دراسة: لا يوجد مكان آمن من تغير المناخ والعالم في طريقه إلى ارتفاع درجة الحرارة
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
أودت الكوارث المناخية العشر الأكثر فتكًا خلال العشرين عامًا الماضية بحياة أكثر من 570 ألف شخص، وتفاقمت جميعها بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية، وفقًا لدراسة نشرتها منظمة "إسناد الطقس العالمي" World Weather Attribution (WWA)، وهي منظمة علمية متخصصة ترجع الأحداث المتطرفة لتغير المناخ.
وأوضح الباحثون بحسب الدراسة التي نشرت اليوم /الخميس/ - "دراستنا تظهر أن المناخ خطير للغاية بالفعل مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية"، مضيفين أنه "لا يوجد مكان آمن من تغير المناخ"، مستنكرا وقوع العديد من الضحايا "في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء".
وتابع الباحثون أن "هذا العدد الإجمالي للضحايا أقل من الواقع إلى حد كبير، لأنه لم يتم إحصاء ملايين الضحايا في الإحصاءات الرسمية"، مقدرين أن "الوفيات الناجمة عن موجات الحر لا يتم إحصاؤها عادة في العديد من الدول النامية المعرضة بشدة لدرجات حرارة مرتفعة" حسبما أوردت مجلة "لوبوان" الفرنسية.
ولخصت عالمة المناخ البريطانية فريدريكه أوتو، من جامعة إمبريال كوليدج، المؤسسة المشاركة ومديرة شبكة "إسناد الطقس العالمي "الدولية" إن تغير المناخ لا يشكل تهديدا بعيدا، فقد عزز الكوارث المناخية التي أودت بحياة أكثر من 570 ألف شخص"، وتابعت خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت "الحل الوحيد هو التوقف عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز".
وأدرج التقرير إعصار نرجس، الذي أودى بحياة 138 ألف شخص في ميانمار عام 2008، والجفاف في الصومال عام 2011، الذي تسبب في سقوط 258 ألف ضحية، وإعصار هايان، الذي تسبب في وفاة 7000 شخص في الفلبين عام 2013، بالإضافة لموجات الحر الثلاث الكبرى التي أثرت على فرنسا وأوروبا في 2015 و2022 و2023 (إجمالي الوفيات 94 ألفا).
وبينما تم إعداد هذا التقييم مع تسجيل ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية، يشير العلماء إلى أن العالم في طريقه إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.6 إلى 3.1 درجة مئوية بحلول عام 2100، وأنه سيتم تجاوز علامة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030.
وينصح التقرير صناع السياسات بإعداد دولهم لمواجهة أحداث أكثر حدة في المستقبل من خلال تركيب أنظمة إنذار مبكر وتعزيز البنية التحتية لحالات الطوارئ.
ويحذر العلماء من أن "بعض الأحداث تصبح متطرفة للغاية لدرجة أنه من المستحيل التكيف بسرعة كافية: فالسكان والموائل تصل إلى حدودها القصوى".
على الرغم من عدد القتلى والارتباط العلمي المثبت بالاحتباس الحراري العالمي الناجم عن أنشطة بشرية، فإن سياسات مكافحة تغير المناخ تفتقر إلى التمويل الكافي على نطاق عالمي، وغالبًا ما يتم إدراجها في مرتبة متأخرة بعد سياسات التنمية الاقتصادية أو العسكرية دون مراعاة أعداد الوفيات وحالة الطوارئ المناخية رغم جديتها وحجم التهديدات التي تثقل كاهل السكان.
ومن الأمثلة المتطرفة، هجمات 11 سبتمبر 2001 (3000 حالة وفاة) هي أصل استثمار الحكومة الأمريكية أكثر من 8000 مليار دولار في الحروب ضد الإرهاب بين عامي 2001 و2021 (والتي تسببت في وفاة ما بين 3.6 إلى 3.8 مليون حالة وفاة مباشرة وغير مباشرة)، وفقًا لإحصاء "تكاليف الحرب" الذي تقوم به جامعة براون رغم أن خسائرها أقل بـ 190 مرة على الأقل من الكوارث المناخية العشر المذكورة في التقرير.
وقالت فريدريكه أوتو "خلال موجة الحر الكارثية، يموت الناس بصمت في منازلهم، ولا يلقون أنفسهم من ناطحة سحاب محترقة، لذا ليس من المستغرب أن يُنظر إلى موتهم بشكل مختلف".
وتابع الباحث قائلا "لكن يجب أن نتوقف عن التفكير في تغير المناخ باعتباره مشكلة إضافية تضاف إلى الإرهاب أو التضخم أو تكلفة المعيشة، لأنه مرتبط بكل هذه المشاكل. يجب الآن الحكم على السياسات العامة، أيًا كانت، وفقًا لفائدتها في عالم يسجل درجات حرارة أعلى وفي مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري: هذه هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية في مكافحة أزمات المناخ".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لكوارث المناخية الاحتباس الحراري
إقرأ أيضاً:
هل تربية الماشية السبب الرئيسي لتغير المناخ
لعقود من الزمن، وضع خبراء البيئة الوقود الأحفوري على رأس قائمة الصناعات الملوثة؛ وتشير تحليلات جديدة إلى أن الزراعة هي التي تسببت في معظم ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وتحديدا تربية الماشية.
وفي دراسة جديدة، يشير عالم المناخ الأسترالي جيرارد ويديربورن بيشوب، المؤسس المشارك لمؤسسة الحفاظ على العالم، إلى أن قواعد المحاسبة الخاصة بالغازات المسببة للاحتباس الحراري التي وضعها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ قد تم تطويرها قبل ثلاثة عقود من الزمن ــ في حين أدت التطورات الأخيرة إلى تحسين فهمنا لأسباب تغير المناخ.
وبحسب تقديره، تسببت الزراعة أكبر مستهلك للأراضي ــ في 60% من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بين عامي 1750 و2020، وكانت تربية اللحوم والألبان وحدها مسؤولة عن 53% من الإجمالي.
وعلى النقيض من ذلك، ساهمت الوقود الأحفوري بنسبة 19% من ظاهرة الاحتباس الحراري في هذه الفترة، أي أقل من ثلث قطاع إنتاج الغذاء.
وتكتب ويديربورن بيشوب: “أصبحت الزراعة العامل الرئيسي المسبب لاضطراب خمسة حدود كوكبية: سلامة المحيط الحيوي، وتغير نظام الأراضي، وتغير المياه العذبة، والتدفقات البيوكيميائية، والآن تغير المناخ، وهذا يؤكد على الحاجة إلى سياسات لمعالجة هذا القطاع إذا كنا نريد أن يكون لدينا مستقبل صالح للعيش”.
استخدام تدابير المحاسبة الجديدة للانبعاثات
نُشر البحث في مجلة Environmental Research Letters المحكمة، ويستند إلى ثلاثة مقاييس لحساب غازات الاحتباس الحراري، والتي يقول المؤلف إنها مؤشر على التقدم في علم المناخ.
يتضمن الأول المحاسبة الإجمالية لكل من الكربون الأحفوري والكربون الناتج عن إزالة الغابات. وتسجل فئة استخدام الأراضي في تقرير اللجنة الدولية لتغير المناخ الانبعاثات الصافية، في حين يتم تسجيل جميع القطاعات الأخرى باعتبارها انبعاثات إجمالية.
ووجدت الدراسة، أن الانبعاثات الإجمالية لتغير استخدام الأراضي أعلى بنحو 2.8 مرة من الانبعاثات الصافية، متجاوزة كمية الكربون المنبعثة من الوقود الأحفوري منذ عام 1750.
كما يقول الباحث “في الوقت الحاضر، تنص الاتفاقية على احتساب 100% من الكربون الأحفوري، ولكن يتم احتساب ثلث الكربون فقط -الناتج عن تغير استخدام الأراضي- (الجزء الذي يبقى في الغلاف الجوي ليسبب الاحتباس الحراري)، والتناقض هنا هو أن انبعاثات الكربون من جميع المصادر لها نسبة متساوية تبقى في الغلاف الجوي”.
ويؤدي هذا الشكل من المحاسبة للانبعاثات إلى تعزيز قيمة انبعاثات الكربون الناتجة عن إزالة الغابات بشكل كبير، مما يضع الوقود الأحفوري في المرتبة الثانية بعد استخدام الأراضي كمصدر للتلوث.
ويتمثل الإجراء الثاني في استخدام القوة الإشعاعية الفعالة لقياس الغازات، وهو ما يقدم كبديل أفضل لإمكانية الاحتباس الحراري العالمي المعتمدة على الوقت.
وتوضح الدراسة: يعتقد أن القوة الإشعاعية الفعالة تنتج تقديرات أكثر دقة لتأثير المناخ على الزراعة لأن استخدام القدرة على الاحتباس الحراري العالمي التقليدية من الممكن أن يشوه فعالية التخفيف”.
وأخيرا، هناك التركيز على المحاسبة الشاملة ــ أو بعبارة أخرى، قياس كل الانبعاثات، سواء كانت تدفئة أو تبريد.
وتكتب ويديربورن- بيسشوب أن الهباء الجوي ــ الذي يخفي معظم تأثيره المبرد ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن ثاني أكسيد الكربون ــ ينبعث مع الكربون الناتج عن الوقود الأحفوري، ولكن نادرا ما يتم الإبلاغ عنه.
والمشكلة الأخرى هي استثناء إزالة الغابات في الماضي، فقد تجاوزت انبعاثات الوقود الأحفوري انبعاثات استخدام الأراضي في ستينيات القرن العشرين ــ على الرغم من أن الاحتباس الحراري الناجم عن إزالة الغابات قبل ذلك لا يزال يؤثر على الكوكب، فضلاً عن ذلك فإن إزالة الغابات تمنع قدرة الغطاء النباتي على تخزين الكربون في المستقبل بسبب التسميد بثاني أكسيد الكربون.
تربية اللحوم والألبان هي الملوث الأكبر
وتوصلت الدراسة إلى أن الزراعة تسببت في ارتفاع متوسط في درجة حرارة السطح بمقدار 0.74 درجة مئوية منذ عام 1750، حيث كان 86% من هذا الارتفاع (أو 0.64 درجة مئوية) ناجماً عن تربية الماشية.
وقد أدت الوقود الأحفوري إلى تحولات في درجات الحرارة بمقدار 0.21 درجة مئوية بسبب التبريد القوي الناجم عن ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين.
ويكشف نموذج المحاسبة الشامل أن ارتفاع درجة حرارة الوقود الأحفوري بلغ 0.79 درجة مئوية، إلى جانب 0.59 درجة مئوية من التبريد الناجم عن الانبعاثات المشتركة.
وعلى الجانب الآخر، تسببت الزراعة في ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 0.86 درجة مئوية، وانخفاض درجة الحرارة بمقدار 0.13 درجة مئوية فقط.
وتظهر الدراسة، أن تأثير انبعاثات الميثان قد تم التقليل من شأنه بشكل خطير في تحليلات الاحتباس الحراري العالمي، حيث تسبب في 49% من ظاهرة الاحتباس الحراري منذ عام 1750 (ولم يتسبب في أي تبريد).
وتنص الدراسة على أن “الزراعة الحيوانية هي أكبر مصدر لانبعاثات الميثان، ولكنها توفر أيضًا أكبر فرصة لخفض تكاليف الكربون”.
بالإضافة إلى ذلك، توفر فرصًا “سهلة المنال” للتخفيف من آثار تغير المناخ والتنوع البيولوجي.
هناك العديد من التداعيات السياسية المترتبة على نتائج الدراسة، فالتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري لا يزال يشكل أولوية ملحة، في حين أن تطبيع المحاسبة عن انبعاثات إزالة الغابات من شأنه أن يدعم السياسات الرامية إلى إزالة الأراضي والحفاظ على الغابات، لأن تدمير الغابات في أي عمر “يمكن أن يُنظر إليه بنفس الطريقة التي يُنظر بها إلى حرق الفحم”.
استعادة الغابات المتدهورة هي الفكرة الأكثر فعالية والأقل تكلفة للتخفيف من الآثار الطبيعية هنا، وعند الجمع بينها وبين إمكانية تقليص العجز الكربوني الناتج عن الزراعة الحيوانية، فإنها من شأنها أن تقلل بشكل كبير من تحميل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
كما ستجبر النتائج صناع السياسات على النظر في إعانات الدعم الزراعي “الضارة بشكل كبير” – وقد قوبلت الجهود الرامية إلى إعادة توجيه هذه الإعانات بالمقاومة.
وتقول ويديربورن بيشوب: “إن المبادرات مثل الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي عرضة لتأثير الصناعة ، وقد مكن النقاش المغلوط وغير المستنير الصناعات الزراعية الضارة من عرقلة الفهم والسياسة”، “قد تدعم هذه التطورات المحاسبية إصلاح السياسات بشكل مفيد”.