الانتخابات الأمريكية من الأحداث الحاسمة التي تؤثر على العالم، إذ تحدد توجهات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي تنعكس على العلاقات الدولية والأزمات العالمية، ويشكل موقف الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب محورًا أساسيًا في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى قضايا الشرق الأوسط وآسيا والتجارة العالمية، ما يجعل متابعة نتائجها ضرورة لفهم التغيرات المحتملة في النظام الدولي.

موقف روسيا وأوكرانيا من هاريس وترامب

وتعد الانتخابات الأمريكية مهمة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا، إذ يبدي ترامب انحيازًا لفرض سلام سريع قد يكون لصالح روسيا، حيث أعلن بشكل متكرر أن لديه خطة لإنهاء الحرب في أقل من 24 ساعة إذا أصبح رئيسًا، إلى جانب حديث نائبه جي دي فانس عن مناقشات محتملة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتنفيذ طلباته بشأن ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وأن تصبح منزوعة السلاح، ما يخشاه الأوكرانيون، الذين يأملون أن تدعمهم هاريس وتستمر في إرسال المساعدات العسكرية لهم.

وأجاب بوتين عند سؤاله في سبتمبر الماضي حول عما إذا كان يفضل ترامب أو هاريس بابتسامة ساخرة: «كان المفضل لدينا هو بايدن»، ولكن بعد انسحابه من السباق وتوصيته بدعم نائبته هاريس، قال بوتين: «سنفعل ذلك وسندعمها»، مستشهدًا بـ«ضحكتها التعبيرية» التي تظهر «أنها تبلي بلاء حسنًا»، وفقًا لوكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية. 

موقف إسرائيل من هاريس وترامب

أما بالنسبة للإسرائيليين، فإذا أتيح التصويت لتوجه الكثير منهم إلى دعم ترامب، وذلك نظرًا لمواقفه القوية في دعم إسرائيل، بدايةً من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة خلال فترة ولايته، وسياسته المرنة تجاه المستوطنين والسماح باستخدام القوة ضد إيران، ما يتماشى مع مصالح حكومة الاحتلال الحالية، أما هاريس فقد تحاول الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار والانخراط في حوار مع الفلسطينيين، ولكن بغض النظر عمن سيفوز، فإن التأثير على سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين قد يكون محدودًا، حيث يعارض العديد من الإسرائيليين على المستويين الشعبي والحكومي، إقامة دولة فلسطينية، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

الصين

تنظر الصين بإيجابية إلى رغبة ترامب غير الواضحة في الدفاع عن تايوان التي تريد السيطرة عليها، حيث قال ترامب من قبل إن تايوان يجب أن تدفع للولايات المتحدة مقابل الحماية من الصين، إلى جانب عدم اهتمامه ببناء تحالفات في أسيا، وهذا موضع ترحيب كبير في بكين، ومن ناحية أخري، يشكل ترامب تهديدًا اقتصاديًا على الصين، حيث دعا إلى فرض تعريفات جمركية كبيرة على السلع الصينية، مما قد يؤثر على الاقتصاد الصيني الذي يعتمد على التصدير.

مقارنةً بهاريس، التي يتوقع أن تواصل سياسات بايدن في تعزيز التحالفات مع جيران الصين وهي اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند، وذلك في محاولة لتقويض قوة الصين في المنطقة.

أوروبا وحلف شمال الأطلسي

أما أوروبا تعتبر هذه الانتخابات محطة فاصلة، إذ يخشى القادة الأوروبيون عواقب فوز ترامب بسبب مواقفه الحادة بشأن الهجرة واحتمالية فرض تعريفات جمركية بنسبة 20% على كل ما يباع لأميركا، ما قد تضر بالاقتصاد الأوروبي، كما عبر ترامب عن رغبته في تقليص دعم الولايات المتحدة لحلف شمال الأطلسي، حيث انتقد دعم الحلف لأوكرانيا قائلًا: «لن أذهب للقتال من أجل دولة أوروبية صغيرة»، أما إذا فازت هاريس، فقد تبدي اهتمامًا أقل بشؤون أوروبا وتركز أكثر على آسيا، ما قد يرفع التوقعات الأوروبية بتحمل المزيد من المسؤوليات الأمنية.

التجارة العالمية

وتمثل هذه الانتخابات خيارًا قد يعيد تشكيل النظام التجاري العالمي، فبينما تدعم هاريس التعريفات المحددة لأغراض الأمن القومي، يتبنى ترامب رؤية أكثر تشددًا، إذ يقترح تعريفات قد تصل إلى 20% على معظم السلع الأجنبية و 60% أو أكثر على السلع المصنوعة في الصين، ما يمكن أن يؤدي هذا إلى حروب تجارية متعددة، ويؤدي إلى تقليص التبادل التجاري والنمو الاقتصادي، مهددًا بذلك استقرار النظام التجاري الذي تقوده الولايات المتحدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ترامب وهاريس هاريس ترامب أمريكا

إقرأ أيضاً:

في 4 أسابيع فقط.. ترامب يمحو إرث 80 عاماً من السياسة الأمريكية

غير الرئيس ترامب بشكل كبير اتجاه السياسة الخارجية الأمريكية في أربعة أسابيع فقط، مما جعل الولايات المتحدة حليفاً أقل موثوقية بعد تراجعه عن الالتزامات العالمية بطرق من شأنها إعادة تشكيل علاقة أمريكا بالعالم.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مبعوثي ترامب الرئيسيين قدما تنازلات لروسيا في محادثات السلام التي أذهلت الحلفاء الأوروبيين، تلا ذلك وصف ترامب لزعيم أوكرانيا بالديكتاتور.

وقام ترامب بتفكيك وكالة المساعدات الأمريكية الرائدة التي تقدم المساعدة للعالم النامي، حيث تهدف الصين إلى ترسيخ موطئ قدم.

فيما محت خطة ترامب لامتلاك غزة وتهجير الفلسطينيين عقوداً من جهود واشنطن للتوسط في حل الدولتين، كما أن خططه لزيادة التعريفات الجمركية بشرت بنهاية العولمة التي تغذيها أمريكا.

ماذا فعل ترامب؟

ولم يتوقع أحد أن يتعامل ترامب مع الشؤون العالمية مثل أسلافه، لكن قِلة من الناس توقعوا أن يتحرك بهذه السرعة لإعادة توجيه السياسة الخارجية الأميركية بعيداً عن المسار الذي سلكته منذ عام 1945.

ويقول معظم خبراء السياسة الخارجية إن نظام التحالفات الذي تقوده أمريكا عزز من قوة الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فمن خلال التعهد بالدفاع عن حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، تولت الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى دور الضامن العالمي للتجارة الحرة والاستقرار، وهي المهمة التي شملت أولاً مواجهة الاتحاد السوفييتي، ومؤخراً الصين.

وغير الرئيس ترمب بشكل كبير اتجاه السياسة الخارجية الأمريكية في 4 أسابيع قصيرة، مما جعل الولايات المتحدة حليفاً أقل موثوقية وتراجع عن الالتزامات العالمية بطرق من شأنها أن تعيد تشكيل علاقة أميركا بالعالم بشكل أساسي.

ولكن ترامب لديه وجهة نظر مختلفة: فالحلفاء يأخذون أكثر مما يعطون. وبدلاً من الاعتماد على الجيش الأمريكي ومظلته النووية لأمنهم، ينبغي للدول الأخرى أن تنفق المزيد على جيوشها مع توفير الحوافز الاقتصادية للبقاء في حماية أمريكا، وتتسم رؤية ترامب بالمعاملات التجارية، والفوز والخسارة في السياسة الخارجية.

وقالت فيكتوريا كوتس، نائبة رئيس الأمن القومي والسياسة الخارجية في مؤسسة هيريتيج، وهي مؤسسة بحثية محافظة: "ليس الأمر أن الرئيس ترامب يتخلى عن نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية. بل إننا لم نعد في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وعلينا أن نقبل أن المشهد الجيوسياسي قد تغير".

وكان نفس النهج هو الذي دفع السياسة الخارجية لترامب في ولايته الأولى، ولكن في ولايته الثانية، أضاف عنصراً جديداً، حيث اقترح توسيع حدود الولايات المتحدة والاستيلاء على أراضٍ في الخارج من جانب واحد.

وحتى قبل العودة إلى البيت الأبيض، فكر ترامب في استعادة قناة بنما، والاستيلاء على غرينلاند من الدنمارك وجعل كندا الولاية رقم 51.

Kinzler's Global News Blog - Trump and Ukraine
"Trump’s Attack on Zelensky Signals New World Order Taking Shape" (The Wall Street Journal)
Excerpts: https://t.co/XRtomIr7sI pic.twitter.com/XIPhBe2z7e

— Kinzler Klaus (@KinzlerK) February 20, 2025ء تعميق شكوك الحلفاء

وقال الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس "سيكون من الصعب للغاية التراجع عن ما يجري في السياسة الخارجية أو إقناع الحلفاء بأن هذا حدث لن يتكرر أبداً، كان هذا ممكناً بعد انتخاب ترامب ولكن ليس بعد إعادة انتخابه"، وأضاف "موثوقية أمريكا مهددة بشكل خطير، وأدت الأحداث الأخيرة إلى تعميق شكوك الحلفاء بشأن أمريكا بقيادة ترامب".

وقال تشاك هيغل، السيناتور الجمهوري السابق ووزير الدفاع في عهد أوباما، "ما يحدث هو تحد خطير لأساس النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية"، وأضاف "لم أشعر قط بمثل هذا القلق بشأن مستقبل هذا البلد والعالم".

بينما قال إيفو دالدر، السفير الأمريكي لدى حلف الناتو في إدارة أوباما، إن الميل نحو روسيا والابتعاد عن أوكرانيا أمر مثير، إذ أصبح بوتين الآن في وضع ممتاز حيث لا يتعين عليه سوى قول "نعم"، مع العلم أنه إذا قالت أوكرانيا "لا"، فسوف يلقي ترامب باللوم عليها".

وفككت إدارة ترامب في أسابيعها الأولى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وجمدت مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية للبرامج التي تعالج الإيدز، وتتبع الأوبئة وتوفر الرعاية للأمهات.

ويقول عمال الإغاثة إن البرامج من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا إلى آسيا توقفت مؤقتاً، مما أدى إلى تآكل سنوات من الثقة التي بنتها حكومة الولايات المتحدة مع شركائها في المناطق النامية.

هل ألقى ترامب أوكرانيا للذئاب؟ - موقع 24لفت الباحث في معهد أولويات الدفاع دانيال دوبتري إلى أن الأخبار في الأسبوع الماضي دفعت كثيرين للاعتقاد بأن الولايات المتحدة كانت على وشك التخلي عن أوكرانيا، والتراجع عن دعمها لأوروبا، والتصالح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقالت السناتور جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن تأثير الانسحاب من نيبال وأماكن أخرى "سيؤثر على كيفية رؤية الناس في جميع أنحاء العالم للولايات المتحدة، وإن هذا الانسحاب يترك فراغاً ستكون الصين سعيدة بملئه".

مقالات مشابهة

  • تعليق المساعدات الخارجية الأمريكية يهدد تعليم الأفغانيات
  • ترامب يهدم القوة الناعمة الأميركية.. هل تغتنم الصين الفرصة؟
  • لا مجال للحواجز النارية.. نائب ترامب يهدد التحالف الأمريكي الأوروبي
  • تحليل لـCNN: لماذ تخشى الصين من تقارب ترامب نحو بوتين؟
  • ترامب: كندا قد تكون الولاية الـ 51 للولايات المتحدة الأمريكية
  • ترامب يتحدث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين
  • في 4 أسابيع فقط.. ترامب يمحو إرث 80 عاماً من السياسة الأمريكية
  • ترامب: اتهموا موسكو بإنفاق دولارين على التدخل في الانتخابات الأمريكية
  • «وسط قلق أوروبي».. ترجيحات بسحب القوات الأمريكية من دول البلطيق
  • الإدارة الأمريكية ترغب أن يتضمن الاتفاق مع الصين أمن الأسلحة النووية.. تفاصيل