مقاومة المَدّ الإسرائيلي: العودة إلى #الخيار_القومي ؟؟

بقلم : د. #لبيب_قمحاوي

التاريخ: 31/10/2024

lkamhawi@cessco.com.jo

مقالات ذات صلة مبتدأ وخبر 2024/10/30

الهوية العربية في خطر والهدف إزالتها من الوجود ومن وجدان الأمة العربية . تدمير القومية العربية والرابطة العربية الجامعة كان دائماً هدفاً أمريكياً وحلماً إسرائيلياً ساعدت معظم الأنظمة العربية على جَعْلِ النجاح في تنفيذه ممكناً، وتم العمل مع الوقت على استبداله بإطارات أخرى عكست حالة الفشل والخنوع العربي وصولاً إلى إطارات وعناوين مبتكرة أدّت إلى ربط الدول العربية بإسرائيل مثل الشرق الأوسط الجديد ومعاهدات واتفاقات السلام، والنهج الإبراهيمي وصفقة القرن مما يعكس جنوحاً عربياً واضحاً نحو إستبدال المعقول العربي باللامعقول الإسرائيلي الأمر الذي يصعب تفسيره منطقياً إلا بتفاقم حالة عامة من الإنهيار والعجز العربي والإنصياع لمنطق القوة الذي تمثله أمريكا وإسرائيل على حساب منطق الحق.

الوحشية والتوحش الإسرائيلي أمراً لا يمكن التغاضي عنه بإعتباره سلوكاً طارئاً أو حالة مرتبطة بسلوك حكومة إسرائيلية بعينها . الأمر أعمق من ذلك ، فهذا السلوك يعكس احساساً إسرائيلياً عميقاً بالذنب المرتبط بسرقة وطن شعب آخر والتشبث به من خلال محاولة إعادة كتابة تاريخ المنطقة وخلق اكذوبة الحق التاريخي والديني في هذا الوطن وإعتبار احتلاله عودة إلى وطن الأجداد الأمر الذي يمنعه الإسرائيليون الآن عن الفلسطينيين . والنهج الإبراهيمي مثلاً يأتي في سياق هذا التفكير وهذه العقلية الإستعمارية الإحلالية التي تهدف إلى تزوير تاريخ المنطقة وإعادة كتابته بما يتناسب وأهداف إسرائيل. الحقيقة أن “دولة إسرائيل” بإعتبارها ربيبة للولايات المتحدة تتشارك وإياها في نفس التاريخ الإجرامي الاحلالي وإغتصاب أوطان الآخرين . وفي الواقع فإن الوحشية التي عَامَلَ بها الأمريكيون سكان أمريكا الأصليين والتي أدت إلى إبادة معظمهم هي نفس الوحشية التي يحاول الإسرائيليون استعمالها الآن ضد الفلسطينيين خصوصاً في إقليم غزة مما يشكل رابطاً تاريخياً وسلوكياً مشتركاً بينهم وبين الولايات المتحدة الأمريكية .

حقبة الإنهيار العربي أدّت بالنتيجة إلى خسارة العمل العربي المشترك الملزم من خلال تحول الرابطة العربية من حقيقة يقبلها الجميع ويعملون بها ويعيشون في ظلّها ، إلى خيار يقبله من يقبله ويرفضه من يرفضه بأريحية تامة ودون أية ضوابط أو محددات. ومن الملاحظ أن أي بديل للإطار القومي كان يحتوي على بُعْدٍ إسرائيلي وانخراط في التطبيع مع دولة الكيان . وهذا يتم على الرغم من استمرار عداء إسرائيل للفلسطينيين والذي يبقى هو الأساس وهو القوة المحركة لكل السياسات والأهداف الإسرائيلية . فإسرائيلية أي مواطن يهودي في إسرائيل لا تكتمل إلا من خلال عداءه للفلسطينيين . وهذا العداء يبقى دائماً في ضمير المستتر لكل ما تفعله إسرائيل والإسرائيليين مع غير الفلسطينيين وإن كان يأخذ الصبغة العلنية الدموية مع تزايد نفوذ اليمين الإسرائيلي العنصري المتشدد . وفي هذا السياق ، فإن حروب إسرائيل على الفلسطينيين وضدهم قد تؤدي إلى قتل المزيد من الفلسطينيين وتدمير مدنهم وقراهم ، ولكنها ، وكما أثبتت كافة الحروب حتى الآن ، لم تؤدي إلى اخضاعهم بشكل نهائي أو إلى استسلامهم لإرادة إسرائيل أو إلى كسر إرادتهم الوطنية ورغبتهم في تقرير مصيرهم بحرية .

لا حل أمام الإسرائيليين إلا بالتفاهم مع الفلسطينيين والتوصل معهم إلى حل أو رؤية مشتركة وليس تجاوزهم أو القفز من فوق رؤوسهم بهدف التوصل إلى اتفاقات سلام وتطبيع ثنائية بين إسرائيل والدول العربية متجاهلين بذلك الشعب الفلسطيني وحقوقه، إن هذا الأمر اذا ما تم فإنه يعني أن الصراع سوف يبقى قائماً حتى لو اختفت الحروب، وسيبقى شعور الإسرائيليين بالقلق وعدم الإستقرار يُغَلـَّف حياتهم وحياة الإجيال القادمة منهم ، حتى وإن نجحت إسرائيل في القضاء على القومية العربية وعلى رابطة العروبة التي تجمع الدول العربية وشعوبها وتربطهم بفلسطين والقضية الفلسطينية . فالفلسطيني بحكم وجوده ، حتى ولو لم يفعل شيئاً ، فإنه يُشَكّل النقيض للإسرائيلي ، وكل إسرائيلي يعلم ذلك جيداً ، الأمر الذي يؤدي إلى تولد شعور متوحش بالعداء داخل كل إسرائيلي ضد الفلسطينيين . والإسرائيليون رغم اختلافاتهم السياسية والدينية والعرقية المتعددة ، إلا أن ما يجمعهم وما هم متفقون عليه هو عداؤهم للفلسطينيين .

الحروب الإسرائيلية الأخيرة على بعض شعوب ودول المنطقة قد أثبتت أن العداء الإسرائيلي لا ينحصر بالفلسطينيين فقط ، ولكنه يشمل في الواقع منطقة الشرق الأوسط بشكل عام لأنه وبعد إحتلال كامل الأرض الفلسطينية ، فقد إنتقل الإهتمام الإسرائيلي ، كما أثبتت الأحداث ، إلى العمل على القضاء على القضية الفلسطينية نفسها وبالتالي على مرتكزاتها ، وإلى هدف مدّ النفوذ الإسرائيلي من خلال الهيمنة على العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام .

إن تَنَصُّل العديد من الأنظمة العربية من عروبتها في محاولة بائسة ويائسة لإستجلاب رضى إسرائيل وعطف أمريكا قد أثبتت أنها محاولة بلا جدوى. فعداء إسرائيل هو لجذور الإنتماء العربي التي ما زالت قائمة وليس لقشور الموقف المعلن من قبل بعض الأنظمة العربية تجاه العروبة . فإسرائيل تعلم أن الجذور باقية وأن القشور تذهب وتعود طبقاً للأجواء والأهواء . وهكذا ، وبالرغم عن أي مواقف معلنة أو مبطنة ، يبقى العداء الإسرائيلي للعرب والعروبة قائماً وان كان في بعض الأحيان كامناً في صلب وأعماق السياسة الإسرائيلية بإنتظار أن يخرج إلى العلن في الوقت المناسب . ويبقى عداء العروبة لإسرائيل قائماً وكامناً بغض النظر عن السياسات الحكومية . وهكذا فإن العروبة تبقى هي الداعم والحامي المعلن والخفي للقضية الفلسطينية خصوصاً وأن الاسرائيليين قد نجحوا في إثبات حقيقة أطماعهم التي تتجاوز الآن فلسطين إلى دول الجوار الفلسطيني العربية وصولاً إلى دول العمق العربي التي أثبتت الأحداث أن مصالحها الوطنية جميعاً تتعرض لأخطار كثيرة وكبيرة قادمة من الكيان الإسرائيلي ، وأن خطر هذا الكيان يشمل العرب جميعاً ولم يعد محصوراً بفلسطين والفلسطينيين .

إذا كان الحديث في التقصير أو الصمت العربي هو بالنسبة للأنظمة العربية حديث في المحرمات ، فإن واقع الأمور ومجريات العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يفرض على الجميع امتلاك الشجاعة الكافية للتساؤل عن الأسباب وراء مثل ذلك الصمت والشلل العربي ، وماهية الهدف من تبني مثل ذلك الموقف كسياسة معلنة صامتة أمام الصخب العسكري وعربدة السلاح الإسرائيلي وعمليات القتل والابادة والتدمير الممنهج .

إن الإستسلام العربي المبكر للجبروت الإسرائيلي وابتلاع حبوب المهادنة تمهيداً للنجاة والسلامة عوضاً عن حبوب الرفض والتصدي لحماية المصالح والكرامة العربية، يعكس ما نحن مقبلون عليه في الحقبة المقبلة . الإسرائيليون يعلمون جيداً أين يكمن الخطر وأين تكمن نوايا السلام والاستسلام العربي . وعلى هذا الأساس ، فإن الإسرائيليون يبنون استراتيجية الحقبة المقبلة على ما نحن مدبرين عنه وليس ما نحن كعرب مقبلون عليه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الخيار القومي من خلال

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تتعمد سلب الفلسطينيين أساسيات الحياة وتستهدف مؤسسات الإغاثة الدولية

 

◄ تعمد تعطيل أعمال المؤسسات الأممية ضمن سياسة الحصار والتجويع

◄ استهداف المئات من موظفي "الأونروا"

◄ اتهام أمين عام الأمم المتحدة بـ"معاداة السامية"

◄ تهديد مقررة الأمم المتحدة بسبب وصف ما يحدث بـ"الإبادة الجماعية"

◄ مسؤولون أوروبيون يدعون لوقف إطلاق النَّار وتكثيف إدخال المساعدات

 

الرؤية- غرفة الأخبار

 

تتعمد إسرائيل استهداف المنظمات والمؤسسات الدولية والأممية في قطاع غزة، ضمن سياستها في إحكام الحصار على القطاع وزيادة حدة الكارثة الإنسانية وتجويع السكان وخاصة في مناطق الشمال لإجبارهم على النزوح إلى الجنوب.

ووصف مسؤولون أوروبيون بارزون الوضع في قطاع غزة بـ"الكارثي"، ودعوا إلى وقف إطلاق نار فوري في القطاع وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية، وسط خلاف بشأن مقترح لتعليق الحوار السياسي مع إسرائيل.

وذكرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، أن "حرب إسرائيل في غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدا على الفلسطينيين هناك".

وفي تقرير لها قالت اللجنة: "منذ بداية الحرب، دعم مسؤولون إسرائيليون علناً سياسات تسلب الفلسطينيين الضروريات الأساسية لاستمرار الحياة من الغذاء والماء والوقود".

وأضافت اللجنة: "عبر حصارها لغزة وعرقلتها للمساعدات الإنسانية مع هجمات مستهدفة وقتل للمدنيين وعمال الإغاثة، وعلى الرغم من مناشدات الأمم المتحدة المتكررة والأوامر المُلزمة من مـحكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، تتسبب إسرائيل عمدا في القتل والتجويع والإصابات الشديدة وتستخدم التجويع كأداة للحرب وتُوقع عقابا جماعيا على السكان الفلسطينيين".

وتتضمن السياسة الإسرائيلية الإجرامية في هذا الإطار تعطيل عمل المنظمات الأممية والنيل من مسؤوليها، حيث شن سياسيون إسرائيليون هجمات لفظية على موظفي الأمم المتحدة العاملين في المنطقة، فضلا عن الاعتداءات التي أدت لمقتل العديد من الموظفين الأمميين.

ونتيجة لهذا الاستهداف، فقد المئات من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أرواحهم في الهجمات الإسرائيلية على غزة، كما قصفت إسرائيل مباني الوكالة ومراكز التعليم والمخيمات التابعة لها بالقطاع.

ومنعت السلطات الإسرائيلية العديد من بعثات الأونروا في المنطقة، زاعمة أن الأونروا "باتت امتدادا لحماس" و"منظمة تعمل ضد إسرائيل".

وذهب التطرف بالمسؤولين الإسرائيليين إلى درجة اتهام الأمم المتحدة بـ"معاداة السامية"، حينما استهدفوا شخص الأمين العام أنطونيو غوتيريش قائلين إن المنظمة الأممية "تحولت إلى هيكل معاد لإسرائيل ومعاد للسامية" تحت قيادته، على حد زعمهم.

كما لم يسلم مقررو الأمم المتحدة من الاستهداف الإسرائيلي، إذ أعلنت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، أنها تلقت تهديدات بعدما نشرت تقريرا حمل اسم "تشريح الإبادة الجماعية" ذكرت فيه أن ثمة أسبابا مبررة للاعتقاد بأن إسرائيل تجاوزت عتبة ارتكاب "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في غزة.

ومنعت حكومة تل أبيب، ألبانيز من دخول إسرائيل، وألغت تأشيرة دخول منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين لين هاستينغز، فيما صدق الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على مشروع قانون يدعو إلى إنهاء أنشطة الأونروا.

بدوره، أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، السويسري فيليب لازاريني، الإثنين، أنه لا يوجد بديل لوجود "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في حين قررت إسرائيل حظر أنشطتها.

وقال لازاريني، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إنه "لا توجد خطة بديلة داخل الأمم المتحدة؛ لأنه لا توجد وكالة أخرى قادرة على تقديم الأنشطة نفسها"، وفق "وكالة الصحافة الفرنسية".

وفي وقت سابق، دعا لازاريني العالم إلى إنقاذ الوكالة من حظر إسرائيلي قد يكون له "عواقب كارثية" على ملايين الأشخاص العالقين في الحرب في غزة.

 

مقالات مشابهة

  • حمّى تشريعات تستهدف الفلسطينيين بالكنيست الإسرائيلي
  • كاتب صحفي: أمريكا تشارك إسرائيل في قتل الفلسطينيين واللبنانيين
  • إسرائيل تقدم وعداً لبايدن: لن نسعى لتهجير الفلسطينيين
  • إبراهيم عيسى: فيروز عنوان للوجدان العربي وجمعت القلوب العربية بصوتها الرائع
  • حزب الله: المقاومة هي الخيار الوحيد لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الخروج
  • راشيل كرم: إسرائيل تُعرقل أي مفاوضات لإحباط الفلسطينيين واللبنانيين
  • كاتبة صحفية: إسرائيل تُعرقل أي مفاوضات لإحباط الفلسطينيين واللبنانيين
  • البرلمان العربي يدعم مبدأ الصين الواحدة ويثمن موقفها الداعم لحقوق الفلسطينيين
  • القومي لحقوق الإنسان: قانون لجوء الأجانب يؤدي إلى ضبط تنظيم اللاجئين
  • إسرائيل تتعمد سلب الفلسطينيين أساسيات الحياة وتستهدف مؤسسات الإغاثة الدولية