حقيقة تعويم الجنيه وتطورات تعامل مصر مع صندوق النقد.. الحكومة ترد على الشائعات
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
انتشرت في الآونة الأخيرة شائعات وأقاويل حول احتمالية تعويم الجنيه المصري استنادًا إلى تصريحات نسبت لمديرة صندوق النقد الدولي، والتي دعت إلى إعادة تحرير سعر الصرف في مصر. ورغم أن الحكومة نفت هذه الأنباء، إلا أن القلق لا يزال يسيطر على المواطنين والمستثمرين بشأن مستقبل العملة المحلية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
أكدت الحكومة أن التصريح المنسوب لمديرة صندوق النقد الدولي يعود لشهر يناير الماضي، قبل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة. وأوضح المتحدث باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، في مداخلة تلفزيونية، أن الحكومة لا تعتزم تحريك سعر الصرف أو اتخاذ إجراءات جديدة تتعلق بالعملة في المستقبل القريب، مضيفًا أن إدارة السياسة النقدية هي من اختصاص البنك المركزي، الذي يتبع سياسة مرنة تسمح له بتعديل سعر الصرف وفقاً للظروف الاقتصادية دون اللجوء إلى تعويم كامل.
وأشار خبراء مصرفيون إلى استقرار تدفقات النقد الأجنبي في مصر، حيث تلبي هذه التدفقات احتياجات السوق المحلية وتساهم في سداد الالتزامات الدولية. وأكد محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، أن تحرير سعر الصرف قائم على العرض والطلب منذ مارس الماضي، وأن تدفقات النقد الأجنبي في تحسن مستمر، مدعومة بعوائد صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة مع شركة إماراتية، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار.
ومنذ توقيع صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، شهدت مصر تدفقات نقدية كبيرة من مصادر متعددة، بما في ذلك تحويلات المصريين بالخارج وزيادة إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، مما ساهم في دعم الاحتياطي النقدي للبلاد.
وأوضح الخبير المصرفي طارق حلمي في تصريحات لـ “شبكة سي إن إن”، أن الشائعات المتداولة استندت إلى تصريحات قديمة، وأكد أن البنك المركزي المصري لا يعتزم تخفيض قيمة الجنيه في الوقت الحالي، خاصة في ظل مستويات التضخم المرتفعة.
وأشار حلمي إلى أن الاقتصاد المصري يتمتع بثقة المستثمرين، حيث تحقق الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أرقامًا قياسية على الرغم من التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب تحسن مصادر النقد الأجنبي مثل السياحة والتصدير.
ومع زيارة وفد صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل، من المتوقع إجراء مراجعات دورية للبرنامج الاقتصادي المصري، مما يعكس التزام الحكومة بالتعاون الدولي لتحقيق التوازن الاقتصادي. ويأمل الخبراء في أن تسهم هذه المراجعات في دعم استقرار العملة وتوجيه التدفقات النقدية نحو مشروعات استراتيجية تعزز من استدامة النمو الاقتصادي في مصر.
وتؤكد الحكومة وخبراء الاقتصاد على استقرار الوضع النقدي في مصر وأن الشائعات حول تعويم جديد للجنيه غير دقيقة. ومع استمرار التحسن في تدفقات النقد الأجنبي من مصادر متنوعة، تتجه مصر نحو تحقيق استقرار اقتصادي يمكن أن يسهم في استدامة نموها الاقتصادي على المدى الطويل.
شائعات تعويم الجنيه وسيلة لنشر الأكاذيب وإثارة الفوضى في المجتمعاتومن جانبه، حذر الخبير الأمني نور الشيخ من مخاطر الشائعات التي تُعد وسيلة لنشر الأكاذيب وإثارة الفوضى في المجتمعات، مشيرًا إلى أن الشائعة تبدأ عادةً من مصادر لا تتمتع بحسن النية، بهدف إحداث الشقاق بين الأفراد أو بث التفرقة بين الفئات المختلفة في المجتمع، مما يؤدي إلى زعزعة الثقة في موضوعات معينة وصولًا إلى إسقاطها.
وأوضح الشيخ في تصريحاته لموقع "صدى البلد" أن الشائعات قد تستهدف الاقتصاد أيضًا، وقد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على مناخ الاستثمار في البلاد. ودعا المواطنين إلى توخي الحذر، والتحقق من المعلومات قبل تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتجنب إثارة البلبلة في الرأي العام. كما شدد على ضرورة سرعة الإبلاغ عن أي شائعات أو معلومات غير دقيقة، للحد من تأثيرها السلبي وحماية المجتمع من أضرارها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجنيه تعويم الجنيه تعويم تعويم جديد للجنيه سعر الصرف صندوق النقد الدولى الشائعات النقد الأجنبی تدفقات النقد تعویم الجنیه صندوق النقد سعر الصرف فی مصر
إقرأ أيضاً:
ما أسباب ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري وما السيناريوهات؟
القاهرة– شهد الجنيه المصري تراجعاً جديدًا أمام الدولار الأميركي متجاوزاً حاجز الـ51 جنيهًا، وسط ضغوط اقتصادية متصاعدة تشمل هروب الأموال "الساخنة" وارتفاع الطلب المحلي على العملة الأميركية.
ويعيد هذا التراجع إلى الواجهة مخاوف من موجة تضخم جديدة قد تُفاقم الأعباء المعيشية للمواطنين، وتؤثر على مستويات الأسعار.
وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر -اليوم الخميس- أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن ارتفع إلى 13.6% في مارس/آذار الماضي مقابل 12.8% الشهر السابق، متجاوزا توقعات المحللين.
تراجع قياسي للجنيهوفي أول تعاملات الأسبوع، سجّل الجنيه انخفاضًا بأقل من جنيه واحد، ليصل سعر الشراء إلى 51.22 جنيهًا، وسعر البيع إلى 51.32 جنيهًا للدولار.
واستمر هذا التراجع خلال الأيام الماضية، حيث سجّل أحد البنوك صباح أمس أعلى سعر للجنيه عند 51.48 للشراء و51.58 للبيع.
وجاء هذا التراجع المحلي في ظل تراجع عالمي للدولار، بعد فرض رسوم جمركية من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأيام الأخيرة، مما يبرز الطابع المحلي للأزمة في مصر أكثر من كونه انعكاسًا لتطورات خارجية.
إعلان تعدد الأسباب.. من الاستيراد إلى النقد الأجنبي ضغط الاستيراد وارتفاع الطلبيرى عدد من المحللين أن أحد أبرز أسباب التراجع هو زيادة الطلب على الدولار من قبل المستوردين المصريين، بعد انخفاض أسعار العديد من السلع والخدمات في الأسواق الأوروبية والآسيوية. وهذا التراجع في الأسعار العالمية شجّع المستوردين ورجال الأعمال على إبرام اتفاقيات جديدة، مما أحدث ضغطًا متزايدًا على العملة المحلية.
خروج الأموال الساخنةبحسب أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور رشاد عبده، فإن خروج عشرات المليارات من الدولارات من الأموال الساخنة -التي عادة ما تتنقل بين الأسواق بحثًا عن عوائد سريعة- ساهم في زيادة الضغوط على الجنيه.
وأشار إلى أن هذه الأموال تسعى إلى تغطية مراكز مالية تعرضت لانكشاف نتيجة الانخفاضات المتسارعة في الأسواق المالية العالمية والإقليمية.
ضعف مصادر العملة الأجنبيةوأضاف الدكتور عبده أن الضغوط على الجنيه مرشحة للتصاعد في المرحلة المقبلة، نتيجة عدة عوامل، منها
التوسع في الاقتراض الخارجي. زيادة الحاجة لمليارات الدولارات لخدمة الديون وفوائدها. تراجع النشاط الاقتصادي محليًا. محدودية قدرة الصادرات المصرية على توفير تدفقات دولارية كافية. اقتراب موسم الحج يمثل عاملًا إضافيًا في زيادة الطلب على الدولار.ورغم ذلك، يرى الأكاديمي المصري أن التراجع الحالي "تحت السيطرة" حيث لا تتجاوز الفجوة السعرية جنيهًا واحدًا، مما يتيح للحكومة التدخل في الوقت المناسب عبر سياسات تصحيحية.
ضغط صندوق النقدويربط أستاذ الاقتصاد السياسي عبد النبي عبد المطلب تراجع الجنيه بزيارة بعثة صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى القاهرة، وما نتج عنها من خلافات بشأن الالتزامات المطلوبة من الحكومة.
وأوضح أن الصندوق يتمسك بتنفيذ سياسات مثل التحرير الكامل لسعر الصرف، ورفع الدعم عن المحروقات، وطرح شركات سيادية في البورصة، ويؤكد أن هذه المطالب تزيد الضغوط على الجنيه وتؤثر على ثقة المستثمرين.
إعلانوأشار عبد المطلب إلى أن خروج الأموال "الساخنة" من السوق المصرية ساهم في تراجع الجنيه، موضحًا أن كل مبلغ مليار دولار يغادر السوق يؤدي إلى انخفاض يتجاوز الجنيه الواحد في سعر الصرف.
كما نبه إلى أن الحديث المتزايد عن تعويم جديد للجنيه يُغذي الطلب على الدولار ويقلل من المعروض.
تضخم وفقروحذّر عبد المطلب من الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتقلبات سعر الصرف، والتي تشمل زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يهدد بمزيد من التدهور في مستويات المعيشة.
ونبّه إلى أن شريحة واسعة من المصريين مهددة بالانزلاق تحت خط الفقر، إضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى، وارتفاع حالات الغش التجاري، خصوصًا في سلع حيوية مثل زيت الطعام، نتيجة سعي التجار للحفاظ على هامش الربح، مما قد يعرّض المستهلكين لأضرار صحية جسيمة.
ويرى الخبير المصرفي وائل النحاس أن وصول الدولار لهذا المستوى القياسي أمام الجنيه، رغم تراجعه عالميًا، يشير إلى أن الأزمة محلية في الأساس، وتنبع من تحديات داخلية هيكلية.
ورجّح أن يتبنى البنك المركزي المصري سياسة نقدية تهدف إلى حماية احتياطي النقد الأجنبي، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية ومخاوف من انسحاب إضافي للأموال الساخنة.
وأضاف النحاس أن أداء الأسواق العالمية المتراجع يزيد من حالة عدم اليقين، مما يضغط على السياسات الاقتصادية.
وأوضح أن خفض قيمة الجنيه قد يكون خطوة ضرورية لتقليل جاذبية تحويل الأموال للخارج، لكن هذا ستكون له كلفة اجتماعية كبيرة خاصة على ذوي الدخول المحدودة، مشددا على ضرورة وجود برامج حماية اجتماعية فعالة لمرافقة أي خطوة نقدية من هذا النوع.
وأكد النحاس أن "المركزي" قد يُؤجل قرار خفض الفائدة مؤقتًا لمراقبة التطورات الاقتصادية والجيوسياسية، ولفت إلى أن الخفض -إذا تم- سيكون أقل من النسب المتوقعة (2-3%) لتحقيق توازن بين دعم الاقتصاد وكبح التضخم.
إعلان ما بعد الـ51 جنيهًا؟ويتوقع الخبير الاقتصادي أحمد أبو خزيم أن يستمر التراجع في قيمة الجنيه أمام الدولار، مرجّحًا أن يصل السعر إلى 59 جنيهًا بنهاية العام الجاري، وفقًا لما تشير إليه العقود الآجلة.
وأشار إلى أن الحكومة قد تلجأ لبيع أصول إستراتيجية أو أراضٍ مميزة كما حدث بصفقة "رأس الحكمة" لتوفير السيولة المطلوبة، وأوضح أن الاعتماد المفرط على أدوات الدين المحلي مثل أذون الخزانة بالجنيه المصري يعمق الأزمة، ويجعله عرضة لأي تحركات مفاجئة بالأسواق العالمية.
وشدد أبو خزيم على أن الرهان المستمر على تدفقات الأموال "الساخنة" لسد العجز بالعملة الأجنبية يجعل الاقتصاد المصري في موقع شديد الهشاشة. ومع كل أزمة عالمية، تشهد السوق المصرية نزوحًا سريعًا لتلك الأموال مما يعيد إنتاج الأزمة بشكل متكرر.
واختتم بالقول إن غالبية المصريين -بمختلف طبقاتهم – على موعد مع اختبارات اقتصادية قاسية، تشمل زيادة التضخم، وتراجع القدرة الشرائية، وتدهور مستويات المعيشة، مما يهدد بتوسّع رقعة الفقر في المجتمع المصري بشكل غير مسبوق.