هل يصبح ميناء تشابهار الإيراني سلاح الهند الإستراتيجي في وجه الصين؟
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
تسعى الهند منذ نهاية الحرب الباردة وتفكّك الاتحاد السوفياتي -حليفها السابق غير المعلن- إلى تعزيز مكانتها العالمية ولعب دور إقليمي والحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، عبر بناء تحالفات إستراتيجية مع الولايات المتحدة ودول أخرى، بهدف منافسة الصين، جارتها الطموحة، اقتصاديا وسياسيا.
ترى نيودلهي أنها لن تستطيع تحقيق طموحاتها الإقليمية والدولية إلا بصناعة قفزة اقتصادية كبيرة تدعم هذه الطموحات، وتجعلها ممكنة التحقيق، ويحتل ميناء تشابهار الإيراني مركزًا بالغ الأهمية في الإستراتيجية الهندية، وواحدًا من المحاور الرئيسة التي تسعى من خلالها إلى تعزيز طموحاتها ومنافسة بكين في جنوب آسيا وآسيا الوسطى.
غير أن التنافس مع الصين لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية بل يتعدّاها إلى الإستراتيجية، فهي تعاني من "اختناق جيوستراتيجي" نتيجة الكماشة الجغرافية للحليفين الصيني والباكستاني اللذين توصف علاقتهما "بعلاقة كل الفصول".
ورغم أنها لم تعلن معارضتها لمبادرة "الحزام والطريق" وريثة إستراتيجية "خيط اللؤلؤ" الصيني، وتتعامل معها بشيء من البراغماتية، فهي ترى فيها تهديدًا محتملًا على المستوى الإستراتيجي يجب اجتراح الوسائل المكافئة لمواجهته.
إستراتيجية قلادة الماس الهنديةتتنافس الهند والصين على النفوذ في منطقة المحيط الهندي، حيث تسعى كل منهما للسيطرة على طرق التجارة والموانئ الحيوية؛ فقد وضعت بكين إستراتيجية "خيط اللؤلؤ" التي تتضمن إنشاء تطوير وتشغيل موانئ على الطريق البحري من الصين حتى أفريقيا في دول مثل بنغلاديش وسريلانكا وباكستان، وبناء قواعد بحرية وموانئ تجارية بالتعاون مع الدول الساحلية المحيطة بالهند.
وذلك يعطل قدرة الهند التي تسيطر على جزر نيكوبار وأنديمان في خليج البنغال على قطع الطريق البحري على الصين في حال نشوب مواجهة بينهما، ويمنح بكين القدرة -نظريا- على السيطرة على طرق الشحن البحري، خصوصًا مع ما يوفره الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني من ميزة تجاوز ممر مالقا واحتمال رسو البحرية الصينية في كل من ميناء هامبانتوتا السريلانكي وميناء غوادر الباكستاني، بدعوى حماية خطوط النقل البحري.
ردّت الهند على هذه الإستراتيجية -التي ترى فيها تهديدًا لنفوذها في المنطقة- بإستراتيجية "قلادة الماس" المضادة التي تهدف إلى محاصرة الصين عبر إنشاء شبكة من القواعد العسكرية والتحالفات في الدول المحطية بها، وتعزيز وجودها في المحيط الهندي عبر محاور رئيسة، وتعزيز الاستثمار الاقتصادي.
وكانت قد ذكرت عبارة "قلادة الماس" أول مرة في عام 2011، على لسان وزير الخارجية آنذاك لاليت مانسينغ، وهي ليست إستراتيجية معلنة رسميا، بل مصطلح يستخدم للإشارة إلى جهود الهند لحماية مصالحها ردًّا على إستراتيجية "خيط اللؤلؤ" الصينية.
وتتضمن "قلادة الماس" تعزيز إمكانية وصول الهند إلى القواعد البحرية في البلدان ذات الموقع الإستراتيجي، حيث وقعت اتفاقيات شراكة مع موانئ حيوية مثل ميناء تشابهار الإيراني وميناء الدقم في عمان، وميناء سابانج في إندونيسيا، وهي مواقع تمنحها قدرة على مراقبة طرق الشحن وتأمين وارداتها من النفط الخام، وتوفر للهند إمكانية الوصول المباشر إلى المحيط الهندي وتعزز قدرتها على الاستجابة لأي تهديدات محتملة في المنطقة.
كذلك تعمل إستراتيجية قلادة الماس على تطوير علاقات إستراتيجية عبر تحالف مجموعة الحوار الأمني الرباعي "كواد" الذي يضمّ كلا من الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، والذي أنشئ عام 2007 وأُعيد تفعليه عام 2017 لاحتواء صعود الصين العسكري والاقتصادي ومواجهة نفوذها في المحيطين الهندي والهادي.
وتتطلب الإستراتيجية زيادة الحضور العسكري في نقاط الاختناق البحرية مثل مضايق ملقا وهرمز وباب المندب التي تمّر عبرها نسبة كبيرة من تجارة الصين بالنفط والسلع، وأيضا تطوير قواعد بحرية جديدة في مواقع مهمة مثل سنغافورة وإيران وسريلانكا لتعزيز قدرتها العسكرية وبناء شبكات من الرادارات الساحلية بالتعاون مع دول مثل بنغلاديش وجزر المالديف وسريلانكا.
وتهدف الهند أيضا إلى تعزيز علاقاتها مع الدول التي تعدّ حاسمة للتجارة البحرية الصينية، وتمنحها قدرة على التصدي لمحاولات الصين للسيطرة على المنطقة عبر مشاريعها البحرية، إضافة إلى تعزيز وجودها الاقتصادي في آسيا الوسطى وأفريقيا من خلال مشاريع تجارية وممرات نقل مثل ممر النمو الآسيوي الأفريقي (AAGC) الذي يهدف إلى تعزيز التجارة بين آسيا وأفريقيا.
يعد تشابهار الذي يقع جنوب شرقي إيران أكبر ميناء بحري في إيران، ومنفذًا حيويا أساسيا إلى أسواق آسيا الوسطى وأفغانستان، وهما منطقتان إستراتيجيتان للهند نظرًا لموقعهما الجغرافي وغنيتان بمصادر الطاقة والموارد الطبيعية. ويلعب تشابهار دورًا محوريا في خطط الهند لتحقيق طموحاتها الاقتصادية والإستراتيجية مع دوره الأساسي في إستراتيجية "قلادة الماس".
ونظرًا للقيود الجغرافية والسياسية التي تفرضها باكستان، يمثل الميناء منفذًا بديلًا لنيودلهي للوصول إلى تلك الأسواق، ويسمح للسفن الكبيرة بالوصول في وقت أسرع مقارنة بميناء بندر عباس في جنوب إيران، ويقع على مقربة من السواحل الهندية، كما أن موقعه الإستراتيجي على بحر عمان يسهل حركة السفن الكبيرة، ويسمح للهند بالوصول إلى النفط والغاز الإيرانيين، بما يعزز من أمن الطاقة لديها.
تخطط نيودلهي لتحويل ميناء تشابهار إلى مركز لوجستي رئيس ضمن ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) الذي يربط الهند بروسيا وآسيا الوسطى عبر إيران، وذلك يعزز من الفرص الاقتصادية ويعتبر بديلا للتجارة التقليدية التي تمر عبر مضيق هرمز أو قناة السويس، ومن ثم يسهم في تعزيز النفوذ بتلك المنطقة.
بدأت نيودلهي علاقتها بميناء تشابهار في التسعينيات، وشكلت مذكرة التفاهم التي وقعت عام 2003 أول خطوة جادة لتعزيز التعاون الهندي الإيراني في الميناء، لكن العقوبات الدولية على إيران بسبب برنامجها النووي حالت دون تحقيق تقدم ملحوظ حتى عام 2016.
أدت العقوبات إلى إعاقة تطوير الميناء وتوقف المفاوضات بين الجانبين، إذ كانت الشركات الهندية مترددة في العمل تحت وطأة العقوبات الدولية والأميركية، وبعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني 2016 تم استئناف التعاون بشأن تطويره.
وفي مايو/أيار من العام نفسه، وقعت الهند اتفاقية ثلاثية مع إيران وأفغانستان لتطوير الميناء. ووفقًا لهذا، التزمت نيودلهي باستثمار 500 مليون دولار في البنية التحتية للميناء ومحطة "شهيد بهشتي"، كما شمل الاتفاق إنشاء ممر نقل يربط تشابهار بأفغانستان من خلال شبكة الطرق والسكك الحديد، مما يسمح للهند بتصدير السلع إلى أفغانستان ودول آسيا الوسطى متجاوزة باكستان.
استمرت الهند في تطوير الميناء رغم الضغوطات والعقوبات الأميركية الجديدة التي فرضت على إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.
وفي مايو/أيار 2024، وقعت الهند وإيران اتفاقية جديدة لإدارة وتشغيل محطة "شهيد بهشتي" في ميناء تشابهار لمدة 10 سنوات شملت استثمارًا إضافيا بقيمة 120 مليون دولار لتطوير الميناء، إضافة إلى خط ائتماني بقيمة 250 مليون دولار لتحسين البنية التحتية.
رؤية إيران للميناءتنظر طهران إلى ميناء تشابهار كوسيلة لتخفيف الضغط الاقتصادي الناجم عن العقوبات الأميركية وتعزيز علاقاتها الاقتصادية الإقليمية، ووسيلة لتنويع شراكاتها الاقتصادية، وجزء من إستراتيجية تعزيز موقعها كمحور تجاري رئيس في المنطقة، مما يتيح لها دورًا أكبر في التجارة الإقليمية والدولية.
وإلى جانب ذلك، يمثل الميناء جزءًا من إستراتيجية إيران الأوسع لتطوير ممر شمال-جنوب الذي يربط بين روسيا والهند عبر الأراضي الإيرانية، مما يمنحها فرصة لتعزيز دورها كقناة تجارية حيوية بين آسيا الوسطى وأوراسيا، ويعزز من قدرتها على مقاومة الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تفرضها الولايات المتحدة.
وكان وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني مهرداد بذرباش قال إنه يمكن لمدينة تشابهار أن تكون نقطة محورية في تنمية العبور في المنطقة.
واجهت مشاريع تطوير الميناء تحديات بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، إذ حذّرت وزارة الخارجية الأميركية من "خطر محتمل للعقوبات" على الشركات الهندية المشاركة في المشروع، رغم أن الميناء كان مستثنى سابقًا من العقوبات الأميركية لأهميته في دعم التنمية في أفغانستان.
وبهذا الصدد، صرح وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار أن "ميناء تشابهار لا يخدم فقط المصالح الثنائية بين الهند وإيران، بل يسهم في استقرار المنطقة برمتها، ويعدّ ركيزة أساسية للتجارة الإقليمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين آسيا الوسطى وأفغانستان".
كما أن العقوبات الأميركية قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وهو ما يُفهم منه أن جهود الهند في الميناء ربما تندرج ضمن المشروع الهندي الأميركي لمحاولة احتواء الصين، وهي تمثل تهديدا حتى من وجهة النظر الأميركية أكبر من التهديد الإيراني.
رؤية أفغانستان للميناءترى أفغانستان في الميناء فرصة لتعزيز تجارتها مع العالم الخارجي، وخاصة مع الهند، حيث يتيح لها الوصول إلى الأسواق الدولية ويساعدها على الخروج من العزلة الاقتصادية التي تعاني منها نتيجة لعدم الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، كما يمكنها استخدامه منفذا رئيسا لاستيراد البضائع وتصديرها، مما يعزز من قدرتها على تطوير اقتصادها وتسهيل التجارة مع الدولة الهندية ودول آسيا الوسطى.
ويتيح تشابهار لأفغانستان الوصول إلى الأسواق الدولية دون الحاجة لاستخدام الموانئ الباكستانية التي كانت تغلق بسبب التوترات السياسية بين البلدين، والمتهمة من قبل كابل بمحاولة عرقلة عمليات التصدير والاستيراد عبر ميناء كراتشي.
ويمكن أن يصبح جزءا من دعم مشاريع البنى التحتية والاقتصادية، خاصة في ظل الدعم الذي تقدمه نيودلهي لتنفيذ مشاريع مهمة للربط التجاري بين البلدين وتعزيز دوره كممر رئيسي للتجارة بين الهند وآسيا الوسطى، إذ دعمت الهند تطوير خط السكك الحديد الذي يربط ميناء تشابهار بمدينة زاهدان الإيرانية القريبة من الحدود الأفغانية، مما سيعزز الطرق الواصلة بين أفغانستان وإيران والهند، ويسهم في تعزيز تدفق البضائع.
وسيكون من مصلحة الهند تعزيز الاستقرار والأمن في أفغانستان وذلك يستدعي بالضرورة زيادة تقديم المساعدات وخاصة التي تدعم الاستقرار الاقتصادي.
ومن جانبها، تسعى الحكومة الأفغانية لجعل الميناء ممرا للصادرات والواردات وتسهيل وصولها إلى الأسواق العالمية، وأوضح المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد أنه مع زيادة الطاقة الاستيعابية في تشابهار وتفعيل خطة السكة الحديد بين أفغانستان وإيران فإن "مشاكل رجال الأعمال الأفغان ستحظى بالحل إلى حد كبير" وهي المشاكل المرتبطة بسوء تعامل الجهات الباكستانية نتيجة اعتماد أفغانستان الحصري على الموانئ الباكستانية، "وسنتمكن من تصدير أكبر كمية من البضائع"، حسب المتحدث.
يواجه تطوير الميناء تحديات كبيرة أهمها العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، خاصة في ما يتعلق بتمويل البنية التحتية، وخوف الشركات الهندية من العقوبات التي قد تفرض عليها جراء الشراكة في هذه المشاريع.
ففي أبريل/نيسان 2024، حذرت الولايات المتحدة الشركات الهندية المشاركة في تطوير الميناء من إمكانية فرض عقوبات عليها بعد توقيع اتفاقية بين الهند وإيران لتطوير الميناء، مما يضغط على استثمارات الهند في المشروع، مؤكدة أنه "على كل كيان معني بصفقات تجارية مع إيران أن يكون على دراية بالمخاطر المحتملة التي يعرّض نفسه لها والمخاطر المحتملة للعقوبات".
وكذلك فإن العقوبات المالية المفروضة على النظام المصرفي الإيراني تعقّد تأمين التمويل المستدام لتطوير الميناء، وتصعِّب إجراء التحويلات المالية بين الهند وإيران، وتزيد من تكاليف العمليات اللوجستية المتعلقة بتطوير البنية التحتية في الميناء.
من ناحية أخرى، ما زال ميناء تشابهار يفتقر إلى بنية تحتية متكاملة، خاصة في ما يتعلق بشبكات السكك الحديد التي تربطه بداخل إيران وآسيا الوسطى، وتأخر تنفيذ مشروع سكة حديد تشابهار-زاهدان.
وفي المقابل، تعمل الصين وباكستان على تطوير بنية تحتية كبيرة من خلال وصل ميناء غوادر بشبكة الطرق والسكك الحديد الصينية، مما يجعل الميناء أكثر تطورا كما أنه لا يخضع لعقوبات دولية كالتي تخضع لها الموانئ الإيرانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العقوبات الأمیرکیة الولایات المتحدة الشرکات الهندیة لتطویر المیناء البنیة التحتیة میناء تشابهار تطویر المیناء وآسیا الوسطى الهند وإیران آسیا الوسطى فی المنطقة فی المیناء على إیران بین الهند على تطویر إلى تعزیز
إقرأ أيضاً:
لموظفي القطاعين العام والخاص: رفع الحد الأدنى للأجور إلى الواجهة مُجدداً هل يصبح 500 دولار؟
قبل أيام أكد وزير العمل الجديد محمد حيدر العمل على تحسين الحد الأدنى للأجور بالتنسيق مع كافة الوزارات المعنية، مشيرا إلى ان "هذا الأمر يرتبط بالحكومة وكل القطاعات الاقتصادية لكي نستطيع معالجة هذا الموضوع بشكل سليم".
وخلال مراسم التسليم والتسلّم مع الوزير السابق مصطفى بيرم، قال حيدر: "سنعمل على تحسين ظروف العمل وإيجاد فرص عمل جديدة".
علما انه في نيسان الماضي وافق مجلس الوزراء على رفع الحد الادنى للأجور في القطاع الخاص الى 18 مليون ليرة لبنانية. كما تم إقرار مرسوم زيادة المنح المدرسية للقطاع الخاص، وفي التعليم الخاص بما مقداره 12 مليون ليرة بما يغطي 3 اولاد، اي ان المجموع بات 36 مليون ليرة لبنانية.
فمع انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون وتشكيل الحكومة الجديدة هل من المتوقع رفع الحد الأدنى للأجور قريباً؟
رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر قال:"على مستوى القطاع العام، كان الاتحاد باشر بنوع من الاتصالات مع الحكومة السابقة لبحث قرار ضمّ ما يُسمّى بالمُساعدات إلى صلب الراتب، سواء إن كان جزء منها أو بأكملها. وبعدها تمّ تكليف لجنة وتمّ تسليم نسرين مشموشي مهمة القيام بدراسة مفصّلة عن الحدّ الأدنى للأجور وغلاء المعيشة وضرورة رفع الرواتب في القطاع العام. اليوم، يمكن القول إننا قطعنا شوطاً في هذا الطريق، لكن المطلوب إعادة إحياء هذه المفاوضات والاتصالات مع الحكومة الجديدة".
اضاف الأسمر في حديث لـ "لبنان 24": "نحن بحاجة في القطاع الخاص لحد أدنى جديد وذلك بعد الارتفاع الكبير لأسعار السلع الاستهلاكية التي تشهدها الأسواق، وهذا الأمر ينطبق أيضا على القطاع العام مع ضرورة رفع الحد الأدنى وان يكون هناك سلسلة رتب ورواتب جديدة".
وأشار إلى ان "إعادة طرح هذه الأمور تحتاج لأن تكون الحكومة جاهزة لمواكبة هذه المواضيع"، كاشفا عن اتصالات أجريت مؤخرا مع الوزراء المعنيين". وأضاف: "انا اتصلت شخصيا بوزير العمل الجديد محمد حيدر وسيكون هناك تحرّك باتجاه إعادة إحياء لجنة المؤشر في القطاع الخاص ودرس مبدأ الرواتب في القطاع العام ورواتب العسكريين".
وشدد رئيس الاتحاد العمالي العام على إعادة النظر برواتب المتقاعدين تزامنا مع رفع الرواتب ما سينعكس إيجابا على تعويضات نهاية الخدمة للموظفين الذين أنهوا خدمتهم، فمن ترك الخدمة منذ عام 2019 وحتى اليوم حصل على تعويضات زهيدة جدا، وهناك اقتراحات قوانين في مجلس النواب شاركنا في صياغتها وتتم مناقشتها في اللجان المختصة لإعادة تقييم هذه التعويضات.
وأكد الأسمر ان "إعادة طرح هذه الأمور تحتاج لعمل دؤوب ولاستقرار سياسي وأمني وتحرك اقتصادي يُعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي لكي نتمكن من المطالبة بتحسين الأجور إضافة إلى استعادة أموال المودعين وحقوق الموظفين والعمال بالقطاع الخاص والعام وحقهم بأموالهم المودعة في المصارف."
وتابع: "ثمة ورشة عمل كبيرة بانتظارنا ونحن بحاجة لاستقرار سياسي وأمني لكي نستطيع العمل، ونأمل مع تشكيل الحكومة الجديدة بأن نتمكن من الوصول إلى حلول في كافة المواضيع التي طرحناها".
أما عن الرقم المتوقع للحد الأدنى للأجور الجديد، فيقول الأسمر: "من المؤكد انه في الوضع الاقتصادي الذي نعيشه إذا طالبنا بحد أدنى يقدر بـ 1000 دولار سيكون قليلا بالنسبة للعمال في القطاعين العام والخاص".
وأشار إلى انه "في السابق طالبنا بأن يكون الحد الأدنى للأجور 50 مليون ليرة وما زلنا بمفاوضات مع الهيئات الاقتصادية حول هذا الرقم وهذه المفاوضات التي نشكل فيها كاتحاد عمالي ركنا أساسيا تجري مع الهيئات الاقتصادية ومع الدولة اللبنانية ضمن ثلاثية التمثيل مع لجنة المؤشر لـ 450 ألف عامل في القطاع الخاص، أي من هم مسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علما ان ثمة أعداد غيرهم غير مصرح عنهم يشكلون مئات الآلاف من العمال، وبالتالي هذه المفاوضات يجب ان تستمر للوصول إلى حد أدنى مقبول نسبيا وإلى غلاءات معيشة. ولكن نحن بحاجة لسلطة تنفيذية قادرة على رعاية هذه المفاوضات بظل وضع اقتصادي وأمني مقبول" .
وختم قائلا: "كنا بدأنا نتلمس بعض الهدوء والأمل والتفاؤل ولكن أتت بعض الأحداث مؤخرا وأعادتنا إلى الوراء وما ينطبق على القطاع الخاص ينطبق أيضا على القطاع العام، فيجب ان يكون هناك أيضا مفاوضات في القطاع العام من أجل رفع الحد الأدنى للأجور ومن أجل دمج العطاءات الشهرية التي تُسمى "مساعدات" بصلب راتب موظفي القطاع العام لكي يعيشوا بحد أدنى مقبول وبمعاش لائق، وهذا الأمر يشمل كافة القطاعات والمتقاعدين في القطاع العام من ضمنهم المتقاعدون العسكريون".
تكلفة العيش في لبنان
مع استقرار سعر صرف الدولار ومرور نحو أقل من عام على رفع الحد الأدنى للأجور الذي يعود لنيسان 2024، كم تبلغ تكلفة العيش في لبنان؟
يُشير تقرير صادر عن الشركة الدولية للمعلومات والإحصاءات في لبنان إلى أن تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من 4 أفراد، تشمل الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية فقط، وصلت إلى 52 مليون ليرة لبنانية شهرياً (582 دولاراً) في المناطق الريفية، و71 مليون ليرة لبنانية شهرياً (794 دولاراً) في المدن، من دون احتساب تكاليف الرعاية الصحية.
واعتمد التقرير على أن الحد الأدنى لإيجار المنزل في المناطق الريفية والبعيدة عن المدن الرئيسية هو نحو 150 دولارا شهريا، في حين يصل في المدينة إلى 300 دولار شهريا وربما أكثر، وذلك تبعا للمنطقة ووضعية المسكن ومساحته.
إذا ينتظر عمال لبنان رفع حد أدنى جديد للأجور لكي يعيشوا حياة لائقة وكريمة في ظل الأزمات التي تواجههم يوميا.
المصدر: لبنان 24