ترامب.. “رجل الضغط الأقصى”.. هل استعد العراق لاحتمال عودته؟
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
31 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: أفادت تحليلات أن العراق يتجه نحو مرحلة جديدة في علاقاته مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت بغداد بإعادة النظر في ملامح التعاون بين البلدين بما يتجاوز البعد الأمني التقليدي إلى آفاق أوسع تشمل السياسة، الاقتصاد، والطاقة.
وأوضحت مصادر أن الحكومة العراقية باتت تدرك أن استمرارية الاعتماد على الدعم الأمني الأميركي قد تقيد استقلالية قراراتها، خاصة في ظل التحديات الإقليمية، الأمر الذي دفعها إلى تشكيل لجنة مختصة لدراسة نقاط التفاهم المشترك وإعادة رسم أطر التعاون.
واكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على أهمية العلاقة مع واشنطن، إلا أنه يسعى لدفع هذه الشراكة إلى مستويات تحقق المصالح الاقتصادية والتنموية للعراق.
وأكدت إحدى التحليلات أن بغداد تبدي اهتماماً بفتح حوارات واسعة لتعزيز التعاون في مجالات السياسة والطاقة، لا سيما أن هناك فرصاً كبيرة في العراق لتطوير البنية التحتية للطاقة بالتعاون مع شركات أميركية. وتابعت التحليلات أن بغداد تدرك أيضاً حجم الاهتمام الأميركي بالمحافظة على العراق كحليف قوي ومحور استقرار وسط التوترات الإقليمية.
من جهة أخرى، تخشى بعض الأوساط العراقية من السياسة الأميركية في المرحلة القادمة؛ فسواء أفرزت الانتخابات الأميركية القادمة إدارة جمهورية أو ديمقراطية، يرى مراقبون افتراضيون أن “مبدأ القوة” قد يكون محورياً في السياسة الأميركية القادمة تجاه العراق. وفي تحليلات فإن هناك تخوفاً من أن تتجه واشنطن نحو استعراض قدراتها العسكرية في المنطقة لإعادة فرض وجودها، خصوصاً إذا ما تراجعت نفوذها بشكل محسوس أمام قوى دولية أخرى في الشرق الأوسط.
و العلاقة بين بغداد وواشنطن تبقى محكومة باتفاق الإطار الاستراتيجي الموقع عام 2008، والذي يشكل قاعدة صلبة للعلاقة الثنائية، لكنه بات بحاجة إلى تحديث يتلاءم مع متطلبات العصر وتغيرات الساحة الدولية. ومع تزايد أهمية العراق كمحور استقرار، تسعى بغداد لاستغلال هذا الموقع لجذب دعم أكبر في مشاريع تطوير البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، على أمل ألا يكون التعاون مجرد دعم عسكري وأمني، بل أيضاً بوابة لنقل التكنولوجيا والاستثمارات.
وفي مداخلة تحليلية، فأن العراق يرى في مبدأ “التوازن” أفضل سياسة للحفاظ على علاقاته الإقليمية والدولية، ومن هذا المنطلق يحاول بناء علاقات متكاملة مع واشنطن دون الدخول في صراعات مع القوى الأخرى.
ونجاح العراق في هذا التوجه سيكون محط أنظار المجتمع الدولي، لا سيما وأنه يسعى للعب دور فعال في القضايا الإقليمية، خصوصاً في ظل التقلبات السياسية في المنطقة
و تثير احتمالية صعود دونالد ترامب مجددًا إلى رئاسة الولايات المتحدة مخاوف واسعة في الأوساط العراقية، حيث يتوجس العراقيون من عودة سياسات الضغط القصوى التي انتهجتها الإدارة الأميركية السابقة تجاه إيران وتأثيراتها على العراق، والذي يعدّ ساحة صراع غير مباشرة بين واشنطن وطهران. ويُذكر أن سياسة ترامب كانت تعتمد على فرض عقوبات شديدة، قد تطال الاقتصاد العراقي باعتباره يعتمد بشكل كبير على إيران في قطاعات حيوية، كالكهرباء والطاقة.
في ضوء هذه المخاوف، تشير آراء إلى أن بعض المسؤولين العراقيين يرون أن عودة ترامب قد تعني تشديد الضغوط على العراق لاتخاذ مواقف معادية لإيران، ما قد يؤثر على الاستقرار الداخلي في العراق ويزيد من مخاطر اندلاع صراعات طائفية أو سياسية.
وبالنظر إلى طبيعة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، يخشى بعض المسؤولين العراقيين من أن ترامب قد يمارس سياسة تتسم بالضغط المباشر على موارد العراق الاقتصادية كوسيلة للضغط على إيران، مما قد يضع العراق في موقف صعب يستلزم منه توازنًا دقيقًا بين علاقته بكل من واشنطن وطهران.
وفي 27 من تشرين الأول الحالي، أكد وزير الخارجية فؤاد حسين خلال ترأسه الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية العليا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، على أهمية تعزيز العلاقات مع أميركا والانتقال إلى شراكة اقتصادية متينة.
وركزت العلاقات بين بغداد وواشنطن خلال العقدين الماضيين، على الجوانب العسكرية والأمنية ومكافحة الإرهاب، نتيجة للأوضاع التي كان يعيشها العراق، لكنهما تسعيان إلى توسيعها لتشمل مجالات أخرى.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الـ”MBC” الوجه الآخر لأجندات واشنطن و”تل أبيب”
قد لا تكون المرة الأولى التي تتسبب فيها وسيلة إعلام سعودية بإثارة غضب ملايين الناس، من العراقيين وغير العراقيين، بسبب الإساءة إلى رموز دينية ووطنية، أو تجاوزها معتقدات وتوجهات معينة. فقبل التقرير الذي ظهر على شاشة قناة MBC قبل عدة أيام، والذي وصفت فيه عددًا من شهداء قيادات المقاومة في العراق وايران ولبنان بالإرهابيين، وصنفتهم في خانة الإرهابي أسامة بن لادن. قبل ذلك، حفلت قنوات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية سعودية ببث ونشر الكثير من الموضوعات والبرامج المسيئة لرجال دين وقيادات سياسية وعسكرية مقاومة وكيانات ومؤسسات، مثل الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني وحركة أنصار الله اليمنية، وغيرها.
غالبًا ما كانت تأتي الإساءات من المؤسسات الإعلامية السعودية، وحتى غير السعودية، في توقيتات مدروسة ارتباطًا بظروف وأوضاع وحسابات خاصة، تندرج في إطار توزيع مهام وأدوار ضمن أجندات ومشاريع كبيرة، ترسمها وتديرها وتوجهها مراكز القرار الغربية المعادية لمحور المقاومة، وتحديدًا من واشنطن ولندن و”تل أبيب”.
في هذا الصدد؛ لا بدّ من الإشارة إلى جملة أمور لكي تكون الصورة واضحة بمجمل أبعادها وجوانبها، ولا يقتصر التعاطي والتقييم مع واقعة الفعل الأخير للــــMBC وردود الفعل الغاضبة عليه، والتي وصلت إلى حد اقتحام مئات المواطنين العراقيين مكتبها في بغداد، وتدمير ممتلكاته وإحراقه.
الأمر الأول: تعدّ القناة المذكورة من المؤسسات الإعلامية الرسمية في المملكة العربية السعودية، وهي خاضعة لتوجيه ورقابة صارمة، ومن غير الممكن لها أن تجتهد وترتجل في قضايا حساسة وخطيرة. هذا فضلًا عن المؤسسات الإعلامية غير الرسمية، والتي هي الأخرى لا يمكنها السباحة عكس تيار السلطة؛ بل لا يمكنها أن تحيد ولو قليلًا عن المسارات والخطوط المرسومة سلفًا، وإذا كان هناك هامش صغير من حرية الطرح، فهو يشمل قضايا اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية ثانوية ليس إلّا.
الأمر الثاني: كان الإعلام السعودي- وما يزال- يتبنّى موقفًا سلبيًا عدائيًا من العراق، مؤسسات حكومية ومرجعيات دينية وقوى سياسية ومكونات مجتمعية، بالرغم من حصول تطور يعد مقبولاً في العلاقات بين بغداد والرياض خلال الأعوام القليلة الماضية.
لعلّ الكثيرين يتذكرون المقدار الكبير من الضخ التحريضي للإعلام السعودي ضد العراق، خلال حربه ضد تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين، وتصديه للفتنة الطائفية التي أريد لها أن تغرقه في بحر من الدماء. وكان هذا الضخ الإعلامي متساوقًا ومترافقًا مع الفتاوى الدينية التكفيرية للمؤسسات والشخصيات الدينية السعودية، وتدفق الانتحاريين السعوديين وغير السعوديين إلى العراق، لقتل أكبر عدد من الناس الأبرياء!.
الأمر الثالث: يتحرك الإعلام السعودي بمفاصله المختلفة ضمن مسار عام، تتحرك فيه وسائل إعلام بعض الدول الخليجية والعربية، وأبرزها الإمارات العربية المتحدة وكذلك وسائل إعلام أمريكية وغربية، تبث باللغة العربية إلى جانب بثها باللغة الإنجليزية، فضلًا عن لغات أخرى، إلى جانب وسائل الإعلام الصهيونية.
لقد بدا ذلك واضحًا إلى حدٍّ كبير في التعاطي مع مجمل وقائع معركة “طوفان الأقصى” والعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان، وما خلفه ذلك العدوان من مجازر مروعة يندى لها جبين الإنسانية.
إذ إنّ القنوات الفضائية، “العربية” و”الحدث” و”سكاي نيوز” و”أبو ظبي”، والصحف، “الشرق الأوسط” و”الاتحاد” و”البيان”، ومختلف وسائل الإعلام السعودية والإماراتية ومنصات التواصل التابعة لها، كانت تدور في فلك الإعلام الأميركي والصهيوني، بل إنها بدت وكأنّها صدى لقناة الحرة وقناة CNN، وللقنوات 12 و13 و14 الصهيونية. وأكثر من ذلك، كانت، في كثير من الأحيان، تبدو لمن يتابعها أنها “ملكية أكثر من الملك”، حيث إن مساحة النقد وإبراز جوانب من جرائم الكيان الصهيوني غابت عنها تمامًا، في حين إنه حتى في وسائل الإعلام الصهيونية، هناك انتقادات حادة لكبار قادة الكيان وتشخيص لسياساتهم المتهورة وخطواتهم الحمقاء، وإن كان جوهر تلك الانتقادات لا يندرج في إطار الدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين بقدر الدفاع عن الصهاينة النازحين وساكني الملاجئ.
من أقرب مصاديق ذلك التحرك في المسارات ذاتها، هو أن إساءات قناة MBC السعودية لرموز المقاومة وقادتها، جاءت متزامنة تقريبًا مع إساءات القناة 14 الصهيونية للمرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد علي السيستاني.
الأمر الرابع: مثلت قناة MBC، من خلال فرعها العراقي MBC عراق، والذي افتتح في السابع عشر من شهر شباط/ فبراير 2019م، إحدى أدوات الحرب الناعمة التي استهدفت القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والثوابت الأخلاقية للمجتمع العراقي، فمختلف برامجها وأعمالها الدرامية والكوميدية كانت تنطوي على رسائل سلبية للغاية، وتؤسس لثقافة مشوهة، وتعمل على تسطيح الوعي، والإساءة إلى الرموز بأشكال واساليب وصور مختلفة.
ممّا لا شك فيه أن الإحاطة بكل أبعاد الصورة وجوانبها، يتيح فهم وتفهم ذلك الغضب الشعبي العراقي، وتقدير صوابية قرار الجهات العراقية الرسمية المختصة بإلغاء رخصة القناة السعودية، وهذا ما يفترض أن يشمل قنوات عربية وأجنبية أخرى تسير على المنوال نفسه، هذا فضلًا عن وجوب قيام القنوات الفضائية العراقية بمقاطعة المروجين والمسوغين، بشكل أو بآخر، لجرائم الكيان الصهيوني من كتّاب ومحللّين سياسيين وأصحاب رأي؛ لأن كل خطأ أو تجاوز ينبغي أن يقابل بحزم يتناسب وطبيعته ومستوى خطورته وحقيقة أهدافه وأجنداته.
كاتب وصحافي عراقي