موقع 24:
2024-11-01@02:36:32 GMT

المجتمع الدّولي.. وَهْم الحُضور

تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT

المجتمع الدّولي.. وَهْم الحُضور

يبدو القول بالمجتمع الدولي ضرباً من الوهم،




ما كان للبشرية، في عصرنا الحالي، أن تنْحت من تجاربها الطويلة في "التعارف، والتدافع، والحروب"، مصطلح" المجتمع الدولي" لولا أنّها حملت بعضاً من اليقين في أن الصراع بين أممها وشعوبها ينتهي في الغالب ـ الانتصار أو الهزيمة ــ إلى عودة لأصل التجمّع البشري والعمران والمدنيَّة.

. وفي النهاية الحضارة، وتلك حالة لا ينفيها أو يُنهيها إلا الخروج من "الاجتماعي" ببُعده الإنساني إلى حيث السياسي، وما فيه من وراثة التوحش والهمجية.
غير أن تلك العودة إلى "الاجتماعي" والانبعاث منه، أو حتى تذكره باستنهاض المشاعر الإنسانية الجامعة أو تثويرها، لم يشكل في عالم "السياسي" اتفاقاً جامعاً حول معنى المصطلح، رغم وضوح القواعد القانونية والاتفاقات، الأمر الذي كشف عن عجز واضح في تحقيق الهدف منه.
لقد أفسح غياب الاجماع حول التفسير، وما تبع ذلك على المستوى العملي، لمسألة " المجتمع الدولي"، المجال أمام سيادة العلاقات الدولية اعتمادا على"القوة والضعف"، فبالنسبة للدول القوية يعني السيطرة على الدول الضعيفة، في حين تسعى هذه الأخيرة لأجل الحصول على حقوقها، ولو على الحد الأدنى منها، في محاولة منها للخرج من الظلم والقهر والسيطرة.
إن الاعتراف، ثم الإقرار، بمصطلح المجتمع الدولي من منطلق البحث عن حماية للدُّول، حتى لو كانت نظريَّة، كشف عن حاجة عامة لإبقاء بعدنا الإنساني على مستوى العلاقات الدولية، غير أن تلك الحاجة لم تتحقق إلا في حالات نادرة لا تكاد تذكر، ورغم تعميق البعد النظري لجهة القول بالمجتمع الدولي، كما هو ظاهر في القرارات الدولية، خاصة الصادرة عن مجلس الأمن، نحن نتجه اليوم إلى التخلي عنها في ميل واضح لكفة القوة على حساب الانتماء للمجتمع الإنساني، ويرجّح أن يكون بيننا وبينها أمد بعيد في المستقبل المنظور، استناداً لما هو واقع اليوم في أوكرانيا وفي فلسطين ولبنان.
وعلى الرغم من افراغ مصطلح "المجتمع الدولي" من محتواه المجتمعي والإنساني، إلا أنه يشق طريقه حضوراً عبر ثلاثة مسارات، أولها: المسار السياسي، وثانيها: الدبلوماسي، وثالثها: الإعلامي، وهذه المسارات الثلاثة، جعلته خطاباً سائداً في المحافل الدولية، لكنه عديم الصلة من حيث حاجات الدول والشعوب والمجتمعات إليه، وفي هذا السياق يمكن طرْح السؤال الآتي: ما الذي يقدمه المجتمع الدولي على صعيد الحروب والضحايا والمصابين، الذين انتظروا ـ ربما لعقود ـ انقاذهم مما كانوا فيه؟
وإذا كان مصطلح المجتمع الدولي، على مستوى الخطاب اليومي لقادة الدول وكذلك الشعوب المستضعفة، قد ارتبط بظهور الأزمات والحروب في محاولة لإيجاد حلول لها، ومثَّل أملاً منتظراً، فإنه على المستوى العملي يأتي ـ دائماً ـ مُحمَّلاً بوصف لدول العالم وحكوماتها عندما تتفق على أمر ما، وليس بالضرورة يتم تنفيذه.
والمقصود في الغالب هنا جميع الدول ذات النفوذ الدولي التي تختار المشاركة في المناقشات العالمية، وصاحبة القرار السياسي النهائي في معظم القضايا، ومنها خصوصاً السلم والحرب بعيداُ عن الجانب الاجتماعي، أو ما يعرف بالمجتمعات، بما فيها تلك التي تعدّ خطراً على البشرية بما تنتجه من أضرار، وتصدِّرُه لدول العالم الضعيفة.
ويبقى أن مصطلح "المجتمع الدولي"، في ظاهره معروف حين يتعلق الأمر بالتدخل المباشر للدفاع عن مصالح الدول القوية، لكنه يبدو مجهول الهوية والكينونة عندما يتناول قضايا الدول الضعيفة، الأمر الذي يجعل منه عملة ذات وجهين مختلفين، الوجه الأول يمثل "حقيقة الحضور" للأقوياء، والوجه الثاني يخص "وهم الحضور" عندما يركز على الدول الضعيفة.
ومن صرخات هذه الأخيرة وأوجاعها وآلامها التي لا تنتهي، يبدو القول بالمجتمع الدولي ضرباً من الوهم، بحيث لم يعد محل للظّن أو الشّك، أما بالنسبة لليقين، فإنه لن يعرف له طريقاً إلا في حال تحوّل العالم إلى قطبية متعددة، قد تُسْهم في تحقيق بعض من التعايش بين دول العالم جميعها، لكن عليها ألاَّ تظل تطارد شبح التعايش السلمي، لأن الصراع هو الحقيقة الماثلة اليوم، وربما غدا أيضا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل السنوار غزة وإسرائيل المجتمع الدولی

إقرأ أيضاً:

بريكس.. ومستقبل دول الجنوب

من رحم الأزمات تولد الفرص.. هكذا بدت أهمية اجتماعات مجموعة بربكس الأسبوع الماضى فى القمة التى عقدت فى مدينة قازان الروسية، فى ظل ظروف دولية معقدة ومتشابكة، وتنامى الصراع العالمى فى أكثر من بؤرة من العالم، سواء فى الشمال بين روسيا وأوكرانيا، أو شرقًا بين الكوريتين وأزمة تايوان الصينية، بينا تظل منطقة الشرق الأوسط الأكثر تعقيدًا والتهابًا ونزيفًا مع استمرار حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينی فى غزة والعربدة الإسرائيلية على لبنان ودخول أطراف أخرى على خط الأزمة مثل اليمن وإيران إضافة إلى حالة السيولة والفوضى التى تضرب عددًا من دول المنطقة.. المؤكد والمؤسف أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل العامل المشترك فى كل هذه الصراعات والأزمات والحروب من خلال أنشطة خلف - الناتو - التى تشكل قوته الأكبر، وعمليات الدعم العسكرى الذى يقدمه لأوكرانيا لإطالة أمد الحرب التى تشكل ضغطًا اقتصاديًا على  كثير من دول العالم، نفس الأمر يتكرر فى النشاط العسكرى الأمريكى فى الشرق فى مواجهة كوريا الشمالية والصين ودعم التمرد التايوانى على الصين، أما تفجير منطقة الشرق الأوسط فهو سياسة أمريكية ثابتة لاستمرار الهيمنة على موارد الطاقة وقلب العالم، وليس هناك أدل على ذلك من دعم إسرائيل عسكريًا واقتصاديًا ومشاركتها فى حرب إبادة جماعية باعتراف العالم.

المؤكد أن الهيمنة الأمريكية الغربية على العالم خلال العقود الماضية، وفرض النفوذ الاقتصاد والقوة تارة، أو بالسيطرة وتسييس المنظمات الدولية تارة أخرى، كان سببًا ودافعًا هامًا لتمرد وخروج بعض الدول من العباءة الأمريكية الغربية، والبحث عن أدوات جديدة لعالم أكثر توازن، حتى ظهرت قوة الصين الاقتصادية التى سرعان ما انضمت إليها قوة روسيا العسكرية، ليشكلا معًا جناحًا دوليًا مهمًا، وبذوخ فكرة نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب وتنضم الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لتأسيس تجمع - بريكس - ومع بداية هذا العام تم ضم خمس دول جديدة للتجمع هى مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا لتحول هذا التكتل إلى واقع اقتصادى وسياسى مهم لدول الجنوب التى تشكل غالبية سكان العالم مع الصين وروسيا.. وفى الاجتماع الأخير قبل عدة أيام، فاجأ التجمع العالم بقرارات جريئة ورؤى جديدة تعيد الآمال فى عالم أكثر عدالة وتوازنًا وتحرر دول الجنوب من الهيمنة واستغلال دول الشمال - أمريكا وأوروبا الغربية - وأتى على رأس هذه القرارات تحرير التجارة العالمية من منظومة السويفت والدولار من خلال نظام جديد للتبادل التجارى يعتمد على العملات الرقمية والمحلية، وإنشاء صندوق مالى لدعم الدول الأعضاء فى مواجهة شروط إذعان صندوق النقد والبنك الدوليين، واحترام سيادة الدول وقيمها الحضارية والثقافية والاجتماعية.

الحقيقة أن اجتماع قمة بريكس فى دورتها الحالية شهدت زحمًا سياسيًا مهمًا على مدار ثلاثة أيام، بمشاركة 36 من قادة وزعماء العالم، وعدد من رؤساء المنظمات الدولية، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونى جوتيريش، فى لفتة تكشف عن قوة هذا التجمع الاقتصادى الصاعد والمتمدد فى مواجهة التجمع الذى تقوده الولايات المتحدة، بهدف إحداث توازن دولى وعالم متعدد الأقطاب، وهو أمر دفع حوالى عشرين دولة جديدة لتقديم طلبات الانضمام إلى بريكس، فى دلالة كاشفة على تحويل كثير من دول العالم بوصلتها نحو الصين وروسيا من أجل شراكات اقتصادية وتجارية وسياسية أكثر عدالة، واحترام لسيادة الدول وقيم وثقافة مجتمعاتها وشعوبها، والتخلص من شروط الإذعان لأمريكا وصندوق النقد والبنك الدوليين، والتدخل فى شئون الدول واستمرار الضغط عليها واقتصاديًا واجتماعيًا تحت مزاعم كثيرة، لاستمرار احكام قبضتها على هذه الدول وتحقيق استمرار أهدافها الاستيراتيجية العظمى.. وفى اعتقادى أن العالم ات على مشارف تحولات جوهرية واعدة، سوف يخسر فيه الغرب كثيرًا مما حققه، فى ظل بزوغ بريكس والتفاف دول الجنوب حولها لتحقيق آمال أكثر من ثلثى سكان العالم.

حفظ الله مصر

 

مقالات مشابهة

  • «حوار أبوظبي» يشارك في اجتماع «الدولية للهجرة»
  • بحضور رئيس الاتحاد الدولي.. وزير الرياضة يفتتح بطولة العالم لكرة السرعة
  • ميتسولا: الحكومات الضعيفة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي في مواجهة الولايات المتحدة
  • الأمم المتحدة تحذر من تعرض الشعاب المرجانية للدمار
  • أستاذ في العلاقات الدولية: الموقف المصري ثابت في تأييد القضية الفلسطينية
  • وكيل أفريقية النواب: التدخل الدولي والعربي ضروري للوقف الفوري لإطلاق النار بلبنان وغزة
  • بريكس.. ومستقبل دول الجنوب
  • وزيرة التضامن: يجب على الدول تكثيف جهود تحصين مؤسسة الزواج والحفاظ على حقوق الأطفال
  • السودان يستضيف أعداد ضخمة من اللاجئين من الدول المجاورة .. البرهان يلتقي مديرة منظمة الهجرة الدولية