منى أحمد تكتب: صاحب حديث الأربعاء
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
رغم مرور واحد وخمسون عاما علي رحيله، مازال الأرث الثقافي للدكتور طه حسين محل جدل، وهو المعمم الكفيف الذي ألقي بحجر في نهر الفكر الراكد وكانت حياته أشبه بالملحمة الكبري .
اتفق معه كثيرون واختلف معه أخرون، ورغم المعارك الفكرية والأختلافات في الرؤي والتي شغلت الرأي العام ، لم ينكر أحد ريادته لحركة التنوير في مصر والمنطقة العربية، فهو رجل جرئ العقل مفطور علي المناجزة والتحدي، استطاع نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها الي مستوي ارحب ،فقد كان يؤمن بانه صاحب رسالة تقوم علي تحرير الفكر وحرية الراي والدعوة للتجديد.
ورغم أزهريته وشق طه حسين العصا علي دراسته الأزهرية ، التي لم تتعدي الأربعة أعوام ووصفها كأنها أربعون عاماً بالنظر إلى عقم المنهج وأساليب التدريس، ولم يعد يطيق المكوثَ فيه، فكانت مجادلاته التي تنبا بعبقرية فريدة بمثابة معارك بين التجديد والتقليد، وأصبح المعمم الكفيف مصدرسخرية ونقد من أقرانه وأساتذته الأزهريين الذين لقبونه بالأعمي.
تمرد طه وترك دراسته بالأزهر وإلتحق بالجامعة المصرية ولم يكتف بل إنتسب لمدرسة ليلية لتعلم الفرنسية، وتفوق علي نفسه ونال أول دكتوراة عام1914وترشح لبعثة علمية بفرنسا.
وقاد عميد الأدب العربي نهضة أدبية بعد عودته متشبعا بالمناهج العلمية الحديثة التي تلقاها من أساتذته الغربيين والمستشرقين ، ليقود ثورة فكرية على أساليب التعليم في مصر، وتجرأ على تحريك الساكن الثقافي وكسر التقاليد الجامدة، وأستطاع أن يطرق باب المسكوت عنه ويحرك المياه الراكدة في مساحات من الوعي لم يكن لأحد أن يجرؤ علي الأقتراب منها .
فقد أعتاد طه تجربة الرأي وإعمال العقل ببراهين أستنتاجية رافضا التسليم المطلق ودعا إلي البحث والتقصي بل وصل إلي الشك في بعض المسلمات وهو ليس الشك العقيم ، إنما الشك الذي يدفع للتامل و يثير العقل ويطرح تساؤلات فيفتح آفاقا للفكر.
ونجح صاحب الأيام في إدراج المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلما من قبل أن يطبق فيها، وبعث الحياة في الساكن، وأثارت ارائه الكثيرين من المحافظين، لكن لم يبالي المستنير التنويري بهذة الثورة وأستمر في دعوته للإصلاح.
ومنطقة بين تجاوز الخطوط الحمراء والحداثة ،خاض فيها د. طه حسين معارك ضارية مدافعا عن رسالة التجديد، وجاء كتابه في الشعر الجاهلي ليثير ضجة في الأوساط الفكرية الدينية، وأتسمت تلك المواجهات بطابع الشراسة، وأنتقل الصراع من ساحة الفكر ليغدو صراعاً سياسياً وعقائدياً وأجتماعياً وفلسفياً ، ومواجهة بين التراث والمعاصرة وتمت مصادرة الكتاب.
ودفع طه حسين ثمن إعادة صياغته الوعي العربي المعاصر ،وتحديد ملامحه وكانت ضريبة قناعاته الفكرية ونضاله التنويري المستند علي البحث والتحليل باهظة ولم تقف عند حد المنازلات الأدبية، بل أنتقلت إلى أروقة المحاكم بتهمة الكفر والإلحاد، وتعرض للعزل من المنصب والتنمر والحصار بمنزله ومحاولة الأعتداء الجسدي عليه والطعن في وطنيته ولم تكن تهدا عاصفة حوله حتي تثور اخري.
و تحول رويدا رويدا من رمز إلي أسطورة وواحدا من أهم حراس الهوية المصرية ،صاحب حديث الأربعاء حديث الخاصة ،الذي سرعان ما صار حديث العامة ، أحد عمالقة الفكر منارة العلم الذي وأن خبا ضياء عينيه إلا أن بصيرته قد أضاءت لنا ظلام جنبات الثقافة العربية.
وأتساءل هنا في ظل التراجعات الفكرية والأضمحلال الثقافي والأستقطاب التي تتسم بها المرحلة المتوترة من التاريخ العربي المعاصر ماذا لو ظهر لنا طه حسين أخر في هذة المرحلة المازومة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: طه حسین
إقرأ أيضاً:
أحمد بن سعيد يفتتح فعاليات «سوق السفر العربي 2025»
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةافتتح سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مؤسسة مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، أمس، فعاليات الدورة الـ32 من معرض «سوق السفر العربي»، الحدث العالمي الرائد في مجال السفر والسياحة، والذي انطلقت فعالياته في مركز دبي التجاري العالمي، وتستمر حتى الأول من مايو 2025، بمشاركة قياسية هي الأكبر في تاريخ الحدث، بنحو 2800 عارض يمثلون 161 دولة ونحو 55 ألف زائر.
وأكد سموه، خلال الافتتاح، أن الإقبال الكبير على حضور نسخة هذا العام من سوق السفر العربي من جانب القائمين على صناعة السياحة والسفر والضيافة حول العالم، يعكس مكانة دبي وجهة رئيسة لأنشطة السياحة والسفر في المنطقة، ويبرز دورها في تشكيل ملامح مستقبل السفر والسياحة من خلال جمعها لأبرز قادة القطاع على مستوى العالم.
وقال سموه: «برؤية قيادتنا الرشيدة.. تواصل دبي جاذبيتها وجهة سياحية رئيسة، وهي ملتقى للقائمين على السياحة العالمية لتشكيل مستقبلها من مستثمرين وصناع قرار وخبراء ووكالات للسفر من مختلف أنحاء العالم... تاريخ سوق السفر العربي يبرهن دور دبي المحوري والفعال في بناء وتعزيز الشراكات الاستراتيجية الداعمة لنمو السياحة العالمية».
وأضاف سموه: «قطاع المعارض والمؤتمرات قطاع حيوي ورافد رئيس لاقتصاد دبي.. ونجاحه، وغيره من الفعاليات الكبرى التي تشهدها المدينة على مدار العام، يؤكد سيرنا بخطى ثابتة في اتجاه تحقيق أحد أهم أهداف أجندة دبي الاقتصادية D33 بأن تكون دبي من أهم 3 وجهات عالمية للزائرين في مجالات السياحة التخصصية والأعمال بحلول العام 2033».
وقام سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم بجولة في أروقة المعرض، يرافقه معالي هلال سعيد المري، مدير عام دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، ومعالي حصة بنت عيسى بوحميد، مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، والفريق محمد أحمد المرّي، مدير عام الإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب بدبي، حيث استمع سموه إلى شرح حول أهم ما تضمه الدورة الثانية والثلاثين من «سوق السفر العربي 2025» في ضوء الزيادة الكبيرة في أعداد المشاركات الدولية، وفي مقدمتها المشاركة الآسيوية التي زاد عدد شركاتها بنسبة 20% مقارنة بالدورة الماضية، فيما حققت المشاركات من منطقة الشرق الأوسط زيادة نسبتها 15%، وبالنسبة للمشاركة من أوروبا فقد شهدت أيضاً زيادة تجاوزت نسبتها 12%، كذلك حققت المشاركات من أفريقيا والأميركتين زيادة ملحوظة.
سياحة المستقبل
تنعقد الدورة الحالية لمعرض «سوق السفر العربي» تحت شعار «السفر العالمي: تطوير سياحة المستقبل من خلال تعزيز التواصل»، تأكيداً على أهمية ربط الحدود والقطاعات والمجتمعات لإعادة تعريف المشهد السياحي، ودفع الممارسات المستدامة التي تُعد أساسية لمستقبل السفر.
واستمع سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، خلال الزيارة، إلى شرح حول مؤتمر سوق السفر العربي الذي يعود بمشاركة أكثر من 200 متحدث، ضمن أكثر من 70 جلسة، حيث سيشارك نخبة من أبرز القادة وخبراء القطاع، أحدث اتجاهات القطاع وأفضل الممارسات والاستراتيجيات العالمية لاغتنام الفرص ومواجهة التحديات التي تحيط بالسياحة والسفر.