شبكة اخبار العراق:
2025-03-10@03:22:32 GMT

العودة إلى الرصانة

تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT

العودة إلى الرصانة

آخر تحديث: 31 أكتوبر 2024 - 10:07 صبهاء محمود علوان حين نقولُ بأن المسرح هو انعكاس حقيقي لحالة المجتمع، والمرآة الصادقة التي تعكس لنا بصدق تلك الحالة التي نُريد دراستها. وحين يطلبُ من المسرح أن يكون عاملا مؤثراً في المجتمع، فهذا يعني بالضرورة أن تكون أركان المسرح والعرض المسرحي متكاملة من كل الجوانب، ونعني هنا نصاً وإخراجاً وسينوغرافيا وإداء ومعمارية العرض على الخشبة وأزياءً وديكورا، فضلا عن تنسيق الأداء بين الممثلين، حينها يمكننا أن نقول بأن المسرح ممكن له أن يؤدي دوره المطلوب منه.

وحين تشرفنا ليلة الخميس 24 تشرين الأول بزيارة عرض “أحوال وأمثال”، وجدنا هذا التكامل المطلوب للعرض المسرحي الناجح. هذا العرض الذي لم يكن امتدادا للمسرحية الناجحة والكبيرة “الخيط والعصفور” فحسب، بل كان امتدادا أصيلاً للمسرح الجاد والذي يمكن أن يعتبر الإنسان فيه هو المحور والمستهدف من العملية المسرحية برمتها، لِذا حين نعود لمقولة الكاتب المسرحي الألماني برتولت برشت “الإنسان هو مؤثرٌ ومتأثر، مغيرٌ ومتغير”. وانطلاقاً من هذهِ المقولة دعونا نعكس ذلك على مسرحية “امثال واحوال”، ومن المهم هنا التقاط هذهِ العوامل التي أثارتها في داخلي ومنها:  اولاً: العودة إلى المسرح التعليمي الهادف الذي يثير قضية مهمة ملقاة على عاتق المسرح منذُ بدايات الحداثة على خشبة المسرح والتي أسس لها إيرون بيسكاتور، وكذلك المجدد والثائر برشت. فنجدُ دقة اختيار المثل والهدف المرجو منه، وهذا كان دليلاً على رسالة كان يريدُ الأستاذ مقداد حمادي صاحب التاريخ الطويل إيصالها.ثانياً: حين نظّرَ الكاتب فريدرك شيلر إلى اخلاقيات المسرح وأيده برشت بالتركيز على تلك الاخلاقيات، وحين قال شيلر بأن المسرح هو “مؤسسة اخلاقية” الهدف منه هو عنصر بث القيم الفاضلة داخل المجتمع حين ننظر إلى الجمهور، كونه مجتمعاً مصغراً. فإن في مسرحية “امثال واحوال” ذلك المبدأ الكبير الذي قد لا يتوفر في الكثير من العروض. ثالثاً: العودة إلى الاقتراب من المسرح العائلي وهذا بحد ذاته من أسمى المبادئ التي يقوم عليها المسرح في ارجاء العالم كافة، وفي هذهِ المسرحية التي مزجت بين المتعة والهدف، حيث المزيج الذي تمكن من إيصال الأهداف بطريقة سلسلة ومقبولة لدى الجمهور. رابعاً: استخدام الموروث الشعبي وتوظيفه بشكل صحيح لتحقيق هدفٍ أسمى وهو إيصال رسالة إلى الجمهور مفادها الاستفادة من ذلك الموروث، وتلك الحكم التي تمثل خبرات متراكمة للمجتمع، “وقد اشار ، حسين علي هارف” لتلك الجزئية عبر العرض.خامساً: الاقتراب من دور الراوي في المسرح الملحمي، والذي لعب تلك الشخصية ببراعة واتقان حسين علي هارف، كونه مسلحاً بالمعرفة الأكاديمية، والدراية الناضجة للدور، فضلاً عن كونه ممثلاً بارعاً يحمل تقنيات الإخراج وفن كتابة النص، لذا كان ذلك التكامل جلياً بطريقة الصوت، ومخارج الألفاظ، والحركة الرشيقة على المسرح.  سادساً: يجب التوقف عن المهمة الصعبة للأستاذ مقداد حمادي، صاحب التاريخ الجاد والملتزم، حيثُ تشاهدهُ كمن يحفرُ في الصخر وصولاً إلى الهدف. وبدورنا نحيي هذا المتفاني مسرحا، والجادُ التزاماً، والغزيرُ عطاءً.سابعاً: التنسيق الواضح بين الممثلين والذين كانوا في تناغم رائع، قد أجاد المخرج في توزيع الادوار بينهم، كلٌ وقدراته التي تتناسب والدور الملقى على عاتقه، وكان حسين علي هارف محوراً اساسياً في العرض، فضلاً عن غيره. ثامناً: كنتُ اتمنى أن يكون الفصل الثاني أقصر مما هو عليهِ (45) دقيقة، لتجنب التكرار وزيادة الشد العاطفي لدى الجمهور، وكذلك التماهي مع متطلبات الحداثة في العرض المسرحي. وهذا قد يُزيد العرض تشويقاً وإثارة أكثر.  تاسعاً: توظيف العملية المسرحية في إظهار الواقع، عبر انتقاد بعض الظواهر المجتمعية التي تسهم في تهديم المنظومة القيمية داخل المجتمع، ومحاولة إيجاد الحلول لتك الظواهر، وهذا كان جلياً بتناول موضوعة التشتت والابتعاد الأسري من خلال الاستخدام المفرط للهاتف للنقال. عاشراً: هنالك التفاتة قوية ومهمة داخل العرض، وهي أن تكون الوصية مشروطة بتواجد أفراد الأسرة كافة، وبما أن الأسرة قد شابها التشتت، وهذا انعكاسٌ آخر مهم تشير له المسرحية، لذا نجد بأن الوصية قد حققت الهدف من دون أن تتم قراءتها. وهذا بحدِ ذاتهِ من عناصر التغريب في المسرح الملحمي. وهنا يجب الإشارة إلى أن التغريب ممكن أن يكون تغريباً نصياً، أو أدائياً، أو تغريب الفحوى كما فعل برشت في مسرحية “بنادق السيدة كارار” حين انقلبت كارار في موقفها بعد مقتل ابنها خوزيه. أحد عشر: توظيف الديكور ومعمارية خشبة العرض لغرض إثراء العرض وتفعيل عنصر التشويق لدى المتلقي، فنلاحظ أن معمارية الخشبة جاءت منسجمةً مع الأزياء والملابس للممثلين، وكذلك مع اللهجة المستخدمة في الحوار، والتي تضمنت أسلوب اللغة الدارجة، وفي هكذا منظور بيئي توجب اختيار اللهجة بعناية فائقة، حتى يُخلق ذلك التناغم والانسجام بين مكونات العرض المسرحي. 

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

سؤال في الدولة والمجتمع

واقع الدول اليوم

الدولة الحديثة تشكلت مع الثورة الصناعية وتحول الإقطاع إلى رأسمالية صناعية وزراعية وتدرجت لتشمل مناحي الحياة، ثم تبنت آليات وحوّرتها لتكون حامية للنظام، فمن تعريف الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه، باتت واقعا هي مفاضلة الشعب بين من يختارهم الحزب في مؤتمره ويفاضل بينهم وفق آليات متعددة. إذن هي ليست فعلا حكم الشعب لنفسه، وهذا ليس إلا مثالا على مجموعة الآليات، كالليبرالية، والعلمانية التي باتت انتقائية بعد أن أصبح العالم صغيرا وهاجر حملة الأديان الأخرى إلى الغرب طمعا في الهدوء وتحقيق الذات، وهو ما يصبح اليوم تحديا وجوديا لكثير من هؤلاء المهاجرين.

تقدم التقنيات وصغر العالم

ونرى تحديات عندما أدركنا صغر العالم بتقدم نظام المواصلات والاتصالات، وحاجة اليد العاملة الأرخص في المصانع لموازنة القيمة للسلع بوجود التنافس الشديد بين الغرب واستثمار الصين لمواردها البشرية، مما جعلها قطبا بارزا وتحديا للصناعة في الغرب وتنافسا في السوق، وهذا ذاته يشكل تحديا لنا عندما يتمكن في البلد من يبتعد تفكيره عن استثمار الموارد البشرية، ويحس بالنقص تجاه الغرب، فيسمع لمهندس مبتدئ أوروبي ولا يسمع لخبير من أبناء البلد مثلا، وهكذا بقية المهارات لتجد هذه المهارات طريقها إلى الهجرة أو الانزواء، خصوصا أن هنالك مقاومة وأذى للمبدعين كونهم يشكلون هاجسا وخوفا عند رؤسائهم، فلا هم قادرون على الإنجاز ولا على تدريب الكادر الذي سيعقبهم في قيادة المدنية في البلد. وهنا نرى بوضوح منظومة تنمية التخلف، فالتحديات من الداخل هي حصب المخططات الخارجية بإرادتهم أم بغيرها.

الصراعات المحلية والدولية:

في واقعنا هنالك مشاكل مركبة آتية من فوضى مركبة في تشوه معنى الدولة ومعنى المجتمع وفهم معنى الفكر والثقافة والتاريخ، ومعنى الدين وعزله عن المنظومة العقلية التي تقيد بدورها بمجمل محرمات خلاصتها التفكير حرام، بينما الإسلام وهو ما يمثل ثقافة المنطقة يدعو إلى التفكير وإعمال المنظومة العقلية ويخاطبها ويحفزها ويعيب التقليد للقديم الموروث.

في واقعنا هنالك مشاكل مركبة آتية من فوضى مركبة في تشوه معنى الدولة ومعنى المجتمع وفهم معنى الفكر والثقافة والتاريخ، ومعنى الدين وعزله عن المنظومة العقلية التي تقيد بدورها بمجمل محرمات خلاصتها التفكير حرام، بينما الإسلام وهو ما يمثل ثقافة المنطقة يدعو إلى التفكير وإعمال المنظومة العقلية ويخاطبها ويحفزها ويعيب التقليد للقديم الموروث
التربية الخطأ:

وأهمها تعليم التدين وتقوية غريزة التدين وتحفيظ بلا فهم، وملء الجهاز المعرفي بمعلومات غير معالجة، لهذا تجد متدينا ويتكلم في الدين لكنه بعيد عن الثقة أو الأمانة أو النزاهة أو الرغبة بالحق، كثير المداهنة، يقاوم أي تغيير بالتسفيه والجدل وعلو الأنا والتركيز على تحييد المخالف كانتصار شخصي له، ومن يخالفه فهو كافر مجرم فيكون نوعا من العصبية والتوتر، بينما هذا منكر في الإسلام بل محرّم، وتجد حكومات تزعم أنها إسلامية وتريد العمل بشرع الله يملؤها الفساد والتبرير له بل الصالح مبعد، فهي لم تسع عن فهم للإسلام وذاك ما يقود إلى البحث عن اجتهاد جديد يدير الواقع فترى العجز يرافق الفساد بدل الإصلاح وإغضاب الله بدل طاعته، وهذا في كل الأديان وليس دينا واحدا، لهذا تجد أن الرعوية أهم من القيم في منظومة تنمية التخلف.

الفشل في إدارة الواقع:

وهي مسالة مركبة تحمل سلبيات تكوين الجهاز المعرفي من الأسرة فالمدرسة فإدارة الحكم في البلاد، وتجعل الاهتمام بالمستقبل أمنيات بلا تخطيط صائب وإنما نوع من الاهتمامات الغريزية كالتملك والسيادة وغيرها، ولا قواعد ونظم للتنمية، فالحياة في أمجاد ماضي لم يصنعه المتمني ورغبة في استعادته بعقلية الناقل المثالية وليس وفق معطيات الواقع.

هنالك وجوب للمعرفة والتخطيط وفق الممكن بالمتاح فلا يمكن أن تضع خطة لتنفيد ما يحتاج مليون من عملة بلدك بينما أنت لا تملك إلا بضعة ألف منها، ولا يمكن أن تفكر بتحرير أرضك وفق المعادلة الصفرية وأنت مغلوب فيها، فالمتغيرات كثيرة هي لم تعد في طيار يقاتل بل في دقة مخترع ومطور لطائرة بلا طيار ومجموعة الاستخدام، وقد تكون هذه المجموعة تخاف السير لوحدها أو تتجمد من الخوف لنباح كلب أو حركة غريبة.

بناء المجتمع والدولة:

كلا الاثنين يعتمد على الفهم، فليس مهما تعدد العقائد والاختلافات وإنما العدل والإنصاف، وضمان الحقوق الخمس لكل المجتمع، أنت لن تغير الناس بإجبارهم على السفور كما يحصل في أوروبا ولا بإجبارهم على الحجاب عند من يزعم الدين من بلاد المسلمين، والنظرة إلى المرأة مهمة ومهم فهمها في الإسلام؛ ليس من التراث وإنما من القرآن والسنة النبوية، فهي كالرجل في الغرب وهذا متعب، لكنها كالرجل في الإسلام مع حقوق حماية إضافية. وهنا لا بد من فهم معنى القوامة أنها مسؤولية وليس سلطة أو تملك أو إجبار، فالعقد عقد رفقة بين الزوجين ولهذا كل حر بماله واسمه ونسبه إلا حق العائلة والمرأة على الرجل في الإنفاق حتى لو كانت متمكنة وذات مال. كثير من الأمور تحتاج نظرا بعيدا عن التدين الشعبي والفقه الذي لا يفهم أن الإنسان في امتحان وهو حر في خياراته لكي يكون ذا أهلية للحساب.

نحن بحاجة أن نفهم أسلوب الخطوات المتدرجة لتحصيل الحقوق وإنهاء تأثير الظلم من القوى المتغطرسة، وان قوتنا متى كانت ليست عدمية وإنما لها غايات هي إتاحة الفرصة للإصلاح والصلاح، ولعل نموذج غزة رغم كل شيء محاولة ودرس عميق في ضبط النفس والالتزام وما يعطي من نتائج قيمية مبهرة، وهذا موضوع ضمن مقال لاحق.

خلاصة باختصار:

إذن نستطيع أن نقيم الإنسان كما قيمنا إنسان القسام، برد فعله وسلوكه مع الأسرى وفي حرب ليس فيها تكافؤ مطلقا وبتفاصيلها المتعاكسة عند الطرفين سلوكيا، ونستطيع أن نقيم الدولة من خلال نظرتها إلى طرق الإصلاح ونظرتنا إلى المجتمع بنجاحه في الفهم والتطبيق والعيش المشترك.

مقالات مشابهة

  • جورج سيدهم وصفه بـمزيكة الحي الكروي.. مصطفى يونس يرد بكلمات مؤثرة
  • الأنبا إبراهيم إسحق يشهد العرض المسرحي السنوي للكلية الإكليريكية بالمعادي "الإخوة كرامازوف"
  • في ذكراه.. يسري الجندي رحلة من العطاء والإبداع الفني
  • ميار الببلاوي تكشف سر خلافها مع حنان ترك: كانت تحاربني واستولت على شغلي
  • ضربتني بالقلم | ميار الببلاوي تكشف تفاصيل مشاجرتها المثيرة مع فنانة مشهورة
  • حوار الأمين.. إطلالة تلفزيونية لنعيم قاسم وهذا موعدها
  • سلوى عثمان: المسرح له هيبته ولكن التلفزيون جذبني أكثر
  • سؤال في الدولة والمجتمع
  • حلويات غير مطابقة للمواصفات في صيدا.. وهذا ما عُثر عليه
  • عون أطلع بري على محادثاته في الرياض.. وهذا ما بحثاه