"أداة للتعسف" و"معول هدم لأي تطلع لبناء الديمقراطية"، بهذه الكلمات يصف أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، سعيد ذياب، قانون الجرائم الإلكترونية الذي أصبح نافذا أواخر العام 2023.

القانون الذي قوبل بانتقادات عديدة محلية ودولية، يؤكد ذياب في منشور له عبر حسابه في فيسبوك بأن إقراره "اقترن بتمادي السلطة التنفيذية بتنفيذ سياستها القمعية".

ونوه إلى أن العشرات من الأردنيين يقبعون في السجون بسبب هذا القانون، ومن بينهم الكاتب أحمد حسن الزعبي، والصحفية هبة أبو طه، وفي الفترة الأخيرة تم توقيف الرسام خليل غيث، والناشط ثائر مالك وغيرهم من الأشخاص.

قانون الجرائم الإلكترونية معول هدم. لاي تطلع للديمقراطية . بات في حكم المؤكد ان قانون الجرائم الإلكترونية ليس الا معول...

Posted by ‎د.سعيد ذياب‎ on Monday, October 28, 2024

وفي مارس الماضي، لفت تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" إلى أن الحكومة الأردنية استندت إلى هذا القانون "التقييدي" لاعتقال مواطنين بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي يعبر فيها البعض عن مشاعر مؤيدة للفلسطينيين، وينتقدون علاقة عمان بالحكومة الإسرائيلية.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني، مالك العثامنة، لموقع "الحرة" إن "تراكم المعتقلين ليس في صالح الدولة الأردنية خصوصا المعتقلين بسبب آرائهم، لأن هذا يغذي بالمقابل فكرة تحدي الدولة وسلطاتها بشكل أكبر ويسيء لسمعة الدولة ومؤسساتها".

ويؤكد أن الحل ليس "دائما ليس في تشريعات تقيد حرية التعبير بقدر ما نحتاج لتشريعات وقوانين تعيد تأهيل بنية الإعلام والمنظومة الإعلامية بكاملها، لتكون هي القناة التي يتلقى منها المتلقي المعلومات والحقائق، وهذا يتطلب إعادة بناء الثقة فيها وتعزيز مصداقيتها".

"جدلية التوازن"

العين السابق وأستاذ القانون، طلال الشرفات، يرى في القانون "ضرورة للجم الأخطاء التي مست حالة السلم الأهلي، والاستقرار الاجتماعي في المملكة".

وقال في حديث لموقع "الحرة" أن بعض العقوبات "قاسية، ولكنها ضرورية"، إذ "نجح في الحد من التعرض لخصوصيات الناس وأعراضهم".

وأكد الشرفات أن "حرية التعبير مصانة، ولكن أي انحراف قد يواجه عقوبة"، وهو ما ساهم في "عقلنة الآراء السياسية ضمن المحددات القانونية".

وكانت 14 منظمة وجهة حقوقية على رأسها "آكسس ناو" و"هيومن رايتس ووتش" انتقدت في بيان في يوليو من 2023 القانون الذي "يهدد" الحقوق الرقمية وحرية التعبير وحق الوصول للمعلومات، وفق قولها.

الكاتب العثامنة بدوره يشرح الأزمة الحاصلة بسبب هذا القانون حيث "جدلية التوازن بين تحقيق العامل الأمني المستقر ويقابلها الحريات الشخصية وحرية التعبير".

الأردن يقر قانون الجرائم الإلكترونية.. وجدل بشأن "تقييد" الحريات أقرّ مجلس النواب الأردني، الخميس، تعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية كانت أثارت جدلا، واعتبر ناشطون وصحفيون، ومنظمات حقوقية، أنها تحدّ من حرية التعبير.

وقال "في الأردن تلك الجدلية موجودة وحاضرة بقوة، خصوصا مع محيط غير مستقر وداخل أردني قلق ومقلق للجميع".

وأضاف العثامنة أن "وسائل التواصل الاجتماعي حالة فوضى في الأردن، كما قد يقول الجانب الرسمي والمؤيد له، ومن خلال تلك الوسائل يمكن النفاذ من ثغرات كثيرة لترويج إشاعات أو معلومات مضللة أو تحريضية في أجواء ساخنة أصلا".

لكن في المقابل، يقول العثامنة إن "البعض يجادل بأن الشفافية في المعلومات قد تكسر تغول التضليل في وسائل التواصل الاجتماعي"، لافتا إلى "هذا يتطلب بنية إعلامية رسمية وأهلية صحية ومتعافية لا تخاف من الحقيقة وتحمل المسؤولية في تقديم المعلومة الصحيحة".

ولا يرى الخبير القانوني الشرفات بأن "القانون يساهم في لجم حرية التعبير، أو استخدامه في ملاحقة المواطنين".

اعتقل بسبب منشور على فيسبوك.. منظمة أممية تطالب الأردن الإفراج عن كاتب ساخر أوقفت أجهزة الأمن الأردني، الكاتب الصحفي الساخر، أحمد حسن الزعبي، الثلاثاء لتنفيذ قرار بحقه بالسجن لمدة عام على خلفية منشور على شبكات التواصل الاجتماعي.

وشدد أن المملكة تتعامل مع "مبدأ سيادة القانون"، وأن من يشكو من القانون ربما "تريد حالة الانفلات الاجتماعي، والتي ربما تقوض منظومة السلم الأهلي".

وكان أمين عام حزب الوحدة الأردني، ذياب قد قال في منشوره "لا لقانون الجرائم الإلكترونية.. نعم لحرية التعبير".

قوانين الجرائم الإلكترونية

الخبير الأردني في قوانين الإعلام، يحيى شقير، يشرح أن هناك حوالي 137 قانونا للجرائم الإلكترونية في العالم، 13 منها في دول عربية.

ويقول في حديث لموقع "الحرة" إن القواسم المشتركة في هذه القوانين لتجريم أفعال يستخدم فيها ذوي الميول الجرمية التكنولوجيا لارتكاب جرائم كالابتزاز والاحتيال والتهديد للحصول على أموال وهذه مقبولة ومن ضمنها القانون الأردني.

ويضيف أن "قوانين الدول غير الديمقراطية ومنها القانون الأردني تنفرد بتجريم أفعال تقع تحت حرية الرأي والتعبير السياسي وفرضت على المخالفين عقوبات مغلظة بالحبس وغرامات فلكية بهدف حماية المسؤولين الحكوميين".

وأضاف أنه "بعد سنة من إقرار قانون الجرائم الإلكترونية الأردني يقبع في السجون عدد من الصحفيين والحزبيين والنشطاء ومنهم نساء بسبب آرائهم في القضايا العامة والأخطر أن القانون يتيح التوقيف (الحبس الاحتياطي) في هذه القضايا قبل صدور قرار قضائي من المحاكم".

ويقول شقير أن "القانون يتيح للحكومة التعسف في استخدامه لوجود مصطلحات فضفاضة في مثل نشر الأخبار الكاذبة والزائفة واغتيال الشخصية وازدراء الأديان بدون وجود تعريفات واضحة لها بما يتيح التوسع في تفسير الأفعال الجرمية وعدم تعيين دائرتي الإباحة والتجريم بشكل دقيق".

عام على "تكميم الأفواه".. قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن "يخنق حرية التعبير" منذ عام أقر الأردن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي تسبب في "خنق حرية التعبير وتكميم الأفواه وحبس صحفيين ونشطاء" بحسب ما تقول منظمة العفو الدولية، وصحفيون وحقوقيون تحدثوا مع موقع "الحرة"، ويطالبون بإعادة النظر في القانون من جديد.

وزاد أن "هناك بعض النشطاء أغلقوا حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إقرار القانون أو قللوا من منشوراتهم بسبب زيادة الرقابة الذاتية عندهم والخوف من عدم القدرة على التنبؤ بنتيجة آرائهم. كل ذلك أتاح للنخبة الحاكمة السيطرة على الحوار العام وتقليل الرقابة الشعبية على السلطة".

وقال الخبير القانوني شقير إنه "مع بقاء القانون بمجملة مع إجراء تعديلات جوهرية على المواد 15 و16 و17 و21 منه والمتعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ومنع التوقيف قبل صدور قرار قطعي من المحكمة".

ويعاقب القانون الجديد في المادة 15 منه "كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية.. تنطوي على أخبار كاذبة أو ذمّ أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف دينار ولا تزيد على 40 ألف دينار".

وحُددت "الأخبار الكاذبة" التي تستوجب العقوبة بتلك "التي تؤثر على السلم المجتمعي والأمن الوطني"، وخُفضت الغرامة لتصبح "لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد على 20 ألف دينار".

رغم الانتقادات.. ملك الأردن يصدق على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المثير للجدل صدّق ملك الأردن، السبت، على مشروع قانون يعاقب الخطاب الإلكتروني الذي يعتبر "ضارا بالوحدة الوطنية"، وفقا لوكالة الأنباء الحكومية الأردنية، وهو تشريع أثار اتهامات من جانب جماعات حقوق الإنسان بأنه يقمع حرية التعبير في بلد تتزايد فيه الرقابة.

ولا تحتاج الملاحقة في هذه الجرائم إلى تقديم شكوى، إذا كانت موجهة إلى سلطات الدولة أو هيئات رسمية أو موظف عام أثناء قيامه بوظيفته.

وتجرم المادة 16 "اغتيال الشخصية" معنويا بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبدفع غرامة من 25 ألف دينار (35 ألف دولار) ويمكن أن تصل إلى 50 ألف دينار (70 ألف دولار).

وانتقد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في يوليو من 2023، القانون الذي "يمكن بتعريفاته ومفاهيمه الغامضة أن يقوض جهود الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن".

وأضاف أنه "يقلل من الحيز المدني المتاح أمام عمل الصحافيين والمدونين وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في الأردن".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قانون الجرائم الإلکترونیة التواصل الاجتماعی حریة التعبیر ألف دینار فی الأردن

إقرأ أيضاً:

الأطفال فى مرمى نيران الخلافات الزوجية

«أحمد»: أنا محروم من حضن أطفالى.. والحاجة زينب: القانون لا يمنحنى حق رؤية أحفادىإخصائية نفسية: مصلحة الطفل يجب أن تكون أولوية فى القانون والاحترام بين الزوجين واجب بعد الانفصالبرلمانية: تحقيق العدالة بين الوالدين فى قضايا الرؤية ضرورةعقوبات تأديبية لامتناع الحاضن عن تنفيذ حق الرؤية

فى ساحات محاكم الأسرة، لا يهدأ الصراع بين الأزواج حتى بعد وقوع الطلاق، بل تبدأ مرحلة جديدة من النزاع، حيث تتحول الحقوق المشروعة إلى أدوات انتقام، ويتحول الأطفال إلى رهائن يساوم به أحد الطرفين الآخر لتحقيق المزيد من المكاسب، ويصبح قانون الرؤية أحد أهم محاور هذا الصراع، فبدلاً من أن تكون وسيلة لتحقيق التوازن وضمان حق الطفل فى الاحتفاظ بعلاقته مع كلا والديه لضمان التنشئة السوية، يتحول القانون فى كثير من الحالات إلى أداة لتعذيب الزوجين وتسوية الحسابات العاطفية والمادية بينهما.

وخلال هذا التحقيق تستعرض «الوفد» قصصاً تعكس المعاناة التى تسببها تطبيقات قانون الرؤية على الأزواج والأجداد، ويحكى أحمد مصطفى موظف 42 عاماً قصته قائلاً: أنا الأب المحروم من حضن أطفالى، فبعد انفصالى عن زوجتى، أصبحت لقاءاتى بهم مقتصرة على ثلاث ساعات أسبوعياً فى مركز شباب مزدحم. أذهب وأحاول أن أبدو سعيداً أمامهم، لكن الحقيقة أن هذه الساعات تزيد من ألمى، فالأطفال بحاجة لوجود والدهم فى حياتهم يومياً، وليس كضيف يسمح له برؤيتهم فترة محددة، خاصة أن طليقتى تستخدم القانون كأداة ضغط، وتتعمد إفساد العلاقة بينى وبين أطفالى.

وتروى الحاجة زينب محمود (67 عاماً)، جدة ثلاثة أحفاد معاناتها فتقول: كان أحفادى يملأون حياتى سعادة، ولكن بعد انفصال ابنى عن والدتهم لم أعد أراهم إلا فى المناسبات، وأحياناً يحرمون من زيارتى تماماً، فالقانون لا يمنحنى أى حقوق قانونية لرؤيتهم، وأمهم ترفض بشدة أن ألتقى بهم، هذا العذاب لا يشعر به إلا من عاشه؛ أحفادى يكبرون بعيداً عنى، أشعر كأننى فقدت جزءاً من روحى، وهذا الحرمان هو أقسى عقاب يمكن أن يتعرض له إنسان.

وتقول نجلاء إبراهيم (36 عاماً)، مطلقة وأم لطفلين: طليقى يحاول الضغط على باستخدام قانون الرؤية أحياناً يرفض إعادة الأطفال فى الموعد المحدد بعد نهاية الزيارة، وأعيش حالة من القلق والخوف حتى يعودوا، رغم أننى أريد أن يحافظ الأطفال على علاقة طيبة مع والدهم، إلا أن هذه المشاكل تجعل الوضع لا يطاق. القانون لا يحمينا ولا يحمى الأطفال من هذه التلاعبات، فالرؤية أحياناً تصبح ساحة جديدة للصراع، بدلاً من أن تكون وسيلة لراحة الجميع.

ويضيف محمد حسن (45 عاماً)، يعمل فى مجال البناء، قائلاً: أشعر بالعجز أمام تعنت طليقتى، طفلى يبلغ من العمر 8 سنوات، وكل ما أتمناه هو أن أقضى معه يوماً كاملاً فى منزلى، ولكن القانون يجعلنى مجرد زائر فى حياته، حتى إذا أردت اصطحابه فى رحلة، لا يمكننى ذلك بسبب القيود المفروضة على. أنا لا أريد شيئاً سوى حقى كأب وأن أكون جزءاً من حياته.

ويحكى أحد المدرسين عن تجربة أحد طلابه فيقول: لدى طالب فى الصف الخامس الابتدائى دائم الانعزال. تحدثت معه ذات يوم، فأخبرنى بأنه يكره أيام الرؤية لأن والده ووالدته يتشاجران أمامه فى كل مرة يلتقون فيها، حتى أصبح الطفل ضحية لصراع لا يفهمه، وكل ما يريده هو أن يعيش طفولته بعيداً عن هذه الأجواء السلبية.

وسيلة للانتقام

قصص المتضررين تعكس الواقع المؤلم الذى يعيشه الآباء والأمهات والأجداد حتى الأطفال فى ظل قانون الرؤية الحالى، الجميع يتفق على أن القانون بحاجة إلى مراجعة شاملة لتحقيق التوازن بين حقوق الجميع، وضمان أن تكون الرؤية وسيلة للتواصل الأسرى لا أداة للصراع، فهذا القانون الذى يهدف فى جوهره إلى حماية الروابط الأسرية وضمان حق الطرف غير الحاضن فى لقاء أبنائه، أصبح فى بعض الأحيان وسيلة للانتقام وتصفية الخلافات، وفى هذا المشهد المعقد، لا يقتصر الألم على الأزواج فحسب، بل يمتد ليشمل الأجداد، الذين يجدون أنفسهم محرومين من رؤية أحفادهم، لا لذنب ارتكبوه، بل لأنهم جزء من عائلة أصبحت ضحية للصراعات.

الدولة تحاول إنقاذ الموقف والحفاظ على حق الأطفال، من خلال وضع تعديلات جوهرية جديدة على قانون الأحوال الشخصية، حيث أعلن المستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الانتهاء من مشروع القانون، لافتاً إلى أنه بعد مراجعة وزارة العدل وصياغة مشروع القانون بشكل نهائى، يتم إرساله إلى مجلس الوزراء للنظر فيه وإعادة ضبط الصياغة ثم الموافقة عليه وطرحه لحوار مجتمعى تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن إحالته إلى مجلس النواب.

وتهدف تعديلات القانون فيما يخص الجزء الخاص بالرؤية إلى تحقيق التوازن بين حقوق الوالدين ومصلحة الطفل الفضلى، وتمثلت أبرز التعديلات فى توسيع نطاق الأماكن المخصصة للرؤية، لتشمل مواقع متنوعة توافق عليها الدولة، ولم تعد مقتصرة على الأندية أو مراكز الشباب فقط، ويمكن توفير أماكن أكثر راحة للأطفال وتناسب احتياجات الأسرة.

وأضاف القانون إمكانية الرؤية الإلكترونية، لتناسب الحالات التى يكون فيها أحد الطرفين خارج البلاد أو فى حالة مرضية تمنعه من الحضور، وتعد الرؤية الإلكترونية وسيلة لتيسير التواصل بين الطفل والوالد أو الوالدة غير الحاضنة.

وفى حالة امتناع الأم عن تنفيذ حكم الرؤية دون عذر قانونى، قد تحرم من حق الحضانة فترة مؤقتة (مثل ثلاثة أشهر)، حسب ما يتم تحديده من قبل القاضى، وإذا رفض الأب الإنفاق على أطفاله، يحق للأم التقدم بطلب لمنع الرؤية عنه، إلى أن يلتزم بواجباته المالية.

وتضمنت تعديلات القانون الجديد، تغيير مصطلح «الاستضافة» إلى «الاستزارة»، لتأكيد أن الطفل فى زيارة للوالد أو الوالدة وليس ضيفاً، وحددت مدة الاستزارة بـ10 ساعات شهرياً و15 يوماً سنوياً، تشمل الإجازات والأعياد بما يحقق راحة الطفل واستقراره، وإذا امتنع أحد الوالدين عن إعادة الطفل بعد انتهاء مدة الاستزارة، يمنع من ممارسة حق الاستزارة مرة أخرى بقرار قضائى.

وتعكس التعديلات الجديدة رؤية شاملة لحماية حقوق الأطفال وتعزيز الروابط الأسرية، مع توفير آليات مرنة تواكب التغيرات المجتمعية والتكنولوجية.

مصلحة الطفل فوق الجميع

وبدورها، قالت نورهان النجار، إخصائية الإرشاد النفسى والأسرى، إن مصلحة الطفل فوق كل اعتبار ويجب أن ينشأ فى أسرة سوية، وإن تم الانفصال بين الوالدين فيبقى الاحترام فوق كل شىء حتى ينمو الأطفال فى جو صحى بلا نزاعات وحتى لا يكونوا مشوهين نفسياً وفكرياً.

وتطرقت النجار إلى الحديث عن تأثيرات قانون الأحوال الشخصية على الأطفال بعد الانفصال، وأكدت أن قانون الأحوال الشخصية يهدف إلى تحديد الحقوق والواجبات بين الأطراف المعنية، لكن لا يضمن بالضرورة تحقيق بيئة صحية للأطفال.

وأشارت إلى أن الحرمان من رؤية أحد الوالدين، خاصة الأب، له تأثيرات نفسية عميقة على الأطفال، من بينها فقدان الشعور بالأمان وضعف الثقة بالنفس، مضيفة أن هذه الحالات قد تؤدى إلى اضطرابات عاطفية ونفسية، وقد تظهر آثارها فى مشاكل اجتماعية وسلوكية، بل قد تؤثر على القدرات الذهنية والأداء الدراسى للأطفال.

وشددت النجار على ضرورة تفعيل آليات قانونية لمنع استخدام الأطفال كأدوات للانتقام بين الوالدين، وأكدت أهمية أن تكون العقوبات المصاحبة لهذه الحالات مدروسة نفسياً وإنسانياً، بما يضمن عدم تعرض الأطفال لمزيد من الأذى النفسى جراء الخلافات الأسرية.

كما تحدثت عن التحديات التى قد يواجهها الطرف غير الحاضن بعد الانفصال، لا سيما الشعور بالوصم الاجتماعى والضغط النفسى الناتج عن محاولة بناء علاقة مع الأطفال فى وقت محدود، مشيرة إلى أن الطرف غير الحاضن قد يواجه صعوبة فى التعبير عن مشاعره أو إقامة علاقة دائمة مع الأطفال، ما قد يؤدى إلى سلوكيات غير مدروسة.

وأكدت الخبيرة النفسية ضرورة أن يهيئ الوالدان الأطفال نفسياً قبل اتخاذ قرار الانفصال. مشيرة إلى أن اتخاذ هذا القرار بشكل مفاجئ يمكن أن يترك أثراً نفسياً طويلاً عليهم.

وأضافت أن الاتفاق على شرح الموضوع للأطفال بطريقة تناسب أعمارهم مع طمأنتهم بالاستمرار فى تلقى الحب والرعاية من كلا الوالدين يعد أمراً أساسياً فى هذه المرحلة.

وفيما يتعلق بقانون الرؤية، أشادت النجار بالتطورات التى شهدها القانون، مثل الرؤية الإلكترونية، لكنها انتقدت الوقت المحدد للرؤية، الذى لا يتجاوز 8-10 ساعات أسبوعياً و15 يوماً سنوياً. وأوضحت أن هذه الساعات المحدودة لا توفر للطفل فرصة كافية لبناء علاقة صحية ومستدامة مع الطرف غير الحاضن.

واختتمت النجار حديثها بتأكيد أن الأطفال هم الضحايا الرئيسيون فى أى نزاع أسرى، حيث يعانون من تأثيرات نفسية واجتماعية تؤثر على حياتهم المستقبلية، ودعت إلى تبنى سياسات قانونية وأسرية تأخذ فى الاعتبار مصلحة الطفل كأولوية، مع ضرورة أن يظل القانون أداة تنظيمية مكملة للنوايا الحسنة والاحترام المتبادل بين الوالدين، موضحة أن الحلول تبدأ من وعى الوالدين بدورهما الأساسى فى توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، بغض النظر عن الخلافات أو الانفصال. قائلة إن القانون أداة تنظيمية، لكنه ليس بديلاً عن النوايا الحسنة والحب والاحترام.

تحديث القانون

ومن جانبها، أكدت النائبة أمل سلامة، عضو مجلس النواب، أهمية تحديث قانون الأحوال الشخصية ليعكس تطورات العصر ويواكب المتغيرات الاجتماعية، مشيرة إلى أن بعض القضايا المثارة بشأنه تحتاج إلى معالجة دقيقة بما يحقق العدالة للجميع.

وقالت إن هناك تصوراً خاطئاً بأن القانون يمنع الأب من رؤية أطفاله، موضحة أن التأخير من قبل الأم فى تنفيذ حق الرؤية يجب أن يقابل بعقوبات رادعة تتناسب مع حجم المخالفة.

واقترحت «سلامة» فرض عقوبة تأديبية تتمثل فى حرمان الأم من الحضانة لمدة ثلاثة أشهر حال تعمدها تأخير تنفيذ حق الرؤية، على أن تعود لها بعد انتهاء المدة. وأشارت إلى أن الاستضافة يجب أن تتم بموافقة الأطراف المعنية، مع التركيز على تحقيق مصلحة الطفل كأولوية قصوى.

وشددت النائبة على ضرورة تحقيق المساواة بين الأب والأم فى حالة زواج أحدهما أو كلاهما، مع التأكيد على أن مصلحة الطفل الفضلى هى المحدد الأساسى فى تحديد مصير الحضانة.

كما رفضت انتقال الحضانة إلى الأب مباشرة بعد الأم، مشيرة إلى أهمية مرور الحضانة بالجدة أولاً، مع وضع ضوابط واضحة وشروط محددة حال إسناد الحضانة إلى الأب، بما يضمن استقرار الطفل وحمايته.

وختاماً، دعت النائبة إلى صياغة تعديلات تضمن التوازن بين حقوق الأب والأم، وتصب فى مصلحة الطفل، معربة عن أملها فى أن يسهم القانون الجديد فى حل النزاعات الأسرية وتحقيق الاستقرار للأسر المصرية.

 

مقالات مشابهة

  • يستثني الجرائم الكبرى.. تعرف على شروط العفو الرئاسي عن المحكوم عليهم بمناسبة 25 يناير
  • ترامب: سأوقع أمرا تنفيذيا لإنهاء رقابة الحكومة على حرية التعبير
  • ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا لدعم حرية التعبير وإزالة القيود الرقابية
  • الإطار التنسيقي يدعو إلى الاستمرار بسياسة التوازن وحسم قانون الموازنة
  • محمد أنور السادات: حرية التعبير أولوية لتحقيق التقدم الديمقراطي
  • الأطفال فى مرمى نيران الخلافات الزوجية
  • العاهل الأردني يؤكد ضرورة ضمان استدامة وقف إطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات
  • العاهل الأردني يبحث مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق التطورات الإقليمية الراهنة
  • بالفيديو.. توعية المواطنين بمخاطر الجرائم الإلكترونية وطرق التبليغ عنها
  • حبس يصل لـ 5 سنوات و غرامة 10 ملايين.. مشروع قانون لمكافحة المراهنات الإلكترونية