موقع 24:
2025-01-29@23:51:37 GMT

المجتمع الدّولي.. وَهْم الحُضور

تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT

المجتمع الدّولي.. وَهْم الحُضور

يبدو القول بالمجتمع الدولي ضرباً من الوهم،




ما كان للبشرية، في عصرنا الحالي، أن تنْحت من تجاربها الطويلة في "التعارف، والتدافع، والحروب"، مصطلح" المجتمع الدولي" لولا أنّها حملت بعضاً من اليقين في أن الصراع بين أممها وشعوبها ينتهي في الغالب ـ الانتصار أو الهزيمة ــ إلى عودة لأصل التجمّع البشري والعمران والمدنيَّة.

. وفي النهاية الحضارة، وتلك حالة لا ينفيها أو يُنهيها إلا الخروج من "الاجتماعي" ببُعده الإنساني إلى حيث السياسي، وما فيه من وراثة التوحش والهمجية.
غير أن تلك العودة إلى "الاجتماعي" والانبعاث منه، أو حتى تذكره باستنهاض المشاعر الإنسانية الجامعة أو تثويرها، لم يشكل في عالم "السياسي" اتفاقاً جامعاً حول معنى المصطلح، رغم وضوح القواعد القانونية والاتفاقات، الأمر الذي كشف عن عجز واضح في تحقيق الهدف منه.
لقد أفسح غياب الاجماع حول التفسير، وما تبع ذلك على المستوى العملي، لمسألة " المجتمع الدولي"، المجال أمام سيادة العلاقات الدولية اعتمادا على"القوة والضعف"، فبالنسبة للدول القوية يعني السيطرة على الدول الضعيفة، في حين تسعى هذه الأخيرة لأجل الحصول على حقوقها، ولو على الحد الأدنى منها، في محاولة منها للخرج من الظلم والقهر والسيطرة.
إن الاعتراف، ثم الإقرار، بمصطلح المجتمع الدولي من منطلق البحث عن حماية للدُّول، حتى لو كانت نظريَّة، كشف عن حاجة عامة لإبقاء بعدنا الإنساني على مستوى العلاقات الدولية، غير أن تلك الحاجة لم تتحقق إلا في حالات نادرة لا تكاد تذكر، ورغم تعميق البعد النظري لجهة القول بالمجتمع الدولي، كما هو ظاهر في القرارات الدولية، خاصة الصادرة عن مجلس الأمن، نحن نتجه اليوم إلى التخلي عنها في ميل واضح لكفة القوة على حساب الانتماء للمجتمع الإنساني، ويرجّح أن يكون بيننا وبينها أمد بعيد في المستقبل المنظور، استناداً لما هو واقع اليوم في أوكرانيا وفي فلسطين ولبنان.
وعلى الرغم من افراغ مصطلح "المجتمع الدولي" من محتواه المجتمعي والإنساني، إلا أنه يشق طريقه حضوراً عبر ثلاثة مسارات، أولها: المسار السياسي، وثانيها: الدبلوماسي، وثالثها: الإعلامي، وهذه المسارات الثلاثة، جعلته خطاباً سائداً في المحافل الدولية، لكنه عديم الصلة من حيث حاجات الدول والشعوب والمجتمعات إليه، وفي هذا السياق يمكن طرْح السؤال الآتي: ما الذي يقدمه المجتمع الدولي على صعيد الحروب والضحايا والمصابين، الذين انتظروا ـ ربما لعقود ـ انقاذهم مما كانوا فيه؟
وإذا كان مصطلح المجتمع الدولي، على مستوى الخطاب اليومي لقادة الدول وكذلك الشعوب المستضعفة، قد ارتبط بظهور الأزمات والحروب في محاولة لإيجاد حلول لها، ومثَّل أملاً منتظراً، فإنه على المستوى العملي يأتي ـ دائماً ـ مُحمَّلاً بوصف لدول العالم وحكوماتها عندما تتفق على أمر ما، وليس بالضرورة يتم تنفيذه.
والمقصود في الغالب هنا جميع الدول ذات النفوذ الدولي التي تختار المشاركة في المناقشات العالمية، وصاحبة القرار السياسي النهائي في معظم القضايا، ومنها خصوصاً السلم والحرب بعيداُ عن الجانب الاجتماعي، أو ما يعرف بالمجتمعات، بما فيها تلك التي تعدّ خطراً على البشرية بما تنتجه من أضرار، وتصدِّرُه لدول العالم الضعيفة.
ويبقى أن مصطلح "المجتمع الدولي"، في ظاهره معروف حين يتعلق الأمر بالتدخل المباشر للدفاع عن مصالح الدول القوية، لكنه يبدو مجهول الهوية والكينونة عندما يتناول قضايا الدول الضعيفة، الأمر الذي يجعل منه عملة ذات وجهين مختلفين، الوجه الأول يمثل "حقيقة الحضور" للأقوياء، والوجه الثاني يخص "وهم الحضور" عندما يركز على الدول الضعيفة.
ومن صرخات هذه الأخيرة وأوجاعها وآلامها التي لا تنتهي، يبدو القول بالمجتمع الدولي ضرباً من الوهم، بحيث لم يعد محل للظّن أو الشّك، أما بالنسبة لليقين، فإنه لن يعرف له طريقاً إلا في حال تحوّل العالم إلى قطبية متعددة، قد تُسْهم في تحقيق بعض من التعايش بين دول العالم جميعها، لكن عليها ألاَّ تظل تطارد شبح التعايش السلمي، لأن الصراع هو الحقيقة الماثلة اليوم، وربما غدا أيضا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل السنوار غزة وإسرائيل المجتمع الدولی

إقرأ أيضاً:

خبير قانوني يوضح حصانة رؤساء الدول وفق القانون الدولي

29 يناير، 2025

بغداد/المسلة: كشف الخبير القانوني علي التميمي لـ المسلة عن حصانة رؤساء الدولة بخصوص الدعاوى القضائية المقامة ضدهم.

وقال التميمي ان حصانة رئيس الدولة الأجنبية ضد القضاء الجنائي للدول الأخرى هي حصانة مطلقة سواءً كانت الممارسات الاجرامية التي تتعلق بسلوك رسمي أو شخصي للرئيس. فقد ذهبت إحدى المحاكم في الولايات المتحدة إلى الاقرار بالحصانة المطلقة للريئس الهايتي (أرستيد) وقد كان وقتها في المنفى وكانت الولايات المتحدة تعترف به كرئيس شرعي لهايتي.

وفي فبراير 2002م أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً بخصوص مسألة قانونية متعلقة بوزير خارجية الكونغو الديمقراطية، حيث كان القضاء البلجيكي قد أصدر مذكرة إعتقال ضد وزير خارجية الكونغو الديمقراطية (ايبولا دومباس) لإتهامه بإرتكاب جرائم ضد الانسانية بإبادة التوتسي. وقد كرس حكم محكمة العدل الدولية الحصانة المطلقة لممثلي الدول أمام القضاء الجنائي للدول الأخرى، وعلى رأس هؤلاء يأتي رئيس الدولة.

وقد انقسم الفقه والقضاء حول إمكانية تنازل رئيس الدولة عن هذه الحصانات. ولكن الراجح وفق الاتفاقات الدولية أن تنازل رئيس الدولة أو حكومته بخصوص هذه الحصانات، إذا تم لابد أن يكون صريحاً. فالمادة (32) من إتفاقية فينا 1961م للعلاقات الدبلوماسية، تذهب إلى أن التنازل يجب أن يكون صريحاً. وكذلك تنص المادة (41) من إتفاقية فينا للبعثات الخاصة للعام 1969م. كذلك ترى لجنة القانون الدولي أن قبول ممارسة القضاء ينبغي أن يكون صريحاً.

ونخلص مما سبق إلى أن حصانة رئيس الدولة هي ليست لشخصه وإنما للدولة، وقد جرى العرف والقانون الدولي والسوابق القضائية وأحكام محكمة العدل الدولية على احترامها وعدم المساس بها، كما لا يجوز التنازل عنها إلا صراحةً وبالتالي فإن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب إتفاقية، فالدول الأطراف في تلك الاتفاقية هي التي تسري عليها قواعد المحكمة. فالدول المصادقة على الاتفاقية قد تنازلت صراحةً عن حصانة رؤسائها، أما تلك الدول التي لم تصادق على الاتفاقية، فتظل الحصانة لرؤساء الدول من القواعد العرفية في القانون الدولي وبالتالي لا يجوز لأية دولة أن تتخذ أي إجراءات تمس برئيس الدولة طالما كانت تلك الدولة غير موقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وتظل حصانة رئيس الدولة مطلقة أمام القضاء الوطني للدول حتى لو ارتكب جرائم دولية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الجنوب العالمي يعيد صياغة القواعد الدولية
  • خبير قانوني يوضح حصانة رؤساء الدول وفق القانون الدولي
  • إصلاح النظام الدولي.. لماذا وكيف؟
  • فرنسا..ارتفاع هجرة المتطرفين الإسلاميين إلى الدول المسلمة
  • متى سيبدأ شهر شعبان هذا العام؟ مركز الفلك الدولي يجيب
  • تهجير الفلسطينيين ومخالفة القانون الدولي.. ترامب يعيد إلى الأذهان ‏مصطلح «صفقة القرن»‏
  • هذا موعد غرة شهر شعبان فلكيا
  • الجامعة العربية: الإمارات تمتلك رؤية مستنيرة
  • الاقتصاد الأخضر حجر الزاوية في العلاقات الدولية
  • صراع البيت الأبيض مع القانون الدولي