(1)
هل كتبت قصيدة ولم تكملها؟
كل شاعر صادفته هذه اللحظة، كلهم دون استثناء، حاولوا أن يصوغوا قصيدتهم، ولكنهم توقفوا في أول ميناء، هبطوا من القارب، حاولوا إصلاح العطب، ولكنهم فشلوا، لم يستطيعوا إكمال ما بدأوه، فعادوا أدراجهم، وانتصرت القصيدة.
(2)
يحاول الشاعر أن يكتب نصا على مقاساته، ولكنه لا يستطيع، يحاول مرة ومرة ومرة، ولكن القصيدة عصيّة على الانقياد، يمزق الورقة، ويبدأ الكتابة في ورقة أخرى، لعلها تزيح لعنة الكتابة، ولكنه يجد نفسه محاطا بكومة من الأوراق، وسلة مهملات ملأى بالمحاولات اليائسة، والبائسة، فيستسلم، ويترك القصيدة في مهب الريح، ويرحل دون أن يكملها، وتنتصر القصيدة مرة أخرى.
(3)
شعراء لم تعصهم القصيدة قبل الآن، كانت الكلمات تأتي إليهم منساقة طواعية، يختارون ما يريدون منها، ويشعلون جذوة اللغة، ويستعملون قدرات لا يفهمونها، يأتيهم المدد من كل مكان، ولكنهم هذه المرة لم يستطيعوا أن يرسموا خيالاتهم، لقد توقف كل شيء فجأة، آلة الكتابة توقفت دون إنذار مسبق، يحاولون الاسترخاء ثم العودة مرة أخرى لسرج الشعر، يشربون كوبا من القهوة، يخرجون للتنزّه، ولكن القصيدة توقفهم عند عتبة الباب، فلا يقدرون على متابعة السير، تغوص أقلامهم في الرمال، ويستسلمون أخيرا، وتنتصر القصيدة هذه المرة أيضا.
(4)
كم من شاعر هزمته قصيدة، وكم من شاعر هزمته شطرة بيت، وعجز عن إكمال الشطرة الثانية، إنها سطوة الشعر، وجبروت الخيال، يتوقف كل شيء عن الدوران فجأة، ويبقى الشاعر صامتا، وصامدا لفترة، ويصول ويجول، ويزبد ويرعد، ولكنها لا تتحرك أو تتزعزع، ولا تستسلم بسهولة، قد يكون الموقف الذي يود الشاعر كتابته مؤثرا، ومحفزا للعاطفة، ولكن عجلة الشعر تغرز في رمال العناد، ويتخلى الشاعر عن عزيمته، حين تخونه كل مفردات اللغة، وكل مواد الخيال، فيجثو على ركبتيه مستسلما دون مقاومة.
ودّعْ هريرةَ إن الركبَ مرتحلُ
وهل تطيقُ وداعا أيها الرجلُ؟
(5)
وقد تأتي القصيدة فجأة دون سابق إنذار وينطلق الشاعر في هذيانه، حتى ينتهي من بناء نص متماسك، لم يتخيله، وتنهمر القصيدة كماء السماء، تنزل دون توقف، وتسقي الوجدان، وتسافر في خيالات الزمان والمكان، فتحلّق في الفضاء، وتهبط على الأرض، وتغوص في البحار، وتسابق الريح، وتشاغب الغيمات، وترسم خارطة القلب، ولا تتوقف حتى حين يهم الشاعر بالتوقف، فكلما أنهى بيتا، راوده بيت آخر، وأغراه بالاستمرار، وحتى في هذه الحالة تنتصر القصيدة.
(6)
لا شيء يوقف القصيدة عن هروبها، ولا شيء يوقف الشاعر عن مطاردة فريسته، طريدة تراوغ طريدة، وصقر يناور صقرا، وذئب يناوش ذئبا، إنها لذة الكتابة، وشهوة النص، التي لا يمكن إسكاتها إلا بقطعة روح تهيم في ملكوتها.
لحظة لا يفهمها غير الشاعر الحقيقي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
التهرواي يوقف إضرابات الصحة بعد التأشير على زيادات الأجور
زنقة 20 ا الرباط
نجح وزير الصحة والحماية الإجتماعية أمين التهراوي نهاية الأسبوع الماضي في “فرملة” الإضرابات التي خاضتها النقابات الصحية، وذلك إجراء مفاوضات الجمعة الماضية قادها رئيس ديوان الوزير التهراوي أفضت إلى تعليق الإضرابات داخل قطاع الصحة .
وقرر التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة تعليق برنامجه النضالي، وذلك بعد اجتماع حاسم مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عُقد يوم الجمعة 24 يناير 2025. الاجتماع، الذي ترأسه رئيس ديوان الوزير ومدير الموارد البشرية وأطر الوزارة، خُصص لمناقشة التنزيل السريع والكامل لاتفاق 23 يوليوز 2024، وأجرأة كل نقاطه.
التنسيق النقابي، أكد في بلاغ له أنه “ليس بصدد إعادة النقاش من أوله، بل هو اليوم في مرحلة تنفيذ الاتفاق برمته،مؤكدا “تنزيل اتفاق 23 يوليوز 2024 -بمصادقة الحكومة على مرسوم الملحقين العلميين، والذي اعتبره خطوة هامة نحو تحسين وضعية هذه الفئة”.
هذا التفاعل الإيجابي للحكومة، دفع التنسيق النقابي السداسي إلى دعوة الوزارة والحكومة إلى العمل بنفس الروح لتنزيل اتفاق 23 يوليوز برمته، مما سيساهم في تعزيز التفاؤل بشأن حل مختلف الإشكالات بمنهجية عمل جديدة تعتمد الشراكة الحقيقية.
وتم الاتفاق على جملة من الإجراءات الهامة على مستوى الوضعية الاعتبارية والقانونية والإدارية والوظيفية لمهنيي الصحة، حيث تم الإتفاق على أداء أجور مهنيي الصحة من الميزانية العامة للدولة، والحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية، والحفاظ على نفس النظام التأديبي والضمانات المكفولة، والاستفادة من جميع الرخص الإدارية.
استفادة العاملين بالإدارة المركزية من نفس الحقوق والمكتسبات.
كما تم الإتقاف على إعداد مشروع قانون الهيئة الوطنية أو الهيئات الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة.
أما بالنسبة للمطالب ذات الأثر المالي، فقد تم الإتفاق على إحالة مشروع مرسوم بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.99.649 بشأن حماية وتعويض بعض فئات موظفي وزارة الصحة ضد الأخطار المهنية على مسطرة المصادقة، وإقرار زيادة شهرية قيمتها 500 درهم صافية للأطر التمريضية و200 درهم صافية للأطر الإدارية والتقنية، تدرج في خانة التعويض عن الأخطار المهنية، وتصرف ابتداء من فاتح يوليوز 2025.
وتن الإتفاق أيضا على إحداث الأنظمة الأساسية الخاصة بمهنيي الصحة، وتسوية ملف الأخطار المهنية لفئة الأساتذة الباحثين الموظفين بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وإقرار نظام تعويضات ملائمة لفائدة مهنيي الصحة.
وقد تم الاتفاق على عقد ورشة عمل بتاريخ 25 فبراير 2025 لمناقشة مسودة مرسوم النظام الأساسي النموذجي، إضافة إلى عقد اجتماع يوم 12 فبراير 2025 لمناقشة تقدم تنفيذ بعض النقاط الأخرى.