري، عضو لجنة الاقتصاد والصناعة البرلمانية، يبين لـ"الحرة" أن "معظم الشركات الصينية العاملة في العراق تتهرب من دفع الضرائب المترتبة عليها".

ويؤكد "تابعنا أكثر الشركات تهرباً من دفع الضريبة فكانت "سي ان بي سي"، المسؤولة عن التنقيب والإنتاج في حقل الأحدب".

ويقول الشمري لقناة "الحرة" إن هناك تلكؤاً كبيراً وواضحاً في تنفيذ مشروعات الشركات الصينية في العراق، إذ يقع التنفيذ على عاتق العراقيين، الذي ينتظر التمويل الصيني، مشيراً إلى أن التمويل لا يصل في بعض الحالات، مثلما حصل في مشروع بناء المدارس.

"العراق بحاجة إلى تشييد قرابة 12 ألف مدرسة، ولغاية الآن لم ينفذ المشروع الصيني العراقي رغم مرور المدة الزمنية الكافية"، يتابع الشمري.

وقاد الشمري تحقيقاً عام 2019 كشف فيه تهرباً ضريبيا لدى عدد من الشركات الصينية في العراق بقيمة 180 مليون دولار.

وكان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الإعمار، صباح عبد اللطيف، أعلن في يوليو 2021 أن الاتفاقية الصينية شملت تنفيذ 4 مشروعات إعمار كبيرة، من بينها بناء ألف مدرسة.

وفي خريف 2019، وقعت بغداد وبكين على 8 اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة. وكان أهمها قطاع النفط، وجمعت البلدين المصلحة المشتركة، فالعراق سادس أكبر منتج للنفط في العالم، والصين الأولى عالمياً في استهلاك موارد الطاقة مما يعني حاجتها الدائمة لشرائها.

فساد ونفوذ "عسكري"

تتبع العديد من شركات النفط والغاز الصينية الكبرى لكيانات تنتمي للمجمع العسكري الصيني، بما في ذلك بعض الشركات الفائزة بجوائز التراخيص الأخيرة في العراق، مثل "جينهوا أويل" أحد فروع "نورينكو غروب" وهي من أبرز المقاولين في وزارة الدفاع الصينية.

وتقول ميشال ميدن، رئيسة قسم الصين في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، إن "نورينكو غروب" في الواقع شركة عسكرية وفرع من الجيش الصيني، وتمارس الكثير من مبيعات الأسلحة والتجارة، وقامت من قبل بعمليات شراء للنفط وتجارة السلاح مع إيران.

كما أن رؤساء الشركات الثلاث الكبرى "بترو تشاينا" و"سينوبك" و"سينوك" في الأساس موظفون في الحزب الشيوعي الصيني، ويتم تعيينهم من قبل الحزب الذي يعد المساهم الأكبر في تلك الشركات، بالإضافة إلى أن مستقبلهم متعلق إلى حد كبير بإنجازاتهم السياسية والتجارية داخل وخارج الصين، بحسب ما تشرح ميدن لـ"الحرة".

وتشير إلى تورط هذه الشركات الصينية في "الفساد" ضمن صفقات تجارية عقدتها مع دول أخرى، مثل أنغولا، مردفةً "أنفق الكثير من الأموال لكن الأصول لم تعمل بشكل جيد، أو أن هذه الأموال ذهبت لجيوب المرتشين".

ومنذ عام 2006 أنفقت "سينوبيك" الصينية مليارات الدولارات على الاكتشافات النفطية في أنغولا بحصيلة كانت مخيبة للآمال.

من جهته، يقول الخبير في شؤون النفط العالمي ممدوح سلامة، إن الشركات الصينية الآن تسيطر على جزء كبير من صناعة النفط في البلد الريعي الذي لا يملك صادرات أخرى بذات الحجم تدعم اقتصاده.

ويؤكد غياب الشفافية بخصوص إنفاق العراق لدخل الصادرات النفطية، متسائلاً "أين تذهب هذه الأموال؟" في إشارة إلى تغلغل الفساد الذي "يُبعد" برأيه الكثير من الشركات الغربية النفطية، وفعلياً كانت هذه حجة بعضها التي غادرت العراق.

ويقول أحمد صدام، إن مشروع "البتروكيماويات" مثلاً، الذي قُدّر بحدود 11 مليار دولار، كان من أكبر المشاريع التي خسرها العراق بعد انسحاب "شيل"، إذ كان من المؤمّل أن يوفر 2 مليار دولار سنوياً لبلاده.

وفي بيان الشركة، قالت إن سبب انسحابها "توجهها وتركيزها نحو الاستثمار في المشاريع الغازية في دول أخرى".

لكن، يضيف صدام لـ"الحرة": "هناك أسباب أخرى منها ما يتعلق بحالة عدم الاستقرار السياسي، خصوصا بوجود توقعات أن يتنامى دور الجماعات المسلحة، وحالة اللايقين التي تسود البيئة العراقية".

وفي تصريح وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، لبرنامج "الحرة تتحرى"، يروي سبب انسحاب "إكسون" الأميركية: "أنا دخلت بمفاوضات مباشرة مع الشركة لمنعها من الانسحاب، إلا أنها أصرت على الانسحاب من حقل غرب القرنة 1 لأنها حصلت على عروض أفضل اقتصاديا منه".

وفي النهاية فإن هذه الشركات "ربحية" يضيف عبد الغني، في إشارة إلى أن السبب الأساسي لانسحابها من العراق البحث عن المزيد من الربح.

ويقول إن لدى وزارة النفط "خطة طموحة لزيادة استثمار النفط والغاز من الحقول المختلفة، حيث وضعنا خطة خمسية لزيادة إنتاج العراق لأكثر من 6 ملايين برميل يومياً".

وبحسب منظمة الشفافية الدولية، يحتل العراق المرتبة 154 من أصل 180 دولة، على مؤشر الفساد الحكومي وهي مرتبة متدنية شكلت هاجسا للشركات الغربية الكبرى.

وطبقا لأرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ومنذ توقيع اتفاقية 2019 بين العراق والصين، ارتفعت صادرات النفط العراقي للصين نحو 20 في المئة، ووصلت في 2023 إلى أكثر من مليون برميل نفط يومياً، وتصدرت بكين قائمة مستوردي ذهب العراق الأسود.

وفي السياق نفسه، يقول ممدوح سلامة، إن شركتي "إكسون موبيل" و"شل" لا تسعيان للعودة إلى العراق سوى بشروطهما، وهي التعامل الواضح مع الحكومة العراقية بشفافية واضحة جدا، إذ أدى غيابها لابتعادهما.

أما الشركات الصينية، كما يقول لـ"الحرة"، فلا يهمهما من يحكم العراق ومدى شفافيته، بعكس الأوروبية والأميركية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الشرکات الصینیة النفط العراقی فی العراق فی المئة

إقرأ أيضاً:

الميزانية على المحك إعادة ترتيب الأوراق لمواجهة تحديات النفط

بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتداعيات إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض ضرائب جديدة قد تؤدي إلى انخفاض عائدات النفط، يجد العراق نفسه أمام ضرورة إعادة تقييم ميزانيته الحكومية وتحديد أولويات الإنفاق بما يحفظ الاستقرار الاقتصادي. حيث تشكل هذه الخطوة محوراً أساسياً في سعي الدولة إلى تعزيز احتياطياتها المالية والاستعداد لتداعيات انخفاض الإيرادات النفطية التي تُعد المصدر الرئيسي للدخل الوطني.

السؤال هنا هل بدأت الجهات المعنية في العراق بدراسة موسعة لتشمل كافة بنود الميزانية ؟ وهل تم التركيز على مراجعة النفقات غير الضرورية والعمل على تأجيل المشاريع التنموية التي لا تُعتبر من متطلبات الأولوية القصوى، وذلك لإتاحة مساحة مالية تساعد على تعويض الخسائر المحتملة ؟
وهنا لحظة إدراك ان هذه الإجراءات في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى تحسين إدارة الموارد وتوفير احتياطي نقدي يمكن استخدامه في الحالات الطارئة، مع ضمان استمرارية الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المواطنون.
كما يُعتبر تقليص النفقات خطوة حاسمة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية، إذ إن إعادة توزيع الموارد المالية نحو القطاعات الحيوية سيساهم في ضمان استقرار الاقتصاد الوطني. ففي الوقت الذي يحاول فيه العراق مواجهة التحديات المتجددة على الصعيد الدولي، تكمن الحكمة في تحقيق توازن بين تقليص النفقات وتسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تحسين البيئة الاقتصادية وتطوير البنية التحتية الحيوية لدعم النمو.

من جهة أخرى، لم يأت هذا الإجراء بمعزل عن خطوات تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة، حيث تعمل الجهات المعنية على وضع آليات رقابية تضمن عدم إساءة استعمال الأموال المخصصة لخدمة المصلحة الوطنية. ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه الدولة إلى إعادة الثقة بين المواطنين وصناع القرار من خلال إعداد تقارير دورية توضح حالة الميزانية والتعديلات التي طرأت عليها، مما يساهم في تعزيز الدعم الشعبي للسياسات الإصلاحية.
كما أن تأجيل بعض المشاريع التنموية التي لا تُعتبر ضرورية في الوقت الراهن لا يعني التخلي عن أهداف التنمية، بل يُعد خطوة مؤقتة لإعادة توزيع الميزانية بما يضمن استمرارية المشاريع التي تستدعي اهتماماً فورياً لتحقيق التنمية المستدامة، و يُمكن القول إن إعادة تقييم الميزانية الحكومية وتحويل التركيز إلى النفقات الأساسية تُمثل جزءاً من الجهود الهادفة إلى تعزيز القدرة المالية للدولة ومواجهة أي تقلبات محتملة في أسواق النفط العالمية.

في الختام، يجب ان يظهر العراق نهجاً استباقياً في مواجهة تحديات انخفاض عائدات النفط عبر إعادة تقييم الميزانية الحكومية وتحديد أولويات الإنفاق. وهذه الخطوات ليست سوى بداية لمسيرة إصلاحية أوسع تطمح إلى تحقيق استقرار اقتصادي يمكن الدولة من تجاوز التقلبات العالمية وضمان استمرار الخدمات الحيوية للمواطن، مما يعكس عزم العراق في إعادة ترتيب أوراقه الاقتصادية لمواجهة تحديات المستقبل بثقة وإصرار.

انوار داود الخفاجي

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء: 8 آلاف ميكا واط من طاقة المحطات الجديدة ستنتج دون الحاجة إلى وقود
  • وفد الشركات الأمريكية يؤكد على تطوير البنية التحتية والخدمات الحيوية في العراق
  • النفط يُعاقب الجميع.. والعراق أول المتضررين في زمن الرسوم
  • العراق يواجه تقلّبات النفط بخطط اقتصاديَّة مدروسة
  • "حماية المستهلك" تطالب بالتحقيق العاجل في توزيع وقود مغشوش في المناطق الخاضعة للحوثي
  • السفير الصيني لدى موسكو: أمريكا هي المصدر الأكبر للهجمات الإلكترونية في العالم
  • العراق يصدّر 5 ملايين برميل من النفط إلى أمريكا خلال شهر
  • الميزانية على المحك إعادة ترتيب الأوراق لمواجهة تحديات النفط
  • زيادة الرواتب في العراق: أمل الموظفين وكابوس الاقتصاد
  • السفير الصيني في روسيا: واشنطن المصدر الأكبر للهجمات الإلكترونية في العالم