"تزوجت قبل 12 عاما وصادف زفافي يوم الانتخابات الرئاسية، عندما ترشح حينها الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية. أتذكر جيدا كيف قال الواعظ في خطبته للحضور إن صلاتنا الواحدة تعادل عشرة أصوات، وبالتالي لا داعي للتصويت"، هكذا يسترجع أموس فيشر الماضي بابتسامة لا تفارق محياه، عندما كان يؤمن بأن الحياة خارج مجتمعه "فاسدة"، وأن البقاء على مسافة من أي نشاط سياسي سيحميه من أي تأثير خارجي يضر بأسلوب عيش الأميش الفريد.

في قلب ولاية بنسلفانيا الأميركية بمساحاتها الزراعية الشاسعة، يعيش أموس فيشر محافظا على زي الأميش البسيط: قميص بلون قاتم وبنطلون أسود بحمالات. يسرّح شعره أمام مرآة سيارته ويعدل القبعة واسعة الحواف المصنوعة من القش فوق رأسه، استعدادا للتوجه لمكتب التصويت والمشاركة لأول مرة في انتخابات الرئاسة.

رحلة الإيمان والتحرر

عاش أموس حياته في قلب مجتمع الأميش الذي يعرف بتقاليده الدينية المحافظة جدا، ولد أصمّا في أسرة تحظر استعمال كل وسائل التكنولوجيا الحديثة وتعتبر ركوب السيارة أو استعمال أي أجهزة كهربائية حراما.

أموس فيشر

 لكنه حصل قبل بضع سنوات على رخصة استثنائية من قادة هذه الطائفة، تسمح له باستخدام الهاتف المحمول لكتابة الرسائل النصية فقط، ليكون هذا الهاتف بمثابة وسيلة انعتاق لعالم آخر، سيفتح له الآفاق ليتعمق في أفكار جديدة لم يسبق له التعرف عليها.

صوت "الأميش".. حكاية أموس

"قبل 12 عاما، كان يوم زفافي هو نفس يوم الانتخابات، عندما ترشح أوباما للولاية الثانية. أتذكر جيدًا كيف قال حينها واعظ الأميش إن صلاتنا الواحدة تعادل 10 أصوات، لذا لا حاجة للتصويت!". إليكم حكاية أموس الأميركي الذي خرج من العزلة في طائفة "الأميش" الدينية المحافظة وقرر التأثير في السياسة بالتصويت لأول مرة في حياته.

Posted by ‎أصوات مغاربية Maghreb Voices‎ on Thursday, October 31, 2024

فقبل عامين، دفعه الفضول إلى استعمال الإنترنت على هاتفه خلسة، وهناك بدأ رحلة من البحث والتعمق في النصوص الدينية والكتاب المقدس. يعتبر أموس أن هذه المرحلة كانت فارقة في رحلته الروحية: "لقد كانت تلك اللحظة التي عرفت فيها أن يسوع أنقذني بمثابة نور أضاء لي طريقا مختلفا، ارتحت كثيرا وعرفت أنه لا يجب علي أن أفعل الكثير لأنجو، وآنذاك تحرّرت من الأميش".

لم يكن قرار أموس بالتحرر من قواعد الأميش الصارمة بلا ثمن، فقد تعرّض لعقوبة "التجنب" التي تفرضها الطائفة على غير الملتزمين بتعاليمها، ويشمل ذلك عائلته وأصدقاءه المقربين: "حتى زوجتي التي ما زالت تؤمن بمعتقدات الأميش لا يسمح لها بتناول الطعام معي على نفس الطاولة، أما والدي، فقد منعني من زراعة الضيعة التي ولدت ونشأت فيها، وهي المهنة التي أحبها، ولا أعرف غيرها".

أموس فيشر

ورغم أن قرار ترك الطائفة يكلفه قسوة المقربين، إلا أن أموس، كما يقول، وجد نفسه مضطراً لاتخاذ هذا القرار، متحملاً وحده ثمن هذه الحرية، يضيف مبتسماً: "الآن، أشعر أنني حر ومرتاح، أتمنى فقط أن أكون أنا وزوجتي متفقين على نفس المبادئ، أسمح لأطفالي أن يكونوا أميش في الوقت الحالي، فهم يذهبون مع والدتهم لكنيسة الأميش، في انتظار أن ترى زوجتي النور الذي رأيته".

قرار التصويت

في طريقه لمكتب التصويت بمقاطعة شستر في ولاية بنسلفانيا للمشاركة لأول مرة في الانتخابات، يقول أموس بحماس: "هذه المرة لن تكون صلاتي وحدها كافية، بل سأسمع صوتي أيضا، وبذلك أشعر أنني أساعد الآخرين بشكل أفضل".

تتزامن قصة أموس مع أجواء انتخابات حاسمة تعرفها ولاية بنسلفانيا، التي تعتبر من أهم الولايات المتأرجحة في سباق الرئاسة الأميركي، وهو ما يجعل حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب تضاعف جهودها لإقناع أفراد الأميش بالتسجيل في الانتخابات لاستمالة أصواتهم.

ومع تزايد النقاش حول القضايا المتعلقة بقوانين الزراعة والحريات الدينية وحقوق الملكية، يقول أميش إن هناك فعلا بعض من أفراد الأميش من يصوتون "لكنهم ليسوا كثر". فرغم أنهم يتمسكون بتقاليدهم ويرون أن العزلة تحافظ على نقاء إيمانهم، إلا أن بعضهم بدأ يتجه، ولو بحذر، إلى تقليص المسافة التي يضعونها بينهم وبين السياسة، وإلى اتخاذ مواقف تعبر عن قناعاتهم الشخصية بهدف حماية أسلوب عيشهم الفريد.

المصدر: موقع الحرة

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف يصل إلى ماليزيا لتعزيز التعاون في المجالات الدينية .. صور

وصل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إلى ماليزيا بدعوة من السلطان نزرين معز الدين شاه، سلطان ولاية بيراق، حيث تأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز التعاون المشترك بين مصر وماليزيا في المجالات الدينية والثقافية وتبادل الخبرات بين البلدين.

وكان في استقبال الوزير السفير رجائي نصر، سفير جمهورية مصر العربية لدى ماليزيا؛ إلى جانب الدكتور أنهار أوپير، مفتي ولاية سلانغور؛ والدكتور وان زاهيدي بن وان تيه، مفتي ولاية بيراق؛ والدكتور محمد رزاق، المستشار السياسي لوزير الشئون الدينية في ماليزيا.

ورافق الوزير خلال الزيارة كلٌّ من: الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية؛ والكاتب الصحفي محمود الجلاد، معاون الوزير لشئون الإعلام؛ إضافة إلى الداعية الشيخ أحمد حسين الأزهري، الباحث الزائر بمؤسسة طابة.

ومن المقرر أن يلتقي الوزير خلال الزيارة السلطان نزرين معز الدين شاه؛ ورئيس الوزراء الماليزي الدكتور أنور إبراهيم، إلى جانب عدد من القيادات الدينية ووزراء الولايات الماليزية. 

كما سيُجري وزير الأوقاف، عدة لقاءات تشاورية ويلقي عددًا من المحاضرات التي تهدف إلى تعزيز الحوار الفكري والديني بين البلدين.

تؤكد هذه الزيارة عمق العلاقات بين مصر وماليزيا في المجالات الدينية والثقافية، كما تدعم الجهود المشتركة لنشر قيم التسامح والاعتدال وتعزيز الحوار بين الثقافات، بما يسهم في توطيد التعاون بين المؤسسات الدينية في البلدين.

مقالات مشابهة

  • المؤسسات الدينية في مصر.. حصن فكري في مواجهة الإرهاب
  • إنَّا على العهد.. من يمن الإيمان إلى ضاحية لبنان
  • صنّاع أفلام في «اكسبوجر»: الإخراج فن يتطلب الإيمان بالقصة
  • كيف يعمل النظام الانتخابي في ألمانيا؟ وما أبرز التعديلات الجديدة التي طرأت عليه هذا العام؟
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • استخدام العطور ومستحضرات التجميل.. هل تؤثر على الصيام؟ دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم استعمال بخاخ الربو للصائمين؟.. دار الإفتاء تجيب
  • وزير الأوقاف يصل إلى ماليزيا لتعزيز التعاون في المجالات الدينية .. صور
  • هل استخدام معجون الأسنان أثناء الصيام يفطر ؟.. دار الإفتاء تجيب
  • إيران تتجه نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية.. مقترح برلماني في طهران يسلط الضوء على مفهوم الديمقراطية الدينية