لجريدة عمان:
2024-12-26@15:07:49 GMT

استغلال اللبان ثقافيا واقتصاديا

تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT

يُعد اللبان من أشهر المحاصيل في سلطنة عمان وأهمها على مر العصور، إذ قامت عليه حركة الاستيطان البشري في ظفار، وبه عُرفت المنطقة واشتهرت، وإذا كانت القيمة المادية للبان ومشتقاته معروفة، فإن قيمته الثقافية لم تُستغل الاستغلال الأمثل، نكتب عن هذا الموضوع بعد حضورنا لندوة اللبان والتراث الثقافي في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة، إذ قدم فريق العمل مجهودا علميا يُذكر فيُشكر، أعتبره شخصيا قاعدة أساسية لبحوث مستقبلية عن التراث الثقافي والعملي الخاص باللبان، وأثناء عرض أوراق العمل تذكرت بحثا قدمته لمطبوعة ثقافية إلكترونية أصدرتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب في أكتوبر2021، وقد خصصت الموضوع لطرق اللبان وإمكانية الاستفادة منها سياحيا واقتصاديا.

إذ تبحث العديد من الدول عن منافذ للتواصل مع الأقاليم المجاورة، وتختلق المسارات للتفاهم مع الآخر، وقد يسعفها القدر ويكتب لها النجاح، وقد لا تبلغ غاياتها. أما بعض الدول المتكئة على الجغرافيا والتاريخ، فقد أوجدت لنفسها قنوات تواصل دائمة مع محيطها المجاور والإقليمي، وهنا نذكر عُمان، المستندة إلى قدرة الإنسان، وسطوة المكان، في الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى، منذ خطوات البشر الرُحّل، وإلى هذه اللحظة. فقد دوّن أشهر الكتاب والمؤرخين عن اللبان، وأشاروا إلى موطنه في عُمان وجنوب الجزيرة العربية، أمثال سترابو الإغريقي، وكايوس بلينيوس المعروف ببليني الأكبر، وهيرودوت، وماركو بولو وآخرين. بل وتشير بعض المصادر الكلاسيكية إلى وجود ملك العمانيين في أرض اللبان، فقد ذكر المؤرخ (لوسيان Lucian) معلومة عن عمل مجهول كتبه (إزيدوروس الخاراكسي) الذي عاصر الإمبراطور الروماني (اكتافيوس أغسطس 63 ق.م-14م) اسم ملك العُمانيين في أرض اللبان يدعى جوانسوس Goaesus. حسبما ذكرت الدكتورة أسمهان الجرو في ورقتها عن العلاقات السياسية بين عُمان واليمن القديم في العصر الحميري التي ألقتها في ندوة التبادل الحضاري العُماني- اليمني، مسقط 2010. إن طُرق اللبان والبخور المنطلقة من عمان إلى الشرق والغرب برا وبحرا، ما هي إلا دلائل مادية عما نتحدث عنه، فهي أشبه بالشرايين التي تُمد بقية الأعضاء بدم الحياة، فاللبان العُماني حُمِّل إلى أرجاء المعمورة على ظهور العير، أو في أخُنّ المراكب، وقُدِّم قرابين إلى المعابد، وتضوعت رائحته في الأمكنة المقدسة، وأُهدي إلى الملوك وعِلية القوم، بل وأسهم في الحضارة الإنسانية عبر تبادل الحضارات للمنتج سواء بالمقابل المادي أو بالمقايضة.

لقد قامت على تجارة اللبان أنشطة اقتصادية وحرفية واجتماعية، من الأدوات المعدنية والسعفية المُستخدمة في استخراج المادة اللبنية من لحاء الشجرة، إلى حركة تدوين كميات اللبان، وتسجيل أسماء العمال، وإقامة المحلات التجارية المعتمدة على تجارة الذهب الأبيض كما يوصف، ناهيك عن أمكنة التخزين ومقاييس الموازين، إضافة إلى المُنتجات الزراعية والحيوانية المُغذية للعمال والقائمين على تجارة اللبان. ناهيك عن المُنتجات الحرفية المرتبطة بالصنعة، مثل السلال وأدوات جرح الأشجار، وكذلك صناعة أكياس الخيش، وغيرها من وسائل حفظ المادة وحملها.

هكذا نشطت حركة المواصلات البحرية والبرية، وشهدت الموانئ التي يُصدّر منها اللبان، أو تلك التي يُفرغ فيها، حركة تجارية رائجة في وقتها، ويقاس على ذلك ما يحدث في المحطات البرية، إذ تأسست تجمعات بشرية، في محطات عبور القوافل من جنوب عُمان وإلى شمال الجزيرة العربية وغربها.

إن التاريخ أو الماضي بصفة عامة لا يعني للحاضر شيئا، إلا إذا تمت الاستفادة المباشرة منه، والاستفادة هنا بمعنى الاستثمار المادي القادر على تحقيق رغبات الإنسان، وجني الثمار؛ لذلك فإن فكرة إحياء طُرق اللبان تخدم عدة مجالات حيوية، اقتصادية وسياسية وثقافية واجتماعية، جديرة بالاهتمام والعناية، وهذا ما تضمنته الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025)، من استغلال المواقع التراثية والمكونات الثقافية، للمساهمة في الاقتصاد الوطني، وقد أشير إلى ذلك في فقرة «قصة طريق اللبان: ابتكار تجارب سياحية تعرّف السائح بطريق اللبان وبالحضارات القديمة التي تسيطر على تجارة اللبان». (مجلد البرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة 2021-2025، وزارة الاقتصاد).

إن قصة طريق اللبان، يُمكن تسويقها كحدث عالمي يُدرج في روزنامة السياحة العالمية، لما للبان من قيمة ثقافية وسياحية واقتصادية، ونظرا لاختراق طرق اللبان لعدة كيانات سياسية مجاورة، مثل الدول العربية في شبه الجزيرة العربية والخليج، ومصر والهند والصين، وأفريقيا.

إن خلق صناعة سياحية تعتمد على طريق اللبان، كمادة للمتعة والفرجة والاستمتاع، ممكنة إذا تضافرت جهود المؤسسات المعنية بالسياحة والثقافة في البلاد التي تمُر بها طرق اللبان البرية والبحرية. إذ يُمكن بعث مهرجان دولي لإحياء طريق اللبان، يُدرج في شهر ديسمبر، لاستقطاب أعداد السياح في عُطل أعياد الميلاد ونهاية العام الميلادي، ويُنظم المهرجان بالتعاون مع الدول التي يمر بها طريق اللبان البري، أو البلدان التي يصل اللبان إلى موانئها. وهكذا يتم استغلال المواقع الأثرية، وإعادة الاعتبار للثقافات المرتبطة بالإنسان وبيئته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على تجارة التی ی

إقرأ أيضاً:

عودة النشاط داخل المحطة البرية خروبة

أعلنت الصفحة الرسمية لشركة استغلال وتسيير المحطات البرية -سوقرال-  عن عودة النشاط داخل المحطة البرية خروبة بعد التحكم الكلي في الحريق.

وطمأنت الصفحة الرسمية لشركة استغلال وتسيير المحطات البرية -سوقرال-  المواطنين بوفرة الرحلات نحو مختلف الوجهات.

مقالات مشابهة

  • علي بابا وإي مارت تؤسسان شركة تجارة إلكترونية بـ4 مليارات دولار في كوريا
  • مصر الثالثة بقائمة الأعضاء الجدد بغرفة تجارة دبي في 9 أشهر
  • ألمانيا تحذر اليمين المتطرف من استغلال هجوم ماغدبورغ
  • القبض على متهم بغسـل 60 مليون جنيه من تجارة المخدرات
  • «حماس» تحذر من استغلال الاحتلال الأعياد اليهودية وانتهاك المقدسات لتوسيع الاستيطان
  • سقوط مسجل خطر لقيامه بغسل 60 مليون حنيه في تجارة المخدرات
  • حصاد التعليم العالي 2024.. 23 مركزا ومكتبا ثقافيا عاملا بالخارج لرعاية شئون المبعوثين المصريين
  • بـ 9مليون جنيه.. تفاصيل ضبط عدة قضايا تجارة عملات في السوق السوداء
  • عودة النشاط داخل المحطة البرية خروبة
  • نجم الزمالك يحذر إمام عاشور