تحليل :الجنرالان الأمريكيان بن هودجز وبيتر زواك: مصير كييف في يد الناخب الأمريكي
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
واشنطن "د. ب. ا": يتفق أغلب المراقبين والمعنين بالشؤون الدولية على أن مصير الحرب في أوكرانيا وربما مستقبل أوكرانيا نفسها يرتبط بدرجة كبيرة بنتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة يوم الثلاثاء المقبل خاصة في ظل التباين الشديد في موقفي المرشحين- الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب من الحرب واستمرار الدعم الأمريكي العسكري والاقتصادي لأوكرانيا.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قال لعسكريان الأمريكيان الليفتنانت جنرال بن هودجز والبريجدير جنرال بيتر زواك إنهما كقائدين عسكريين متقاعديين يعتقدان أن بقاء أوكرانيا كدولة ديمقراطية ذات سيادة أمر حيوي بالنسبة لأمن الولايات المتحدة ومستقبل النظام الدولي ككل، وأن السماح بنجاح التدخل الروسي في أوكرانيا لن يكون بمثابة مكافأة للحكام المستبدين فقط، وإنما سيشجع روسيا على تهديد الدول الأوروبية الأخرى وربما يؤدي إلى نشوب مواجهة عسكرية مباشرة مع حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويرى العسكريان الأمريكيان المتقاعدان أن أهم شيء يمكن أن يقدمه الشعب الأمريكي لأوكرانيا وللأمن القومي الأمريكي هو انتخاب رئيس يمكنه أن يمثل القيادة القوية الحاسمة في مواجهة روسيا وأن يساعد أوكرانيا بالاشتراك مع الحلفاء من أجل الفوز في الحرب. ويضيفان أنه في ضوء السجل الواضح لتصريحات ومواقف مرشحي الرئاسة الأمريكية فإن المرشح المطلوب فوزه هو كامالا هاريس لآن ترامب يقول إنه لن يهتم بأوكرانيا ولا بالتصدي للخطر الروسي.
واستعرض هودجز الذي خدم كقائد عام للقوات الأمريكية في أوروبا ومراقب كبير للإمدادات في حلف الناتو وزواك الذي أمضى 35 عاما في الجيش الأمريكي وخدم كضابط استخبارات الفروق الهائلة بين هاريس وترامب فيما يتعلق بأوكرانيا.
أول هذه الفروق أن هاريس تفهم الفارق بين الصواب والخطأ في هذه الحرب المروعة ووصفت غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا بأنه "هجوم على قيمنا المشتركة وهجوم على إنسانيتنا المشتركة". وأشادت بقادة وشعب أوكرانيا لشجاعتهم في التصدي للعدوان الروسي.
في المقابل فإن ترامب مدح أفعال بوتين الإجرامية باعتبارها "ذكية" و"عبقرية". كما سخر من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقال إنه "أفضل مندوب مبيعات في العالم" واتهم أوكرانيا بالمسؤولية عن نشوب الحرب. وقال رفيقه في سباق الانتخابات على منصب نائب الرئيس جيه.دي فانس "لا اهتم حقيقة بما يحدث لأوكرانيا".
ثاني الفروق أن هاريس تقوم بكل ما تستطيع لمساعدة أوكرانيا. وحاربت في الكونجرس لكي يوافق على رصد مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية لإنتاج الأسلحة في المصانع الأمريكية التي شجعت الأوكرانيين على تدمير نصف القوات البرية الروسية على حد قول الجنرالين الأمريكيين.
في المقابل استخدام ترامب حلفاءه في الكونجرس لعرقلة هذه المساعدات لمدة 6 أشهر، في الوقت الذي نفدت فيه ذخيرة القوات الأوكرانية التي تكبدت خسائر بشرية هائلة ومساحات كبيرة من الأرض في ذلك الوقت.
أما ثالث الفروق فو أن هاريس تدعم نهاية عادلة للحرب تضمن للأوكرانيين الحصول على مقابل تضحياتهم.
ووقفت في الأسبوع الماضي إلى جوار زيلينسكي في البيت الأبيض وقالت إنه "لن يتم اتخاذ أي قرار بشأن نهاية الحرب" دون موافقة أوكرانيا. وأدانت المقترحات الخاصة بتنازل أوكرانيا عن أجزاء من أراضيها أو حقها في الانضمام إلى الناتو، وقالت إنها ستعمل على ضمان "انتصار أوكرانيا في هذا الصراع والبقاء دولة حرة ديمقراطية مستقلة".
أما ترامب فرفض باستمرار القول إنه يريد انتصار أوكرانيا. ويرى ضرورة استسلام أوكرانيا لروسيا لأنه يعتقد أن روسيا تتنصر في كل حروبها. كما تبنى خطة لإجبار أوكرانيا على التنازل عن أراضيها وعن عضوية حلف الناتو للأبد. ووعد بأنه سيحاول إنهاء الحرب وفقا لشروط بوتين حتى قبل أن يؤدي اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة.
وأخيرا فإن هاريس تفهم خطورة السماح بانتصار بوتين بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا وآسيا. وتقول "إذا سمحنا للمعتدين مثل بوتين بالاستيلاء على الأرض بدون عقاب فسيواصلون القيام بذلك". أما ترامب فقال نصا إنه سيشجع الروس على "فعل كل ما يريدونه" مع حلفاء الولايات المتحدة.
ويؤكد هودجز وزواك أن هذه ليست اختلافات صغيرة في موقف المرشحين، بل هي تباين صارخ بين القوة والضعف. فهاريس قالت أنها ستقف إلى جانب أوكرانيا وحلفاء الولايات المتحدة في الناتو ضد العدوان الروسي، وهو التقليد الذي التزم به كل الرؤساء الأمريكيين السابقين سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين، في حين عارض ترامب، مساعدة أوكرانيا وتعهد بإبرام صفقة من شأنها منح بوتن، أحد ألد خصوم أمريكا، معظم ما يريده.
وفي ختام التحليل يقول الجنرالان الأمريكيان إن انتصار أوكرانيا يعتمد بدرجة كبيرة للغاية على نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية، بنفس قدر اعتمادها على ما يحدث على خطوط القتال مع الجيش الروسي.
لذلك سيحدد الناخبون الأمريكيون ما إذا كان سيتوافر للأوكرانيين الطلقات المطلوبة لكي يستخدمونها غدا، أم سيخسرون المعركة لتفقد بلادهم وجودها كدولة حقيقية مستقلة وحرة وذات سيادة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هكذا تستعد أوروبا للأسوأ في عهد ترامب- بوتين الثاني
علامات ودلالات مختلفة بدأت بالتكشف في مختلف أنحاء أوروبا جميعها يشير إلى أن القارة تستعد للأمر الأصعب الذي لا يمكن تصوره، مع تزايد المخاوف من رد فعل روسيا، وممارسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطه التجارية والسياسية القصوى على الاتحاد.
ألغام وأفخاخفي ليتوانيا، تبدو العلامات أشد وضوحاً من أي بلد أوروبي آخر، فقامت بالتخطيط والتحضير لأي طارئ مستقبلي، بزرع ألغام على جسورها المؤدية إلى روسيا، ووضعها في حالة الجهوزية التامة للانفجار إذا حاولت دبابات الكرملين العبور.
أما في بحر البلطيق القريب، فتلاحق سفن حلف شمال الأطلسي (ناتو) أسطول الظل الروسي المتهم بقطع كابلات الاتصالات تحت البحر.
قبة حديدية أوروبيةوفي سماء أوروبا هناك خطط لبناء نظام دفاع صاروخي ضخم، على غرار "القبة الحديدية" الإسرائيلية ولكن بهدف صريح يتمثل في إسقاط الصواريخ التي تطلقها موسكو.
ردات الفعل هذه تولدت بحسب الخبراء نتيجة ما تخشاه أوروبا، من جسارة روسية زائدة تضع الاتحاد نصب مدافع الجيش الروسي، وأيضاً بسبب اقتراح الرئيس الأمريكي الجديد -الانعزالي- بعدم الدفاع عن حلفاء أمريكا التاريخيين في حلف شمال الأطلسي إذا هاجمتهم روسيا.
وفي حين انتقد الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع فلاديمير بوتين، لكنه لم يُظهِر سوى القليل من علامات التحول الهادف عن هذا الموقف الجديد تجاه روسيا.
كما لم يقل ترامب شيئاً جديداً عن حلف شمال الأطلسي أو أوروبا، ولم يكرر سوى مطالبه الأخيرة للحلفاء الأوروبيين بتخصيص 5٪ من ناتجهم المحلي الإجمالي للدفاع.
وقال ترامب، "يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يدفع أكثر. إنه أمر سخيف لأنه يؤثر عليهم أكثر بكثير. لدينا محيط بينهما".
ومن بين تلك التهديدات، بزغت مخاوف أوروبية دفعت القارة لاستباق السيناريو الأسوأ بمد حصونها في جميع الاتجاهات، مع ارتفاع توقعات المسؤولين الأوروبيين باستعداد بوتين لحرب شاملة مع الغرب.
وبالنسبة للكثيرين، هذا يحدث بالفعل، حيث يتهم محللو مراكز الأبحاث والحكومات وحلف شمال الأطلسي نفسه موسكو بشن هجمات "حرب هجينة" من التدخل في الانتخابات إلى محاولة إسقاط طائرات الركاب بالقنابل الحارقة.
كتيّبات وتوجيهاتفي السويد ترى كذلك التحضيرات وتتسارع استباقاً للأصعب، فبدأ البلد الاسكندينافي في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بإرسال حوالي 5 ملايين كتيّب إلى السكان تحثهم على الاستعداد لاحتمال الحرب، كما أطلقت فنلندا المجاورة موقعاً إلكترونياً جديداً لتهيئة السكان وتحضيرهم استعداداً لخطر الحرب.
يقول القائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا الفريق المتقاعد بن هودغز، "إن الأوروبيين يأخذون هذا الأمر على محمل الجد".
وأضاف هودغز، على وجه الخصوص، إن الدول في أوروبا الشرقية الأقرب إلى الحدود الروسية "تعرف أن هذا حقيقي، لأنهم يعيشون هناك". وزاد، إن "هؤلاء الناس الذين يعيشون في أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة، بعيداً عن الدب الروسي، هم فقط الذين يقولون: (تعالوا، هذا لن يحدث)".
ويتفق الكثير من القادة الأوروبيين على أن بلدانهم اعتمدت لفترة طويلة على حماية واشنطن. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو مؤيد قديم للاعتماد على الذات الأوروبية، يوم الإثنين الماضي، إن ولاية ترامب الثانية يجب أن تكون بمثابة "جرس إنذار" للقارة.
وفي تعليقات أدلى بها في مؤتمر دفاعي يوم الأربعاء، وافقت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على تقييم ترامب للإنفاق الأوروبي، قائلة إن "روسيا تشكل تهديداً وجودياً لأمننا اليوم وغداً وطالما أننا لا نستثمر في دفاعنا".
وقال هودغز: "بينما اشتكى كل رئيس أمريكي من أن الدول الأوروبية لا تبذل ما يكفي من الجهد، لم يكن هناك أي شك حول الالتزام الأمريكي. وهذا يسبب الكثير من القلق".
في الأمد القريب، تعهد ترامب وأعضاء رئيسيون في إدارته القادمة بإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا بسرعة، وهو أمر مستحيل على الأرجح دون تنازلات إقليمية ضخمة من كييف. ويقول المنتقدون إن منح روسيا الفوز فعلياً سيكون بمثابة إشارة إلى الكرملين بأن العدوان مكافأ، وأن الغرب ليس لديه رغبة في التدخل.
وفي خطاب ألقاه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية برونو كاهل: "إن روسيا تستعد لحرب مع الغرب".
وعلى مدار السنوات الماضية، اتهم الخبراء والمسؤولون الحكوميون الأوروبيون، موسكو بنشر معلومات مضللة، وشن هجمات إلكترونية واستخدام أي وسيلة أخرى ضرورية للتدخل في انتخابات الدول الديمقراطية. وعلى الرغم من أن موسكو تنفي ذلك، يتفق المسؤولون والخبراء الغربيون تقريباً على أن هذه الحملة تبدو وكأنها تتوسع فقط.
ودفعت تلك المخاوف بعض الدول للتفكير في زيادة إنفاقها الدفاعي، ويوم الأربعاء الماضي، أعلن مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي، أندريوس كوبيليوس، أن ليتوانيا تعتزم إنفاق ما بين 5% و6% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في السنوات المقبلة.
وصرح متحدث باسم التكتل الأوروبي لشبكة "إن بي سي نيوز" في رسالة بالبريد الإلكتروني عندما سُئل عما إذا كانت القارة تستعد لسيناريو الحرب مع روسيا قائلاً، "يجب أن تكون أوروبا مستعدة لأكثر الطوارئ العسكرية تطرفاً". وأضاف، "ببساطة: لمنع الحرب، نحتاج إلى إنفاق المزيد. إذا انتظرنا أكثر، فسوف يكلفنا ذلك المزيد".
وتعد دول البلطيق ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا أكثر عرضة للخطر الروسي بشكل خاص، فهي تقع على بحر البلطيق بين روسيا القارية وجيب كالينينغراد الروسي المدجج بالسلاح.
وعلى مدى عقود من الزمان احتلها الاتحاد السوفييتي، تعمل هذه الدول التي أصبحت الآن غربية على بناء "خط دفاع البلطيق"، وهو حدود يبلغ طولها مئات الأميال وتتخللها خنادق وتحصينات مضادة للدبابات، وقد اشترت ليتوانيا بالفعل مستودعات مليئة بـ "أسنان التنين" وهي عبارة عن أهرامات خرسانية مصممة لإيقاف الدبابات، وتخطط لزرع الألغام في جسورها المؤدية إلى جيب كالينينغراد الروسي، وفقاً لما ذكرته وزارة الدفاع لشبكة إن بي سي نيوز.
وفي الوقت نفسه، قامت النرويج في غرب اسكندنافيا بتحديث كتيب الاستعداد للطوارئ الذي توزعه على جميع المواطنين، وتخبرهم بكمية المياه والغذاء وغير ذلك من الإمدادات التي يجب تخزينها في حالة الحرب. ويقابل ارتفاع منسوب الخوف في شرق أوروبا، بتجاوب أقل في غربي القارة. وقال كير غايلز، وهو محلل دفاعي بارز في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن، إن دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة لم تلتزم إلا "بزيادة نسبية صغيرة في ميزانيات الدفاع، وهو ما لا يشبه الاستثمار التحويلي" في أوروبا الشرقية.