بالموازاة مع الإبادة بغزة المستوطنون يبنون دولتهم في الضفة
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
رام الله- بينما تواصل الآلة العسكرية الإسرائيلية حرب الإبادة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن حربا أخرى في الضفة الغربية أداتها التوسع الاستيطاني والتهام الأراضي ونشر المزيد من العوائق والحواجز العسكرية.
وتفيد معطيات رسمية فلسطينية بأن حرب الضفة تمضي في اتجاهات عدة: إنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية، تسليح المستوطنين، مصادرة الأراضي، دراسة وإقرار عشرات المخططات الاستيطانية مع بنية تحتية حديثة، بالتوازي مع اعتداءات على الفلسطينيين، وعمليات هدم للبناء بالمنطقة "ج" التي تقدر بنحو 60% من الضفة وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وتشريعات للهيمنة وفرض السيادة عليها.
وفي قراءته للخطوات الإسرائيلية المتلاحقة والمتزامنة، قال خبير بشؤون الاستيطان للجزيرة نت إن ما يجري يؤسس لدولة المستوطنين بالضفة، مع تحويل المناطق الفلسطينية لجزر تديرها سلطات محلية ترتبط بحكومة مركزية في رام الله.
وفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية فإن الجديد في الإجراءات الإسرائيلية في عام الحرب هو تسريع كل المخططات والسياسات سواء البناء الاستيطاني أو مصادرة الأراضي أو هدم المباني الفلسطينية.
وتشير معطيات الهيئة إلى الاستيلاء على 52 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) خلال عام الحرب، وإقامة 12 منطقة عازلة حول المستعمرات، بينما درست جهات التخطيط الإسرائيلية 182 مخططاً هيكلياً لغرض بناء ما مجموعه 23 ألفا و267 وحدة استيطانية على مساحة 14 ألف دونم، وقد جرت المصادقة على 6300 وحدة منها.
وتوزعت المخططات الهيكلية على محافظة المدينة المقدسة بـ65 مخططا هيكليا.
أما أبرز البؤر الاستيطانية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول فتوزعت معظمها على محافظة الخليل (8 بؤر)، رام الله (6 بؤر)، بيت لحم (4 بؤر)، و3 بؤر أخرى في نابلس ثم باقي المحافظات، بالإضافة إلى شق 7 طرق لتسهيل تحرك المستوطنين وربط بؤر بمستوطنات قائمة.
وذكرت الهيئة أن دولة الاحتلال قررت تسوية أوضاع (شرعنة) 11 بؤرة استيطانية وتحويلها إلى مستعمرات أو أحياء استيطانية تتبع لمستعمرات قائمة، وأحالت ما مجموعه 9 بؤر أخرى لإجراءات الشرعنة.
وأشارت إلى أن عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة من بوابات وحواجز عسكرية أو ترابية، والتي تقسم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع بلغت 872 حاجزاً عسكرياً وبوابة، منها أكثر من 156 بوابة استحدثت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفق توثيق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فقد طرأ منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 زيادة كبيرة على الهجمات التي يشنها المستوطنون على التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية.
ووثّق المكتب 1536 هجمة حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أسفرت 152 هجمة منها عن سقوط ضحايا بين الفلسطينيين، و1226 هجمة ألحقت الأضرار بممتلكات تعود للفلسطينيين. بينما تقول هيئة الجدار إن 11 فلسطينيا استشهدوا برصاص المستوطنين.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هُجرت 285 أسرة فلسطينية تضم 1669 فردًا، بمن فيهم 807 أطفال، من التجمعات البدوية والرعوية في شتّى أرجاء الضفة الغربية بسبب الهجمات التي يشنّها المستوطنون والقيود المفروضة على الوصول أساسًا، وفق المكتب الأممي.
كما هدمت 1814 منشأة ومنزلا في عموم الضفة المحتلة منذ ذلك التاريخ، نتج عنها تهجير نحو 4500 فلسطيني.
ووفق معطيات منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية فإن 43 بؤرة جديدة أُنشئت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، معظمها بؤر زراعية، بالمقارنة مع متوسط سنوي كان يبلغ 7 بؤر على مدى 3 عقود تقريبًا قبل ذلك.
وأضافت المنظمة الإسرائيلية أن الحكومة مولت هذه البؤر بنحو 7.5 ملايين دولار العام الماضي، وخصصت لها 20 مليون دولار هذا العام.
في قراءته للتوسع الاستيطان، منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الحالية مسؤولياتها أواخر 2022 وخلال الحرب، يقول الخبير بشؤون الاستيطان سهيل خليلية -للجزيرة نت- إن الحكومة الحالية لم تنكر أنها استيطانية بامتياز وبالتالي كان موضوع تسريع المشاريع الاستيطانية وما يتعلق بها من قوانين واردا ومتوقعا.
وأضاف أن من يمسكون مفاتيح الحكومة الإسرائيلية أشخاص من خلفية استيطانية "فوزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يتحكم في الإدارة المدنية، وهي اليد العاملة لحكومة الاحتلال بالضفة، قد ألغى كثيرا من المراحل والإجراءات أمام الاستيطان وسهل وسرع الموافقات على هذه المشاريع".
ومن خلال وجوده في منصبه، استطاع سموتريتش تجاوز الكثير من الموافقات وتوفير الموازنات المطلوبة للبدء بالعمليات الأساسية لهذه المشاريع بالضفة والقدس، وتكريس الاستيطان، وتهجير الفلسطينيين وهدم منازلهم في المقابل.
وأشار خليلية إلى هدم نحو 1400 منزل ومنشأة فلسطينية بالضفة بما فيها القدس الشرقية منذ مطلع 2024 وحتى نهاية الشهر الجاري، بزيادة تقدر بنحو 70% عما كانت عليه قبل هذه الحكومة أي عام 2022.
وتابع أن سموتريتش كرّس المشروع الاستيطاني وأعطى ميزانيات مفتوحة تحديدا الطرق الالتفافية و"تطويرها" لتكريس الفصل و"أقام شبكات طرق خاصة للمستوطنين وأخرى للفلسطينيين لتعزيز مشروعه الاستيطاني".
وتحدث الخبير الفلسطيني عن زيادة غير مسبوقة في مصادرة الأراضي وإعلانها أراضي دولة أو محميات طبيعية لفصل الفلسطينيين عن أرضهم.
أمام هذه المعطيات، يقول خليلية إن كل ما يجري يؤسس لمشروع دولة للمستوطنين بالضفة الغربية، سيكون جيشها من المستوطنين الذين بدأت الحكومة بتسليحهم منذ تشكيلها.
وتابع أن تسليح المستوطنين "صنع جيشا موازيا ومدعوما من جيش الاحتلال لإقامة دولة في أغلب المنطقة (ج) بهدف كسر أي فكرة وأي مشروع لحل الدولتين الذي ما زال يتحدث عنه المجتمع الدولي".
وبالأرقام، يقول خليلية إنه بوجود 204 مستوطنات و270 بؤرة استيطانية "شرعية وغير شرعية" بالضفة، وفق تصنيف القانون الإسرائيلي، يسكنها مجتمعة قرابة 960 ألف مستوطن.
أما المساحة التي يقام عليها البناء الاستيطاني فتقدر بنحو 210 كيلومترات مربعة، في حين تصل مساحة المخططات الهيكلية للمستوطنات إلى 560 كيلومترا مربعا.
وتابع أن مناطق نفوذ البؤر الاستيطانية القائمة وتلك التي تحت التأسيس تتجاوز 300 كيلومتر مربع.
ووفق الخبير الفلسطيني فإنه "إذا لم يكن هناك تحرك دولي لوضع ضوابط وكبح جماح المشروع الاستيطاني فإن المستوطنين سيستولون على 40% من الضفة، والتي تشكل 70% من مساحة المنطقة (ج) ويقيمون دولتهم، ويصبح ما تبقى من المناطق الفلسطينية دويلات وجزرا منفصلة عن بعضها لها حكومات منفصلة تديرها حكومة فدرالية في رام الله".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات أکتوبر تشرین الأول 2023 الضفة الغربیة رام الله
إقرأ أيضاً:
حزب الله: أولية الحكومة يجب أن تكون مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
بيروت - اعتبر البرلماني عن "حزب الله" اللبناني حسن فضل الله، الخميس 10ابريل2025، أن أولوية الحكومة يجب أن تكون مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وتحرير الأرض، لافتا إلى أن الحزب جاهز وحاضر لأي حوار حول استراتيجية دفاع وطني.
وقال فضل الله في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب، إن الحكومة "هي المسؤولة عن القيام بأي جهد رسمي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية وعليها التزام ما جاء في بيانها الوزاري".
والأربعاء أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، أن موضوعي حصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها على أراضيها كاملة سيطرحان قريبا على طاولة مجلس الوزراء.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
وتتصاعد ضغوط دولية على لبنان لسحب سلاح "حزب الله"، منذ أن بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
واعتبر فضل الله، أن هناك "بندا أساسيا يجب أن يكون على جدول أعمال الحكومة وهو وقف استباحة لبنان وهذه هي الأولوية الوطنية"، مشيرا إلى أن "المواطنين يعانون الاعتداءات الإسرائيلية ويطالبون الدولة القيام بدورها الفعلي".
وأشار إلى أن "النقاش الجدي يجب أن يركز على الحقائق المرتبطة بالاعتداءات الاسرائيلية وكيفية مواجهتها ضمن استراتيجية وطنية وحوار بين الحرصاء على هذه الوطنية".
ولفت إلى أن "الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب ضد مدنيين عزل على مرأى لجنة مراقبة وقف النار والأمم المتحدة والدولة اللبنانية".
وكشف أن "هناك 186 لبنانيا قتلهم العدو الإسرائيلي و480 جريحا منذ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 لغاية 7 نيسان/ أبريل 2025 مسؤوليتهم عند الحكومة".
ونفى فضل الله "الادعاءات حول تهريب السلاح عبر مرفأ بيروت"، داعيا "القضاء المختص إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مروجي هذه الاكاذيب".
ورأى أن "هناك من يعمل على ضرب الأسس التي يقوم عليها لبنان كبلد للتنوع والشراكة ولا يتوانى في استهداف وحدة مؤسسات الدولة".
وقال فضل الله: "هناك من يريد أن يأخذ البلد إلى صدام وحرب أهلية وتلبية مطالب العدو، هؤلاء لا يريدون التعلم من تجارب الماضي ونحن في ذكرى الحرب الأهلية التي تصادف 13 أبريل الحالي".
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير الماضي، خلافا لاتفاق وقف إطلاق النار، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال رئيسية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.
ومنذ بدء سريان اتفاق وقف النار، ارتكبت إسرائيل 1434 خرقا له، ما خلّف 125 قتيلا و371 جريحا على الأقل، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية حتى الساعة 16:16 "ت.غ" الأربعاء.
والاثنين، قال الرئيس اللبناني جوزاف عون إن "سحب سلاح حزب الله يتطلب اللجوء إلى الحوار"، وكشف عن البدء قريبا في "صياغة استراتيجية للأمن الوطني".
وندد عون، الثلاثاء، بـ"استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وعدم الانسحاب من التلال الخمسة، وعدم إعادة الأسرى اللبنانيين".
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراض في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.