عبد العزيز البرديني والذي يعمل متطوعاً في الهلال الأحمر الفلسطيني، اعتاد على مسح الدماء واحتضان الألم، كجزء من وظيفته في إنقاذ الأرواح وسط أصوات القصف وأزيز الطائرات، وفي ذلك اليوم، تلقى إشعاراً عن استهداف سيارة في مخيم المغازي للاجئين، تحرّك بسيارة الإسعاف على الفور، وفي قلبه نبض سريع ينبئه بأن هذه اللحظة تحمل شيئاً مختلفاً.

عندما وصل، كان المكان مليئاً بالفوضى والدمار. وجد جثة امرأة هامدة وثلاثة مصابين آخرين، بينهم طفل لم يتجاوز الثانية عشرة، مصاب بإصابة خطيرة تهدد حياته. كرّس جهده للطفل، عالماً أن عليه إنقاذ من بقي على قيد الحياة أولاً، وحمل جسد الشهيدة في الإسعاف ليتم التعامل معه لاحقاً في المستشفى.

عند وصوله إلى المستشفى، بدأ عبد العزيز بتسجيل بيانات الجثة، وفي خانة الاسم كتب "مجهول". ولكن شيئاً ما دفعه للنظر مجدداً في وجهها. وعندما نظر، تجمدت ملامحه للحظة؛ لقد كانت والدته، جسدها بين يديه، ووجهها الذي احتضنه بعينيه مراراً بات الآن صامتاً.

في تلك اللحظة، كأن الزمن توقف، والمكان ضاق، وتجمعت الكلمات في حلقه دون أن تخرج، سوى صرخات مخنوقة: "ما عرفتكِ، والله ما عرفتكِ، يما.. كنت بدي أسجلك مجهولة". لم يكن هذا حلماً أو كابوساً، بل حقيقة قاسية، أن يحمل جسد أمه شهيدة، غير مدرك أن الموت قد وصل إليها قبله.

هذه ليست المرة الأولى التي يمر فيها عبد العزيز بتجربة مشابهة؛ فقد عايش ألم فقدان زملائه، وحتى زميله المسعف نادر البحيصي عاش مأساة فقدان ابنه بين ضحايا القصف. لكن هذه المرة، كانت الفاجعة تخصه، حيث جسدت له قسوة الحروب التي طالت أغلى الناس على قلبه.

في لحظات الوداع الصامتة تلك، وقف عبد العزيز أمام جسد والدته، يحاول استيعاب الفاجعة بكل ما تحمله من ألم وفقدان. لم يكن هنالك كلمات تكفي، ولا دموع تخفف من ثقل اللحظة. رفع رأسه إلى السماء، كمن يودع روحه فيها، وحمل على عاتقه أن يمضي في عمله رغم الخسارة. فقد أدرك أن واجبه لم ينتهِ، وأن تضحياته لا تزال تحمل رسالة أكبر من الألم نفسه، رسالة حياة وحب لآخرين قد يجدون في يديه عوناً وأملاً جديداً.

ومع رحيل والدته، زاد تعلقه برسالته الإنسانية، وأقسم بينه وبين نفسه أن يكمل الطريق، ليس فقط لأجل أولئك الذين يحتاجون إليه، بل لأجل ذكرى أمه التي غادرت بصمت، تاركةً له في قلبه قوة لمواجهة كل الصعاب.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: عبد العزیز

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر السوري يؤكد استمراره بجهود الإغاثة وتقييم الاحتياجات في ‏اللاذقية وطرطوس وحماة

‏دمشق-سانا‏

كثفت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري أعمالها الإنسانية الطارئة، في ‏محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، مؤكدة استمرار جهود الإغاثة، وتقييم ‏الاحتياجات لأهالي هذه المناطق.‏

وأوضحت المنظمة في بيان نشرته اليوم على صفحتها في الفيسبوك، أنها ‏منذ بدء استجابتها في السادس من الشهر الجاري، نقلت فرق الإسعاف ‏والطوارئ التابعة لها 328 مريضاً ومريضة، فيما تواصل فرق إدارة ‏الجثامين عمليات انتشال الجثامين وحفظها بأمان وكرامة لتسليمها إلى ذويها ‏لاحقاً، إضافة إلى زيارة العيادات المتنقلة للمناطق المتضررة لتقديم الرعاية ‏الصحية، حيث قدمت المعاينات والأدوية الأساسية لـ 233 شخصاً في مناطق ‏الرميلة والصنوبر بجبلة.‏

وبينت المنظمة أنها وبهدف دعم استمرار الخدمات الحيوية، قدمت مساعدات ‏طبية لمستشفيات طرطوس وبانياس واللاذقية وجبلة وحماة، بما في ذلك ‏مجموعات طوارئ إسعافية وجراحية ومستهلكات، ومعينات حركية، ومواد ‏غير غذائية، بدعم من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال ‏الأحمر.‏

ووفق البيان، دعمت المنظمة مستشفى حماة الوطني بكوادر لاستقبال ‏المتبرعين بالدم والتعامل مع الحالات الإسعافية، مع تقييم مستمر لاحتياجات ‏المرافق الطبية بالتنسيق مع الشركاء الإنسانيين.‏

وذكر البيان أن المنظمة قدمت بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مولدا ‏كهربائيا لمستشفى بانياس (300 كيلو فولط أمبير)، وذلك لضمان استمرار ‏عمل غرف العمليات، ووحدات غسيل الكلى والعناية المركزة، كما تم تزويد محطة السن في اللاذقية ببطاريات ووقود لتشغيل المولدات، وساهمت في ‏إصلاح الخط المغذي للمحطة، وإعادة المياه إلى اللاذقية وجبلة والقرداحة، ‏إضافة إلى تسليم 38 طناً من الكلور لتعقيم المياه.‏

وبهدف تلبية الاحتياجات الطارئة، قدمت المنظمة حسب البيان مواد إغاثية ‏للمستشفى الوطني في حماة ومديرية صحة طرطوس، ووزعت سلات غذائية ‏في منطقة القدموس، مع تقييم احتياجات العائلات في المناطق المتضررة ‏والأسر المضيفة.‏

مقالات مشابهة

  • مصرف الإمارات للتنمية يطلق حملة إماراتنا تزهر بالخير
  • خسوف جزئي للقمر يزين سماء المملكة المتحدة
  • المملكة المتحدة تشهد خسوفاً قمرياً جزئياً
  • الهلال الأحمر السوري يؤكد استمراره بجهود الإغاثة وتقييم الاحتياجات في ‏اللاذقية وطرطوس وحماة
  • بدعم من الهلال الأحمر الإماراتي …توزيع 10 آلاف سلة غذائية بمأرب
  • الهلال الأحمر يسعف مريض نوبة قلبية في مسجد قباء عبر "مسار الجلطات"
  • المدينة المنورة.. الهلال الأحمر ينقذ مصابًا بجلطة قلبية في مسجد قباء
  • الهلال الأحمر بالجوف يجهز 14 فرقة ميدانية لتقديم الخدمات الإسعافية خلال رمضان
  • الهلال الأحمر بالجوف يجهز 14 مركزًا وفرقًا ميدانية لتقديم الخدمات الإسعافية
  • الهلال الأحمر يسلم مشفى اللاذقية الوطني معدات طبية وإسعافية