رئيس الإنجيلية: الأوقاف دورها مهم في دعم السلام المجتمعي ونشر الفكر المستنير
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
رحب الدكتور القس إندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر بجموع المشاركين في مؤتمر "دور الدين في بناء السلام المجتمعي" بمشاركة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف.
وفي هذا مشيرا إلى دوره المهم والفعال ودور وزارة الأوقاف في دعم السلام المجتمعي، ونشر الفكر المستنير، وهو ما يجسد صورةً حقيقيةً لدور الدين في تعزيز السلام.
كما رحب أيضًا بالدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، لافتا إلى أن
معالجة أي قضية يجب أن تبدأ أولًا بتعريف مصطلحاتها؛ فبتعريف المصطلح تتكشف أمامنا كافة الأبعاد، ويتكون لدينا إدراكٌ لمحتوى القضية التي نناقشها، وإدراك الفرق بين المصطلحات التي قد تبدو مترادفةً أو يتم استخدامها في غير سياقها.
وتعريف السلام ينطوي على العديد من الأبعاد والمستويات؛ فإن كان التعريف اللغويُّ لكلمة السلام يشير إلى غياب العنف، فأعتقد أن احتياجات مجتمعنا في هذه الآونة تتجاوز هذا التعريف، من حيث فهمنا لمعنى العنف، ويجب أن نضع في اعتبارنا أن معنى العنف يشمل العنف اللفظي والمعنوي إلى جانب العنف البدني.
وأضاف أنه وعلى المستوى المجتمعي يمكن تعريف خطاب الكراهية باعتباره شكلًا من أشكال العنف اللفظي. لهذا فإن فهمنا لمعنى السلام يجب أن يشتمل على أبعاد أخرى؛ مثل الاستقرار والاتفاق المجتمعي واحترام القانون وتحقيق الرفاهة الاجتماعية. كل هذه الأبعاد لا غنى عنها في تعريفنا لمفهوم السلام.
وتابع قائلا، لقد ترك لنا تراكمُ خبرات العقود الماضية وعيًا شاملًا وإدراكًا جامعًا لدور الدين في المجتمع.
فالدين مكوِّن رئيس من مكوِّنات المجتمع، ويشكِّل عنصرًا مهمًّا من عناصر هوية أي مجتمع، لكن هذا لا يعني الدعوة إلى تديين المجال العام أو تحويل الدين إلى أيديولوجية أو استخدامه سياسيًّا، أو توظيفه بأي شكل من الأشكال؛ فهذا من شأنه أن يُبعِد الدين عن أهدافه الأساسيَّة السَّامية.
ونوه زكى إلى ضرورة أن نفرق أيضًا بين "الدين" و"الفكر الديني"؛ فالدين منظومة إيمانية جاءت في نصوص مقدَّسة يؤمن بها الإنسان ويكوِّن من خلالها علاقةً مع الخالق، أما الفكر الديني فهو اجتهادات وتأويلات تحاول تفسير النصوص الدينية؛ وهذه نشاطات فكرية بشرية، خاضعة للمراجعة واختلاف الآراء والرؤى والتوجهات الفكرية، ولا ينبغي -بأي حال من الأحوال- أن تكون هذه الاختلافات مدعاةً للصراع أو النزاع أو التقليل من شأن الآخر، ولهذا فمن حيث المبدأ، فإن جميع الأديان تدعو إلى السلام، والمحبة، وتماسك المجتمع، واحترام الآخر، وجميع هذه القيم المجتمعية.
وأشار إلى أنه وبناءً على هذا فالنصوص الدينية المقدسة نقطة انطلاق عظيمة لبناء السلام المحليّ والدوليّ. لكن تكمن المشكلة الحقيقيَّة في هذا الشأن في صناعة الفكر الديني المتطرف بما يتضمنه من تفسيرات للنصوص المقدسة تكون إما مُوجَّهة أو مبتورة من سياقها أو تحمل أيديولوجيَّةً، بينما الفكر الديني المتسامح هو ما يعكس القِيَمَ الحقيقيَّةَ الأصيلة للأديان. وهذا دور المؤسسات الدينية في الاهتمام بالتعليم الديني الذي ينشئ عقليةً تستوعب الاختلاف وتحترمه، وتسعى دائمًا لبناء الجسور مع الآخر.
وأوضح أنه ومن إحدى إشكاليات صناعة الفكر الديني وتقديمه في وقتنا هذا أنه لم يعد مقتصرًا على المتخصصين من دارسي الفقه واللاهوت، لكنه امتد أيضًا لصنَّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وربما يحظى صناع المحتوى بتأثير كبير بين النشء والشباب من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن الإشكالية الحقيقية في هذا الأمر هو احتمالية انحراف بعضهم في الفكر إلى مهاجمة العقائد والأديان، وخلق حالة من الاحتقان والعنف اللفظي وشيوع خطاب الكراهية، والتي قد تشكِّل خطورةً على التسامح والتماسك المجتمعي.
وذكر القس أندريه زكى أن مثيرو الشغب يخلطون بين دعاوى الكراهية بين خطاب الكراهية والاستهزاء بمعتقدات الآخرين وبين حرية الرأي والتعبير؛ لهذا يقتضي الأمر خلق حالة من التوازن وإدراك التعريف الدقيق والفرق الواضح بين حرية التعبير واحترام العقائد ومواجهة خطاب الكراهية حتى لا يُستَخدم أيٌّ من هذه المصطلحات خارج سياقه.
وقال زكى، أودُّ أن أشجب وأدين كل محاولات الازدراء بمقدسات الآخرين؛ بأي شكل أو أي طريقة. ومع احترامي لحرية التعبير؛ فالحرية تقف حدودها عند حرية الآخرين واحترام مقدساتهم ومعتقداتهم،
*لهذا أعلن رفضي القاطع لكل دعاوى حرق الكتب المقدسة لما فيها من إساءة للمقدسات وتعدٍّ وعنفٍ ضد معتقدات الآخرين، لذا دعونا نؤكد مرارًا وتكرارًا: إن خطاب الكراهية هو نوعٌ من العنف اللفظي ولا يمكن أن يكون حرية تعبير.
ولفت إلى أنه يمكن للدين إذن -بل ويجب- أن يشكِّل جسرًا بين أفراد المجتمع من خلال التمسك بالقِيَمِ الإنسانية الراقية التي نادت بها الأديان وتعزيز الحوار البنَّاء بين أتباع الأديان والذي من شأنه أن يخلق حالة من السلام والتماسك المجتمعي، والحوار هنا ليس حوارًا فقهيًّا- لاهوتيًّا، إنما يمتد إلى حوار الحياة المشتركة والاتحاد سويًّا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع، فالمؤسسات الدينية (الجامع والكنيسة) ليست جزيرة منعزلة عن المجتمع إنما هي جزء منه لا تقدر أن تنفصل عنه. والحوار والتعاون بين المؤسسات الدينية سيكون له دور كبير في تحقيق السلام المجتمعي، على أن تكون ثمار هذا الحوار واضحة لرجل الشارع.
وألمح إلى أن ثمة عوامل عديدة تسهم في إنجاح الحوار وتعزِّز تأثيره خاصةً لدى رجل الشارع؛ أهم هذه العوامل: قراءة النص الديني قراءة معاصرة؛ بمعنى الاهتمام بقراءة النصوص الدينية في إطار خلفياتها التاريخية والتعرف على المتلقي الأول للنصوص، ثم محاولة استكشاف ما يقوله النص الديني في الوقت الحالي. مما يشكل بدوره توجهات فقهية ولاهوتية داعمة للحوار. وهذا أحد الأدوار الأهم المنوطة بها المؤسسات الدينية. يسهم هذا في تمهيد أرضية مشتركة للحوار والتعاون في التعامل مع قضايا مشتركة، كالمواطنة والتعددية والعيش المشترك، كما يسهم في مواجهة فاعلة لخطاب الكراهية، سعيًا إلى تحقيق السلام المجتمعي والإنساني.
وتابع، هنا يأتي دور الإعلام في توسيع المجال أمام الأفكار المعتدلة، خاصةً أن منابر الإعلام أصبحت عديدةً وذات فاعلية وتأثير كبيرين على الأغلبية العظمى من المواطنين، مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي بمختلف تطبيقاتها ومواقعها،
- وما لمسناه خلال العقد الماضي من قدرة فائقة على نقل توجهات الشارع والآراء السياسية والتطورات الاجتماعية داخل المجتمع، بل والأبعد من ذلك لعب دور المحرك للمجتمع.
واختتم كلمته قائلا، إن بناء السلام -محليًّا ودوليًّا- عملية تحتاج إلى وقت فعلى المستوى الدولي تتسم الظروفُ العالميَّةُ الراهنةُ بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وعلى المستوى المحلي، أرى أن خلال العقد الماضي ساهمت الدولة المصرية بخطوات كبيرة في دعم السلام المجتمعي، لكن لا يزال أمامنا الكثير لإنجازه في هذا المجال، والدين -باعتباره مكونًا رئيسًا له مكانة راقية في وجدان المصريين- هو أحد الفرص العظيمة لدفع بلادنا إلى الأمام والتعامل مع مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادُنا، وتعظيم الفرص والإمكانات المتاحة للتنمية المستدامة، وهذا هو دور مثل هذه اللقاءات التي يجتمع فيها قادة الفكر والمسؤولون لتبادل الأفكار والرؤى والوصول إلى توصياتٍ تساهم في دعم السلام المجتمعي.
IMG-20230814-WA0028 IMG-20230814-WA0021
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القس إندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية الدكتور محمد مختار الدكتور محمد مختار جمعة خطاب الکراهیة الفکر الدینی فی هذا إلى أن
إقرأ أيضاً:
أبوالغيط يؤكد ضرورة التوصل لحلول سلمية تصون حقوق الشعب الفلسطيني بعيدا عن دوامة العنف والدمار
القاهرة - أكدت جامعة الدول العربية، ضرورة التوصل إلى حلول سلمية، بعيدا عن منطق القوة ودوامة العنف والدمار، من أجل صون كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية في إرساء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ورؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية.
جاء ذلك في كلمة لأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ألقاها نيابة عنه السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة، أمام الدورة العاشرة لمنتدى تحالف الأمم المتحدة لحوار الحضارات، الذي تستضيفه مدينة كاسكايس البرتغالية خلال الفترة من 25 إلى 27 نوفمبر الجاري، وفق وكالة قنا القطرية.
وقال أبو الغيط:" إن المنطقة العربية التي احتضنت دورتين من منتديات تحالف الحضارات في كل من دولة قطر في 2011 والمملكة المغربية في 2022، تحرص تماشيا مع أحكام ميثاق الجامعة العربية على الالتزام الثابت بالسلام والمبادئ الحقوقية والإنسانية، ونبذ العنف والنزاعات المسلحة التي تغذيها جروح التاريخ ومشاعر الظلم واليأس والإحباط وخاصة في الشرق الأوسط".
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية :" في هذا السياق، تثار تساؤلات حول مصداقية القانون الدولي الإنساني في ظل تواصل شراسة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان وتزايد الأعداد المهولة من الضحايا المدنيين الأبرياء.. الجميع يعلم الوضع الإنساني الكارثي في غزة مع استمرار القصف والنزوح المتكرر، وعرقلة المساعدات الإغاثية، وحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، واستهداف الدور السكنية والمنشآت العامة، بما فيها المؤسسات التعليمية والمعالم الثقافية والأثرية وأماكن العبادة".
وتابع :" أن استقرار هذا الفضاء الجيو - سياسي الحساس يمر حتما عبر الحلول السلمية بعيدا عن منطق القوة ودوامة العنف والدمار بما يضمن، بعد عقود طويلة وقاسية، كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية في إرساء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ورؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية".
ونوه بأن هناك إرادة راسخة لدى جامعة الدول العربية لتكريس الانخراط في خدمة ثقافة السلام، وبناء مقومات الثقة، ومد جسور الحوار، باتساق مع الأهداف الكبرى التي يسعى المنتدى العالمي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات إلى تحقيقها لاحتواء نزعات العنف ومواجهة السرديات المحرضة على التعصب والكراهية وازدراء الأديان والتطاول على حرمة رموزها.
وأوضح أبو الغيط، في هذا الصدد، أن الجامعة العربية كانت سباقة للانضمام إلى "مجموعة أصدقاء التحالف " منذ 2005، وإطلاق تعاون مؤسساتي طموح بالتوقيع على مذكرة تفاهم في يناير 2008، كما عملت، بانفتاح على التجارب الوطنية للدول الأعضاء، لإعداد الخطة الاستراتيجية الموحدة لتحالف الحضارات التي اعتمدت في 2016، والتي يجرى العمل على تحديثها برسم سنوات 2025-2029 وإثرائها بقضايا حيوية كالهجرة والتعليم والإعلام والشباب والتي ستعمم على نقاط الاتصال العربية لدى التحالف لاستيفاء دراستها بشكل متكامل.
واعتبر أن الاحتفال بمرور 20 سنة على إنشاء تحالف الحضارات، بمبادرة جليلة من إسبانيا وتركيا، يعد فرصة سانحة لإجراء وقفة تأمل وتقييم شامل وخلاق لمكاسب التحالف، لا سيما مع بروز تحديات متعددة في المشهد الدولي الراهن الذي تشوبه انقسامات عميقة، وصراعات متفاقمة، ومخاطر مرتبطة بالفضاء الرقمي والسيبراني في زمن الذكاء الاصطناعي، مضيفا :" إن "إعلان كاسكايس" الذي سيتوج أعمال هذه الدورة يعطي إشارة قوية للمضي قدما بمسيرتنا الواثقة على طريق تنمية الحوار بين الثقافات والحضارات، واحترام التنوع والخصوصيات الثقافية، وتشجيع العمل الأممي الاستباقي لاستدامة السلام، واستشراف مستقبل جماعي أفضل وآمن للأجيال الصاعدة".
Your browser does not support the video tag.