غزة - مدلين خلة - صفا

وفق الطبيب الذي حاول انقاذ حياتها بعدما اُنتشِل جسدها من تحت الركام فقد كانت تذكر الله ثم نطقت الشهادتين وأسلمت روحها لبارئها".

عامٌ مضى وما تزال العائلة تبكي صغيرتها ودرة تاجها، أسوم التي لاقت محبة الجميع الصغير والكبير، القريب والبعيد، إبادة كانت أرواح الصغار والأطفال ثمنها، لتبقى ذكريات الماضي تحدث الجميع، أنه احتلال تجرأ على قتل البراءة في طفولتها.

على غير عهدها بالحروب السابقة، والتي كان الخوف يسيطر عليها عند سماع أصوات القصف والقذائف، أما بما شهدته في هذه الابادة فقد كانت الهدوء يعتلي جسدها الصغير، سكينة احتلت روحها وكأنها تعلم أن الرحيل بات قريب.

"أسوم مصطفى شويدح" 11عاما، براءة جبلت بطيبة قلب اكتسبتها من عائلة زرعت القيم الحسنة في نفوس صغارها، وعكفت على جعل القرآن طريق أبناءها لتسير عليه فاتمت الصغيرة حفظه بعمر ال9سنوات، آخذه على نفسها عهدا بسرده دفعة واحدة في مشروع "صفوة الحفاظ" القادم.

مشروع لم يكتب له الاحتلال الاستمرار، كما كان حملة كتاب الله هدفه في حملة القتل والابادة التي ينتهجها منذ ما يزيد عن عام.

في الثامن عشر من شهر نوفمبر الماضي، ومع دخول وقت العصر، كانت العائلة تجلس كعادتها يحاول الاب تثبت أبناءه وزوجه بتذكيرهم بأجر الثبات وقراءة ما تيسر من سور القرآن الكريم.

حلقات ذكر أزعجت المنظمة الأمنية الإسرائيلية فكان قرار ابادتها على سلم أولويات الجيش "الأكثر أخلاقية"، كما يدعي.

"20شهيد راحو بالمجزرة، تهمتهم الوحيدة ضلوا ببيتهم بحي الشجاعية، ورفضوا محاولات التهجير، أسوم وامها واخوها واعمامها وزوجاتهم واولادهم".

كثيرة هي أوصاف الجيش "الأكثر أخلاقية"، ولكن تلك الأوصاف لا تدل الا على عدم أخلاقيته وامعانه بالاجرام فهو قاتل الطفولة، مجرم الحرب، سارق فرحة العائلات بتقطيع أوصالها.

"ذهبت أسوم محبوبة والدها وبكره، وأخذت معها شقيقها محمد ووالدتها، وتركت أبيها يبكي صغيرته التي تملكت قلب الجميع، تلك الجميلة التي فرط بها الاحتلال، لم تكن تخشى القصف كما كانت بالحروب السابقة، وكأن الله رزع الطمأنينة بقلبها ليعدها للقاءه".

تكمل العمة أسماء مصطفى شويدح حديثها لوكالة "صفا"، "كانت أسوم او قسومة كما كانت تحب ان ننادي عليها، طفلة مميزة ومحبوبة من الجميع سواء العائلة او المدرسة أو مركز حفظ القران الكريم".

"اهتم بها والدها كثيرا في موضوع التحفيظ فرغم عدم وجود مسجد قريب من منزلهم يتبنى برنامج تحفيظ يومي  الا ان امها كانت تأخذها كل يوم مسافة ليست بالقريبة وبعيدا عن سكنهم وصولا لمسجد يتبع برنامج مكثف للتحفيظ 
إلى أن أثمر هذا الجهد والعطاء بفضل الله عن حفظها وإتمامها القران الكريم".

شهداء تناثرت جثثهم بين أزقة شوارع الحي، انهارت المباني التي لم تستطع حماية الصامدين فيها من بطش آلة الغدر الاسرائيلية، كانت أجساد الأطفال والنساء وقوداً لهذا النسف والتدمير.

أحلام دفنت في باطن الأرض وتحت ركام منزل العائلة بقيت في ذات الاب يحكي بها متفاخرا بفلذة كبده، "هذه صغيرتي كانت عقدت العزم على المشاركة بصفوة الحفاظ القادم، ولكنها شاركت في الأفضل من ذلك، قوافل شهداء امتدت على مدار العام".


"في عصر 18/11 من العام الماضي، قام العدو الصهيوني بقصف البيت التي تسكن فيه أسوم لتستشهد اسوم وامها واخيها محمد وعدد من اعمامها ونسائهم وابناءهم 
ويتركوا والدهم وأخيهم الأصغر أحمد وحيدين يتجرعون مرارة الفقد وألم الفراق".

لم تكن أسوم وعائلتها المجزرة الأولى وليست الأخيرة، 20شهيدا في مجزرة عائلة شويدح، وغيرهم الكثر الذين ما زال أحبابهم يبحثون عنهم تحت أنقاذ المنازل المدمرة، يبحثون وعيونهم معلقة بالسماء، وايديهم تتضرع لخالقهم، حزنا على حال وصلوا اليه.

هذه الابادة التي تلاحقهم منذ عام لم تحترم ضعف الصغار وعجز الكبار وحرمة النساء، هذه الابادة قطعت كافة المواثيق والمعهدات على طاولات الدول العظمى التي ما فتأت تتلذذ شلال الدم المسكوب دون انقطاع.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: شويدح حفظ القرآن

إقرأ أيضاً:

«كأني أرى النبي».. كتاب جديد من إصدارات نور 2025 بمعرض الكتاب

يعرض ضمن الإصدارات الحديثة لمجلة نور للأطفال، التابعة للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، في جناح الأزهر الشريف، صالة ٤، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، في الفترة من 23 يناير الجاري، وحتى 5 فبراير 2025، كتاب: «كأني أرى النبي صلى الله عليه وسلم».

الكتاب يتناول سيرة الحبيب المصطفى، بأسلوب مبتكر، يأخذك في رحلة حب وصفاء، تسمو بروحك، وكأنك ترى خلالها النبي صلى الله عليه وسلم.

ويعتبر هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة كتب تتناول سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.

يحاول الكتاب العرض بشكل مبسط وشرح شيق، لصفات النبي صلى الله عليه وسلم، في إطار سؤال افتراضي: ماذا لو رَوَت لنا الكائناتُ التي عاشت مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كيف رَأَتهُ؟ كيفَ نظرَ؟ وكيفَ سارَ؟ وكيفَ تكلَّم؟ وكيفَ رَحِم؟ وكيفَ نَصَحَ؟ وكيفَ تبسَّم صلى الله عليه وسلم؟

الكتاب من تأليف: رغدة محسن، ومراجعة الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والمستشار العلمي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ورسوم: سلمى كمال.

مقالات مشابهة

  • «أحمد عمر هاشم»: الإسراء والمعراج معجزة كبرى ودعوة للثبات على الحق مهما كانت التحديات
  • جينيفر لوبيز تحتفل باللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها
  • «البحوث الإسلامية» رحلة النبي كانت تكريما إلهيا ودعوة لتعزيز القِيم الإيمانية
  • السيدة انتصار السيسي في ذكرى الإسراء والمعراج: نسأل الله أن يعم الخير والسلام على الجميع
  • أحمد عمر هاشم: الإسراء والمعراج كانت بالروح والجسد و القرآن نص على ذلك
  • محافظ القاهرة: كتاب «القاهرة التراثية» مرجع التطور العمراني للعاصمة
  • «كأني أرى النبي».. كتاب جديد من إصدارات نور 2025 بمعرض الكتاب
  • موعد ومكان حفل توقيع كتاب دوللي شاهين
  • سوريا تضبط شحنة أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله اللبناني
  • هل فرضت الصلاة في رحلة المعراج أم كانت موجودة قبلها؟.. السر في العدد