بعد وساطة قطرية مباشرة في أفغانستان في تبادل الأسرى بين الجانبين أنهت التواجد الأمريكي فيها بعد أكثر من 20 سنة متواصلة وعودة طالبان إلى سدة الحكم فيها، وبعد وساطة قطرية بين فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية تعود الدوحة بأكثر الوساطات تعقيدا في الوقت الذي كان يظن العالم بأن ملف التواصل الأمريكي الإيراني لا يمكن أن يتزحزح من مكانه وأنه سوف يظل معلقا حتى يلين أحد الجانبين ويخضع لمطالب الآخر، ولكن شاء الله أن تحرك الدوحة المياه الراكدة بعد محاولات سابقة كانت قد ظهرت على الساحة في الماضي وتوقفت إلى ما يظهر عزم واشنطن على مضاعفة عقوباتها الاقتصادية والمالية على إيران أمام تعنت طهران فيما أسمته الخضوع للمطالب الأمريكية ومحاولة فرض هيمنتها على إيران دون وجه حق.

واليوم تنجح قطر في فتح السجون الإيرانية والأمريكية أيضا في صفقة تبادل الأسرى بين البلدين مما مثل تقدما ملحوظا نحو ما ترجوه الدوحة وهو العودة للاتفاق النووي والجلوس على طاولات المباحثات والحوار وجمع ممثلين من البلدين على طاولة واحدة، لم تنف الدوحة استعدادها لاستضافتها في حال الرغبة لذلك من الطرفين بعد أن وافقت طهران على إعادة مساجين أمريكيين إلى بلادهم مقابل الإفراج عن خمسة من مواطنيها كانوا محتجزين في السجون الأمريكية، وهذا أمر لا يمكن الاستهانة به وسط الصلف الأمريكي من التراجع عن مطالبها التي تراها طهران تجاوزا على حقوقها وسيادتها في حين لا توجد هذه المطالبات على إسرائيل مثلا التي تتمادى في تصنيعها لأسلحة ومصانع نووية لم تخف على أحد، ومع هذا فإيران المذنبة الوحيدة في نظر واشنطن بحسب أقوال إيرانية لا ترى واشنطن أنه يمكن الاعتداد بها أو الرد عليها حتى.

والآن السؤال الأبرز ماذا بعد ؟

ونقول إن هذه البداية تبدو مشجعة جدا للعودة المأمولة لما يريده شعب إيران المسلم الذي يعاني دون أن نشعر بالعقوبات المفروضة على بلاده منذ سنوات عديدة، والتي أثرت كثيرا على مسيرته وانتقصت من احتياجاته اليومية، ومع هذا فهذا التقدم يمثل بداية طيبة لإنهاء معاناة إيران التي لربما لم يشعر كثيرون بأنها تؤثر على المنطقة بأسرها وإن كنا كشعوب لا نشعر بذلك ولكن الخلاف الأمريكي الإيراني يجب أن يحل والعودة لاتفاق الملف النووي يجب أن يحدث رغم انزواء أوروبا اليوم من هذا الملف الذي تخللته انتقادات، منها على تباطؤ طهران في الالتزام ببنود الاتفاق وأيضا إشادات من بعض الدول الأوروبية في تقيد إيران بمقاييس الاتفاق الذي لا يرتقي للمطالب الأمريكية التي تحاول قدر المستطاع تأمين التواجد الإسرائيلي في المنطقة وإن التجارب الإيرانية النووية يمكن أن تمثل تهديدا صريحا وواضحا لهذا التواجد بحسب الشكاوى الإسرائيلية المتكررة ومحاولات تل أبيب لتقويض أي اتفاق محتمل يمكن أن يجمع الجانبين الإيراني والأمريكي على طاولة واحدة في المستقبل، فمن المصلحة الإسرائيلية أن يظل الخلاف قائما بين الجميع وإيران وأن يعادي الجميع طهران وأن تظل في عزلة كاملة سياسية واقتصادية بينما هي تتقدم في التطبيع العربي الإسرائيلي وتثبيت وجودها في قلب الأمة العربية المنافي للأعراف الدولية التي تقر بضرورة إعلان الدولتين.

ولذا جاء التراجع الأسترالي المتميز في الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية المخالفة للمواثيق الدولية ورحبت به الدوحة بكل امتنان في تسميتها بالأراضي الفلسطينية المحتلة صفعة لم تفق منها إسرائيل حتى الآن وهو أمر يمكن أن يثير الإعلام الإسرائيلي ضد أستراليا، ولذا فإن أي عودة للاتفاق النووي مع إيران يمكن أن تضاعف من المخاوف الإسرائيلية إزاء أمنها الذي تشعر بأنه مهدد من إيران التي ترفع شعارات معادية لها وإن بدت ملامح الاتفاق في تبادل أسرى ومساجين من الجانبين تمثل بداية مبشرة فإن المبالغة في أحلام العودة لطاولة الحوار والمباحثات تعد ضربا من الجنون الذي لا نمتهنه في وساطاتنا القطرية التي تؤخذ بالهدوء والدراسة والمشورة وتقريب وجهات النظر قبل أن تحقق شيئا من مبتغاها المأمول.

ابتسام آل سـعـد – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية: إيران تقوم بأنشطة نووية سرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحدث رئيس هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، موشيه إدري، اليوم الثلاثاء، في المؤتمر العام الـ68 للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يعقد في فيينا بالنمسا.

وأشار إدري في كلمته إلى التحديات الإقليمية في المجال النووي التي تواجهها إسرائيل، قائلًا: "لا تزال إيران السبب الرئيسي لعدم الاستقرار الإقليمي وتشكل تهديدًا للسلام والأمن العالميين، وهذا الواقع يتطلب الاهتمام الكامل من المجتمع الدولي الآن أكثر من أي وقت مضى".

وأضاف، أنه ليس هناك شك في أن إيران أنشأت برنامجًا نوويًا عسكريًا بهدف صنع عدد من الأسلحة النووية، وتواصل إيران الترويج لهذا البرنامج من خلال الحصول على التكنولوجيا والمعرفة ذات الصلة، فضلًا عن كميات مثيرة للقلق من المواد الإنشطارية.

وتابع، لقد قامت إيران منذ سنوات عديدة بأنشطة نووية سرية في مواقع غير معلنة، وقد وجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أدلة ملموسة على هذا النشاط، بما في ذلك استخدام مواد ومعدات نووية غير معلنة، وعلى الرغم من القرارات المتكررة لمجلس المحافظين، فإن إيران لا تقدم تفسيرات فنية موثوقة لهذا النشاط وتواصل خداع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي.

وأشار إلى أن إيران تواصل تطوير واختبار ونشر الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وقائلًا: "إن وجود إيران مسلحة بأسلحة نووية ومزودة بوسائل إطلاق ليس احتمالًا يمكن أو ينبغي لإسرائيل أو العالم أن يقبله".

مقالات مشابهة

  • إيران تعيد مشهدية حرب الظل بينها وبين إسرائيل إلى الواجهة
  • قرن ونصف… ما المدة التي يحتاجها سكان طهران لاقتناء منزل؟
  • المبعوث الأممي يستجدي إيران.. بيان عاجل في ختام زيارة قام بها غروندبرغ الى طهران
  • رئيس هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية: إيران تقوم بأنشطة نووية سرية
  • بيت العائلة المصرية: الحوار الوطني يلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر
  • التهديدات الإسرائيلية تتصاعد: دخول بري من 3 محاور.. هذا السيناريو الذي يُخطط له نتنياهو في لبنان
  • ماذا تحصل إيران مقابل إرسال صواريخ إلى روسيا؟
  • إيران: تحسين علاقاتنا مع دول الجوار وتنفيذ مشاريع مشتركة معها.. أولوية
  • إيران ترحب بحوار مباشر مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي
  • «الحرية المصري» يرحب بدعوة الحوار الوطني بشأن مناقشة قانون الإجراءات الجنائية