في الوقت الذي شهدت فيه الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة تزايد المخاوف من الانهيار الذي ينتظر دولة الاحتلال لأسباب سياسية وأمنية وعسكرية، فإن صدور مثل هذه التحذيرات من أوساط اقتصادية اجتماعية تكتسب مزيدا من الأهمية، لأنها تخلو من الاستقطابات الحزبية، وتحظى بكثير من الموضوعية والواقعية، لاسيما وأن الغالبية من أصحاب هذه التحذيرات باتوا يتحدثون عن مفردات من قبيل "دوامة الانهيار"، و"الخطر الوجودي الحقيقي".



موقع "زمن إسرائيل" العبري، أجرى مقابلة مطولة مع البروفيسور دان بن ديفيد، أشهر الاقتصاديين لدى الاحتلال، الذي دأب في السنوات الأخيرة على البحث في عواقب سياسة الحكومة على الأجيال القادمة لمدة 25 عاما، شارحا آلية الانهيار المتوقعة للدولة، وأسباب الخوف من عواقبها، والخطوات المطلوبة لوقفها قبل فوات الأوان، ومشيرا إلى أن "دولة الاحتلال تعيش حاليا واحدة من أخطر الأزمات الهوية والاجتماعية في تاريخها، ورغم أن الأرقام الدقيقة لأعداد المهاجرين العكسيين لم تتضح بعد، لكن من الواضح أن الحديث عن مغادرة الدولة اكتسب الكثير من الزخم في العام الماضي، عام الحرب".

وأضاف في المقابلة التي ترجمتها "عربي21"، أن "تصاعد الهجرة اليهودية المعاكسة الى الخارج، صاحبه ظهور آراء مستقطبة بين ازدرائهم، ومحاولة التقليل من نفوذهم، والادعاء بأن هذه عملية ضد تمثل نهاية للدولة العلمانية، مما يعني أننا أمام نقاش حول وجود الدولة في حد ذاته، ويضع المزيد من المخاطر الوجودية الناجمة عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها، لأنها دأبت طوال عقود ماضية على التعامل معها وفق حلول مؤقتة، لكنها وصلت الآن إلى نقطة حرجة، بعد ان ثبت للجميع أن سياسة "الترقيع" لم تكن ناجحة حقا".


وأكد "أننا وصلنا اليوم إلى وضع لم يتبق فيه الكثير من الوقت أمامنا، ففي العام ونصف الماضيين شهدت الدولة أهوالا هي الأخطر على تاريخ الدولة، حرب غزة والانقلاب القانوني، والنقطة المهمة أنه إذا لم نتعامل مع هذه المشاكل لأطول فترة ممكنة، فستشكل خطراً وجودياً على الدولة، ومن هذه المشاكل مثلا أطفال الضواحي الجغرافية الاجتماعية، الذين يقدرون بما يعادل نصف مجموعهم في الدولة كلها، مما يعني أنهم سيكبرون، ويصبحون الأغلبية في ذات يوم، وحينها لن تكون الدولة قادرة على الحفاظ على اقتصاد العالم الأول الذي عاشته طوال العقود الماضية، ولن يكون نظام صحي عالمي أول، ولا نظام رعاية اجتماعية عالمي أول، وصولا إلى أنه لن يكون هناك جيش عالمي أول".

وأوضح أن "مثل هذه الأزمات كشفت مخاطرها عند فشل الدولة في كيفية التعامل مع التحديات التي واجهتها مؤخرا، ومنها إسقاط الصواريخ من السماء، إطلاق أجهزة التنبيه، أشياء بدت مستحيلا وقوعها قبل بضع سنوات، أو حتى قبل بضعة أشهر، لكنها وقعت، ولذلك فنحن لا نعرف التحديات التي ستواجهنا خلال 20 أو 30 عامًا، صحيح أن لدينا تكنولوجيا عالية مذهلة مع العمالة الإنتاجية أعلى بنسبة 25% من المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن هذا لا يمثل سوى 10% من العمالة، أما البقية 90%، فتتمتع بإنتاجية أقل بنسبة 40%، وهذا يعني أن هناك مجموعة صغيرة جدًا هنا تحافظ على رأس الدولة فوق الماء".

وأضاف أنه "عندما تنظر للضرائب فإن 20% فقط يتحملون عبء دفع 90% من ضريبة الدخل، فيما نصف الإسرائيليين لا يحصلون على الأدوات اللازمة للعمل في الاقتصاد الحديث، وهم فقراء للغاية، لدرجة أنهم لا يصلون للمستوى الأدنى من ضريبة الدخل، ولا يدفعونها على الإطلاق، بل إن أقل من 300 ألف منهم يشغلون مناصب رئيسية في مجالات التكنولوجيا الفائقة والطب والأكاديميا، ما يعني أن رحيل عشرات الآلاف منهم قد يضع الدولة في أزمة خطيرة، ويؤدي لمشاكل في أنظمتها الحيوية".

وكشف عن "رسالة تحذيرية وقعها قبل أشهر 130 من كبار الاقتصاديين، من اليمين ومن اليسار، وهي الأكثر حدة التي وصفت شيئًا يسمى دوامة الانهيار التي تبدأ ببطء، عندما يختار معظم النخبة من الأطباء والمهندسين وعاملي التكنولوجيا المتقدمة والعلماء بالمغادرة، ويتزايد العبء على السكان المنتجين، مما سيشجع على رحيل آخر للمجموعات التي يمكنها المغادرة، ليس بالضرورة بنفس السهولة، وهذا مثال أولي لاحتمال انهيار الدولة، من خلال التدهور السريع للمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، وهجر الدولة من جزء كبير من سكانها العلمانيين".


وأكد أن "الرسالة التاريخية حذرت أن هذه الدوامة لن تجلب لنا أقل من خطر وجودي، ففي البلدان التي شهدت أزمات مشابهة عاشت انخفاضا حادا في مستوى المعيشة، لكنها لم تكن في أي وقت من الأوقات في خطر وجودي، بعكس إسرائيل، ورغم ذلك فإن قادتها لا يفهمون مدى خطورة أن ندخل في دوامة من الانهيار، وسيكون هذا بالنسبة لنا خطرا وجوديا حقيقيا، لاسيما وأن وتيرتها تتزايد، فقد بدأ بنك إسرائيل ووزارة المالية تصدران تحذيرات مشابهة منذ عدة سنوات، والنتيجة أن يدرك الكثير من الإسرائيليين يدركون أننا بالفعل نسير على طريق غير مستدام، دون أن يفهمون مدى خطورة الموقف، أو سرعته، لكن الأمر يستدعي إعادة حساباتنا".

ودعا "الحكومة لاتخاذ مزيد من الخطوات السريعة بسبب التغيرات الديموغرافية في الدولة، لذلك، فإن أفضل فرصة لإجراء التغييرات، وربما الأخيرة أيضا، ستحدث في السنتين أو الثلاث أو الأربع سنوات القادمة، من الممكن الاستفادة من الأزمة الضخمة الحاصلة لبدء التغييرات المطلوبة، صحيح أن الدولة لديها بعض من أفضل الجامعات في العالم، لكن إذا كانت هذه الكفاءات الأكاديمية ستغادرها، فكيف ستعيد بناءه، ومن ماذا ستبنيه؟ لذلك قد تبدو مهمة الترميم في هذه الحالة مستحيلة في الأساس، مما قد يعيدنا خمسين عاما للوراء، مع العلم أن إسرائيل لا يمكنها أن تتواجد كدولة من دول العالم الثالث، لأنها لن تكون قادرة على حماية نفسها، وهذا هو الخطر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال اقتصادية غزة اقتصاد غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یعنی أن

إقرأ أيضاً:

أربع علامات تدل على نقص سوائل الجسم في الشتاء

يؤكد الأطباء أنه من المهم في الشتاء الحفاظ على توازن السوائل، حيث يميل الناس في الشتاء إلى شرب كميات أقل من السوائل.

 

نصح الأطباء العاملون في مركز أوفا الجمهوري للصحة العامة والوقاية الطبية بتذكر أنه في فصل الشتاء، يستمر الجسم، على الرغم من الطقس البارد، في فقدان السوائل، بما في ذلك عن طريق التعرق بالإضافة إلى ذلك، تتبخر الرطوبة من خلال التنفس والسعال والتبول. 

 

وفي فصل الشتاء أيضًا، يتعرض جسمنا للتدفئة والسخانات - كل هذا يحفز أيضًا فقدان الرطوبة ويؤثر سلبًا على حالة الأغشية المخاطية والجلد التي تعتمد إلى حد كبير على الماء.

 

يمكن أن تكون عواقب عدم شرب كمية كافية من الماء خطيرة للغاية وقد ذكر الأطباء أمراض الكلى المزمنة، والتهابات الجهاز التنفسي، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات القلب والأوعية الدموية من بينها.

 

كيف نفهم أن الجسم يعاني من نقص السوائل في الشتاء؟

 تحدث أطباء من أوفا عن أربع علامات. ووفقا لهم، فإن نقص الرطوبة يسبب جفاف الجلد، وتدهور الشفاه (التقشير، والشقوق)، وزيادة التعب، والدوخة.

 

وأشار الأطباء إلى أنه ينصح بشرب الماء النظيف بانتظام طوال اليوم ولكن الحجم الإجمالي للسوائل التي ينصحون بشربها (حوالي ثمانية أكواب) لا يشمل الماء فحسب، بل يشمل أيضًا المشروبات والحساء الأخرى.

 

قبل ذلك، قالت طبيبة الشيخوخة ناديجدا رونيخينا إنه مع التقدم في السن، قد يشعر الناس بالعطش بشكل أسوأ ويشربون القليل من الماء وفي الوقت نفسه، يؤدي نقص الماء إلى زيادة خطر تخثر الدم وتجلط الدم في الجسم.

مقالات مشابهة

  • أستاذ استثمار: توطين الصناعة إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي انتهجتها الدولة لتغير واقع الاقتصاد
  • أستون فيلا يبقي السيتي في دوامة الهزائم
  • أوغندا.. ارتفاع عدد ضحايا الانهيار الأرضي إلى 40 شخصا
  • محلل طقس: لا يزال أمامنا وقت طويل على انتهاء فصل الشتاء.. وهناك فرص كبيرة لهطول الأمطار
  • بعد ستة سنوات من ديسمبر أرضية أكثر صلابة لتأسيس دولة، على مبادئ الوفاق
  • أربع علامات تدل على نقص سوائل الجسم في الشتاء
  • إنجازات «العمل» خفض البطالة ودعم العمال.. 10 سنوات من المساهمة في تنشيط الاقتصاد
  • مفتي الجمهورية يحذر: تزايد الطلاق ينذر بخطر اجتماعي كبير.. فيديو
  • العبدلي: مدينة الزاوية تعاني من تغول الميليشيات التي تدّعي الشرعية لكنها تهدر ثروات ليبيا
  • شريهان القشاوي: مصر حققت تقدمًا كبيرًا في حقوق الإنسان وملتزمة بمواصلة تعزيز الحقوق