مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (٤٢)
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
عُدنا مِن الجَزيرةِ المَرْوِيَّة بماءِ تُرعِها الرئيسية وطيبةِ أهلِها وخُضرةِ أراضيها بعد أنْ نَهَلنا مِن الوَصلِ والمَودَّة ما استطعنا إليه سبيلا . ثُمّ ما فَتِئنا أنْ دخلنا في زحمةِ العاصمةِ وفوضى المواصلات وضَجِيجِ الأسواق .
عدتُ إلى إجراءاتِ التَّأشيرةِ فبدأتُ بالجوازاتِ وحصلتُ على الموافقةِ أو عدمِ المُمانَعة كما يُسمُونها وقمتُ بتسليمها للوكالة .
ثم ماذا بعد ؟ ليس من عملٍ سوى جولةٍ من الزيارات للأهل والأقارب والأصدقاء بين المدن والقرى في العاصمة المثلثة والجزيرة ود مدني وضواحيها ، خاصةً وأنَّ الإقامةَ في السعودية تختلفُ هذه المَرَّة ولا ترتبطُ بدوامٍ مدرسيٍ وهي مفتوحةٌ على احتمالاتٍ شتَّى . فالمهنةُ فيها " عامِل " بدلاً عن مُعلِّم والكفيلُ فيها مؤسسة صغيرة يملِكُها فرد ، فالرحمةُ والدعواتُ لوزارة التربية والتعليم السعودية على تبَنِيها لنا رَدْحاً من الزَّمانِ والتَّكفُّل بِكُلِّ النفقاتِ تعليماً وصحةً وسفراً وعودةً فرداً وأسرةً لعِقدَين من الزمان . وهكذا اضْطُرِرنا للدُّخولِ في"مَعمَعة" الكفيلِ الفَرد ومؤسساتِه الظالمِ أصحَابُها كما سمِعنا وشهِدنا على مَن دخلوا التَّجرِبةَ إيَّاها وعانَوا مِنها الأمَرَّين .
ظلَلنا نُصولُ ونجولُ - أبنائي وأنا - في ربوعِ السُّودان الأوسَط حتى الأسبوعِ الثاني من سبتمبر ٢٠١٧م . ثم رجَعنا لنَستَقِرَّ في دارِنا المُستأجَرة بالجريف شرق لبعضِ الوقت حتى موعِد سفري - وحيداً - هذه المَرّة في ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧ حسبَ الحجز الذي حصلتُ عليه من الخطوط السعودية من الخرطوم إلى جدة .
ودَّعتُ أسرتي الصغيرة واثنتين من أخواتي كُنَّ في ضِيافتِنا جاءوا إلى المطار ليقولوا وداعاً تصحَبُك السَّلامة.
كانَ في استقبالي بمطارِ جدة ( مطار الملك عبد العزيز الدَّولي ) ابن خالتي أبو عبيدة عثمان الحوري . قضيتُ بِدارِه بضعةَ أيامٍ ثم سافرتُ إلى المدينةِ المُنَّورة لأنعُمَ بالصَّلاة في الحَرَم النَّبوي بِصحبة أخي الحبيب عادل العمدة أياماً أُخَر . تواصلتُ بالهاتف مع المؤسسةِ التي تَكفُلني واسمُها " فرع شركة هندسة الحرم المحدودة " ومقرُها منطقة القَصِيم ، وردَّ عليّ أخٌ سوداني كانَ على رأسِها . ثم بعد التَّرحِيب طلبِ مِني تحويلَ مبلغ ٤٢٠٠ ريال لتَكمِلة إجراءاتِ الإقامة وتصريح العمل . فقلتُ له سوف أوفِّرُها بعد أنْ أصِلَ الرَّياض. غادرتُ المدينة المُنورة بعد أسبوعين تقريباً وحللتُ بالرِّياض مع بنت أختي الدكتورة نسيبة وزوجها الباشمهندس أشرف محمد يوسف. أثناء تواجُدي بالرِّياض تمكَّنتُ من جمعِ المبلغِ المطلوب وقمتُ بتحويله إلى المُدير السوداني وحسابِ فرعِ شركته الذي أرسَله إليَّ . انتظرتُ أياماً مُتلَهِفاً لاستلامِ إقامتي فتَلقَيتُ الصدمةَ الأولى من كفالة الأفراد . أخبرني المدير السوداني أنه قد تمَّ استخراجُ إقامةٍ لي لِمُدة ثلاثة شهور . ولما سألتُه عن السَّبب في أنَّها لم تكُن لمُدة عامٍ كامل ، قال إنَّ المؤسسة عليها"خطأحمر" ! - وماذا يعني ذلك؟
- يعني أنّ عليها مخالفاتٍ ولا يُسمَحُ لها بِمُمارسةِ أي نشاطٍ حسب لوائح مكتب العمل .
ولِمَ طلبتَ مِنّي كلَّ ذلك المبلغ وأنتَ تعلمُ بذلك الأمْر .
سكتَ الرَّجلُ ولمْ يَحِر جواباً . ومع إلحاحي عليه حول كيفية الخروج من هذا المأزق، قال إنه سيحاول السعودي صاحبَ المؤسسة لاسترداد المبلغ ! ونصحَني بالبحثِ عن جٍهةٍ أُخرى أنقُل كفالتي إليها !!! تَخيَّلوا بهذه البَساطة ومِن واحد ...... ! ( يا له من ناصح أمين !!! ) . وأقْسِمُ بالله أنني لم أستلمْ منه ولا من كفيله ريالاً واحداً حتى يومنا هذا بالرَّغم من اتصالاتي المُتَكرِّرة واللامحدودة عليه .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
m.omeralshrif114@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
والتر رالي.. كان مقربا للملكة إليزابيث وحُكم عليه بالإعدام.. ما القصة؟
والتر رالي، الشاعر والكاتب الإنجليزي الذي توفي في 29 أكتوبر 1618، كان من بين أبرز شعراء العصر الإليزابيثي، وقد كان كاتبًا مفضلًا للملكة إليزابيث الأولى التي أطلقت عليه لقب "فارس" نظرًا لحبها وتقديرها لشعره الرائع.
والتر راليوُلد رالي في 22 يناير 1552 في ديفون لعائلة بروتستانتية. التحق بكلية أوريل في أكسفورد عام 1572، لكنه لم يحصل على شهادة جامعية منها.
شارك رالي في قمع تمردات ديزموند وقاد مجموعة من الجنود قطعوا رؤوس 600 جندي إسباني وإيطالي، في عام 1584، حصل على ميثاق ملكي من الملكة إليزابيث يسمح له باستكشاف والاستيلاء على الأراضي الجديدة غير المسيحية.
تم تكريم رالي من قبل الملكة بعدة هدايا قيمة، بما في ذلك منزل دورهام هاوس وممتلكات في شيربورن.
شعر رالي مميز ببساطته ووضوحه وعدم اعتماده على الزخرفة الفنية. يتناول قصائده أحداثًا واقعية يحاول التعبير عنها بأسلوب شعري رائع.
ستمطر سماء لندن بالصواريخ.. كيف دافع الاتحاد السوفيتي عن مصر وقت العدوان الثلاثي قيام الجمهورية التركية.. كيف انهارت 600 عام من الحكم العثماني على يد أتاتوركرالي كان من الشعراء الذين تمسكوا بالكلاسيكية وعارضوا تأثير النهضة الإيطالية، كما ان بعض العلماء يقترحون أن بعض أعمال شكسبير قد يكون أصلها من والتر رالي، وقامت ديليا بيكون في عام 1845 بدعم هذه الفرضية.
قضى والتر رالي فترة من حياته على جزيرة أيرلندا في مقاطعة وستميث، هناك، شارك في قمع حركات التمرد ضد إنجلترا وشارك في حصار سميرويك.
بعد ذلك، أصبح من ملاك الأراضي التي صودرت من مُلاكها الأيرلنديين، وارتفعت شهرته بسرعة خلال فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى. تم تعيينه فارسًا في عام 1585، وشارك في الاستعمار الإنكليزي لفرجينيا، مما ساعد في تمهيد الطريق للاستيطان الإنجليزي اللاحق في أمريكا الشمالية.
رالي قرر الزواج سرًا من إليزابيث ثروكمورتون، إحدى وصيفات الملكة، دون علم الملكة، الأمر الذي أدى إلى سجنه هو وزوجته في برج لندن. بعد الإفراج عنهما، اعتزل رالي وانتقل للعيش في أملاكه في دورست. في عام 1594، سمع رالي عن "مدينة الذهب" في أمريكا الجنوبية وقرر الابحار للبحث عنها بالإضافة إلى بحيرة باريمي، ووثق مغامراته واكتشافاته في كتاب ناقش فيه أسطورة «إل دورادو».
بعد وفاة الملكة إليزابيث في عام 1603، عادت المشاكل لرالي. اتهم بالتورط في التمرد على الملك جيمس الأول، مما أدى إلى سجنه مرة أخرى في برج لندن. في عام 1616، تم إطلاق سراحه من أجل قيادة بعثة ثانية للبحث عن الذهب في أمريكا الجنوبية، لكن البعثة لم تكن ناجحة، وانتهت بنهب موقع إسباني من قبل رجال كانوا تحت قيادته، عند عودته إلى إنجلترا، اُعتقل رالي وأُعدم في عام 1618 بتهمة الخيانة، في محاولة لتهدئة العلاقات مع إسبانيا.
أدين رالي بانتهاك معاهدة السلام مع إسبانيا وأدين بالإعدام ونفذ الحكم في ساحة قصر وستمنستر في 29 أكتوبر 1618.
عندما رأى الفأس التي ستقطع رأسه، قال: "هذا الدواء الحاد سيشفي طبيبًا من جميع الأمراض والبؤس".
تم تحنيط رأس رالي ودفن جسده في كنيسة في بيدنجتون. بعد وفاة زوجته، نُقل رأسه ليوارى الثرى بجوار جسده.