يستعد حلفاء واشنطن في أوروبا، لاستقبال دولة أمريكية ستصبح أقل اهتماماً بهم بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية، وعودة الصدمات القديمة والمشاكل الجديدة حال عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض.

مركزية أوروبا في السياسة الخارجية لأمريكا اختلفت عما كانت عليه في سنوات بايدن

وتأتي الانتخابات بعد أكثر من عامين ونصف العام من الحرب الروسية على أوكرانيا، والذي قدمت فيه واشنطن أكبر مساهمة في الدفاع عن كييف.

وهناك علامات استفهام حول ما إذا كان ذلك سيستمر في عهد ترامب، ومدى التزامه بحلفاء الناتو بشكل عام.

مخاوف أوروبية

وكشفت وكالة "أسوشييتد برس"، أنه من المتوقع أن يؤدي فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى استمرار السياسة الحالية، على الرغم من معارضة الجمهوريين والتعب المتزايد من الحرب بين الجمهور الأمريكي، فضلاً عن مخاوف أوروبا من تضاءل الدعم.

وأوضحت أن شهية ترامب لفرض الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة، تسبب القلق في أوروبا التي تعاني بالفعل من تباطؤ النمو الاقتصادي. ولكن ليس احتمال فوزه برئاسة ثانية هو ما يجعل القارة قلقة، بشأن الأوقات الصعبة المقبلة.

ويعتقد المسؤولون الأوروبيون، أن أولويات الولايات المتحدة تكمن في مكان آخر، بغض النظر عمن سيفوز. حيث يتصدر الشرق الأوسط قائمة الرئيس جو بايدن الآن، لكن الأولوية طويلة الأجل هي للصين.

مكانة أوروبا عند واشنطن

ووفق الوكالة، قالت راشيل تاوسيندفرويند، الباحثة البارزة في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين: "إن مركزية أوروبا في السياسة الخارجية الأمريكية مختلفة عما كانت عليه في سنوات تكوين بايدن. وبهذه الطريقة، من الصحيح أن بايدن هو آخر رئيس عبر الأطلسي".

وأضافت أن "الولايات المتحدة ستواصل التحول نحو آسيا. وهذا يعني أن أوروبا لابد أن تزيد من دورها. ويتعين عليها أن تصبح شريكاً أكثر قدرة على إدارة منطقتها الأمنية الخاصة".

وقال إيان ليسر، وهو زميل بارز في صندوق مارشال الألماني في بروكسل، إن "أوروبا تبحث قبل كل شيء عن القدرة على التنبؤ من جانب واشنطن".

وأضاف أن "هذا أمر نادر في عالم مضطرب، حيث ستواجه أي إدارة مطالب أخرى تستدعي اهتمامها. لكن احتمالات الاضطراب أكبر في حالة إدارة ترامب المحتملة".

ترامب وهاريس: معركة الأسبوع الأخير في السباق الرئاسي - موقع 24تجوب المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسية الأمريكية كامالا هاريس، أمس الإثنين، ولاية ميشيغن، فيما توجه منافسها دونالد ترامب إلى جورجيا، الولاية المتأرجحة أيضاً والحاسمة في هذا السباق الرئاسي المحموم. التحول عن أوكرانيا

وفي حين ركزت الولايات المتحدة وأوروبا بشكل متزايد على المنافسة مع آسيا، فإن الحرب الدائرة في أوروبا تعني أن التكاليف المحتملة للتحول بعيداً عن الأمن الأوروبي على الجانب الأمريكي، أصبحت اليوم أعلى كثيراً مما كانت عليه قبل بضع سنوات.

فحسب الوكالة، لقد أزعج تأخر الإنفاق الدفاعي في أوروبا الإدارات الأمريكية من كلا الحزبين لسنوات، على الرغم من أن أعضاء الناتو، بما في ذلك ألمانيا، رفعوا من مستوى أدائهم بعد غزو أوكرانيا عام 2022.

ويتوقع الناتو أن يحقق 23 من الحلفاء البالغ عددهم 32، هدفه بإنفاق 2% أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، مقارنة بـ3 فقط قبل عقد من الزمان.

تحديات مقبلة

ويرى الأوروبيون أن الحرب في أوكرانيا تشكل تحدياً وجودياً على نحو قد لا تراه الولايات المتحدة في نهاية المطاف، حتى مع ظهور بعض علامات التعب من الحرب في أوروبا نفسها.

وقال تاوسيندفروند إنه "إذا فاز ترامب، فإن كل الدلائل تشير إلى أنه ليس لديه أي مصلحة في مواصلة دعم أوكرانيا في هذه الحرب، وسيدفع بسرعة نحو التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام قد لا يعجب كييف، وقد لا تكون أوروبا مستعدة له".

كما أوضح ليسر، قائلاً: "حتى مع إدارة هاريس، هناك نقاش متزايد ومتغير - بصراحة، على جانبي الأطلسي - حول ما سيأتي بعد ذلك في الحرب في أوكرانيا، وما هي اللعبة النهائية".

وأضاف "بغض النظر عمن سيفوز بالبيت الأبيض، فإن السنوات المقبلة قد تكون مليئة بالتحديات"، مشيراً إلى أن هناك احتمالات كبيرة لانقسام الحكومة في واشنطن. وتابع "ستواجه أوروبا أمريكا فوضوية للغاية، وغير فعالة في بعض الأحيان".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة بغض النظر فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟

صحيح أنّه لا يمكننا الجزم بأن الغرب يشهد حاليا انقساما حادا قد ينتهي بقطيعة بين أبرز مكوناته، لكننا نستطيع أن نتأكد من خلال قراءة حضارية للسياق السياسي الدولي وما وصل إليه في حاضرنا، ونشاهد عيانا كيف أنّ أوروبا والولايات المتحدة بينهما خلافات عميقة قد تأخذ أبعادا أخرى وتعرف انزلاقات حادة في أيّ وقت، خاصة حينما تقود دولها التيارات اليمينية المتطرفة والدينية المحافظة، وينتج عن حكمها وسياساتها الدولية نوع من السقوط الأخلاقي في تعاملها مع الشعوب الأخرى. لقد حدث ذلك تاريخيا إبان الحقبة الاستعمارية ورأينا كيف تحولت إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس إلى مجرد دول قومية صغيرة المساحة وقليلة السكان، بعد أن عاثت في مستعمراتها ظلما ونهبا لعقود طويلة.

وبتكبير رؤيتنا لهذا المشهد الحضاري سيبدو لنا أكثر وضوحا، ويمكننا عندها قراءته بشكل عام من خلال اللحظة التاريخية التي التقطنا منها صوره، نحن نشاهد بأمّ أعيننا إسرائيل، صنيعة أوروبا وأمريكا والمشكّلة من عرقيات غربية بشكل أساس، تتدثر بـ"السامية" المفترض أنها ميزة شرقية، حتى تحمي وجودها وفكرتها الصهيونية، ونرى كيف أن الولايات المتحدة دعمت جيش الاحتلال بأحدث تكنولوجيا السلاح والذخيرة وتواطأت سياسيا على إبادة شعب تريد اقتلاعه من أرضه.

وداخل هذا المشهد لا تخطئ العين المقارنة بين غزة وأوكرانيا، حيث لا يمكن للعقل الإنساني أن يتجاوزها مهما حاول الدوس على ضميره، ولعل هذا ما جعل أوروبا -بشكل عام- تأخذ مواقف رافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، في مقابل تورّط الولايات المتحدة في سفك دماء الفلسطينيين بمشاركتها المادية إلى جانب جيش الاحتلال الصهيوني، إلى أن جاء ترامب الذي أعطى ظهره لأوكرانيا وحاول التعامل مع غزة بنوع من الوقاحة التي لا تخلو من العقلانية، حيث أنّ عينه كانت على إمكانية الضغط على حماس وترهيبها والأخرى كانت على سلاحها الذي رفضت رفضا قاطعا تسليمه أو التخلي عنه.

"لقد كان ترامب محقّا في كل شيء"؛ عبارة وضعها الرئيس الأمريكي المثير للجدل على قبعة بيسبول حمراء لطالما رافقته ولا تزال، إنها عبارة تختصر عناده واعتداده بتصوراته وقراراته التي لم تشاطره فيها شرائح واسعة من الأمريكان اختارت أن تضع ثقتها في جو بايدن وأن تشكّ في ما سيحققه لها من وعود بدت لها غير قابلة للتصديق، وها هو اليوم ترامب يُذكرها بفداحة خطئها وفظاعة خطيئتها، فهو كان على الدوام على حقّ في كلّ ما حذّر الأمريكان منه (حسب قناعته العمياء طبعا).

وإذ يحاول ترامب كسب شرعية من خلال هذه العبارة يقنع بها الداخل الأمريكي بصوابية تواجهاته الحمائية التي يهدف من خلالها الحفاظ على الاقتصاد الأمريكي عبر فرض المزيد من الرسومات الجمركية على الاقتصاديات الكبرى في العالم، فهو يسعى إلى فرض هيمنة أمريكا في نسختها الترامبية على العالم، بما فيه أوروبا التي تقاسم أمريكا الحضارة والثقافة والعرق والدين والتاريخ، ولا تفرقهما سوى الجغرافيا.

لقد نحت الولايات المتحدة في عهد ترامب إلى اعتبار مصالحها القومية هي المرجع وهي المصلحة الثابتة، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية ربما، تتبنى سياسة خارجية مختلفة تجاه حلفائها في أوروبا وكندا، الأمر الذي يطرح إشكالية بداية تصدع الحضارة الغربية.

على صعيد الاقتصاد، خلقت رغبة ترامب الجامحة في تحصيل المزيد من الأموال من خلال فرض رسوم جمركية على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي ردّ فعل مكافئ ومعاكس في الاتجاه لدى الأوروبيين، الذين أصبحوا أكثر تشككا من استمرار علاقات "أخوية متينة" مع الضفة المقابلة للأطلسي، ومن هنا يبدأ الصدع في الاتساع.

وفي الجانب العسكري نجد أنّ ضغوط أمريكا وتنصلها من الاستمرار في حماية الدول الأوروبية دون مقابل يصر ترامب على أن تدفعه إن أرادت بقاء الغطاء العسكري الأمريكي مستقبلا، وكذلك موقفها تجاه أوكرانيا، كل ذلك سيدفع بدول الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل استراتيجية الدفاع المشترك، ما قد يفضي إلى تفكك حلف شمال الأطلسي الذي يشكّل أبرز مظهر عسكري يوحّد الحضارة الغربية، بل حتى على مستوى الدول ربما تلجأ كل دولة على حدة إلى وضع خطط وتصورات بشكل منفرد لأمنها القومي.

لقد تضاعف شكّ أوروبا في روسيا بعد أن غزت أوكرانيا وقطعت كل يقين في بوتين تكون قد عوّلت عليه قبلها، وحسمت دول القارة في مسألة إيجاد مصدر طاقوي بديل يُغنيها عن بوتين نهائيا، وأصبح انعدام الثقة في الشرق هو سيد الموقف، واليوم يبدو أنّ الشيء نفسه سيحدث مع الولايات المتحدة التي يقود ترامب علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي نحو حالة من اليقين ببقاء التهديد الأمريكي أو على الأقل عودته في المستقبل إن لم يستمر، ما يعني أنّ القارة العجوز في بحثها الأكيد عن بدائل اقتصادية وعسكرية لأمريكا ستتقوقع على نفسها أكثر من أيّ وقت مضى بعد أن تتجمد العلاقات غرب الأطلسي أيضا.

"متلازمة بوتين" هذه التي يبدو أنّ أوروبا قد أصيبت بها مجدّدا مع الولايات المتحدة بسبب سياسات ترامب، حيث لا تضمن الأيام حتى وإن ذهب أن تأتي برئيس آخر يشبهه في عناده أو ربما يفوقه في عجرفته، ستلقي بظلالها ليس على الجبهة الأطلسية فحسب، بل على العالم أجمع، وستسعى كل دولة إلى حماية اقتصادها ودعم أمنها واستقرارها لوحدها وبشكل ذاتي بعيدا عن الآخرين.

ولا يمكن لهذا المشهد الحضاري أن يكتمل إلا بطرح سؤال حول منطقتنا ربما يجد جوابا عن مصيرها: أين سيكون العرب في هذه الحالة المستعصية والمتأصلة من الأنانية التي ستسيطر على دول العالم؟ وكيف سينظرون إلى اقتصادياتهم وأمنهم القومي؟ هل سيتشرذمون أكثر مما هم عليه اليوم، أم أنّ رياح التغيير الحضاري قد تهبّ مجدّدا لتفرض ترتيبات جديدة على المنطقة؟

مقالات مشابهة

  • روبيو يعلن أن سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في الولايات المتحدة
  • روبيو: سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في أمريكا
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • واشنطن بوست: توتر بين القوميين المتطرفين الروسييين في ظل التقارب المفاجئ مع الولايات المتحدة
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • من واشنطن يبحث مستقبل مفاوضات الولايات المتحدة المباشرة مع حماس
  • بالتفصيل.. شروط موسكو لإنهاء الحرب مع أوكرانيا!
  • روسيا: مستعدون لمحادثات مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا
  • في ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا
  • ترامب يعترف: حلف الناتو يخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا